|
الأسلحة النووية تهديد لأمن وسلام منطقة الشرق الأوسط
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 3543 - 2011 / 11 / 11 - 18:22
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
لا يمكن أن يتصور المرء النتائج الكارثية التي ستخلفها أي حرب اعتيادية قادمة في الشرق الأوسط فكيف إذا كان الأمر استعمال أسلحة الدمار الشامل بما فيها الأسلحة النووية، فمأساة هيروشيما وناكازاكي مازالت ماثلة أمام الضمير الإنساني بوحشيتها ودمويتها على الرغم من أن القنبلتين النوويتين لم تكونا مثل ما موجود في الترسانة النووية الحالية التي تفوقها عشرات المرات من حيث قوة التدمير وانتشار وتأثير الإشعاعات النووية ، وقد كانت القنبلة النووية التي لقبت " بالصغير" الذي أطلقت على هيروشيما في اليوم الثاني من الشهر الثامن في عام 1945 وتلتها القنبلة الثانية في 9 / 8 / 1945 وقد خلفت حوالي ( 140،000 ) قتيل في هيروشيما و ( 80،000) في ناكازاكي أثناء أو فيما بعد ذلك، فضلاً عن التلوث الإشعاعي الواسع وما خلفته الإشعاعات من أمراض مختلفة وفي مقدمتها السرطان، ولعل تلك التجربتين قد أغنت الفكر الإنساني بالتجارب بدلاً من الحديث عنها على الورق وما يجب أن تفعله البشرية في سبيل عدم انتشار هذا السلاح الفتاك، وعلى الرغم من المقاومة الشعبية العالمية التي تعددت وسائلها السلمية والضغط الجماهيري الواسع على الدول النووية الخمسة التي لديها آلاف الرؤوس النووية فضلاً عما تتهم به إسرائيل بامتلاك هذا السلاح الخطير، فقد انفلت الانتشار ليشمل كل من الهند وباكستان مما زاد في تعقيد الأوضاع والخوف من استعماله في بؤرة خطيرة من بؤر العالم وهي قضية كشمير، إضافة على أزمة الكوريتين التي أنتجت كوريا الشمالية النووية وقد يعيد التاريخ نفسه لكن بشكل برنامج إيران النووي وسعي حكام هذه الدولة لامتلاكه وتهديدها المستمر بالقضاء على إسرائيل، وقد يكون ذلك استهلاكاً ليس له في واقع السياسة الإيرانية أية مصداقية لكنه تهديد قد يأخذ على محمل الجد في وضع دولي حساس ومضطرب، فمنذ بداية الكشف عن نية حكام إيران لإنتاج السلاح النووي الذين ادعوا انه للقضايا السلمية والمجتمع الدولي في حالة ترقب وحذر وخوف، والوكالة الدولية للطاقة الذرية تسعى من اجل عدم امتلاك إيران السلاح النووي ونتيجة إصرار حكام إيران وتصميمهم على المضي في هذا الطريق فرضت العديد من العقوبات على إيران جراء مواقفها السلبية والرافضة لوضع رقابة على المنشآت النووية التي تشك أنها تتواصل في إجراء تجارب واختبارات بالضد من التحذيرات التي أشارت على أن هذه الاختبارات لها صلة مباشرة بتطوير السلاح النووي بالرغم من إنكار الحكام الإيرانيين وإصرارهم بأن هذه التجارب والاختبارات هي ضمن البرنامج السلمي النووي الإيراني، إلا أن التصريحات من قبل المسؤولين الإيرانيين تناقض نفسها، ففي جانب يجري التأكيد على البرنامج السلمي وإنكار السعي لامتلاك السلاح النووي لكن في جانب آخر تتسرب أخبار مواصلة التجارب والسعي لشراء معدات تستعمل في إنتاج القنبلة النووية ثم نرى التهديدات والخطب النارية التي تؤكد عزم حكام إيران عليه وقد يكون تحذير مرشد الجمهورية علي خامنئي الذي هو بمثابة تهديد واضح حيث نقل التلفزيون الإيراني عنه القول " على أعدائنا وعلى وجه الخصوص النظام الصهيوني وأمريكا وحلفائها، أن يعلموا أننا سنرد بحزم على أي تهديد أو هجوم أو حتى فكرة شن هجوم علينا " وهذا القول ومفرداته يفسر حتى التهديد الكاذب مثلاً أو الفكرة على أن حكام إيران سوف يقومون بالردع " بقضبات من حديد حسب قول خامنئي" وهنا تكمن الخطورة، فإذا كان مجرد تهديد أو الفكرة بدون التنفيذ سيدفع حكام إيران بتوجيه ضربات حديدية إلى أهداف وحتما لن تكون إسرائيل الهدف الوحيد إنما حسب تعبير الحكام الإيرانيين ضرب مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في المنطقة فان الرد لن يكون بسيطاً وعادياً ومخاطر ردة الفعل لن تبقي السلاح النووي نائم في مستودعاته بل ستنقلب المنطقة إلى بؤرة نووية لا تبقى ولا تذر، لا بشر ولا زرع ولا ضرع، ويعزز هذا التصميم على ما صرح به رئيس الجمهورية محمود احمدي نجاد يوم الاربعاء10 / 11 / 2011 مسخفاً الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي أكدت بأن النظام الإيراني ومشروعه النووي هدفه إنتاج السلاح النووي وهي عملت على ما يظهر على " تصميم القنبلة النووية " كما أشارت الوكالة بأن إيران مازالت " تواصل الأبحاث السرية " وكان من المفروض بدلاً من النفي غير المنطقي والكذب والممانعة وعدم الاستماع ورفض مقترحات الوكالة الدولية وإفشال المفاوضات، أن يجري العمل لتبني لغة الحوار والتفاهم بدلاً من العنجهيات،فقد أعلن السفير الإيراني لدى الوكالة الدولية للطاقة النوويةعلي أصغر سلطانية في ان طهران "لن تتخلى أبداً عن حقوقها المشروعة" بخصوص برنامجها النووي " كما أكد محمود احمدي نجاد على تصميمهم للمضي في هذا المضمار الخطير " لن تتراجع هذه الأمة قيد أنملة عن الطريق الذي قررت سلوكه" وقد نختلف معه حول ادعائه بالطريق وبمفهوم الأمة، بالقول أنه طريق محفوف بالمقابر والمعوقين والخراب وأن إيران دولة متكونة من عدة قوميات وشعوب وقد تختلف ليس مع ما طرحه ويطرحه المسؤولون في الحكومة بل حتى مع آراء مرشد الجمهورية، فبينما تجري محاولات من قبل حكام إيران لطمس حقائق وأهداف المشروع النووي الإيراني الذي يهدف لامتلاك القنبلة النووية لكنها في الجانب الثاني تنكر حق الشعوب الإيرانية وتسعى بكل ما تستطيع إليه سبيلاً إلغاء هوياتها القومية وتشن حملات البطش والملاحقات البوليسية ضد المعارضين الذين يطالبون بالحقوق المدنية والحريات الشخصية والعامة. إن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها مسؤولين أخلاقياً وتاريخياً عما آلت إليه الأمور في الشرق الأوسط وجعل هذه المنطقة من البؤر الخطيرة على السلام العالمي وعدم حل المشكلة الفلسطينية ومنح هذا الشعب حقوقه في إقامة دولته على الأراضي الفلسطينية التي احتلت بعد عام 1967 وذلك بدعمها للعنجهية الاسرائلية وجعل من إسرائيل بعبع يهدد دول المنطقة من خلال امتلاكها ترسانة لمختلف الأسلحة الاعتيادية بما فيها الأسلحة النووية، وبعد سنين من الممانعة الإسرائيلية في تفتيش منشآتها النووية وعدم التوقيع على معاهدة عدم انتشار السلاح النووي يتم قبول إسرائيل حسب طلبها إلى النادي النووي العالمي فذلك دليل آخر على الاستهتار بمصالح ومستقبل شعوب المنطقة والعالم، وهذا ما يدفع الدول آجلاً أم عاجلاً في المنطقة للحصول على الأسلحة المحرمة دولياً للتوازن مع إسرائيل وترسانتها العسكرية، ولسنا بصدد تبرير سعي حكام إيران لامتلاكهم هذا السلاح المخيف لكن أحدى الادعاءات الإيرانية الرئيسية حجة السلاح النووي الموجود في ترسانة الدولة الإسرائيلية، ثم التوجه للهيمنة على المنطقة وتهديد أمنها لتمرير أهدافها التوسعية وهذا ما يفتح الأبواب على مصراعيها لسباق التسلح في المنطقة الذي لا يمكن أن تحدد مخاطره واستعمالاته، فتاريخ قدح زناد الحروب ماثلة أمام البشرية في لحظة قد تكون مخبولة مهما أُدعيت من مبررات حول التجاوز على الوطن والمصلحة القومية والوطنية، وعند ذلك ستدفع شعوب المنطقة الثمن الباهظ وستدمر كل ما استطاع الإنسان بنائه خلال سنين طويلة، ويدرك المتابع للتصريحات والتهديدات بشن الحرب أو قصف المفاعل والمنشئات الإيرانية ان الوقت أكثر ضيقاً مما يتصور البعض وقد يكون تهوين وزير الدفاع الإسرائيلي أيهود باراك للأخبار التي انتشرت لتوجيه ضربة عسكرية لمنشئات نووية إيرانية عبارة عن عدم كشف الخطط الاسرائلية في هذا المجال وهذا يدل على قوله "الحرب ليست نزهة. ونحن نريد نزهة لا حرباً " إن منطقة الشرق الأوسط التي عانت من الحروب الاسرائلية العربية والحرب العراقية الإيرانية وحرب الخليج بعد احتلال الكويت ثم الحرب الأخيرة التي سعت لاحتلال العراق وإسقاط النظام لن تتحمل المزيد من الاضطرابات والتهديدات بشن حروب جديدة لأن ما لحق بالمنطقة وشعوبها من ضحايا ودمار وخراب يؤكد إن قضية السلام والتعايش السلمي هما المنقذان الأساسيان للاستقرار والتعاون السياسي والاقتصادي والثقافي، وسعي حكام إيران وربما بعدها السعودية وغيرهما لامتلاك السلاح النووي يعني انزلاق المنطقة إلى نتائج مزرية لا يمكن التنبؤ بها وقد تكون طامة كبرى لشعوب وبلدان المنطقة وما ستلحقه من مآسي بمصالحهم وثرواتهم البشرية والطبيعية، ولهذا نطالب أن يكف الحكام الإيرانيون عن محاولاتهم لامتلاك السلاح النووي والالتفات إلى الشعوب الإيرانية لتحقيق الرعاية الاجتماعية والتخلص من آفات الفقر والبطالة وفسح المجال أمام الحريات العامة وتحقيق الديمقراطية بدلاً من الاضطهاد وإرهاب المواطنين، كما على الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومنظمات الطاقة بما فيها الوكالة الدولية أن تقوم بدفع حكام إسرائيل للتخلص من ترسانتهم النووية التي تهدد المنطقة ودفعهم للتوقيع على معاهدة عدم انتشار السلاح النووي والتخلص منه لأنه الطريق الأسلم للتعايش السلمي بين الدول مع ضرورة حل القضية الفلسطينية حسب قرارات المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والإقليمية الذي ينص على قيام الدولتين، بما فيها إعادة الأراضي العربية المحتلة وإيقاف بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة والقدس الشرقية والأراضي التي احتلت بعد عام 1967 .
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل سيكون حزب الدعوة حصان طروادة للتحالف الوطني العراقي..؟
-
الخطوة للخلف ستحيي الدكتاتور
-
الوجه المخفي للعمليات الإرهابية في العراق
-
معضلة عَلم النظام السابق وعلم الإقليم
-
فرض الحجاب في المدارس للكسب السياسي الضيق بحجة الإسلام
-
حجاج البرلمان العراقي والقوانين المسكينة المركونة
-
دعوة كي تعرف الفرق ما بين..!
-
تداعيات الفتنة الطائفية بالضد من الوحدة الوطنية المصرية
-
المكارثية الجديدة وإرهاب المثقفين والعلماء والصحافيين في الع
...
-
الكرد الفيلييون ومحنة المزايدة والمتاجرة بحقوقهم المشروعة
-
تسويف مواد الفيدرالية في الدستور لمصلحة النهج الشوفيني
-
الدكتاتورية الجديدة مصير مظلم ومأساة للشعب العراقي
-
التلاعب بالتصريحات استخفاف بمطاليب المتظاهرين
-
الموت يخاف الصرخة
-
مشروع كاتم الصوت السياسي في العراق
-
أنا لا أعرف هادي المهدي
-
عنجهية حكام إسرائيل ورفض الاعتذار لتركيا
-
وعود الإصلاح والتماطل الحكومي وجمعة البقاء 9 / 9 /2011
-
مشروع قانون الأحزاب خلل في المبادئ الديمقراطية
-
أين انتهى الكتاب الأخضر أين معمر القذافي؟
المزيد.....
-
بيستوريوس: لا يجوز أن نكون في موقف المتفرج تجاه ما يحدث في س
...
-
أردوغان يعلن -مصالحة تاريخية- بين الصومال وإثيوبيا
-
الرئيس التركي أردوغان: اتخذنا الخطوة الأولى لبداية جديدة بين
...
-
قوات -قسد- تسقط طائرة أمريكية مسيرة
-
-CBS NEWS-: ترامب يوجه دعوة إلى شي جين بينغ لحضور حفل تنصيبه
...
-
مجلس النواب الأمريكي يصادق على الميزانية الدفاعية بحجم 884 م
...
-
العراق.. استهداف -مفرزة إرهابية- في كركوك (فيديو)
-
موسكو تقوم بتحديث وسائل النقل العام
-
قوات كردية تسقط بالخطأ طائرة أميركية بدون طيار في سوريا
-
رئيس الإمارات وملك الأردن يبحثان التطورات الإقليمية
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|