|
فشلُ الطائفيين المحافظين في صنعِ ثورة
عبدالله خليفة
الحوار المتمدن-العدد: 3550 - 2011 / 11 / 18 - 08:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هم مضطربون حيارى مشتتون، تتهاوى قصورُ الرمالِ التي أقاموها على ظهورِ الفقراء. يُذهلون من نجاح ثورات العرب التي حققت مكاسب ووحدات شعبية وديمقراطية تعددية «وليدة». يتساءلون، يرتعبون من المصير، فكلما وضعوا أيديهم لصنعِ حركة انقلبتْ عليهم، شيدوا إمبراطوريةً طائفيةً يشعرون بقربِ انفجارِها من الداخل وتهاويها. لا يعرفون لماذا يعاندهم التاريخ، لا يريدون القراءة الموضوعية لقوانين التطور، مازالوا في الأشكال السحرية من الوعي فمادامت القوى الغيبية السحرية معهم فهم قادرون على مواجهة العصر. حين خطفت القوى المذهبية السياسية المحافظة الإيرانية الثورةَ من الجماهير الشعبية وحولتها لنظامٍ دكتاتوري عسكري، لم تفلح إرهاصاتٌ صغيرةٌ من التنويرِ أن تفككَ أسرارَهُ وتتجاوزَ مبناه الرجعي الاستغلالي. الهيمنةُ على الفقراءِ والفلاحين، وقمعُ تحرر النساء، ورفضُ العقلانية الحديثة البشرية، ورفضُ الديمقراطية، ومساواة الأمم في الحكم، ومعاداةُ الغرب الديمقراطي إلى درجة الهوس وتحويل هذه المعاداة لعسكرية قومية متفاقمة وأخطار جسيمة، كلها شكلت جبلا رجعيا معاديا للشعوب وأولها الشعب الإيراني نفسه. إن هذه الرؤى السياسية المعادية لتطور النضال الديمقراطي للشعوب لا تستطيع أن تصنعَ ثورةً، وقد التبس عليهم الأمرُ حين خطفوا كفاحَ الشعب الإيراني المستيقظ توا من كابوس الدكتاتورية الشاهنشاهية ولم تثقفهُ حركاتُ نضال ديمقراطي طويلة، وقياداتٌ ثاقبة البصر وقتذاك، فظنوا أنهم ثوريون. معاداة النضال التقدمي للشعوب راحت تتكشف، وهي تبدأ من عجز القوى السياسية الداخلية الإيرانية عن صنع نظام ديمقراطي يؤاخي الشعوبَ الإيرانية، ويقدم لها فرص عيش مشتركة، فكرسوا الصيغَ الشموليةَ السياسية والمذهبية والاقتصادية التي منعتْ الشعبَ من التنوع الديمقراطي والحريات والتوحد الوطني. لقد وقعوا في تناقضاتٍ حادةٍ بين أيديولوجيا رجعية وادعاءات ثورية زائفة، وقد قاموا بنشرِ هذه الشعارات ومضامينها المتوارية على البسطاء في الدول الأخرى مستغلين مظلة المذهب الذي تمت السيطرة على مفاتيحه السياسية التنظيمية وأُخرسَ من يتمرد أو يجتهد خارج هذه الدكتاتورية المتصاعدة التي تحولت جيشاً من العسكر والمخبرين. في الربيع العربي من الثورات وجدوا التاريخَ يصفعُهم على وجوهِهم السياسية. حاروا وأيدوا ثم غضبوا، ثم ارتعبوا. ما أقاموه من حركات وجماعات لم تحرك حجراً واحداً في المباني السياسية على كثرة الضجيج وضخامة الخسائر. والحركات العربية تقوم بتكوين أساطير من الثورات أمام عيونهم الكليلة النظر، الجامدة البصر والبصيرة. الملايين تغيرُ نسيجَ التاريخ، وتبدأُ بصنع مجتمعات مختلفة فيها بداية ديمقراطية تعددية وهم يتقلبون على الجمر الشعبي الذي يتصاعد لسعه تحت مقاعدهم المهترئة. الثوراتُ العربيةُ تزحفُ نحوهم، وتدخلُ واسطةَ العقدِ السورية، فإذا رعبهم قد وصل إلى حد الحناجر المختنقة، فكيف تحول سيفُ الحسين لمدفع بشار الأسد الذي يدك منازلَ المساكين؟ ولماذا ظهر الشمرُ يحكمُ دمشق مرسلاً كتائبَ الموتِ لبيوت المسلمين والمسيحيين؟ ألا يوجد عاقلٌ واحدٌ في بيت الصقر الإيراني يقرأُ التاريخَ بعيونٍ مفتوحة؟ الفاشي الإيراني يمشي بعبوس في قصره، غاضباً من مجرى التاريخ المعاكس، ويتساءلُ عن (الثورات الحقيقية) ودورها الخلاق. الثورةُ في العراق التي لم تكن حتى هبة هواء صحية تحولتْ لحكم طائفي محاصصي لجماعات من اللصوص السياسيين الطائفيين. الثورة في لبنان واصلت الحكم الطائفي وصار سلاحُ المقاومةِ سلاحَ القهر والتخويف من أي نمو ديمقراطي وأصحابه مرعوبون من توحد الشعب اللبناني وثورته. في البحرين لم يستطع المحافظون الطائفيون أن يبنوا بوصةَ تقدمٍ نضالية ديمقراطية واحدة. وفي كل مكان يحدث تمزيق للبلدان والشعوب وتتفاقم الصراعاتُ الطائفيةُ ويتدهور التاريخ الديمقراطي التنويري السابق بفضل (ثوراتهم). يقول المبعوثُ البوليسي الإيراني: يا سيدي فشلت المزروعاتُ الاصطناعيةُ وأملنا فقط في القنبلة النووية توقفُ الزحفَ الديمقراطي على قلعتنا الحصينة لألف سنة قادمة من حكم الفوهرر الإيراني. لا يريد المحافظون الطائفيون أن يعترفوا بالواقع البسيط فالشعوب تتقدم وتتحد حين تقارب النموذجَ الديمقراطي، حيث المواطنة وصندوق الانتخاب وفصل الدين عن السياسة، وجعل المال العام للعامة، وأن يعود السادة الدينيون لدور العبادة والدرس والبحث الفقهي الرصين. لا تنفعُ المضامين المحافظة في إنتاج تقدم ولا يمكن لمن هو فاقد الشيء الديمقراطي أن يعطي كفاحاً، ولا يمكن لمن يحبس الطبقات الشعبية والنساء والثقافة الحرة أن يفجرَ ثورات. المشكلةُ في المركزِ الإيراني ولا تستطيع النسخُ في البلدان العربية أن تتحرر، ومن دون إنتاج ثورة ديمقراطية في إيران تقطعُ مع تاريخ الدكتاتورية، لن تجدَ العرائسُ أن خيوطَها تتقطعُ وأن بإمكانها حينئذٍ أن تعودَ إلى واقعها العربي وتتخذ الأردية الوطنية والروح الوطنية من بلدانها.
#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وجهانِ لميداليةٍ عتيقةٍ واحدة
-
المتنبي أميرٌ منافسٌ
-
الثورةُ السوريةُ واعترافٌ عربي واسع
-
غيابُ هزيمةِ يونيو من الذاكرةِ الإيرانية
-
تحولُ القضايا إلى أورام سرطانية
-
الإخوانُ والرأسماليةُ الخاصة في مصر
-
الفضائيات والبرجوازية الإسلامية في تونس
-
منطقة تقليدية
-
فرصة لقوى الوسط
-
البرلمانات وغياب الطبقة الوسطى
-
العولمةُ والسيطرة على الثوراتِ العربية
-
جناحان يتصادمان
-
مستويان من الحياة التقليدية
-
مستقبلٌ كبيرٌ للرأسماليةِ الخاصة
-
سقوط هارونَ الرشيد السياسي
-
تقدمٌ بوعي متخلف
-
من أجلِ الشعبِ أولاً! (5-5)
-
من أجل الشعبِ أولاً (4-5)
-
من أجلِ الشعبِ أولاً! (3-5)
-
من أجلِ الشعبِ أولا! (2)
المزيد.....
-
وسط اللا مكان.. كوخ عمره 200 عام يحصل على نجمة ميشلان بأيرلن
...
-
-نساء البحر- والشلال المقدس.. بين أسرار اليابان المذهلة!
-
دول عربية ترفض -تهجير- الفلسطينيين من أرضهم وتؤكد على ضرورة
...
-
ضم السعودية والإمارات.. اجتماع سداسي وزاري عربي في القاهرة ي
...
-
شاهد لحظة وصول فلسطينيين مفرج عنهم من سجون إسرائيل إلى غزة و
...
-
-ما الذي يمكن لإسرائيل وحماس تعلّمه من اتفاقيات وقف الحرب ال
...
-
عدد طلبات اللجوء يتراجع بنسبة 45% في فنلندا والسلطات توقف در
...
-
لبنان.. مقتل مونسنيور الأرمن أنانيا كوجانيان بظروف غامضة
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف في كورسك
-
فتح معبر رفح لأول مرة منذ مايو وعبور50 مريضا غالبيتهم أطفال
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|