|
إلى .. أحمد عصيد ( على شرف حبيبتنا إسرائيل ... ! )
مليكة مزان
الحوار المتمدن-العدد: 3548 - 2011 / 11 / 16 - 16:51
المحور:
الادب والفن
ذات مهرجان " صويري " * يبغي التقريب بين الثقافات المتعددة للوطن ، في فضاء مؤسسة ثقافية منحت اسم كاتب مغربي يهودي كبير ، متفاعلة مع موسيقى أندلسية ارتفعت تسكر أرواح وأجساد الحضور ، جلست أنتظر عودة "دافيد" : كان قد خرج يودع أخا له لم يكن بإمكانه ، بسبب التزامات له ، المكوث أكثر.
وقد هببت لاستقباله وكأنه لم يلتحق بالحفل إلا في تلك اللحظة :
ـ دافيد ! هل تسمح لنا بهذه الرقصة ؟!
بالرقصة تلك جسداً للتواصل ، لا حصناً ممتنعاً .. أردتكَ ، أردتكَ .. جسرا مؤديا ، لا مجرد حيلة تاريخية لإشباع نزوات عاشقة كم خاب أملها فيك !
بالرقصة تلك .. رسمتك نداء للمشاركة في جسد روحي عريق ، جسد كان منذ قرون قد تجاوزني ليصلني بالآخرين كأجساد لا تنفصل عني ، بل تشاركني هذا الوطن المحتفل به الذي هو أنتَ !
جسدين ، يحلمان بإحياء لحظة التحام بليغة ، صرتُ و" دافيد " نرقص على شرف الأطلس ، على شرفك ، على شرف اللحظة !
بعض الحضور كاد يحيد عن الغاية التي سطرها مدير المهرجان لمهرجانه !
والبعض الآخر صار يرى في الرقصة ميعادا لنا معك :
" مغربيان ، كل في زيه الخاص ، كل بحركات جسده الخاص ، تنبعث منهما نفس أنسام العطش لكل حب وسلم ؟!"
صاح أحدهم :
ـ أمر لا يصدق ، ولكنه جميل !
صاح أخر :
ـ أجل ، جميل أن ترى هكذا لوحة فنية جميلة في زمن القبح !"
وغنيتُ :
" دافيد " .. حلم أنت أنظر في دخيلة حياتي الروحية وأجد معناه طوقأً إلي الحرية ... " دافيد ".. حرية أنت .. إذ يحرم منها إنسان يفقد معاني الإنسانية ...
" دافيد ".. ألفة أنت كامنة في ذاتي ، استفاقتْ لحظة تلقيك فاستجلبتني ، ثم حولتني إليك جسدا مضيئا !
" دافيد ".. حين أراودك أعرف أني أراود في عرفهم كل مستحيل ! " دافيد " .. مستعدة أنا للتوقيع باسمي على كل تبعات هذه المخاطرة !
" دافيد " .. فن أنت لا يكون إلا إذا كان سعياً إلى الكمال ، وأنا أؤمن بإمكانية الكمال ، وأنا أؤمن أني إذا تخليت عنك سأسقط حتما في هوة الركاكة والابتذال !
" دافيد " .. من واجبي أن أدعمك ـ بأكثر من ظل ـ جسداً / قيمةً عبر كونية تؤسس لأفق خال من الجهالات المتصارعة الحائلة دون توحدنا في الحب والسلم !
" دافيد " .. من الظهير البربري إلى تهمة التطبيع مع إسرائيل ، إلى تهمة الاستقواء بأمريكا صار من واجبي أن أكون ..
هذا الانسجام في جسدنا الجماعي ، هذا الانسجام الذي هو لحظة أساسية في مشروعنا الكوني !
" دافيد " .. يا أيها اللامتوقع في أجندة إرهاب تحققت في أصالتك اختيارات الشعب !
فراقصني " دافيد " .. راقصني ! ردد معي ، رددوا جميعا معنا ، مع أبي العلاء المعري :
" لا ترعب الطيور الغير المهمومة داخل الأقفاص ، هل هناك شيء آخر في اللاعدالة أكثر حقارة من هذا ؟!"
ويهمس " دافيد " في حرارة الجسد :
أجل ، " ملاك " ، لا بد من إسقاط كل أشكال الفساد والعنف والتردي !
***
كان " دافيد "يرقص .. وظلال حزن قديم عميق يشوب ضحكة عيونه العسلية ... وشكوك حول جدية جسدي تكبح نشوات روحه العالية ...
وأدركت أني لم أستطع إلا قليلا أن أمسح هذا الحزن الذي كان يقول قصيدته في صمت قرابين زمن ليس ببعيد !
كان " دافيد " يرقص .. وحوالي عنقه تتراقص سلسلة ذهبية تتدلى منها علبة صغيرة . وإذ ظننت العلبة تحمل صورة حبيبته سارة التي كانت ذهبت في زيارة لإسرائيل : همستُ في أذنه :
ـ " دافيد " .. ماذا لو أطلت " سارة " من هذه العلبة وضبطتك تراقصني بكل هذا التسامح ؟!
ـ " سارة " إنسانة من طينتك ، ولن أخفيها حين ألقاها أني قاسمتك أفراح هذا العيد الثقافي الجميل !
واضعا يده اليمنى على العلبة كمن يخشى أن تضيع منه :
ـ جدتي " مادلين " هي من قد تطل من العلبة ، فالصورة التي بالداخل هي صورتها . جدتي يا " ملاك " هي من لن يصدق أفراحنا هذه مهما بدونا لها منسجمين !
***
وعدنا إلى طاولتنا ومنحتنا مهلة استراحة في انتظار رقصة أخرى ...
حول المائدة جلست أنظر إلى سلسلة " دافيد " أغالب كثيرا من الأسئلة ، لكن " دافيد " وكأنه أدرك رغبتي في معرفة المزيد :
ـ كل ما تبقى من جدتي صورتها هذه ، فقد كانت من الذين لم تكتب لهم النجاة من الإبادة الألمانية إبان الحرب العالمية الثانية .
وكأني أهرب من مآسي الماضي إلى كوابيس الحاضر :
ـ لك أن تتخيل ، يا " دافيد " ، كيف صرت أؤمن بأن لنا في غرب العالم الإسلامي كما لكم في شرقه كل الحق في وصف هؤلاء الوحشيين الجدد بأعداء الإنسانية والسلم ، بل أعداء الله في الأرض !
" دافيد " وهو يقبل صورة جدته ويعيدها إلى سلام العلبة :
ـ عظمتنا ألا نركن لمن جعل من الإسلام ومن الإرهاب إخراجا لنا من " ظلماتنا " إلى " أنوارهم ، وهم من جعلوا الأرض كوكبا للقتل والرعب ، رعب نحن بصدده حائرون ؛ رعب نحن منه ، إلى سلام أغانينا ، إلى نعيم رقصاتنا ، اللاجئون !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقتطف من روايتي : لا .. سيدي الملك ... !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* صويري : نسبة إلى مدينة الصويرة المغربية الأمازيغية والمشهورة بمهرجان موسيقى الكناوة ...
#مليكة_مزان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من له برفض أنثى بهذا الحسن الاخاذ ؟!
-
كل فيكَ ونصيبهُ مني ... !
-
لنكن فقط أمازيغيين !
-
إلى طليقي محمد ...
-
لا تقل : اختاري ما بين القناع أو ما بين أطفال القبيلة ...
-
الروائي الأمازيغي مالك حداد والوعي الزائف
-
تلك كانت قبلتي / قنبلة من صنع أمازيغي محلي
-
نعم ، سيدي القنصل العام ... /سيرة ذاتية الفصل الأول
-
رأيتُ في ما ترى الثائرة ْ ... !
-
وأصنام الكعبة إنا لمُتعَباتْ !
-
حول سريري كلهم متشابهون !
-
هذي ملوكُكم اسألوا كبيرَها !
-
هي شمس ينقصها جبروتُ الحب ْ !
-
’’ ليون ’’ القحبة الفرنسية التي شردتني !
-
إذ كل قصيدة ضلالة ْ !
-
أيها الحداثيون .. هاتوا ربا قد أفلس ربي !
-
الشاعرة الأمازيغية الملتزمة مليكة مزان : الشعر حرية حقيقية .
...
-
بحاجة أنا إلى فضيحة تكشف سرنا !
-
برأس الرب سأعودُ لأطفال الجبل ْ !
-
هاتفي النقال / هذا القواد ْ !
المزيد.....
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|