|
ماذا فعلت بنا السبّابة اليُسرى ؟
أم الزين بنشيخة المسكيني
الحوار المتمدن-العدد: 3556 - 2011 / 11 / 24 - 21:35
المحور:
كتابات ساخرة
هذا صباح استثنائي في حياتك ..لقد انتقلت أعضاؤك انتخابيّا .تريّث قليلا قبل أن تضع قدميك في نعليك و لا تستعجل على غسل وجهك و لا على حكّ أذنيك و دع أمعائك خاوية و لا تتبرّع بأيّة نقطة من دمائك .هذا اليوم ليس يومك . لا تلوي شدقيك . يا ابن أمّي ،و ابتلع ريقك جيّدا قبل أن تنبس ببنت شفة .دعك من أيّ لبُوس لا تغضب و لا تضحك و لا تفرح و لا تحزن و لا تيأس و لا تحلم و لا تشتم و لا تمدح .متشائل أنت مزبهلّ مصفهرّ مكفهرّ مثلما شئت .قليل من العطالة في عواطفك مندوب اليها و مباحة و تدريجياّ تُدرك من فيك سبِقك الى الديمقراطية و من فيك سبق صوتك اليك ..دماغك أم قلبك أم أقدامك أم سبّابتك اليُسرى .ثبّت خُطاك جيّدا و تدرّب قليلا على الصمت .حذار من طغيان اللسان و من الهذر سوف تنفضّ أعضاؤك من حولك .لا يجوز لك أن تكون جزئيا في أخطائك و لا أن تصيب نصف الحقّ و بين هذا و ذاك أنت شعبي و أنت حطبي ..ليتني كنت حطّابا لكنت أضرمت نارا في الأبجديّة لكن كبش العيد أقرب الى معدتي من حروف انهزمت في الصناديق .. من من أعضائك توكّل بالديمقراطية ؟ احسم أمرك ..اليوم أمر و غدا لهب وعروس في الطريق اليك ..و أنت الشقيّ و أنت خمّارة البلد و أنت الرسم و الرسّام ، وسارق اللوحة نسيت اسمه العدالة الانتقالية ..احسم أمر اسمك و هويتك ..ان كنت ذاتا بلا صفات أو كنت شعبا أو كنت دهرا أو كنت مواطنا كونيا أم أنت رعاع و قطعان بلا شهرية ..أو أنت جموع أو حشود تائهة هائمة في صحراء العرب ..يا ابن العرب يا بعضا من دمائي و بعضا من حرفي و بقية من الجروح الأبية ..يا أكثر من رهط و من قلب و من شعب ..كم أنت غِرّ .كم أنت شهم .كم أنت رائع و مريع في أخطائك و أوهامك و أشواكك..كم أنت بديع في حرفك و جرحك و جوعك و حمقك و مكرك و خوفك و كفرك و عقلك و رقصك ..احسم اسمك ..ما همّني ان كنت كل شيء أو كنت لا شيء غير خبز و ماء و عاصفة قادمة ..فكبش العيد يناديك و يثغو ههنا ..اصقل سكاكينك جيّدا .. و ايّاك أن تخطئ الضحية ..ربّما ننحر أكباشنا أو ننحر أبنائنا ..من يدري من ذبحنا هذا العيد ؟ من هنا نبدأ ..من الأقدام المُتعبة بالسير طويلا .. أنهكتها الثنايا و تقطّعت بها السبل .لا شيء قًدم من فرط الركل غير الصناديق .من "هنا فهابطا" ننحدر الى التاريخ من فوهته الواسعة .لا أحد يدري أيّ شكل هندسي رسمناه بالسبّابة اليسرى و ربّما رسمنا بأنفسنا دائرة مُربّعة من دخلها لن يخرج منها الاّ "خطّا منحرفا ".كلّنا في خندق واحد و هو عرسنا جميعا لكنّ العريس لم يلتحق بعدُ بالحفل .انتصرنا و انهزمنا و استوت الأرض مرّة أخرى على يدينا .ما أروعنا و ما أفظع يُتمنا و ما أجمل حُمق العقل في بلادنا ..و حتّى من غنم منّا مقعدا في المجلس التأسيسي فهو مضطرّ للجلوس و لطيّ قامته مهما تطاولت في البنيان كي تكون متلائمة مع قصِر قامة الكراسي و كسلها و قعودها و ماضيها الأسود الملطخ بأشباح الدكتاتورية البائدة .غسّلوا هذي الكراسي قبل اتيانها أنّى شئتم. كراسيكم حرث لكم .ليس على المؤمن حرج أمّا "الكافر" فقد خرج منها قبل الفرز . قالت الأقدام الواقفة من الصبح "أنا من صنع لهذه الأجسام هذا العصر .لقد وقفت يوما كاملا و التصق جلدي بجلد نعلي فصرت طورا جلد ثور و أطوارا جلدا للبراغيث و في أغلب المرّات كنت مضطرّا الى الالتحام بجلود الخنازير..أنا رئيسة المجلس التأسيسي فأنا من تحمّلت هذه الأجسام بثقلها و هزالها و روائحها و فقرها الدموي ..بعجائنها و غازاتها ..أنا رئيسة البلد بصفتي الجماعية كأنثى و باسم حق التناصف الذي لم يكن منصفا و باسم حق التعدد في الأزواج و الزوجات"..قاطعتها الأمعاء ضاحكة "بل أنا رئيسة كل الأعضاء الجسمانية و السياسية فأنا من موّل هذه الأجسام بالطاقة الشمسية و بالقهوة السوداء العربية .فمن دون بطونكم و مصارينكم الوسًطى هل من حاجة الى ما يبرر سوراتكم والى ما يواري سوءاتكم الانتخابية ؟ و من دون أحشائكم الأمامية كيف ستهضمون هزائمكم و أخطاءكم الخلفية ؟" قاطعتها المرّارة في غضب "كفاك استبلاها للأعضاء الشعبية بل أنا رئيستكم جميعا ..بدوني ما كانت معدتكم قادرة على اخفاء ما ابتلعتم من طعون و خروق و سرقات انتخابية ".و أمام الجميع و في كامل الشفافية صمت القلب و امتنع اراديا عن الكلام لأنّه اكتشف بشكل متأخّر جدّا أنّ موقعه في الجهة اليُسرى من الجسم الديمقراطي سيّء التوقيت تماما و أنّ عليه أن يتعلّم كيف يصمت بما يكفي قبل أن ينزف ثانية بما يُرضي ..أمّا الدماغ فقرّر أن يتوقف عن العمل لأنّه لم يكن مدعوّا أصلا الى هذا الزمن و سجّل في دفاتره السرية ما يلي " لن أعود الى هذا الخندق قبل أن أخترع لنفسي شعبا آخرا يؤمن بي "..لا أحد تساءل عن غيابه عن الحفل ..و واصل جميع الأعضاء توزيع الحقائب ..غير أنّ عُضوا واحدا ضحك من هذا الركح و كان يغمز هُزُوّا من وراء الكواليس قائلا "ما هذا الاّ مسرح للدمى ..حرّكته السبّابة اليُسرى ".لكنّ السبّابة اليُسرى أتلفت الحبر و الورق و هربت بالفأس و بالحطب... .
#أم_الزين_بنشيخة_المسكيني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هنا تُباع الشعوب خِلسة
-
سيكبر فينا الياسمين يوما ..
-
من يحمل الغابة في عينيه ؟
-
لماذا جرحتم هذي السماء ؟
-
لم يأكلوا النخالة بعدُ
-
أنشودة الشمس
-
شهرزاد لا تنام
-
لا خير في نهار بلا رقص
-
من يشتري الصحراء غيرك ؟
-
هل تركتم للعصافير قليلا من سماء ؟
-
الخوف من الديمقراطية
-
نهاية الطاغية
-
من أساء الى الذات الإلهية أم من أساء الى الثورة ؟
-
شعر الثورة
-
الشيوعية ليست إلحادا..
-
بحث في التفكيكية
-
قراءة جمالية في الشهادة
-
مقالة في الجماليات
-
أية ذاتية سياسية بعد الثورة ؟
-
نص في الثورة
المزيد.....
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|