حسين القطبي
الحوار المتمدن-العدد: 3551 - 2011 / 11 / 19 - 18:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في وقت ما، كان ضحايا نظام صدام يستنجدون بالضمائر العربية، ولكن الرأي العربي الغالب انذاك، (حكومات وتنظيمات) كان يستهجن صرخات الضحايا.
ولكن العجيب، في هؤلاء الضحايا، عندما كان الامر يتعلق بدولة جارة، كان الكثير منهم يقفون الى جانب الحكومات الديكتاتورية الاخرى بالضد من شعوبها، سواء في سوريا او ايران او غيرها من الدول.
وهذا الموقف الغريب يبدو وكأنه مازال مستمرا، اذ تنسى الضحية معاناتها عندما يتعلق الامر بمعاناة الاخرين.
واليوم، ومع هذه الهبة التي تجتاح الشارع السوري، والاعتراض على نظام ديكتاتوري لا يختلف كثيرا عن نظام صدام، ترى الكثير من القوى العراقية، وعلى رأسها الحكومة، تتصرف بنفس الطريقة التي كانوا يزدرونها، من قبل النخب العربية انذاك، في الوقوف الى جانب الظلم، لاسباب قد تكون مصلحية، او طائفية بحته.
كم كان شكل ذلك العربي قبيحا في نظر العراقيين عندما كان يدافع بصلف عن جرائم نظام صدام، ويهين دماء الضحايا في مجازر البعث. واليوم فان شكل هذا العراقي الذي يدافع عن نظام بشار الاسد لا يقل بشاعة في نظر السوريين عن ذلك السوري او الاردني الذي كان يساند نظام صدام حسين في ذلك الوقت.
وكم كان منظر ذلك العربي مثيرا للسخرية حين كان يدعي بانه ملم بتفاصيل الوضع السياسي في العراق اكثر من العراقيين انفسهم، فأن شكل العراقي الذي يعتبر نفسه اعرف بالوضع السوري من السوريين، لا يقل اثارة للسخرية والحقد.
مؤخرا تناقلت وسائل الاعلام بعض المزاعم عن نية مجاميع من المسلحين العراقيين التوجه الى سوريا للقتال الى جانب النظام البعث، اي لنصرة بشار الاسد، ضد الشعب السوري.
واذا صحت هذه الاخبار، فان هؤلاء المسلحين لن يكونوا افضل حظا من المرتزقة الفلسطينيين والاردنيين الذين جندهم النظام العراقي السابق لقمع الشعب عندما كانت تشتد به الازمات.
كما ان الشارع السوري لن يعاملهم بافضل مما عامل العراقيون عناصر القاعدة، التي تسللت عبر كثبان نفس الحدود.
صحيح، تجتاح المنطقة اليوم حالة من الشد السياسي-الطائفي، لنسمها "سياطائفية"، وقد القت بظلالها الثقيلة على انتفاضات الشعوب في البحرين، سوريا، اليمن.. الخ.
لكن ذلك لا يشكل مبررا للوقوف الى جانب احد اعتى النظم الديكتاتورية في المنطقة تحت ذريعة الاستقطاب الطائفي الحالي.
نعم، هذا الجو "السياطائفي" الجديد قد اوجد حالة انفلات موقت في المعادلات السياسية، من علاماته ان دولة قطر تلعب اليوم دورا اقليميا اكبر من العراق ومصر، وان صوت بعض رجال الدين، كالعرعور والقرضاوي صار يعلو على صوت المنطق.
لكن ذلك، في نفس الوقت، يجب ان لايقود البعض الى انفلات وجداني، في العراق على وجه الخصوص، بحيث يقفون الى جانب نظام رجل ارهابي دموي بالضد من ضحاياه في سوريا، بنفس الطريقة التي وقفت بها الحكومات والتنظيمات العربية سابقا الى جانب نظام اجرامي دموي بالضد من ضحاياه في العراق.
#حسين_القطبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟