|
ايران كيف نريدها
عبد الجار سبتي
الحوار المتمدن-العدد: 3544 - 2011 / 11 / 12 - 19:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كم كان مؤلما ذلك المشهد الذي صور في حضرة امير المؤمنين علي(ع) لمجموعة من العراقيين وهم يهتفون بصوت واحد مملوء بالرعب والخوف والرجاء (النجدة ياايران) ذلك الصوت الذي هز وجداننا ونحن نشاهده من خلف شاشة بعد ان سحق صدام الانتفاضة الشعبانية عام 1991... لكن لماذا وجه اللاجئون الى الضريح النداء الى ايران ولم يوجهوه الى دولة اخرى ... يبدو ان نظرة الكثير من الشيعة العراقيين الى ايران الاسلامية كانت مبنية على اسس ودعامات كثيرة وكبيرة ولم تكن بالضرورة عاطفية او مذهبية فقط ...فالشيعة في موروثهم الديني والثقافي لم يرتبطوا بروابط متينة مع اي نظام حكم بل كانوا دائما على مسافة هي ابعد ما تكون عن الرضا والقبول والتراضي مع انظمة الحكم ودائما ما تكون تلك العلاقات في نفور وتناشز وتباعد وتباغض وهم اقرب دائما الى علماء الدين منهم لانظمة الحكم والتي لا تتماشى تماما مع ما يمليه ذلك الموروث الديني لديهم والذي يؤكد ان الحكم لله والولاية للرسول وابناءه ..لذلك كان ارتباطهم بالحوزات العلمية واوامرها اكبر وامتن واجل من اي ارتباط اخر سواء بالدولة او بالنظام وهذا هو السبب الرئيسي لابتلاءاتهم التي ابتلوا بها منذ استشهاد الامام علي (ع) الى عصرنا الحاضر ... خصوصا وان جميع انظمة الحكم المتعاقبة لم تكن بانظمة تؤمن بحرية الفكر والعقيدة والدين بل ان اغلبها الاعم كان عبارة عن انظمة بوليسية تخاف وتتوجس خيفة من كل من يخالفها الرأي ... في ايران اعتلى السيد الخميني موجة الثورة بعد ان رأى فيه شعب ايران( مُخَلّصا له ) واركز هنا ايها السادة على كلمة مخلص وليس رئيسا او ملكا او حاكما ...بل نظروا اليه نظرة المنقذ من الحال التي كانوا عليها في عهد الشاه ..لذلك كله كانت نظرة شيعة العراق لايران نظرة فيها شئ من القداسة خصوصا وان السيد الخميني كان عالم دين ودرس في حوزة النجف ...صدى الثورة الايرانية وصل الى مسامع الشارع العراقي والكثير منهم رغب في تكرار التجربة وعمل نسخة منها ولصعوبة الوضع في العراق واختلافه عن اجواء ايران لم تكتب للانتفاضة الشعبانية النجاح حينذاك ... لذلك كان اقرب المقربين من شيعة العراق وابناء الانتفاضة هم الايرانيون وليس غيرهم ...لكن يبدو ان المشهد لم يصل الى العيون الايرانية وان صدى صرخات الانتفاضة لم تصل الى الاذن الايرانية ولا ندري ما الذي اغلقها ...وفي كل حال من الاحوال فان الانتفاضة سحقت وسحق معها الشعب وارتكب بحقه مجازر فضيعة لم تصل نداءاتها ولا اصواتها الى خارج الحدود الا باضيق السبل واقلها واخفتها صوتا .. لم يخبرني احد عن مصير ذلك الرضيع الذي كان يرفعه ولي امره امام عدسة الكاميرا وهو يقربه شيئا فشيئا من الضريح مناديا بنفس النداء (النجدة يا ايران) لكني علمت مصيره ومصير بقية اللائذين بحضرة الامير من خلال الصور التي نقلت الثقوب في قبة ضريح الامام نتيجة قصفها بالصواريخ والمدفعية ... ويبدو ان النجدة لم تصل ... او هي قد تكون اضلت الطريق او ما تزال الى الان تسير على غير هدى.. الكثير ممن زار ايران وكان على مقربة من نظام الحكم فيها يؤكد ان ايران الخميني تختلف كثيرا عن ايران الخامنئي ... فالسيد الخميني كان منظرا فذا استطاع ان يعيد بناء الدولة من جديد من دون تعقيدات ولا تشدد بالرغم من انه جوبه بحملة عالمية كبيرة ضده وضد نظامه ...لكن في ايران الخامنئي كان هناك اشبه ما يكون بثورة مضادة لابناء الثورة انفسهم وهذا ما يفسره التشدد في الحكم على المتظاهرين والمطالبين بالاصلاحات والصاق التهم بهم جزافا وعن قصد ... لا بل ان هناك من بدأ ينظر الى ان الخارج عن امر المرشد كالخارج عن امر الله ...وهذا تشدد غاية في الخطورة وبعيد جدا عما اراده الثوار وما اراده السيد الخميني حتى ... اضافة الى التشدد في النظرة العدائية للغرب والتي كان تيار المصلحين يريد لها ان تكون بصورة اقل عدائية واكثر انفتاحا ... وما يهمنا هنا هو ان الكثير من العراقيين الذين كانوا يتمنون من ايران ان تكون لهم عونا قد صدموا بمواقف ايران من قضايا شعبه وحريته وبناء بلده ... فاضافة الى ابناء الانتفاضة الذين تصدعت لديهم صورة ايران المدافعة عن حياض الدين والاسلام والمسلمين بتقاعسها عن مد يد العون اليهم هناك اليوم الكثير من العراقيين الذين لا يرغبون بان تكون اراضيهم ساحة لصراع ايراني اميركي او غربي ... فالعراق دولة ذات سيادة وهو بلد كبير ولديه احساس عالي بالشموخ ولا يرتضي ابدا ان يكون فناءا خلفيا لايران او اي دولة اخرى ...وهو يملك معالم كبيرة واضرحة مقدسة اضافة الى تواجد الحوزة العلمية في النجف الاشرف والتي ما فتأت ايران ان تحاول نقلها الى داخل اراضيها لكي تستطيع السيطرة على العالم الشيعي سياسيا ... كل تلك المواقف والتحركات الايرانية قللت كثيرا من رصيدها لدى العراقيين وشرخت ذلك النصب وصدعت تلك الصورة الفخمة واللامعة لابناء خراسان اصحاب الرايات السود التي ينبأ بها المنبأون ... لكونهم لم يروا من ايران غير نظرة التابع للمتبوع .. وهذا ما لايرتضيه ابناء الرافدين الذين لهم رؤاهم ولهم خططهم ولهم مصالحهم التي لا تتماشى بالضرورة مع مصالح ايران ولا خططها ولا رؤاها ... وما نريده من ايران بالضبط هو .....ان منعتم خيركم عنا ياخواة الايمان والمذهب والدين فأمنعوا شركم وشراركم عن اراضينا وعن دمائنا وعن امننا ...فلسنا تابعين لاحد ولسنا بحاجة لاحد فنحن اول من علم الناس كتابة الحرف ..فلا تعلموننا ديننا .*
#عبد_الجار_سبتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-9 آلاف مجزرة وأكثر من 60 ألف قتيل- في غزة.. أرقام مرعبة يكش
...
-
الرئيس الكولومبي يصعّد انتقاداته لسياسات الهجرة الأمريكية وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يفجر 23 مبنى سكنيا في مخيم جنين
-
كيف نطق الإنسان؟ أهم الفرضيات حول أصل لغة البشر
-
ملك الأردن يلتقي ترامب بواشنطن في 11 فبراير
-
نائبة أيرلندية: إسرائيل دولة فصل عنصري والعالم بدأ يدرك ذلك
...
-
دفعة ثانية من الجرحى والمرضى تغادر قطاع غزة عبر معبر رفح
-
عاجل | رئيس بنما: قناة بنما ستبقى تحت إدارتنا ولم أشعر خلال
...
-
نيويورك تايمز: الحياة في غوما لا ماء ولا غذاء وكثير من عدم ا
...
-
مكتب الإعلام الحكومي: غزة تحولت إلى منطقة منكوبة
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|