|
قبل الحوار الوطني الخامس: نحن والآخر، أين نحنُ من نحنُ؟ - الجزء الأول
فايز شاهين
الحوار المتمدن-العدد: 1051 - 2004 / 12 / 18 - 12:54
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
قبل أيام اُختتمت "أعمال" مؤتمر الحوار الوطني الرابع – قضايا الشباب .. الواقع والتطلّعات - في الفترة مابين 7 إلى 9 ديسمبر 2004 م، وانتهى كما انتهى غيره من حوارات سابقة حيث تم تقديم العديد من التوصيات "لولي الأمر" والتلميح بشكل غير مباشر على أهمية تنفيذ هذه التوصيات حتى لا يُصاب الناس بالإحباط. لكن الوضع العالمي المتغير والسريع الإيقاع جعل العديد من المثقفين أن يُطلِقوا العنان لأفكارهم بصراحةً وأكثر واقعية وبنقد كبير وسخرية لما هو الوضع عليه.
أقوال وآراء في الحوار الوطني الدكتور عبدالله ناصر الفوزان في مقالته بصحيفة الوطن (13 ديسمبر 2004) تحت عنوان - حتى لا يقال إن توصيات الحوار الوطني مكررة وكلام في كلام - قال بأن "حقيقة المشكلة أننا - دون استثناء مع الأسف - عندما نجتمع لمعالجة شأن من شؤوننا لا نكلف أنفسنا بالرجوع إلى ما تم في اجتماعات سابقة, ونتصرف وكأننا نبحث مشكلة لم يبحثها أحد قبل" وكان هذا تعليقه أساساً على مؤتمر الحوار الوطني الرابع. أمّا الأستاذ قينان الغامدي، كعادته وصراحته فكان تعليقه بسخرية على ما كتبه زميله الفوزان فكتب في مقالة اليوم الذي يليه بعنوان - رد مفحم على الدكتور الفوزان: استثمار "كلام في كلام " للضحك! - فقال إن الحوار الوطني تحول اسمه إلى حوار فكري، أي بما معناه أن هناك فرقاً جوهرياً، والأستاذ قينان لا يرضى بالحرج لأنه لا يعرف الإجابة عن السبب في تغيير الاسم، والرسالة واضحة هنا وهي تعني لا حِراك، فقط كلام. ويضيف الأستاذ قينان بسخرية "أنها معلومة خطيرة جداً ومهمة للغاية ويترتب عليها أمور وأمور, لكن جلَّ من لا يخطئ ومن لا يسهو, ومن لا يتغير "الحوار الوطني" إلى "الحوار الفكري" إلا بعمله ومشيئته وتدبيره لخلقه" وكأن الهدف هو أن يعرف القائمون على هذه الحوارات بأن الهدف منها تبادل الأفكار والكتابة عنها، لا أكثر ولا أقل، وليس لتفعيلها. الأستاذ محمد على الهرفي في مقاله في صحيفة الوطن أيضاً – وماذا بعد الحوار؟ – لم يترك شاردة ولا واردة إلاّ وذكرها في المقال، فمن هموم المشاركة الفعلية للمواطن في صنع القرار، إلى المدارس المستأجرة، المناهج وعيوبها، غياب رعاية الموهوبين وقلة المقاعد الجامعية وذهاب الطلاب للدراسة خارج المملكة، غياب المكتبات العامة، الوظائف ذات الراتب المتدني، الفقر، غياب الاتحادات الطلابية والنقابات للطلاب والمعلّمين، البطالة والتجنيد الإجباري. كل ذلك كان من ضمن المقترحات والتوصيات لحل تلك المشاكل، والأستاذ الهرفي يسأل ماذا بعد الحوار؟ الأستاذ الهرفي يتساءل في نهاية مقاله ": إلى متى ستستمر مثل هذه المؤتمرات؟ وهل الهدف منها هو الحوار لذاته أم البحث عن نتائجه؟" الأستاذة ثُريّا الشهري لم تكتف بالتعليق، وإنما أضافت في مقالها "للقاء الوطني السعودي.. من لم تقدمه إرادة.. أخره عجز" بأنه يجب الإيفاء باحتياجات الناس، لكن المشكلة هي غياب الإرادة وأن العجز هو الواقع الذي نعيشه. أضافت الشهري بأن غياب حرية التعبير والحق في الاحترام و"من ألف الهون في وطنه صار عنده طبعاً، وبعض طباع المرء مكتسب، وهنا يأتي النقص في الولاء، وتأتي الوقيعة في المواطنة، فيعدو خراب الديار وقتل الأبرياء شأنا مباحا، ما أن يصادف قلباً خالياً من حب الأرض حتى يتمكن، فالحرية والأمان شيء واحد لا يقبل القسمة، ولا يحتمل التجزئة، وحيث يكون العدل، يعم السلام وتسود الحضارة، فلا دولة إلا بمواطنيها، ولا مواطنون إلا بمالها، ولا مال إلا بعمارتها، ولا عمارة إلا بعدلها لأنه أساس الجميع"، وهذا لهو أبلغ ما يمكن قوله فغياب العدل وامتهان حرية الإنسان هو ما أوصلنا إلى هذا الوضع المزري الذي بدأ الكل يتصيد شبابنا فيه لنشر الدمار في الأرض.
الضرب على وتر الفقر واحتياجات المواطن لم ينته الحوار الوطني الرابع، إلاّ وعنوان الحوار الوطني الخامس قد ظهر، وهو "نحن والآخر"، وكأننا قد أنهينا كل مشاكلنا بل مصائبنا الداخلية وبسرعة الضوء وخلال أربعة حوارات وطنية، لم يتجسّد منها على أرض والواقع شيئاً. البطالة والفقر وغياب العدالة وتوزيع الثروة وغياب أي نوع من المساواة هي التي أعطت التيارات المعارضة وحتى المتطرفة منها، أعطتها زخماً أكبر من حجمها وبثت الحياة في الميت منها. بل أصبح الوضع المعيشي المزري مبرراً وسبباً لها لتجييش عواطف الفقراء والساعين للإصلاح السلمي. في الوقت الذي لازال العديد من رجال قوى الأمن في المستشفيات بسبب العلمية الإرهابية التي أوقعت العديد من القتلى والجرحى في جدة على خلفية اقتحام القنصلية الأمريكية قبل أيام، تفتخر الحكومة بأنها استطاعت منع المظاهرات السلمية التي دعا إليها الدكتور سعد الفقيه في جدة والرياض يوم الخميس (16 ديسمبر 2004 م). لقد استطاع الفقيه رغم فشل المظاهرة، استطاع تجييش عواطف الناس بأفكار واقعية لم تستطع الحكومة خلال مائة عام من قيامها بعملها، فوعدهم بإسقاط الديون عنهم وخفض رسوم الهاتف والكهرباء والماء وتوفير السكن والعمل والقضاء على البطالة والمخدّرات وغيرها. هل الفقيه رجلٌ حالم، أم يضرب كما يُقال على "الوتر الحسّاس"؟ هو وغيره والكثير منّا تحدث عن تلبية احتياجات المواطنين، بل أكثر من ذلك، خاصةً في غياب جو صحي من النقاش والاختلاف، وغياب قيادة قوية مخلصة تتوجه لتصحيح الوضع الذي أصبح على باب كارثة. إذا لم ينجح الفقيه في هذه المحاولة، فالمحاولات القادمة ربما تكون أشد ولربما يُصاحبها عنف، خاصةً وأن الحكومة لم تعط فرصة لأحد أن يُعبّر سلمياً عن رأيه، مما يعني لم يبقى لديها إلاّ الخيار الآخر، وهو العنف. هذا ليس رأيي، بل هو ما قاله الفقيه لأعوانه، حيث قال بأن لديهم الحق في الدفاع عن أنفسهم في المظاهرة إذا ما تعرّضوا للعنف من قبل رجال الأمن. بل هذا أيضاً هو الذي مازال يُولّد المزيد من الإرهابيين كالذي حدث في جدة قبل أيام، وسيحدث في المستقبل، فهم قد اقتنعوا وأقنعوا الكثير من الشباب بأن لغة الحوار هي لغة الرصاص، فهي اللغة التي تراهن عليها وتفهمها الحكومة السعودية.
#فايز_شاهين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قبل الحوار الوطني الخامس: نحن والآخر، أين نحنُ من نحنُ؟ 2/2
-
ملك الأردن للرئيس بوش: لقد ورثنا العمالةَ لكم أباً عن جَد
-
وكر الدبابير: العائدون إلى الديار
-
أين أنتِ يا وزارة من جماعة المصلّى ومدارس تحفيظ القرآن؟
-
انحسار التيار الوهابي وتساقط شعاراته
-
الذكرى الخامسة والعشرون لشهداء انتفاضة 1400 هـ
-
الانتخابات البلدية: إماّ التأجيل لضمان مشاركة المرأة أو المق
...
-
سعود الفيصل يدافع عن سنة العراق ويضطهد المرأة السعودية
-
إلى سلمان العودة: ترى الجدار بيني وبينك
-
عقدة النقص: العقدة المزمنة عند الشيعة في السعودية
-
قالوا وقلنا في هموم الطائفة والأمة
-
صقور فقط للدفاع عن الحقوق
-
ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون
-
وكر الدبابير مابين الفلوجة والرياض
المزيد.....
-
أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل
...
-
في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري
...
-
ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
-
كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو
...
-
هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
-
خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته
...
-
عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي
...
-
الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
-
حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن
...
-
أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|