|
يدور ..يدور..يدور
بلال سلامة
الحوار المتمدن-العدد: 3547 - 2011 / 11 / 15 - 00:23
المحور:
الادب والفن
أين نذهب يا ذهابُ ولم نكن قد جئنا من البرق ولا من ذاكرة؟ وكيف نكتبك يا كلام وأنت شكل الماء الذي لا يأتي؟
لا تعطنا نهاراً جارحا ولا أمس حبيبة. لا نريد بلداً غير هذا البلد. ولا جسداً مثل هذا الجسد. ولا حسد. لا غد لك فينا. لا أمس لنا فيك، ولا ليل وراء هذا الليل.
العتمة رياضة للروح ومراجيح وأغنيات وفراشات مضيئات ولو لم يمسسها همسٌ ولا نار.
والبياض حصتنا من وهمنا الواقف على سُلّمٍ مبالغٍ فيه، بعد هنيهةٍ قلنا سنركب هذي الجهات إلى النشيد، بعد قليل يقول المسافر للمهاجر: لن أعود ولن أعود، سيقول المهاجر للمسافر: لن تعود ولن تعود! وكأن زيارةً قصيرة هذا الموت، قصيرة جداً يا خصر كل النساء. قصيرة يا مرافئ.
يدوم السؤال. يدوم! يدوم الغياب. يدوم! يدوم الحلم. يدوم! تدومُ أغنيتي. وقد لا تدوم! كأن منقار طائري عضّ غيمة! كأن الرجوع قربان!
المؤقت قديم! يدوم وقد لا يدوم! والخلود ماكرٌ وعادل! قد تطير النوارس أعلى لو شجّعها الغناء وأعانتها الأغنية..
العديد من الماء في صوتي! وحجارة!
العديد من البلاد في حلقي! وحجارة!
لا أدخل معركة كي أفوز! لا أخاف! والموسيقى التي تُساعدني على السيوف انكسرت! والتي تساعدني على قلقي قد طوّرت قلقي! شبَّت النايات سريعاً. كتبت كلاماً سريعا. تجاهلتُ وردة. قفزتُ عن حصان الهواء! سقطتُ وكان الربُّ بعوني، كان معي، وفيّ كان!
لن أبقى طويلاً في المطر! ولا خارج اللغة! لن أبقى طويلا في المرآة وفي نصف البرتقالة!
أفكّر في الصفات. الصفات طوع الحلم، والأحلام سدى! أفكر بالإناء لما انكسر! بالماء لمّا صار غيمة! بالغيمة لما صارت صوت أغنية! برسائل الله المكتوبة بالحبر السريّ! وبالورق!
ولماذا نفكرُّ. من عادة العقل أن يبكي! من عادة العقل أن يُغيّر أوتاره! من عادة القلب أن يُنادي! أو ينام! ومن عادتنا، ولا أعرفُ العادات إلا تلك التي تمشي في خطوط يدي وتغيب. تغيب كالهواء.
وأنت تعزفُ. من أوّل الطريق خِفتُ أن يُخاطب النصُ حلماً أو شجرة! وخفت أن ينادي عليك، على أحد وراء الباب! خفت من باب ومن أثاث البيت! خفت وصحتُ يا لك من مغفّل! خِفتٌ وجعتُ إلى ما لا يشبهُ! أو يتشكّلُ! ليتني عزف يمامة! أو ولدها ابنها الذي لا يطير! ابنها الكسول مثل قصة صيف! ابنها المدللُ الذي يفشلُ بالعدّ ويفشلُ بالصف الأول الابتدائي! ابنها المبتور من عشّ الدار! ليتني اليمامة وقد أضعت طعام أولادي وسريري! وقد أخطأت في زوجي وفي جسدي! ليتني انقسمتُ بالطلقة وصرتُ بندقية!
لا اسم لي. لا أجدُ ولا أنفردُ ولا أُغرّدُ! ولا أشرّقُ! كم عدد من ماتوا فيك! لا تخاطب طيفي لتشهر سيفك فيك! لا تخاطب ليتني خريف جائع وحلوى!
من فضة ومن نُعاس! اللون أشهى وأعي أنني لا أذهب! سلامٌ للهباء! عليه السلامة والسلام ! سكينةٌ للهباء! سكينة كي أفتح الشُبّاك وأتماهى!
الشُبّاك نافذة وقد أطالت تأمُلها في دموع وليل! نافذة وقد حفظت أنوثتها عن ظهر غواية! نافذة للمصابيح الصغيرة! لاستراق الفرح! للانتظار! واحتمال السفر! نافذة للدخان وللقمر! ونحن مرايا المكان! قصته! مفاتيح نوافذه! حنانه! غشّه! بريقهُ! دفقته! واكتمال طعنته! خيوله! وخرافته! بحيراته!
تدور أيها القلبُ! تدورُ ! مثل كرةٍ تدورُ! قبل الوفاة تدورُ وبعد الوفاة تدور! وفي الحياة تدور! تشتاقُ تدور! تجوعُ تدورُ! تنادي! تمِلُّ! تطيرُ! تدور! ويُغمى عليك. وتبكي، وتُدمى! تُبقي على حجرة للأربعين! على سرير خامس! على سرٍّ مشاعٍ! تدورُ يا قلب كالبرتقال تدور! كالتفاح والدنيا تدور!
ومن حسن حظي! من سوء الغواية! من قدرة اللقاء السريع! من غربة الليل! يدور الكلام يدورُ! لا القلب يمشي على قدمين! لا الروح صوت عشية! لا الظلام نرجسيّ ولا الحب قاتلٌ كما قيل ولا قتيلُ!
كم امرأة مزّقتني! قالَ وقلتُ لي كم سال من سماء! كم أجهشتَ في بكاء! كم ضحكت! صرخت! واستبدلت يقينك بهديل حمامة! واستسلمت! تمرّد هذا الكلام على صاحبه! لا صاحب للهواء! ولا قلق.
ماذا سترجو! ولا بيتٌ ولا مرفأ! ماذا سترجو وبيتٌ ومرفأ! النهاياتُ قلبي! والبدايات قلبي! وبيني وبين قلبي بدايات قلبي وقلبٌ على قلبي! هل أسمّيك وأعبدك! هل أراك وأرفعك! هل تراني ويشهدُ سيلٌ عليّ ويصرخ أكثر من صُراخي! نم! نم! طويلا ! نم غزيراً وسيد الفكرة! وافترق! تمجّد! تعالى! تقدّس! من سوانا يدورُ ويبلغُ منتهاهُ ويتسعُ!
ينكسرُ القلبُ اللطيفُ! لطيفٌ هذا الصباح ويذبحُ مثل سكين ونهد ووردة! ويجرحُ من شعاعٍ ويجرحُ من أغاني! ويجرحُ المطرُ السنة القادمة! ويجرح السنة اللاحقة! ويجرح قلبي ويمضي! يفشلُ التوتُ والحبُ والليلُ يفشلُ والفشلُ فاشلٌ ويفشلُ في الفشل! ويدور هذا القلب! ذاك القلبُ! يدورُ!
وهذا الكلام يدورُ! هاوية يدورُ! ورملا يدور
#بلال_سلامة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
راحل في وجهك
المزيد.....
-
الفرقة الشعبية الكويتية.. تاريخ حافل يوثّق بكتاب جديد
-
فنانة من سويسرا تواجه تحديات التكنولوجيا في عالم الواقع الاف
...
-
تفرنوت.. قصة خبز أمازيغي مغربي يعد على حجارة الوادي
-
دائرة الثقافة والإعلام المركزي لحزب الوحدة الشعبية تنظم ندوة
...
-
Yal? Capk?n?.. مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 88 مترجمة قصة عشق
...
-
الشاعر الأوزبكي شمشاد عبد اللهيف.. كيف قاوم الاستعمار الثقاف
...
-
نقط تحت الصفر
-
غزة.. الموسيقى لمواجهة الحرب والنزوح
-
يَدٌ.. بخُطوطٍ ضَالة
-
انطباعاتٌ بروليتارية عن أغانٍ أرستقراطية
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|