أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - هاشم نعمة - قراءة في كتاب -الليبرالية الجديدة: جذورها الفكرية وأبعادها الاقتصادية- 3-3














المزيد.....


قراءة في كتاب -الليبرالية الجديدة: جذورها الفكرية وأبعادها الاقتصادية- 3-3


هاشم نعمة

الحوار المتمدن-العدد: 3551 - 2011 / 11 / 19 - 14:36
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


آخر فصول الكتاب وهو السابع يحمل عنوانا ذا دلالة هامة وهو "خرافة السوق ذاتي التنظيم". حيث يذكر الكاتب إلى أنه بعد عقود من الاعتقاد في أن نجاح السوق الحرة ونجاح عمليات التحول إلى اقتصاد السوق يعتمد على إخراج الدولة من كل المجال الاقتصادي وتركه حرا من سيطرتها، يعود البنك الدولي إلى رشده فجأة ويهتدي إلى حقيقة ويقول: "في غياب مؤسسات تمنح سندات ملكية الأراضي ضمانا لحقوق الملكية لا يستطيع الفقراء استخدام أصول قيمة من أجل الاستثمار والنمو"، لاحظ أن الفقراء سيقومون بالاستثمار لا بالعمل مستخدمين سندات ملكية الأراضي وكأنهم مضاربين في سوق العقارات؛ كثيرا ما نجد في تقارير البنك الدولي تعبيرات بلهاء مثل هذه. ويستمر البنك في القول: "وفي غياب مؤسسات قضائية قوية تنفذ العقود يجد منظمو المشروعات أن كثيرا من أنشطة الأعمال محفوفة بمخاطر مفرطة. وفي غياب مؤسسات فعالة لتنظيم الإدارة تكبح جماح المديرين، قد تبدد الشركات موارد المساهمين. هذه المؤسسات هي مؤسسات الدولة، والبنك بذلك يركز على ضرورة ضمان الدولة للسوق الحرة، ويطلب منها تشريعات وقرارات وإدارة تسهل آلياتها ؛ والملاحظ أن هذا السوق لن يعد بذلك حرا بل سوف يكون مفروضا من الدولة مثله مثل الأنظمة الشمولية تماما.
يريد البنك الدولي من الدولة أن تقوم بوظائف الدولة الليبرالية في القرن التاسع عشر، وعلى الأخص النموذج الإنكليزي. والملاحظ أن هذا النموذج تعرض للنقد من قبل معظم المفكرين اليساريين وأولهم ماركس حيث وجه النقد لعملية تكوين السوق الحرة، إذ كان معاصرا لها ومتابعا لوقائعها يوميا، وبالإضافة إلى مؤلفاته المهمة، كانت تعليقاته تنشر على القوانين والتشريعات الموضوعة لخدمة السوق الحرة في الصحف التي كان يكتب بها. وكذلك المفكر الإنكليزي هارولد لاسكي وكارل بولاني وآخر نقاد هذا النموذج هو جون جراي.
الحقيقة أن الرأسمالية العالمية تقدم نفسها الآن في صورة مؤسسات مالية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن تغيرا جذريا قد حدث لها. فبعد أن كانت الدول الاستعمارية هي التي تباشر عملية التوسع الرأسمالي العالمي منذ القرن السابع عشر وذلك عن طريق التدخل المباشر بالجيوش، استغنت الرأسمالية الآن عن الاستعمار كأسلوب في الانتشار وظهرت بدلا منه المؤسسات المالية العالمية. والمهمة الأساسية لهذه المؤسسات هي نقل رأس المال من مركز النظام الرأسمالي إلى أطرافه إما بشكل قروض أو استثمار مباشر وجعل هذه الأطراف مجالا خصبا لتحقيق الأرباح التي تصب كلها في المركز. وهذا ما جعل عدد من الاقتصاديين مثل سمير أمين وإرنست ماندل وديفيد هارفي يصفون الأرباح الطائلة للاستثمار المباشر وخدمة الدين بأنها شكل جديد من أشكال الخراج تدفعها الأطراف التابعة للمراكز المسيطرة.
أصبح تعامل المؤسسات المالية الرأسمالية العالمية مع الأطراف التابعة لها مباشرا دون وسيط من أي دولة رأسمالية معينة، فهي بذلك ممثلة لرأس المالي العالمي، وأصبحت هي التي تباشر عملية الربط بين المراكز الرأسمالية الغنية والأطراف الفقيرة. وأدواتها الأساسية في التحكم هي السياسة النقدية التي تفرضها على الدول المدينة. وقد شاع في الآونة والأخيرة استخدام كلمة "الكازينو" أي نادي القمار، أو "رأسمالية الكازينو" لوصف أنشطة رأس المال العالمي من المضاربات الشبيهة بلعبة القمار. ولأن المؤسسات هذه تنسق فيما بيتها وترتبط مع بعضها بسياسات خاصة فهي في الحقيقة تشكل ساحة عالمية للمضاربات، إنها ليست سوى ناديا للقمار الدولي يحاول إعادة بناء الدولة كي يضمن عمل اقتصاد السوق.
يشير بولاني إلى أن اقتصاد السوق لا يكون ذاتي التسيير وفقا لقوانين خاصة به إلا بفضل تشكل المجتمع كله على أساس أنه مجتمع سوق. لكن ماذا يحدث عندما يتحول السوق إلى سوق عالمي؟ سوف تظهر ضرورة أن تنظم جميع المجتمعات في العالم نفسها وفق هذا السوق العالمي، وهذا ما يريده البنك الدولي في تقريره.
الحقيقة أن ما يحتاجه السوق العالمي هو سلعا ذات طابع تكنولوجي ورفاهي عالي، وهي مواصفات ليست موجودة في منتجات الدول الفقيرة، نظرا لاحتكار التكنولوجيا والأسرار الصناعية من قبل الدول الكبرى تحت ادعاء قوانين الملكية الفكرية. إذا لم يتمكن الفقراء من إنتاج سلع عالية التكنولوجيا والجودة لن يتمكنوا من دخول السوق العالمي. البنك الدولي إذن يعصف بالنظريات الأخرى القائلة إن الطريق نحو التنمية يتمثل في تحقيق الاكتفاء الذاتي النسبي والتنمية بمصادر وإمكانيات محلية وبناء علاقات اقتصادية متوازنة.
لقد اكتشفت المؤسسات الرأسمالية أن الحراك العالمي لرأس المال يتطلب بالمثل حراكا عالميا للعمالة كي يستطيع توظيفها أينما ذهب؛ حيث يتحدث البنك الدولي عن الفقراء ويقول أن حل مشاكلهم هو الدخول في السوق العالمي - بعد أن كانت نظريات التنمية تضع علاج مشكلة الفقر في تصنيع المجتمع وتحديثه- في حين أنه يهدف في الحقيقية مساعدة الحراك العالمي لرأس المال بخلق حراك عالمي مثيل في صورة عمالة دولية رخيصة سهلة التحرك من مكان لآخر يستطيع رأس المال جلبها معه أينما ذهب. إذا حدث ما يأمل فيه البنك الدولي من أن يكون فقراء العالم متاحين أمام رأس المال الدولي باعتبارهم عمالة دولية رخيصة، فإنه يكون بذلك قد ساعد على تكوين بروليتاريا عالمية.
وفي خاتمة الكتاب يخرج المؤلف بخلاصة هامة تقول: يجب أن يكون المجتمع نفسه هو المتحكم في مصيره ولا يتركه للمصالح الربحية لرجال الأعمال والاستثمارات الخاصة. إذا كان المجتمع هو صاحب المصلحة في توفر الوظائف والسلع، فلماذا يفرض على هذه المصلحة أن تحقق عرضا ودائما بتوسط فئة قليلة من رجال الأعمال تسعى لتنمية أرباحها الشخصية؟ إن توفر الوظائف والسلع هدف اجتماعي، فلماذا نترك الخاص يتحكم فيما هو اجتماعي؟ أيجب أن تتحقق الأهداف الاجتماعية دائما بتوسط المصلحة الخاصة؟ إن ما هو اجتماعي يجب تحقيقه وإدارته اجتماعيا.



#هاشم_نعمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب -الليبرالية الجديدة: جذورها الفكرية وأبعادها ا ...
- قراءة في كتاب -الليبرالية الجديدة: جذورها الفكرية وأبعادها ا ...
- ظاهرة الاتجار بالبشر مع إشارة خاصة إلى العراق(3)
- ظاهرة الاتجار بالبشر مع إشارة خاصة إلى العراق(2)
- ظاهرة الاتجار بالبشر مع إشارة خاصة إلى العراق(1)
- قراءة في كتاب -انهيار الرأسمالية... أسباب إخفاق اقتصاد السوق ...
- قراءة في كتاب -انهيار الرأسمالية...أسباب إخفاق اقتصاد السوق ...
- قراءة في كتاب -انهيار الرأسمالية...أسباب إخفاق اقتصاد السوق ...
- قراءة في كتاب -انهيار الرأسمالية...أسباب إخفاق اقتصاد السوق ...
- القوة السياسية لوسائل الإعلام الاجتماعية: التكنولوجيا، مجال ...
- جريمة الأنفال وتأثيراتها في البنية الاجتماعية- الاقتصادية
- القوة السياسية لوسائل الإعلام الاجتماعية: التكنولوجيا، مجال ...
- القوة السياسية لوسائل الإعلام الاجتماعية: التكنولوجيا، مجال ...
- القوة السياسية لوسائل الإعلام الاجتماعية التكنولوجيا، مجال ا ...
- التيار الديمقراطي ودوره في تعميق التجربة الديمقراطية في العر ...
- كفى محاصصة
- قرار إغلاق مقرات أحزاب سياسية قرار دكتاتوري بامتياز
- قراءة في كتاب -من أرشيف جمهورية العراق الأولى الحركة الشيوعي ...
- رأسمالية الدول عصر يتشكل هل هو نهاية السوق الحرة؟ (4)
- رأسمالية الدولة عصر يتشكل هل هو نهاية السوق الحرة؟ (3)


المزيد.....




- افتتاحية: ولأن الاعتداء كبير على الحقوق الأساسية … يكون الرد ...
- س?رکوتوو ب?ت خ?باتي مام?ستايان و س?رج?م موچ?خ?راني ه?ر?مي کو ...
- الرفيقة شرفات أفيلال عضوة المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتر ...
- من أجل إنصاف متضرري زلزال الحوز ومساءلة المتورطين في انتهاك ...
- المحرر السياسي لطريق الشعب: فوضى التشريع وليدة المنهج الفاش ...
- الاتحاد العام التونسي للشغل يساند ويتضامن مع النقابات المغرب ...
- العدد 591 من جريدة النهج الديمقراطي
- ماركيز صحفيا في أوروبا الاشتراكية.. الأيديولوجيا والحياة الي ...
- نتنياهو: ترامب أفضل صديق في تاريخ إسرائيل واليمين المتطرف يع ...
- الرفيق رشيد حموني يفسر تصويت حزب التقدم والاشتراكية ضد قانون ...


المزيد.....

- الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور ... / فرانسوا فيركامن
- التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني ... / خورخي مارتن
- آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة / آلان وودز
- اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر. ... / بندر نوري
- نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد / حامد فضل الله
- الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل / آدم بوث
- الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها ... / غازي الصوراني
- الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟ / محمد حسام
- طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و ... / شادي الشماوي
- النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا ... / حسام عامر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - هاشم نعمة - قراءة في كتاب -الليبرالية الجديدة: جذورها الفكرية وأبعادها الاقتصادية- 3-3