|
لابد للمكبوت من فيضان.
عبدالوهاب خضر
الحوار المتمدن-العدد: 3557 - 2011 / 11 / 25 - 10:46
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
ان شاب فى العقد الرابع من عمرة ، مكبوت ، ويعيش الأن حالة فيضان فى ميدان التحرير -فهو غير متزوج ،ولا يمتلك مسكن ادمى، او وظيفة لائقة- لن تستطيع السيطرة عليه الا بحلول جذرية وواضحة ،وتحقق مطالبة كاملة دون مماطلة ، ولا يكون من بينها إختيار رئيس حكومة تخطى الثمانيين من عمرة. فلعل الرأى العام فى مصر والعالم يتسأل: ماذا يحدث الان فى ميدان التحرير؟، ومن هؤلاء الثوار؟،ولماذا يثورون بهذا الحماس دون خوف او تردد؟، ولماذا يتمسكون بتحقيق كافة مطالبهم فى وقت واحد دون التنازل عن مطلب واحد على خلاف مفاوضات القوى السياسية الاخرى مع القيادة السياسية والتى تبحث عن كراسى اومغانم سياسية ؟،وما هى الأسباب التى دفعتهم الى الإستقتال والتضحية بأرواحهم من أجل أهدافهم؟ وبالتأكيد فإن هذه التساؤلات وغيرها تدور فى أذهان الجميع خاصة فى ظل موجة الثورة الثانية التى يشهدها ميدان التحرير الأن ،وتبدو الإجابة صعبة ، ولكنها اقرب لنا من حبل الوريد،فمنذ عام 1990 وانا اتسأل : لماذا لا تقوم الثورة فى مصر خاصة واننى تربيت على مبادئ أن الرأسمالية تحفر قبورها بيديها عندما تزداد ظلما وقهرا وفسادا ضد الفقراء ، وان هناك علامات للثورة لابد وان تسبق غضبة الفقراء والبسطاء وحتى ابناء الطبقة العليا. ويخطئ البعض عندما يعتقدون ان ثورة المصريين فى 25 يناير 2011 والمستمرة حتى الأن قد بدأت فى هذا التاريخ بالضبط ، ولكنها بدأت منذ سنوات طويلة بموجات من الإحتجاحات خاصة العمالية ضد الخصخصة وضعف الأجور والفصل التعسفى والدعم الذى لا يصل الى مستحقية وسيطرة حفنة من رجال الاعمال على الثروة والسلطة فى ظل قوانين سيئة السمعة أقرها برلمان مزور فكان هناك ما يقرب من 5000 احتجاج عمالي في السنوات الخمس الماضية حسب معلومات مراكز حقوقية متخصصة في قضايا العمال ، تلك الاحتجاجات كفيلة لكي تكشف لنا حالة التوتر وعدم الاستقرار الناتجة عن سياسات الحزب الوطني المنحل خلال الفترة الماضية. والثورة المصرية التى بدأت منذ سنوات ليست على المستوى العمالى فقط بل فى الحياة العامة للمصريين الفقراء الغاضبيين المؤهليين لإنتفاضة كبيرة فطبقا لمعلومات مجلس الوزراء فإن المرحلة الأولي من مبادرة الألف قرية الأكثر فقراً التى تبناها الحزب المنحل والتي تضم 152 قرية مقسمة في 6 محافظات و24 وحدة محلية علي مدار ثلاثة أعوام أظهرت أن 66% من سكان تلك القري تحت خط الفقر مقابل 16% أسر غير فقيرة. ان هؤلاء المكبوتين والثائرين فى ميدان التحرير ضاعت اعمارهم واصابهم العجز والشيخوخة المبكرة من كثرة العوز وعدم القدرة على الانفاق على اسرهم فى ظل اجور هزيلة فى الوقت الذى كانت تسيطر فيه قلة على المرتبات التى تصل الى الملايين شهريا فالحدّ الأدني للأجور في مصر هو أدني بكثير من خطّ الفقر المدقع، والمقرّر دولياً بدولارين في اليوم للفرد، فوفقاً لدليل السياسة الاجتماعية الذي صدر عن الأمم المتحدة في شهر يناير 2009 نجد أن الحد الأدني للأجور في الحكومة والقطاع الخاص والبالغ 142 جنيهاً ، أقل من خط الفقر الأدني في مصر، والذي يبلغ 150 جنيهاً في الشهر،ووفقاً للدليل احتلت مصر الترتيب الخامس علي مستوي منطقة الشرق الأوسط ، فيما جاء ترتيبها العالمي في المركز 62 ضمن 112 دولة شملها البحث. ان هؤلاء المكبوتيين من الشباب فى ميدان التحرير من الشعب المصرى الذين ليس لهم مصالح او اهداف سياسية ضاعت اعمارهم ايضا وهم يبحثون عن وظيفة محترمة وادمية ولكنهم فشلوا ،فقد أكدت دراسة للباحث الاقتصادي الهامي الميرغني عضو الجمعية المصرية للاحصاء والتشريع علي أن 80% من دخول المصريين تنفق علي الطعام والشراب ، في ظل تدني الأجور وعدم استقرار فرص العمل وانتشار البطالة.. وقال بيان لمنظمة العمل الدولية إن 90% من العاطلين من الشباب تحت الـ30 عاما ، وذكر أن الشباب الذي يجد الوظيفة غالبا ما يجدها في القطاع غير الرسمي حيث يعمل في ظروف عمل قاسية،و أن نظام التعليم في مصر فاشل ، ولا يتناسب مع سوق العمل.. بيان صحفي لوزارة التنمية الاقتصادية ذكرأن 100 الف عامل فقدوا وظائفهم من أكتوبر 2008 وحتي مارس 2009 ، وان معدل البطالة قفز الي 9،37% خلال الربع الثالث من عام "2009".. مركز معلومات وزارة القوي العاملة والهجرة قال في استطلاع رأي أجري علي 1552 شابا من 7 محافظات هي القاهرة والاسكندرية والشرقية والمنوفية والغربية والفيوم والاقصر، وكانت نتيجة الاستطلاع أن 90% من الشباب حتي الذي يعمل يرغب في الهجرة الي الخارج نظرا لصعوبة ظروف العمل وضعف الأجور. ان الفقر والجوع والمرض هى التى تتظاهر الان فى ميدان التحرير ، فهؤلاء صبية نجحت الحكومات السابقة فى " كبتهم" سياسيا واجتماعيا وثقافيا ، و"إفقارهم" بكافة السبل وهنا نتذكر تقرير التنمية البشرية الذى وضع مصر في المرتبة 123 من بين 182 من أكثر دول العالم فقراً بينما وضعها تقرير الفقر في المرتبة 82 خلال عام 2009،وأظهرت التقارير أن السكان الذين يعيشون أدني من خط الفقر ويتراوح دخلهم ما بين دولار وربع دولار في اليوم. وكما قلت فى البداية فإن شاب مكبوت وفى العقد الرابع من عمرة ، ويعيش الان حالة فيضان فى ميدان التحرير، فهو غير متزوج ،ولا يمتلك مسكن ادمى، او وظيفة لائقة لن تستطيع السيطرة عليه الان الا بحلول جذرية وواضحة ،وتحقق مطالبة كاملة دون مماطلة ، ولا يكون من بينها إختيار رئيس حكومة تخطى الثمانيين من عمرة.
#عبدالوهاب_خضر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
للفلول فنون!
-
شارع الهرم!!
-
ضربة قاضية لسياسات الخصخصة فى مصر.
-
العلاقات المصرية - السعودية والحقائق الغائبة!!
-
نص حوار رئيس اللجنة الإدارية لاتحاد عمال مصر مع جريدة الاهال
...
-
الحيثيات الكاملة لحل اتحاد عمال مصر؟
-
منال النجوم .. طفلة فلسطينية تلهو بقنبلةّّ!!
-
تفاصيل عمليات إحتكارالأجانب للأسمنت المصرى؟
-
ماذا حدث فى مؤتمر العمل الدولى بجنيف عام 2011؟..(الحلقة الثا
...
-
ماذا حدث فى مؤتمر العمل الدولى بجنيف عام 2011؟..(الحلقة الأو
...
-
ماذا حدث فى مؤتمر العمل العربى بالقاهرة؟
-
ماذا يريد عمال مصر على قناة -لايف ستايل-؟
-
بمناسبة عيد العمال:نحاور ممثلى التنظيمات النقابية الرسمية وا
...
-
حول عيد العمال فى مصر... (الحلقة الاولى)
-
الشعب المصرى يريد إسقاط(البطالة)!
-
حاسس بفراغ دستورى
-
واقعة فساد جديدة:مناجم الفوسفات والمنجنيز المصرية فى خطر
-
تفاصيل الصراع بين اطراف العمل الثلاثة فى مصر
-
إلى أغلى أم
-
نص التعديلات الدستورية المقرر الإستفتاء عليها فى مصر غدا.
المزيد.....
-
جلس على كرسي الرئيس.. تيكتوكر سوري يثير الجدل بصورة له في ال
...
-
السيسي يعقد اجتماعا بشأن عبور قناة السويس والوصول إلى سيناء
...
-
ربما كان لشمسنا توأم ذات يوم، ماذا حدث له؟
-
أسعار شوكولاتة عيد الميلاد ترتفع بسبب أزمة الكاكاو
-
38 قتيلا جراء قصف إسرائيلي على قطاع غزة
-
مسرح الشباب الروسي يقدم عرضا في نيابوليس
-
بوتين: ملتزمون بإنهاء الصراع في أوكرانيا
-
شاهد عيان يروي فظائع ارتكبتها قوات كييف في مدينة سيليدوفو بج
...
-
المدعية العامة الإسرائيلية تأمر الشرطة بالتحقيق مع زوجة نتني
...
-
لافروف: الغرب يضغط على الشرع ضد موسكو
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|