أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - المبادرة العربية والمعارضة السورية















المزيد.....

المبادرة العربية والمعارضة السورية


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3538 - 2011 / 11 / 6 - 17:11
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


إذا نفذ النظام السوري بنود المبادرة العربية الخاصة بسورية، شكل ذلك نصرا مرحليا للثورة، ووفر حماية نسبية للمظاهرات السلمية، بما من شأنه أن يجدد زخمها ويوسع قاعدتها، ويفلّ سلاح النظام الأقوى، العنف المنفلت. وإذا لم ينفذ النظام البنود انكشف عربيا، وشكل هذا خطوة إضافية لرفع الغطاء الدولي، بما فيه الروسي والصيني، عنه.
في الحالين النظام في مأزق. لقد استطاع طوال شهور أن يواجه الثورة بعنف مهول، دون أن تواجهه غير مواقف عربية ودولية متوانية. المبادرة العربية تشير إل أن هذا لم يعد ممكنا. مزيد من العنف الأهوج من طرف النظام سيعني إباحة عربية للتعامل معه كمنبوذ، ما يفتح الباب لتجريمه دوليا. من المحتمل أصلا أن النظام قبل بالمبادرة تحت ضغط روسي، لأن روسيا لن تكون قادرة على حمايته مرة أخرى من اللوم الدولي إذا رفض المبادرة العربية.
ومن المستبعد هذه المرة أن ينجح النظام بالخروج من المأزق وفق الآلية المعتادة: قبول المبادرة وعدم قبولها في آن. أو القبول الشكلي وعدم الالتزام الفعلي، واختراع الحجج والذرائع للتملص من التنفيذ. هامش المناورة أضيق أمام النظام من أي وقت سبق، ويبدو أن ساعة الحقيقة تقترب.
وإن لم تحدد مرجعية لما يفترض أن يجري من "حوار" بين المعارضة النظام، توفر المبادرة العربية إطارا للاعتراف بالمعارضة السورية كطرف سياسي فاعل. هذا شيء يبنى عليه. وخلال الأسبوعين الفاصلين عن "الحوار" يمكن للمعارضة أن تقدم تصورا لمرجعيته. ولا يمكن لهذا التصور إلا أن يجمع بين مطلب الديمقراطية الذي تعرف المعارضة السورية نفسها به منذ سنوات أو عقود، وبين قضية الثورة اليوم. وما يستجيب لها التطلب المزدوج هو التحول نحو سورية ديمقراطية خلال أمد زمني محدد مع ضمانات عربية ومن الأمم المتحدة في هذا الشأن، ومع الضمانة السورية التي لا غنى عنها: التظاهر السلمي غير المرخص.
ليس من حسن السياسة أن يسارع معارضون، بعضهم محسوبون على المجلس الوطني السوري، إلى رفض المبادرة العربية. يمكن للمبادرة وجملة التفاعلات الجارية حولها أن تكون مناسبة لطرح القضية السوري وما لحق بالشعب السوري من اضطهاد ومهانة مديدين، وتقديم رؤية عن سورية المستقبل. قبل كل شيء، التسرع إلى رفض المبادرة العربية خطأ شكلا، ويدل على تواضع غير مفاجئ لمستوانا السياسي. لماذا لا نستطيع القول إننا أخذنا علما بالمبادرة، ونحتاج لمزيد من الوقت لبلورة موقف واضح بشأنها؟ أو إننا سنتدارس الموضوع ونراقب كيف سيتصرف النظام قبل أن نقرر ما نفعل؟ وهناك خطأ في الجوهر أيضا. فالمبادرة وتفاعلاتها فرصة لمخاطبة الشعب السوري وللتدرب على السياسة، وتثبيت وضع المعارضة السورية كطرف لا يمكن القفز فوقه. السلبية لا تجدي في هذا الشأن، وهي مؤشر ضعف وليس قوة. وهذا كله لا يقتضي أن تسارع المعارضة إلى قبول المبادرة العربية، لكنه يلزمها بسياسة أكثر إيجابية وديناميكية. فالمهم ليس المبادرة العربية بحد ذاتها، بل ما نفعله بها أو منها.
والواقع أن المعارضة السورية بجميع أطيافها تجد نفسها في وضع أخرق منذ بداية الثورة. فهي لم تفجر الثورة، ومشاركتها فيها محدودة، وتأثيرها عليها محدود بدوره، ولذلك فإنها لا تكتسب وزنا إلا من اعتناق هدف الثورة المباشر، إسقاط النظام. إن قصرت عنه أو ترددت بشأنه تخسر اعتبارها، ولقد سُمعت في المظاهرات السورية هتافات تندد بأسماء معارضة معروفة، تقول أشياء غير واضحة. لكن من شأن انضباط المعارضة بمزاج الجمهور الثائر أن ينال من قدرتها على أداء دور سياسي أكثر مرونة واستقلالية عن الانفعالات الشعبية، ويفقدها أيضا القدرة على القيادة والمبادرة. هذه هو الوضع الذي تجد المعارضة السورية نفسها اليوم. الأصل فيه أن عملية تكون تشكيلات المعارضة كلها منفصلة عن عملية تفجر الثورة وتطورها. ولقد حالت الظروف السورية خلال الثمانية أشهر الماضية دون نشج شبكة من الروابط الوثيقة بين العمليتين. لكن الشيء الوحيد الذي يمنح معنى ودورا للمعارضة التقليدية، وينقذ اعتبارها، اليوم هو الانحياز القاطع إلى الثورة ودعمها بكل السبل. وهو ما لا يتعارض مع الانفتاح على مسارات سياسية قد تدفع قضية التحرر السورية إلى الأمام، بل قد يكون تثميرا لبعض أفضل مؤهلات المعارضين السوريين التقليديين.
فتحت المبادرة العربية أفقا للربط بين الثورة والمعارضة لم يكن متاحا من قبل. فعبر ما تشترطه المبادرة من وقف العنف وسحب الآليات العسكرية والإفراج عن معتقلي الثورة، وإتاحة مجال لمراقبين عربا ولوسائل الإعلام العربية والدولية في تغطية الأوضاع السورية، تتوافق المبادرة مع انتشار حركة الاحتجاج واحتلالها مساحات أوسع في الفضاء العام واتساع المشاركة فيها. وهو ما من شأنه أن يثقل وزن المعارضة في أي تفاوض محتمل مع النظام، وتاليا أن يكون عنصر دفع نحو تغيير سياسي حقيقي في سورية. وبهذا فإن المبادرة العربية "ثورية" أكثر من الجامعة العربية والنظام العربي، وأكثر مما يتصور معارضون يخلطون بين الراديكالية والسلبية. وخلافا للانطباع المتعجل، لا يعترض الثائرون الميدانيون على العمل السياسي بحد ذاته، ولكن على التباس المواقع والمواقف وأنانيتها. فإذا كان لا لبس في احتضان التشكيلات السياسية قضية الثورة، وسع ذلك من هامش مبادرة هذه التشكيلات وأعطاها حرية حركة أوسع.
وفي حال بدأ النظام بالمماطلة واللعب على الحبال، وهذا مرجح، ستكون معارضة أظهرت انفتاحا أكبر على المبادرة العربية ثبتت نفسها كطرف لا يمكن تجاهله. لكن سيقع عليها في هذه الحال عبء أكبر للسير بالثورة السورية وبالبلد إلى أوضاع أصلح أو أقبل للإصلاح.
في كل حال، تبدو المبادرة العربية نقطة انعطاف مهمة في سير الأزمة السورية، ولا يبعد أن تدخل سورية في الأيام والأسابيع القادمة في وضع معقد كثير المجاهيل.
انقضت سنوات طويلة لم يكن من السهل خلالها أن يكون المرء سوريا. وفي غير قليل من الحالات كان هذا شاقا كل المشقة. قد نكون اليوم مقبلين على طور أشد مشقة بعدُ ولعدد أكبر من السوريين. لكن أكثر من ذي قبل، لا مخرج اليوم غير مواجهة هذا الشرط وتغييره، والمجازفة بكل ما يتحتم أن يحمله ذلك من أخطاء ومخاطر وعدم يقين.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -قنطرة-...
- جوانب من سيرة المجتمع المفخخ
- حوار في شؤون الثورة السورية
- حوار في شان السجن والثورة والمثقفين
- الثورة السورية بوصفها كثورة وطنية
- جبهات عمل المجلس الوطني السوري
- في الكذب والخوف وصناعة الطبيعة... والتمرد
- -دولة البعث- و-سورية الأسد- والحروب السورية
- حوار في شأن الثورة السورية والمجلس الوطني...
- المجلس الوطني السوري وتحدياته الملحة
- حوار متجدد حول الثورة السورية
- من المملكة الأسدية إلى الجمهورية الثالثة
- في تكوين الثورة السورية و-طبائعها- وتحولاتها المحتملة
- في شأن الثورة السورية ولاءاتها الثلاثة
- ثورة العامة: قضايا أخلاقية وثقافية وسياسية في شأن الانتفاضة ...
- غياث مطر من دارَيَّا...
- الثورة السورية وخطر -الوضع الطبيعي-
- من -تحالف الأقليات- إلى أين؟ -استبداد الأكثرية- أم سياسة الم ...
- أية نهاية لنظام الحرب الأهلية؟
- حوار: سورية بعد ليبيا


المزيد.....




- -خطوة مهمة-.. بايدن يشيد باتفاق كوب29
- الأمن الأردني يعلن مقتل مطلق النار في منطقة الرابية بعمان
- ارتفاع ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان وإطلاق مسيّرة بات ...
- إغلاق الطرق المؤدية للسفارة الإسرائيلية بعمّان بعد إطلاق نار ...
- قمة المناخ -كوب29-.. اتفاق بـ 300 مليار دولار وسط انتقادات
- دوي طلقات قرب سفارة إسرائيل في عمان.. والأمن الأردني يطوق مح ...
- كوب 29.. التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداع ...
- -كوب 29-.. تخصيص 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة لمواجهة ...
- مدفيديف: لم نخطط لزيادة طويلة الأجل في الإنفاق العسكري في ظل ...
- القوات الروسية تشن هجوما على بلدة رازدولنوي في جمهورية دونيت ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - المبادرة العربية والمعارضة السورية