|
مفهوم حق الأنسان وغاياته
صباح محمد أمين
الحوار المتمدن-العدد: 3547 - 2011 / 11 / 15 - 00:04
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
أن حياة الأنسان الثقافية لا تقيد نفسها بالحدود التي تفرضها الدولة أو مفكرون ، كما أنه يصعب أن تلاقي تطابقا موافقا بين المثاليات والواقع والتقاء مابين المبدا المجرد والسلوك الفردي ، فعالمنا قائم اليوم على أستعجال الفعل ورد الفعل . فالأنسية تتغذى من المبادرة الفردية ومن الحدث الشخصي وليس من الأفكار المسقطة ، فعليه كل وثيقة من وثائق الحضارات أنما هي وثيقة همجية لايستحقها الأنسانيون الجدد أطلاقها ، فالنزعة الأنسنية التي أعتمدت وانحصرت مداها من تبجيل الوطني لفضائل الثقافة واللغة والرموز المختلفة أدت الى تصارع الأمم بدون اللجؤ الى وعي نقدي لذات ، لمعرفة حالة التضاد مع أشكال الطغيان والسيطرة والأستغلال كي يحرر الذات بمعرفته اللاقسرية ومن ضمنها الحرية الأنسانية ، لذا ينبغي العمل الدؤب والأنكباب على المضي بالأستفادة من الحضارات المتشابكة والأخذ بعضها من بعض ، والأعتراف بالعنصر الذاتي في المعرفة والممارسة الانسانية والمصالحة معه طالما ان هناك ضٌر من الأحادية والتفرد وسقوط الفائدة من تبني أو محاولة من تحويل الأنسية الى مجرد رقم حسابي معتمد لايقبل الطرح والقسمة على غير نفسه ، فسيطرة الأنسان على الأنسية المتمثلة بالحروب والحضارات وسيطرة الأمبراطوريات والحماسة الدينية كلها تقع في صميم التربية الأنسنية ، فجوهر الأنسان متاصل من معرفة الذات فلو تمعنا في الفكر الأنساني نراه يهدف ويحكم بقوة العقل البشري دون وضع ذلك في خانات أو مربعات تؤول لشعب دون الأخر ، فلايمكن أن يسقط أنسان من حساباتنا بمجرد أنه ليس من هلنا أو أنه ينتمي الى تراث مختلف عن تراث الاخر ، لأن العالم اليوم لايعيش في حالة معزولة فلابد من أن نتناول كل موضوعات الحضارات ومسيرات التأريخية والوقائع الأجتماعية والاقتصادية حيث أنه الشئ الوحيد القادر في مواجهة السياسات اللانسانية والمظالم التي تمسخ العالم والبشرية فالنزعة الأنسنية لدى الشعوب لايمكن أن ينحصر مداها في تبجيل الوطن والأشخاص والحماسة الدينية لما يدور في اركان الوطن والشخص والدين تضادات يخل في البنيان الأنسني السليم في حالة التزمت وأختلاف وتشدد النقاش للحفاظ على الأحادية دون أعتبارات لوحدة الأنسان ووجوده ، فالأفكار المعلبة والمغلفة في الفكر الأحادي تولد تطرفا وعدائا لثنائية وتعددية الوجود ، فلو أمسكنا الدين وبما يمتلكه المتمسكين به من الحماسة الدينية وعداءهم للعلمانيين والديمقراطية بولادة بغيضة معادية كأنهم هم اي المتدينين دعاة الأصلاح ووكلاء الرب في الأرض حصرا بجرم الأخرين وتوسيمهم الضلال المبين دون الاخذ بمبدأ ( لكم دينكم ولي ديني ) اما بالنسبة لمبجلي أوطانهم دون حساب لدم البشر ووجوده فهو هتلر حيث أقترف أثم بحق شعبه وذلك بتبجيله ،العرق الاَري‘،وعاطفته الذي كانت تتأجج بحب مايدعوه المانيا ولكن نفسه كانت مليئة بالأزدراء للشعب الالماني لحما ودما ، فأكثر الالمان كان في نظره جبناء وأنذال لايصغون لأي صوت الا صوت السيد ، وقد عبر عن شعوره هذا في كتابه ( كفاحي ) وعبر فيه أيضا عن حقده لفكرة الديمقراطية وأنصبت أعجابه على (العرق الاري) الذي رأئ فيه مصدر عظمة الأنسانية كلها وأرسل أبنائه الى الحرب جيلا بعد اخر فداء لاسطورة المجد الالماني وبرفع الصورة الاجتماعية لهذا العرق الى مقام العبادة وخلع عليها جميع الفضائل التي يقدسها وعكس فيها صورة ((أناه)) وجعل من أبناءه الحقيقين عبيدا لهذه الصورة وهم في الواقع عبيد له ما دام هو السيد أن أزدهار الحضارات المتشابكة تمضي في مناطق التقاء الشعوب ، فالشعوب اليونانية وصلت الى أوج الأزدهار الثقافي الذي بلغه لعالم ولم يكن هذا الأزدهار من صنع دولة دون اخرى بل من صنع شعوب منتشرة بين عدة من الدول ، كما أنه لم يقف النسق الحياتي الذي أقترن بها عند حدود دولة دون أخرى وينطبق هذا على الثقافة الوسيطة والثقافة العصرية كما من النادر لأية دولة هامة أن تعزل نفسها عن العالم كما فعلت اليابان أيام الشوجانات ، ولكناليابان نفسها أنعزلت من ذلك الوقت لتستسيغ ثقافة أستقت أهم ما فيها من الينابيع الصينية والهندية فمهما كان تأريخ الأمم مسطر بتذكير حروب وترسيم حدود أو كوارث طبيعية أو تغيرات جغرافية يخطه الأنسان في أية أمة كانت ، لكن تبقى الأمة مؤلفة من عدة عناصر عرقية وتكون ثقافتها مستمدة من تراث ثقافي مشترك بين عدة شعوب المالكة والمؤلفة من عدة ثقافات ، ان أنتاج البشرية من المواد والمؤثرات الثقافية لايمكن أن تبقى محتكرة لدولة دون أخرى أو لأنسان دون اخر ولاتستطيع دولة أن تحصر هذه المواد داخل حدودها أو تعيق حركة دخولها وخروجها من بلادها وتنظر بمنظار القوة والهيمنة والسعة أو حتى العقيدة دون أن تستبقي شعوب أخرى وتبقى مغلقة على ذاتها ، فالقوى التي تغير المجتمع الأنساني هي قوة تتجاوز الحدود القومية وتتخطى سياسات الوطنية والمكبلة بالاعتبارات الخاصة المتعلقة بالمصلحة الوطنية ، فطوق السيادة الوطنية تمنع الحكومات بأسم الشعب من القبول بأي ألتزام تجاه دول أخرى ولاتستطيع أن تنفرد بخرقه في أي وقت تشاء ، أما القيد المكبل الثاني هي المصلحة الوطنية الذي يعطي أهمية خاصة لمصالح بعض فئات الدولة وتتعارض مصالح هذه الفئات مع مصالح الشعب بكامله كما تتعارض مع مصالح الشعوب الاخرى متخذين المصلحة الوطنية ذريعة لتجاهل المصلحة المشتركة بين جميع الشعوب والدول معيقا السبل الأنسانية مخططين لتامر والغزو والاحتلال والسيطرة لنيل وتكوين مستعمرات سالبين حق الشعوب من المناطق الغنية بالمواد الأولية كالبترول والمعادن الاخرى وبديلا لتلك الثقافة الأحادية يمكن معالجة وضع الأنسان كي يعيش في الرفاهية مقدرا القيم والوجود الأنسي بأقامة منظمات دولية لها السلطة والقوة والفعالية يمكنها من تولي الأمور المشتركة من دفاع عن مصالحهم حيث التنظيم يولد ويعطي الشعور بالقدرة الانسانية ويتعلمون من خلاله أن يتالفوا مع بعضهم البعض ، فيعمل كل منهم في سبيل الاَخر وفي سبيل الجميع ويكون عملهم متالفين أشد فعالية من عملهم متفرقين ، فلذا فطريق تحقيق الذات لانسان يتم يتم من خلال تحقيق الغايات في كل حقول المعرفة والثقافة على أن ينشئ علاقات مع أخوانه البشر وعلى أن يقيمها معهم على جميع المستويات من مستوى الأخذ والعطاء في الحب ، او الصداقة ، والأحاديث والرحلات والمؤنسات مع أهل الجوار الى مستوى الأخوانيات الدينية العالمية ، ولا يمكن للدولة أن تستوعب جميع هذه العلاقات ، ولا تستطيع أن تتدخل في تلك العلاقات لانها تقع خارج أختصاص الدولة ، فمثلا ليس للدولة ان تحضر شكلا من أشكال العبادة لانها تخالف دين الحاكم ولا ان تقيد من ابداء الرأئ والتعبير لدى الفرد ، أو تجاه ميادين الفن والفكر والأدب أياً كان شكلها ، فلنقف جميعا ضد اية حضرا أو منعا يفرض على الانسان بأبداء رأيه لأن الأنسان الاخر يخالفه ولايفرض عبادة الوجود والفهم الالحادي على حساب عبادة الله ، بل تترك الأراء والعبادات في تنوعها لان التنوع لايتنافى مع المتطلبات الموضوعية لخدمة الانسان
#صباح_محمد_أمين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التعامل السلبي مع المرأة
-
التزلف الى الحكام
-
ثقافة القتل
-
النزعة القومية على مر العصور(3)
-
النزعة القومية على مر العصور(2)
-
مظلومية المرأة بحكم الأعراف والشرائع والأحاديث
-
النزعة القومية على مر العصور
-
كيف نتعامل مع بعض النصوص القرانية في عصرالثورات والحداثة
-
عن أي دين يتكلمون
-
أستبداد الحكام
-
الدول الاسلامية رعت أسامة بن لادن
-
تهنة لنساء العراقيات بمناسبة اليوم العالمي للمرأة
-
هل الرجال قوامون على النساء
-
حقيقة رجال السلطة في العراق اليوم
-
ظاهرة المتسولين
المزيد.....
-
لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء
...
-
خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت
...
-
# اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
-
بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
-
لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
-
واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك
...
-
البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد
...
-
ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
-
الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
-
المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5
...
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|