أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - هشام القروي - أتراك وأوروبيون














المزيد.....

أتراك وأوروبيون


هشام القروي
كاتب وشاعر وروائي وباحث في العلوم الاجتماعية

(Hichem Karoui)


الحوار المتمدن-العدد: 1053 - 2004 / 12 / 20 - 08:41
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


‏ يمكن لقارئ نقدي أن يرد على ما أصفه ب"خداع الاتراك لأنفسهم" من خلال التوهم أنهم أوروبيون بأن الدنيا تغيرت, ولم تعد التقسيمات القديمة تعني أي شيء (انظر مقالنا السابق). وهذا ما يشمل مفاهيم "دار الحرب ودار السلام" , كما يشمل أيضا تقسيمات صامويل هانتنغتون وبرنارد لويس وجمال الدين الافغاني ومحمد عبده, حتى لا نذكر سواهما للاستدلال على وجود تقاليد فكرية وحقائق لا يمكن القفز فوقها.
حقا, لا يمكن إغفال ما حدث من زوال الثقافة التى تعتبر أن الحرب بين الدول الأوروبية أمر ممكن واختيار طبيعى. فقد أصبحت الحرب بين الدول الأوروبية الآن لا مجال للتفكير فيها، وبالتالى فإن استمرار وجود الدولة القومية كنقطة ارتكاز فى النظام السياسى الأوروبى يدفع إلى التخلى عن جزء أساسى فى الدولة الحديثة الرشيدة وهو الجزء المتعلق بسياسات القوة.
وإدراك هذه الظاهرة - التى تمثل أحد مكونات الواقع الأوروبى الجديد - يعتبر محدوداً. وفى الحقيقة، فإن ديباجات جميع الوثائق الأوروبية منذ عام 1953 قد احتوت على التأكيد على إيديولوجية السلام والاستقرار السياسى. ولكن ماذا عن حقائق الاختلاف الثقافي والحضاري؟
صحيح أيضا أن الحاجة الآن تتجه إلى تعزيز إيديولوجية السلام العالمى (فلن يسمح بتكرار ظاهرة الحكم الاستبدادى والمغالاة فى القومية التى جلبت الحرب ، وقضت على رفاهية الدول الأوروبية وتطورها ومركزها المتوسط فى النظام العالمى)، وبعد نصف قرن من هذه الأحداث كان على أوروبا أن تعترف أن السلام فى القارة الأوروبية لا يعنى بالضرورة السلام العالمى. ومن ناحية أخرى أظهرت المعطيات أن الزيادة فى الرخاء الاقتصادى لأوروبا ترتبط بالضعف المتزايد الذى أصيبت به الدولة القومية فى شكلها المعتاد. وحتى فى المراحل التى شهدت تدعيم النمو الاقتصادى فإن العامل الأساسى الآخر (المرتبط بالدولة القومية) لبناء الوحدة الجديدة والعوائد الناتجة عن الواقع الجديد يشهدان تزايداً ملحوظاً. وخير دليل على هذا هو أن بريطانيا العظمى التى رفضت لوقت طويل الإذعان للاتجاه التاريخى الجديد دفعت ثمن هذا الاختيار فى الخسارة الكبيرة التى منيت بها فى مجال المنافسة والتطور الصناعى.
وكما يقول بومبيني هنا أيضا, يشار إلى هذه العمليات فى جميع الوثائق الموجودة باعتبارها أساساً لتطور الوحدة الأوروبية، ودعائم ممكنة للهوية الجديدة، وبالتدقيق فى هذه الرؤية نجد أن هناك ثلاث دعائم أساسية يتم من خلالها طرح قضية الهوية الأوروبية هى:
1- أن أوروبا تعتبر ضامنا للسلام وضامنا لاستحالة تكرار مأساة الحروب العالمية. وهذه نتيجة طبيعية حديثة لإنهاء التقسيم الذى كان قائما بين الدول الأوروبية.
2- أن أوروبا تمثل بيئة سياسية متميزة، حيث تمتلك شكلا (نموذجاً سياسياً) يرتبط بنظام الحكم الدستورى (الذى يترواح بين الحريات الفردية والنظام الديمقراطى التمثيلى ووجود تنظيم المجتمع السياسى يستند على التضامن بين أعضائه).
3- تشكل أوروبا عاملاً حاسماً فى التقدم الاقتصادى - الذى يتراوح هو أيضاً بين مفهوم رفع مستوى المعيشة ونوعية الحياة والمسجل فى المادة الثانية من معاهدة روما) - ومفهوم التطور الممتد الموجود فى النصوص الحديثة جدا و الموضوعة تحت المناقشة.
والسؤال الذى يطرح نفسه الآن هو هل هذه المكونات تصلح كأساس كاف لبناء الهوية الأوروبية ؟ وأيا كان الجواب عن هذا السؤال, فهل يشعر الأتراك حقا بأن أوروبا التي لم يشعروا بها يوما كجزء من ماضيهم أصبحت بقدرة قادر مستقبلهم؟ المسألة صعبة القبول, لنعترف بذلك. ولنعترف خاصة للمواطن الفرنسي أو الألماني أو النمساوي أو البريطاني بحقه الطبيعي في الارتياب لا في نوايا تركيا – فهي قد تكون صادقة تماما – وإنما في كونها جزء من تاريخه ورافد من روافد هويته الحضارية , بنفس القدر الذي يشعر به أي مواطن من أطراف ايرلندا الى تخوم روسيا بأنه يقتسم شيئا ما , أكثر من الهواء والارض والمناخ – أي الجغرافيا – مع غيره من الناس.



#هشام_القروي (هاشتاغ)       Hichem_Karoui#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تركيا والهوية الاوروبية
- توجسات بعد اجتماع أوبيك
- ما جرى داخل فتح أواخر عهد عرفات
- من يخلف حسني مبارك؟
- تقرير عن المملكة
- حول فكرة- نهاية الغرب -
- ما بعد عرفات بدأ ... بإطلاق النار على خلفه
- ضغط أكبر متوقع على العرب بانتصار بوش
- حكومة كرامي تواجه صمود الصحافة
- الانسحاب من غزة
- دولة ياسين الحافظ
- ...دولة ديمقراطية ثنائية القومية
- مسألة انضمام تركيا الى اوروبا تصطدم بالشواذ
- انتخابات أفغانستان أتعبت المراقبين !
- عن الاطفال المقاتلين
- سوريا: هل التغيير هو الاصلاح ؟
- اسرائيل وايران والمسرح النووي
- بين بوش وكيري
- حروب شارون
- مشكلة الصدر


المزيد.....




- الكرملين يكشف السبب وراء إطلاق الصاروخ الباليستي الجديد على ...
- روسيا تقصف أوكرانيا بصاروخ MIRV لأول مرة.. تحذير -نووي- لأمر ...
- هل تجاوز بوعلام صنصال الخطوط الحمر للجزائر؟
- الشرطة البرازيلية توجه اتهاما من -العيار الثقيل- ضد جايير بو ...
- دوار الحركة: ما هي أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟
- الناتو يبحث قصف روسيا لأوكرانيا بصاروخ فرط صوتي قادر على حمل ...
- عرض جوي مذهل أثناء حفل افتتاح معرض للأسلحة في كوريا الشمالية ...
- إخلاء مطار بريطاني بعد ساعات من العثور على -طرد مشبوه- خارج ...
- ما مواصفات الأسلاف السوفيتية لصاروخ -أوريشنيك- الباليستي الر ...
- خطأ شائع في محلات الحلاقة قد يصيب الرجال بعدوى فطرية


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - هشام القروي - أتراك وأوروبيون