|
شباب العمالة و الخيانة و الفشل
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3552 - 2011 / 11 / 20 - 13:38
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
لنفترض أن الخبرة غير ضرورية لمزاولة المهن المذكورة في الأسئلة التالية : فهل هناك من القراء من سيقبل أن يضع حياته ، أو حياة من يحب ، في جراحة دقيقة - لا قدر الله - بين يدي طبيب حديث التخرج ؟؟؟ هل من القراء من سيقبل أن يوكل محامي حديث التخرج للدفاع عنه ، أو عن من يحب ، في قضية يحدد النطق فيها مصائر ؟؟؟ هل سيقبل الناس التعامل مع شركة طيران تمتلك طائرات جامبو لنقل الركاب ، و لكنها لا توظف إلا طيارين حديثي التخرج ؟؟؟ الإجابات بالتأكيد هي لصالح لا ، و الحمد لله أن القوانين و اللوائح المنظمة لمزاولة معظم المهن الحساسة تشترط الخبرة . لكن للأسف أرتكب الشعب ما هو أفدح من كل ما هو مذكور في الأسئلة المذكورة عالية . لقد وضع الشعب المصري - للأسف الشديد - مستقبل مصر ، و تضحيات آلاف من أبنائه ، في يد حفنة من الشباب العملاء ، تم إعتبارهم هم قادة ثورة الخامس و العشرين من يناير 2011 . حديثي ليس لمن تجاوز سن الشباب ، بل هو للشباب أيضاً . للشباب النقي الوطني المخلص لمصر ، المفعم بالآمال الطيبة لنفسه و لوطنه ، فلو كنت أيها القارئ الشاب من هؤلاء الأبطال الذين شاركوا في ثورة الخامس و العشرين من يناير 2011 ، و عرضت نفسك للمخاطر ، و رأيت كيف أستشهد إخوان لك في النضال برصاص قناصة الشرطة و بلطجية آل مبارك ، و كيف جُرح رفاق لك في الكفاح من أجل الحرية و العدالة الإجتماعية و الكرامة الوطنية و الشخصية ، فهل يعجبك ما وصل إليه الحال في مصر اليوم تحت قيادة القيادات الشبابية التي إستولت على الثورة بعد الحادي عشر من فبراير 2011 ؟ ألا يغضبك مرأى ذوي الشهداء و هم يبحثون للآن عن الإنصاف ، و مرأى رفاقك من الذين أصيبوا إصابات بالغة و هم يسألون النظام الحاكم الحالي صرف تعويضات لهم ، و يطالبون - بلا جدوى حتى الآن - صرف معاشات لمن لحقت به إعاقة بالغة ، بدلاً من أن تأخذ العدالة مجراها بسرعة ، و تُطلق أسماء الشهداء على الشوارع و المدارس و المكتبات العامة ، و تكرم الدولة أمهاتهم رسمياً في عيد الأم القادم ، و تمنح أسمائهم الأوسمة ، و بدلاً من أن يحصل المصابين الأبطال على الأوسمة و التعويضات السخية ، و المعاقين منهم على الرواتب التقاعدية الكريمة ؟ و حتى لو لم تكن شاركت في الثورة ، ألا تغضب للوضع الحالي المزري الذي وصلت إليه مصر ؟ أي ثورة ناجحة هذه التي تتلكأ في القصاص من قتلة شهدائها ، و ترفض تكريم أبطالها ، من شهداء و مصابين ، و تسمح بأن يحكم الدولة أتباع الطاغية المخلوع ، و تقبل أن تجرى أول إنتخابات في ظل قانون الطوارئ الذي كان أحد أسباب الثورة ، و تقبل أن تحدث مذبحة مروعة تزهق حياة أربعة و عشرين مواطن على الأقل عمداً ، و أن تعبث السلطة بالوحدة الوطنية وتحرض رسمياً على الحرب الأهلية ، و أن تسعى لتأسيس مبدأ الوصاية على الشعب ؟ السلطة تضحك في سريرتها - أو في عبها بعاميتنا - علينا ، و العالم أصبح يهزء بنا . قادة العالم الذين لازالوا ينوهون بميدان التحرير ، أصبحوا يفعلون ذلك كنوع من التملق الدبلوماسي لنا ، كما كان يصف بعض قادة العالم مبارك و حكام العرب ، بالحكمة و الحنكة ، و يدعون أنهم ينهلون من حكمة طغاتنا ، و يرتشفون من خبراتهم الثمينة . فلمن الفضل في هذا الفشل المريع ؟ الفضل هنا موزع على طرفين ، فهو أولاً للقيادات الشبابية التي تم تنصيبها على قيادة الثورة ، و ثانياً لكل من قبل أن تظل تلك القيادات هي المسيطرة على الثورة لعدة أشهر برغم فشلها . لقد كنت أشاهد كيف كانوا يخدعون هؤلاء القادة بسهولة ، و يجعلونهم ينطقون بما تريد السلطة ، في برامج قناة البي بي سي العربية ، تلك القناة المخترقة مخابراتياً من قبل أجهزة الإستخبارات العربية . كنت أشاهد كيف أن السلطة و قناة البي بي سي العربية ، تعملان على أن يظل بعض الشباب هم المسيطرين على قيادة الثورة ، بالإصرار على وصفها بالشبابية ، و أشاهد بحسرة كيف قبل معظم الشعب ذلك ، و لكن ليفخر حزب كل مصر بأنه رفض و كشف هذا الخداع من بدايته . إنني لا أكتب هذا المقال من أجل مراجعة الماضي و معرفة من المسئول عن هذا الفشل المروع الذي نعيشه الآن و حسب ، و لكن أيضاً أكتب اليوم ، صباح الأحد العشرين من نوفمبر 2011 ، لكي أحمي الحاضر و المستقبل ، و حتى لا يُلدغ الشعب من السلطة بنفس الخدعة مرتين ، خاصة أن السلطة يبدو إنها قد أعجبتها اللعبة ، و تريد أن تستخدمها في المستقبل ، بصناعة أبطال شباب جدد ، كذلك الشاب المدون الذي قبضت عليه الشهر الماضي . التهمة التي بسببها تم إعتقاله ، و كما كتبت السيدة الفاضلة خالته في صحيفة الجارديان البريطانية - و هي الصحيفة التي أصبحت بمثابة جريدة قومية مصرية من كثرة من يكتب فيها من كتاب السلطة - أقول أن تهمته هي أنه إقترح أن تكتب الثورة دستور جديد . لكن أليس هذا أمر قديم ؟؟؟ ألم يكن حزب كل مصر هو الأول في ذلك الميدان ؟؟؟ أرجو مراجعة مقالات لشخصي البسيط حول هذا الموضوع ، و منها مقال : الثورة هدم و بناء ، و علينا أن نهتم بالعمليتين ، كتب و نشر في التاسع من مارس 2011 ، و مقال : دستور جديد ، دستور 2012 ، هذا هو المطلب ، كتب و نشر في العاشر من مارس 2011 ، و مقال : على الثورة أن تقدم دستورها البديل ، أو مشروع دستور 2012 ، و كُتب و نشر في الثالث عشر من مارس 2011 ، فما هو الجديد الذي أتى به ذلك الشاب ، و أستحق به هذه الضجة ؟؟؟ لا جديد ، فقط السلطة أرادت صناعة بطل شاب أخر ، تعزز به ذخيرتها من الأبطال العملاء على مستوى الشباب ، و كانت تريد أيضاً التغطية على مذبحة التاسع من أكتوبر ، و لهذا خرجت المظاهرات من أجله ، بينما لم تخرج تظاهرة واحدة معتبرة من أجل إدانة مذبحة التاسع من أكتوبر 2011 ، أو من أجل إلغاء قانون الطوارئ ، أو من أجل تصحيح قانون الإنتخابات و جعل القوائم تتنافس على المستوى الوطني ، كما طالبت نيابة عن حزب كل مصر في مقال : نصف بالقائمة و نصف بالفردي ، و كتب و نشر في السابع عشر من مارس 2011 . إحباط لعبة السلطة سهل ، و ذلك برفض التصنيف و الإحتكار ؛ برفض تصنيف الثورة أي تصنيف ، سواء عمري ، أو أيديولوجي ، أو أي تصنيف أخر ، و برفض أن يحتكر الثورة أي تنظيم ، أو تنظيمات ، لهذا يرفض حزب كل مصر إقتراح أحد الدعاة إنشاء مجلس قيادة للثورة . الأفضل للثورة أن تكون مرنة في قيادتها ، أي بلا قيادة محددة ، و يمكن في هذا الشأن مراجعة مقال سابق لشخصي البسيط ، علقت فيه على نجاح الثورة التونسية ، بعنوان : ثورة لا تُمنع و لا تُخمد ، كتب و نشر في السادس عشر من يناير 2011 . الأفضل للثورة ، في مواجهة نظام خبيث كالذي نواجهه ، أن تظل بلا قيادة محددة ، بل تيارات و أحزاب و تنظيمات ، تنسق و تتعاون قياداتها ، فلا يَسهُل على السلطة إختراقها ، أو تطويعها ، سواء بإختراق مجلس قيادتها ، أو بتنصيب قيادة من طرفها كما حدث في المرحلة السابقة على التاسع من أكتوبر 2011 حين هيمن شباب العمالة و الخيانة على الثورة و قادوها عمداً للفشل .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الهدوء الإيجابي من أجل فك التحالف القائم بين القيادة الإخوان
...
-
لنعمل جميعاً ، مسلمين و مسيحيين ، من أجل الوصول إلى النيل
-
كل ما يتعلق بالجيش يجب أن تقرره سلطة منتخبة بطريق ديمقراطي س
...
-
إيران ستتبنى هوية شيعية - فارسية
-
خمسون في المائة ميدان واسع في البداية
-
أولها كذبة ، و أوسطها مهزلة ، و نهايتها فضيحة
-
خطأ الأقباط هو إنهم صدقوا أن الثورة إكتملت
-
خطأ النشطاء الأقباط هو تصديقهم أن الثورة إكتملت
-
في التاسع من أكتوبر إنتهت مرحلة الخامس و العشرين من يناير
-
ليحمي الله مصر من حكامها الحاليين
-
إخلاصنا لشهدائنا يكون بتحقيق آمالهم لمصرنا
-
السجن أحب إلي من الموافقة على صفقة العار هذه
-
من إيه إلى زد مصريين
-
طنطاوي بدأ حملته الإنتخابية الرئاسية
-
ندين من الآن إعتداء السلطة على سفارتي إثيوبيا و الصين
-
الاتحاد من أجل المتوسط يجب أن يواكب في أهدافه و وظائفه ربيع
...
-
لا عودة للوراء ، مع ضعف مصري ، إذاً الكارثة آتية لا محالة
-
الدولة الأردوغانية لا يحلم بها العرب
-
الحكم أولاً ، و النهج السلمي دائماً
-
قائد القوات الجوية أثناء الفصل الأول للثورة مطلوب للمثول أما
...
المزيد.....
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|