خالد عبد القادر احمد
الحوار المتمدن-العدد: 3549 - 2011 / 11 / 17 - 17:45
المحور:
القضية الفلسطينية
من لم يكن فلسطينيا لن يفهم فلسطين:
حول المصالحة الفلسطينية
كثيرة هي الاقلام الاقليمية والعالمية التي تبدي رايها حول الوضع الفلسطيني, وبالطبع فان منها ما يكون موضوعيا ومنها من يكون رغبويا, ولكل هؤلاء نقدم شكرنا بغض النظر عن اتفاق او اختلاف الاراء بيننا, فنحن ندرك ان غياب الاولويات بين الاجندة الوطنية الخاصة والاجندات الاقليمية العامة العرقية والروحانية, من منظورهم الفكري يبقي رؤيتهم مبتسرة, وبذلك تصطف اغلب ارائهم في الجانب الرغبوي. بل ان كثيرا من كتابنا الفلسطينيين للاسف يقعون في هذا الخلل الفكري. وقد كان ذلك سببا رئيسيا لخلق حالة تعددية الفصائل على المستوى السياسي الفلسطيني ولا زال يترك اثارا مدمرة على صورة تمثيل وحدتنا و شرعيتنا امام العالم.
الشعب الفلسطيني مثله مثل باقي شعوب الارض يجنح للسلام والامن والاتحاد الانساني عالميا, كما انه يؤمن ان ديموغرافية العالم تنطوي على مناطق تمايز عرقي وتقارب ثقافي, وان توفر هذه الشروط يقدم ظروفا افضل لخلق مراحل تشكل اتحادات ديموغرافية انسانية عالمية سابقة وضرورية على خلق وحدة عامة عالمية, لذلك فان ايمانه وقناعته بالوحدة العربية هو ايمان ثقافي حضاري راسخ على طريق الوحدة الانسانية العالمية, ليس لشوفينية عرقية فيه ولكن لضمان ان تقوم الوحدة العالمية على اساس التكافؤ والاحترام الانساني, ولذلك نراه ايضا يضع نفس الشرط لتحقق وحدة بين قوميات العرق العربي, على اساس التكافؤ والاحترام وتوفر الحد الادنى من الظرف الاستقلالي والسيادي لكل قومية منها كمقدمة لتحقق هذا الشرط
فمع فرض حالة الاحتلال الصهيوني علينا اصبح الفلسطيني مواطن من الدرجة الثانية في وطنه الطبيعي التاريخي, ولم يكن حال مواطنينا اللاجئين اللذين شردتهم الصهيونية الى النطاق الاقليمي بافضل من ذلك, ولم تكن السياسات الاقليمية مع الفلسطينيين بين الاعوام 1948_ 1967م سوى الوجه الاخر للسياسات الصهيونية ضدهم على ما تبقى منهم في فلسطين وبنفس وروح العملية الاستعمارية, افليس لنا اذن العذر باتباع قول الله عز وجل ( لتعارفوا....) وهو التعارف من وضع التكافؤ والاحترام المتبادل.
اننا فقط نرجوا من الاقلام القومية العربية والاسلامية ان لا تكتفي باخذ حسن النوايا بل ان تاخذ ايضا بعين الاعتبار الام تجربة لم تنتهي بعد فنحن لا زلنا نعيش شروطها القاسية, فنحن اللذين طردنا القذافي الى الحدود, وقتل ابناؤنا في العراق ورفضت الاحضان العربية استقبال لاجئينا من مخيم التنف, وهاهي المافيا الايطالية تنتهك اعراضنا وتقتل شبابنا, ولا يزال محافظ ادارة المتابعة والتفتيش في وزارة الداخلية الاردنية يهددنا بسحب الارقام ( الوطنية الاردنية).
ان التحرر الوطني الفلسطني هو المقدمة الضرورية فلسطينيا للانخراط في مشروع وحدوي اقليمي ولا تعود قناعتنا بذلك لفكرة ان الاحتلال الصهيوني هو الذي يمزق وحدة عربية مفترضة, لانه اصلا لم يكن هناك تاريخيا شيء اسمه وحدة _ قومية_ عربية فجل ما كان هو انتشار سياسي استعماري عرقي عربي, كان ينهب الاطراف لصالح ثراء دمشق الاموية وبغداد العباسية, وهذه مزقت لسببين, الرئيسي منها التعددية الطبيعية لمسارات التطور الحضاري في نطاقها السياسي, والثاني الثانوي هو تغير موازين القوى ضدها مع مثيلاتها من مراكز الاستعمار العالمية والذي عمل على تمزيقها , لكنه وفي كل الاحوال فان الوضع الفلسطيني اصابه تاريخيا اسوأ نتائج هذا الحراك العالمي والاقليمي وعلى المستوايات السياسية والعسكرية. والبلهاء وحدهم هم من يقراون تاريخنا منذ وعد بلفور, فهذا لم يكن سوى صورة من صور التصرف الاقليمي والعالمي بالمصير الفلسطيني وهو نسخة من عهدة عمر بن الخطاب واتفاقيات صلاح الدين الصليبية. وتغييرات ابراهيم باشا الادارية
وحتى اوجز هذه المقدمة اقول ان على كل دول العالم واديانه ان تقدم اعتذارا رسميا للشعب الفلسطيني, وان تعترف بحقه في دولة مستقلة وان تكف عن توظيف وضعه الخاص لصالحها في صراعاتها مع الاطراف الاخرى, ان شرعيتنا ليست انعكاسا لشرعيتهم ومن يظن ذلك فهو واهم, فشرعيتنا جاءت بها خصوصية مسار تطورنا الحضاري القومي, والان يجسدها سياسيا وان _متاخرا_ قيادتنا الشرعية التي لها حق المناورة السياسية غير المشروطة الا بثابتنا القومي الفلسطيني الثقافي الحقوقي وبوابة تعريفه الرئيسية استقلالية هويتنا القومية, فليس من حق اي طرف اخر اذن ان يحاسبنا على مناورتنا السياسية التي تخدم تحررنا حتى لو اضرت بمصالحه القومية,
ان سعي القيادة الفلسطينية للتخلص من تامر انظمة سوريا وايران علينا, هو حق فلسطيني مشروع, بغض النظر عن ان تاخذ حركة القيادة الفلسطينية استعجال المصالحة الفلسطينية, او التخلي لصالح قطر عن دورية رئاسة جامعة الدول العربية, او غيرها من المناورات, فهذه حسابات فلسطينية خاصة لن يدرك ضرورتها الا الفلسطيني, اما التغني بمعاداة الولايات المتحدة واوروبا والكيان الصهيوني ودور هانوي العرب بذلك’ فكل ما نقوله ان ارقصو بعيدا عنا, لاننا وكما يقول شاعرنا على هذه الارض سيدة الارض ما يستحق الحياة, ولاننا سبق وقلنا ولقد كسرت القيد قيد مذلتي, وهو بالمناسبة قيد اوهام وحدة المصير العربي الذي لا يظلل خيمة اللجوء والتشرد الفلسطيني,
اننا لسنا طرفا في الصراع السني الشيعي كما اننا لسنا طرفا في الصراع العالمي الاقليمي, فنحن على مسار مشروع تحررنا الوطني الخاص, اما النتائج الموضوعية لحركتنا السياسية فالمهم منها بالنسبة لنا ان تخدم التحرر الفلسطيني لا التحرر الاقليمي وصراعاته الخاصة والعالمية, لكننا طرفا وان كان من اسوأ الشروط في الصراع الامريكي الصهيوني وضدهما في نفس الوقت, ولذلك نستعجل المصالحة الفلسطينية ونشترط ان تكون في خدمة استقلال القرار الوطني الفلسطيني ومناورته السياسية وتفكيك علاقتها بالصراعات الاقليمية العالمية, ولذلك تكتسب المصالحة اهميتها السياسية الى جانب اصالة ضرورتها الثقافية الحضارية,
ان رفض الكيان الصهيوني للمصالحة الفلسطينية هو رفض مبدئي ووظيفي سياسي حاسم, فالصهيونية تلمست الفائدة الكبرى لهذا الانقسام الفلسطيني والذي كانت اخر اضراره في مجلس الامن, لذلك نجدها تضغط على الطرفين الفلسطينيين فهذا تعاقبه باجراءات التضييق السياسي الاقتصادي الاجتماعي وبالتضييق المالي والتوسع الاستيطاني وتعطيل العودة لعملية التفاوض, وهذا تهدده بالاجتياح العسكري وهدم الامارة الاسلامية التي اقامها في غزة, وبذلك تجبره على ابقاء مركزه القيادي في دمشق وارتباطاته بمحور الممانعة, فيبقى الانقسام وتقدم في نفس الوقت وبطريقة غير مباشرة مظلة من الشرعية لنظام بشار الاسد الذي ابقى المقاومة الفلسطينية واللبنانية مؤدبة غير مؤذية وفي نفس الوقت تحت تهمة الارهاب التي تشرع ضربها في اي وقت, ودليلا على صواب تحليلنا فاننا ننتظر تصعيدا عسكريا صهيونيا ضد قطاع غزة في القريب العاجل اما عشية اجتماع عباس مشعل او بعده, فالصهيونية ستلعب على المسافة بين قيادة حركة حماس في لخارج وقيادة حركة حماس في الخارج, من اجل تعطيل وعرقلة المصالحة او الاتفاقات التي سياتي بها لقاء عباس مشعل.
والولايات المتحدة واوروبا ايضا على تعارض مع المصالحة الفلسطينية , غير انه تعارض لم يتعزز ببعد مبدئي فهو سياسي مطلبي يستخدمونه للضغط على قيادة الشرعية الفلسطينية للعودة لمسار التفاوض المباشر بعيدا عن عملية التدويل التي اطلقت مستجدات مهمة في الصراعات العالمية, بل انهم لا يقفون عند هذا الحد بل يريدون عودة لمفاوضات المطالب الفلسطينية بها غير محدد سقفها ولا حدها الادنى, اتقاءا لشر عقاب صهيوني لهم بان تورطهم في حرب في غير اوانها, لذلك نرى شروطهم في قبول المصالحة الفلسطينية تتطلب اضافة لما سبق ايضا فك ارتباط حركة حماس بمحور الممانعة والتخلي عن مقولة الكفاح المسلح والانخراط في مسار العملية التفاوضية,
ان هذا الافق السياسي لمقاربة الموقف الصهيوني والمواقف الاوروبية الامريكية, لم يغب عن رؤيا قيادة الشرعية الفلسطينية لذلك وضعت ضمانة وطنية للمصالحة الفلسطينية ذات حدين الاول منها الاصرار على الشروط الفلسطينية لقبول العودة للتفاوض على اساس وقف الاستيطان والاعتراف الصهيوني بحدود عام 1967م مرجعية واساس لعملية التفاوض, والثاني ضمانة طلب عضوية دولة فلسطين_ عضوا كامل العضوية _ في هيئة الامم المتحدة الامر الذي يقيد حدود المناورة الصهيونية الاوروبية الامريكية, ويقيد حجم العملية التفاوضية ويحدد اتجاهها, ويجبر ان تضمن اوروبا والولايات المتحدة الكيان الصهوني على تنفيذ الاتفاقات المحتمل ان يصل اليها معه الطرف الفلسطيني. حتى في تحديد المدى الزمني لعملية التفاوض.
لقد قدمت قيادة الشرعية الفلسطينية الضمانات السياسية المنهجية لان تكون المصالحة في خدمة الاتجاه الوطني, وبقي على حركة حماس والتي تملك الامكانية لان تسهم في تعزيز هذه الضمانات الوطنية, وها نحن ننتظر ان نرى منها ذلك.
#خالد_عبد_القادر_احمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟