|
وعد بلفور: قراءة سياسية تاريخية وراهنة
غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني
الحوار المتمدن-العدد: 3534 - 2011 / 11 / 2 - 15:30
المحور:
القضية الفلسطينية
تـمهيد: تأتي الذكرى (94) لوعد بلفور في ظروف اشتعال الانتفاضات الشعبية العفوية في تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا والبحرين والأردن وغيرها من البلدان على جدول التغيير القادم ، المحمول بكثير من التفاؤل وكثير من الغموض، الذي يصل إلى درجة التشاؤم الناجم عن غياب تأثير القوى الديمقراطية الثورية المنظمة في تحديد وتوجيه الانتفاضات ، صوب القطيعة مع العلاقات الرأسمالية التابعة والرثة من ناحية، وصوب القطيعة مع التخلف والتبعية للنظام الامبريالي وحليفه الصهيوني من ناحية ثانية، في مقابل تزايد تأثير القوى اليمينية عموماً وقوى الإسلام السياسي والسلفيين خصوصاً، الأمر الذي يثير كل دواعي القلق بالمعنى الموضوعي من المشهد القادم ما بعد سقوط أنظمة الاستبداد ، ما يعني من وجهة نظري أن هناك امكانيات –تملك العديد من المقومات- لاعادة تشكيل بلدان النظام العربي في إطار أشكال جديدة من التبعية للسياسات الأمريكية والنظام الرأسمالي العالمي بما في ذلك العلاقة التطبيعية مع دولة العدو الإسرائيلي تحت يافطة ما يسمى بالليبرالية أو الديمقراطية السياسية الشكلية ، من خلال القوى المؤثرة ، الجيش ، الإخوان المسلمين ، القبائل كما هو حال ليبيا واليمن ، الإسلام السياسي والقوى الليبرالية الرثة -كما هو الحال في مصر وسوريا- بحكم ارتباطها بشكل مباشر أو غير مباشر بالسياسات والمشاريع الامريكية والإسرائيلية ، ومن هنا لا أستطيع أن اطلق على ما يجري في بلدان العرب ، ثورة، بل اسميها مجازاً انتفاضة أو حالة ثورية لا انكر دورها في خلق واشتقاق عملية تغييرية في النظام العربي ، لم تحقق حتى اللحظة سوى تغيير طربوش النظام (مبارك، قذافي، زين العابدين ، علي صالح ، وغيره على الطريق) دون أن تنجح في تحقيق أهدافها الاجتماعية السياسية والاقتصادية فيما يتعلق بتطبيق مفهوم الديمقراطية ببعديها السياسي والاجتماعي ، أو فيما يتعلق بتطبيق مفاهيم الحداثة والتنوير وفصل الدين عن الدولة وحقوق المواطنة وتحديد كل من الحد الادنى والأعلى للدخل وفق قواعد العدالة الاجتماعية، ودون أن تحقق أي من أهدافها السياسية الخاصة بإلغاء معاهدة كامب ديفيد أو المطالبة بطرد القواعد العسكرية الأمريكية وإلغاء التبعية للسياسات الأمريكية، والأدهى –كما قلت – أن القوى السياسية والاجتماعية المؤثرة في هذه البلدان (وأقصد بذلك الجيش ورجال الأعمال والكومبرادور والقوى اللبرالية والإخوان المسلميـن والتيارات السلفية ورموز القبائل –التي أعيد إحياءها من جديد-) لا تعترض على الاتفاقات المعقودة ولا تسعى إلى إلغاء العلاقة مع الولايات المتحدة ، بل على العكس تحرص كل هذه القوى ، خاصة الإخوان المسلمين على تكريس العلاقة ، وهو أمر غير مستغرب عبر قراءتنا لدورها السياسي ومصالحها الطبقية ، وهو دور مرتبط بوظيفتها الخاصة، الذي الخصه في احتجاز تطور الشعوب العربية ، اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً ، وابقاء حالة التخلف والتبعية للغرب الرأسمالي حفاظاً على مصالحه في بلادنا ، إذ أن هذه القوى الطبقية والتيارات الدينية كانت وستظل حريصة على إعاقة الثورة وتعطيل أو تبهيت الصراع الطبقي بشعارات طوباوية غيبية، وهي بالتالي تعمل دوماً على إرجاع مسيرة الثورة الشعبية إلى الوراء، فهي ضد التنوير وضد الحداثة وضد الديمقراطية وضد الصراع الطبقي ، انطلاقاً من ارتباطاتها التاريخية بالإقطاع والأنظمة الملكية والبورجوازية التابعة بكل أنواعها ، ما يؤكد استعداداها لمهادنة الامبريالية والتعاطي معها ، وذلك هو مغزى وهدف وعد بلفور الذي جاء انعكاساً لمقتضيات المصالح الرأسمالية في بداية القرن العشرين، ومن ثم تسخير الأوهام الدينية التوراتية –التي تفتقر لأي أساس تاريخي – في خدمة تلك المقتضيات والمصالح. وتأكيداً لهذه الحقائق لابد لعودة سريعة للتاريخ الذي يؤكد أن ما يسمى بأرض الميعاد أو المسألة اليهودية أو الحركة الصهيونية ، لم يكن سوى ذريعة استخدامية لتكريس مصالح النظام الاستعماري البريطاني في بلادنا الذي امتد وجوده حتى عام 1957 ، حيث تولت الولايات المتحدة الأمريكية –منذ ذلك العام- قيادة النظام الرأسمالي في صيغته الامبريالية المعولمة ، عبر استخدام نفس الذرائع التوراتية والأفكار الصهيونية العنصرية رغم كل حقائق التاريخ التي تؤكد على انقطاع الصلة بين فلسطين واليهود منذ عام 135 ميلادية ، مايعني أن ما يسمى بـ "العودة اليهودية" إلى بلادنا فلسطين، ليست عودة توراتية أو تلمودية دينية، وإنما هي "عودة " إلى فلسطين خططت لها ووفرت مقوماتها الانظمة الرأسمالية الاستعمارية في أوروبا الغربية والولايات المتحدة، عبر دعمها للحركة الصهيونية التي استطاع روادها انضاج العامل الذاتي "اليهودي" الذي توفرت لديه كافة عناصر الدافعية وآليات العمل والتنظيم لتحقيق أهداف الحركة الصهيونية، في مقابل ضعف وهشاشة العامل الذاتي، على الصعيدين الفلسطيني والعربي آنذاك (وما زال على حاله حتى اللحظة) الذي اقتصر في رفضه لوعد بلفور والحركة الصهيونية على شعارات عامة عجزت عن تأطير نفسها ضمن عمل منظم وممأسس ، بسبب تعمق مظاهر التخلف في ظل الهيمنة العثمانية من جهة وبسبب الطبيعة المهادنة للشرائح الطبقية من اشباه الاقطاعين والقمم العشائرية من جهة ثانية ، الأمر الذي كان عاملاً أساسياً مهد لنجاح المشروع الاستعماري الصهيوني، ولم يكن ممكناً لأوهام "العودة التوراتية" أن تتحقق دون ذلك. ففي كتابه "موجز التاريخ" يقول المؤرخ البريطاني "ج . هـ . ويلز" "كانت حياة العبرانيين في فلسطين تشبه حالة رجل يصر على الإقامة وسط طريق مزدحم فتدوسه الحافلات والشاحنات باستمرار، ومن البدء حتى النهاية لم تكن ممتلكاتهم سوى حادث طارئ في تاريخ مصر وسوريا وآشور وفينيقيا ذلك التاريخ الذي هو أكبر وأعظم من تاريخهم". يؤكد على ذلك المسار التاريخي لأصحاب الديانة اليهودية منذ أن طردهم "هادريان" من فلسطين عام 135م حتى نهاية القرن التاسع عشر - حوالي 1750 عام - لم يعرف التاريخ أية دلائل أو مؤشرات جدية لحركة أو تجمع سياسي يهودي يسعى إلى إقامة دولة إسرائيل ، وظلت هذه المسألة محصورة ضمن الرؤية الدينية التي تخلى عنها عدد كبير من اليهود إبان عصر النهضة وبداية عصر الرأسمالية ومصالحها الإستراتيجية التي اقتضت تأطير أو صياغة الفكرة السياسية لما أسموه "الوطن القومي" لليهود . هكذا يتوجب تحليل "وعد بلفور" ومنطلقاته إرتباطاً بمصالح ومقتضيات المصالح الاستعمارية الرأسمالية - بصورة رئيسية – التي تشكل الحقيقة الموضوعية والتاريخية التي لا بد من العودة إليها عند البحث في العوامل الرئيسية لقيام "دولة إسرائيل" وخاصة وعد بلفور، ثم سايكس بيكو، ثم الانتداب البريطاني على فلسطين ، ومن نافل القول إن "دولة إسرائيل" لم يكن ممكناً ظهورها على الخريطة دون هذا الانتداب. واليوم ، وأمام حالة القلق الناجمة عن الامكانات المتاحة لدى قوى اليمين السياسي والديني ولدى قوى الثورة المضادة في ركوب الانتفاضات العفوية وتوجيهها وفقاً لمصالحها الطبقية، تأتي الذكرى الرابعة والتسعين لوعد بلفور في ظلال المشهد العربي الراهن المليء بالغموض والمخاطر جنباً إلى جنب مع طموحات الجماهير الشعبية التي انتفضت من أجل حريتها وانعتاقها وكرامتها تمهيداً لمشهد النصر القادم الذي سيعصف بوعد بلفور ودولته ومن ثم قيام دولة فلسطين الديمقراطية العلمانية وحل المسألة اليهودية من خلالها . لـمـحة تـاريخيـة : إن البلاد التي عرفت منذ القرن الخامس قبل الميلاد باسم فلسطين تشكل الجزء الجنوبي من بلاد الشام التي ارتبطت منذ فجر التاريخ ببلاد العراق ومصر والجزيرة العربية. وعند ظهور المسيح اعتنق أعداد كبيرة من الكنعانيين الديانة الجديدة، وانضم معهم معظم من كان يعتنق اليهودية ، وظل هذا الوضع قائماً حتى الفتح الإسلامي وتسليم بيت المقدس (إيلياء) عام 638 ميلادية للخليفة عمر بن الخطاب وفقاً للعهدة العمرية ، التي ورد فيها إعطاء كافة الحقوق للنصارى على ألا يقيم اليهود بينهم في فلسطين وبيت المقدس. وفي العهد العربي الإسلامي تعاقب على حكمها بعد الخلفاء الراشدين، بني أمية، ثم بني العباس.ثم أغارت جيوش أوروبا تحت اسم الصليبيين عام 1095ميلادية ، وبقي الأمر على هذا الحال حتى طرد الصليبيين من بلاد الشام عام 1291 ، حيث ظلت تحت حكم المماليك حتى مجيء القوات العثمانية بقيادة سليم الأول عام 1516م، بعد معركة "مرج دابق" في حلب . وأصبحت بلاد الشام منذ ذلك التاريخ ولاية عثمانية حتى الحرب العالمية الأولى، التي انتهت بهزيمة الإمبراطورية العثمانية، وبداية عهد جديد من السيطرة الاستعمارية البريطانية الفرنسية في وطننا العربي، وبداية تطبيق تجزئة وتفكيك الوطن العربي في ضوء اتفاق سايكس بيكو، ثم إصدار وعد بلفور في 2 نوفمبر 1917م الذي جاء انسجاماً مع نشاط الحركة الصهيونية من ناحية ومع مصالح الرأسمالية الغربية في بلادنا من ناحية ثانية. وفي عام 1922م بدأت مرحلة الانتداب البريطاني على فلسطين، والتعاون المشترك مع الحركة الصهيونية والوكالة اليهودية لإقامة الدولة الصهيونية على ارض وطننا فلسطين، التي تم إعلانها يوم 15 أيار 1948م . يقول المفكر الراحل الدكتور جمال حمدان في كتابه "اليهود أنثروبولوجيا"، "إن إسرائيل استعمار سكاني مبني على نقل السكان من الخارج إلى فلسطين"، فاليهود هم بالدرجة الأولى جزء من الظاهرة الاستعمارية-الاستيطانية الاحلالية العامة، ومع هذا فثمة ملامح خاصة فريدة لهم: العودة اليهودية إلى فلسطين ليست عودة توراتية أو تلمودية أو دينية وإنما هي "عودة" إلى فلسطين بالاغتصاب وهو غزو وعدوان غرباء لا عودة أبناء قدامى، إنه استعمار لا شبهة فيه بالمعنى العلمي الصارم، يشكل جسماً غريباً دخيلاً مفروضاً على الوجود العربي.فهم ليسوا عنصراً جنسياً في أي معنى بل جماع ومتحف حي لكل أخلاط الأجناس في العالم . وعد بلفور ... الحقائق التاريخية : من هو بلفور؟ : للتعريف بتلك الشخصية الكريهة في الوعي الفلسطيني: وُلد آرثر جيمس بلفور سنة 1848 في ويتنغهام، أكمل دراساته العليا في كلية إيتون وجامعة كمبردج بإنجلترا. ورئيساً لوزراء بريطانيا من عام 1902 - 1905 . وقد أُعجب بلفور بشخصية الزعيم الصهيوني حاييم وايزمان الذي التقاه عام 1906، فتعامل مع الصهيونية باعتبارها قوة تستطيع أن تقوم بوظيفتها في حماية المصالح الاستعمارية ، والتأثير في السياسة الخارجية الدولية. وحين تولى بلفور منصب وزارة الخارجية في حكومة لويد جورج في الفترة من 1916 إلى 1919؛ أصدر أثناء تلك الفترة وعده المعروف بـ وعد بلفور سنة 1917 انطلاقا من تلك الرؤية. وكانت أول زيارة لبلفور إلى فلسطين سنة 1925، حينما شارك في افتتاح الجامعة العبرية. إن هذا الوعد كان السبب المباشر في كل مآسي الشعب الفلسطيني, وكما قال أحدهم : "وعد بلفور أسّس لمأساة القرن". فقد كانت الرسالة التي بعث بها وزير الخارجية البريطانية عام 1917 إلى اللورد روتشيلد ، والتي عرفت فيما بعد باسم وعد بلفور، تعتبر أول خطوة يتخذها الغرب لإقامة كيان لليهود على تراب فلسطين.، وقد قطعت فيها الحكومة البريطانية تعهدا بإقامة دولة لليهود في فلسطين، وكانت سببا رئيسيا لهجرة اليهود واستجلابهم إلى فلسطين من جميع أنحاء العالم. - بتاريخ 3/1/1919 تم توقيع ما عرف بـ "اتفاقية فيصل –وايزمن" حول فلسطين التي نصت على : 1. يحب أن يسود جميع علاقات والتزامات الدولة العربية وفلسطين أقصى النوايا الحسنة ويحتفظ بوكالات عربية ويهودية معتمدة حسب الأصول في بلد كل منهما. 2. يجب أن تتخذ جميع الإجراءات لتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين. - ثم جاء صك الانتداب البريطاني على فلسطين 29/9/1922 ليؤكد على أن تكون الدولة المنتدبة مسئولة عن وضع البلاد في أحوال سياسية وإدارية واقتصادية تضمن إنشاء الوطن القومي اليهودي. المنطلقات السياسية للحركة الصهيونية وفق رؤية النظام الرأسمالي : 1. في عام 1818 دعا الرئيس الأميركي جون آدامز إلى استعادة اليهود لفلسطين وإقامة حكومة مستقلة لهم. 2. في عام 1839 أصدر بالمرستون الذي شغل منصبي وزارة الخارجية ورئاسة الوزراء في بريطانيا تعليمات إلى القنصل البريطاني في القدس وليام يونغ بمنح اليهود في فلسطين الحماية البريطانية لضمان سلامتهم وصيانة ممتلكاتهم وأموالهم. 3. أثناء عقد مؤتمر الدول الأوروبية في لندن عام 1840 قدم اللورد شافتسبري مشروعاً إلى بالمرستون سماه مشروع "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" داعياً إلى ان تتبنى لندن إعادة اليهود إلى فلسطين وإقامة دولة خاصة بهم ومحذراً من انه لو تقاعست بريطانيا عن تنفيذ هذا المشروع, فإن هناك احتمالاً كبيراً لتنفيذه على يد دولة أخرى كروسيا مثلاً. وتبنى بالمرستون خلال المؤتمر مشروعاً يهدف إلى "خلق كومنولث يهودي في النصف الجنوبي من سورية, أي فوق المساحة التي شغلتها فلسطين التوراتية". 4. في عام 1844 ألف البرلمان الانكليزي لجنة "اعادة أمة اليهود إلى فلسطين", وفي العام نفسه تألفت في لندن "الجمعية البريطانية والأجنبية للعمل في سبيل إرجاع الأمة اليهودية إلى فلسطين". وألح رئيسها القس كريباس على الحكومة البريطانية كي تبادر للحصول على فلسطين كلها من الفرات إلى النيل ومن المتوسط إلى الصحراء. 5. وفي عام 1845 قدم إدوارد ميتفورد, الذي كان يعتبر من أخلص أنصار بالمرستون, مذكرة إلى الحكومة البريطانية يطلب فيها "إعادة توطين اليهود في فلسطين بأي ثمن, وإقامة دولة خاصة بهم تحت الحماية البريطانية". 6. وفي نهاية الستينات من القرن التاسع عشر بدأ الألمان إنشاء مستعمرات ألمانية في فلسطين أشرفت على تأسيس غالبيتها "جمعية الهيكل" الألمانية التي تأسست في القرن السابع عشر كحركة دينية إصلاحية في الكنيسة الانجيلية الألمانية. 7. في عام 1887 أسس بلايستون في شيكاغو منظمة "البعثة العبرية نيابة عن إسرائيل" لحض اليهود على الهجرة إلى فلسطين, ولا تزال هذه البعثة قائمة باسم الزمالة الأميركية المسيحية. الأيديولوجية الصهيونية: الصهيونية : أول من استعمل هذا المصطلح كان المفكر والكاتب اليهودي "نتان بيرنبويم" (1864-1937). وفي طبعة 2000 من الموسوعة البريطانية نقرأ تعريفا خطيرا للصهيونية ، بلغ في تزييفه للحقائق التاريخية، وخضوعه للرؤية الصهيونية، حد تسمية فلسطين بـ"أرض إسرائيل".بل تستخدم الموسوعة اللفظ العبري لتعميق هذا المعنى، مقدمة كل ذلك وكأنه من المسلمات التي لا خلاف عليها! حيث جاء في الموسوعة: "الصهيونية حركة يهودية قومية تستهدف إنشاء ودعم دولة لليهود في فلسطين "إرتز يسرائيل" (أرض إسرائيل بالعبرية).وهكذا نلاحظ أن الموسوعة في جملة واحدة تكرر أرض إسرائيل ثلاث مرات بترادف وتكرار! وبناء على ما سبق يتضح أن التعريفات التي قدمتها الموسوعتان الفرنسية والبريطانية، تغّيب على نحو مقصود الشعب الفلسطيني صاحب الأرض، الأمر الذي يؤكد خضوع أكبر الموسوعات الغربية للرؤية الصهيونية والقيام بدعاية لها. تبلورت الفكرة الصهيونية السياسية المعاصرة التي ظهرت في القرن التاسع عشر في كتاب ثيودور هرتزل "الدولة اليهودية" الذي ظهر عام 1896. إلا أن قيام هرتزل بالدعوة إلى عقد المؤتمر الأول العام 1897 في بازل – سويسرا عزز دوره باعتباره المؤسس الحقيقي للحركة الصهيونية فكراً وممارسة. بعد مؤتمر بال بدأ الصندوق القومي اليهودي – الذي أسس في العام 1901 – و"الكيرين هايسود" (صندوق فلسطين), وشركة تطوير أرض فلسطين, ومنظمات صهيونية أخرى بشراء المزيد من أراضي فلسطين وبالتحديد من ملاكي الأراضي الغائبين. وفي عام 1882 كان في فلسطين ست مستوطنات يعمل فيها 400فلاح، على 25.000دونم، وقد كان في فلسطين قبل عام 1900 تسع عشرة مستعمرة صهيونية، وعند اندلاع الحرب الأولى كان في فلسطين 59 مستعمرة يهودية يسكنها 12.000 يهودي بالإضافة إلى 70.000 ألف آخرين في المدن الفلسطينية. الدور البريطاني في منتصف القرن 19 و بداية القرن 20 : - لقد أخذ رئيس وزراء بريطانيا اللورد "بالمرستون" عن إمبراطور فرنسا "نابليون" وتعلم منه، ويمكن القول أن "بالمرستون" تبنى عام 1840 بالكامل رؤى "نابليون". - ان الوثائق البريطانية في تلك الفترة حافلة بالشواهد على تطور فكر رئيس وزراء بريطانيا حتى وصل إلى تحديد ثلاثة أهداف للسياسة البريطانية في الشرق الأوسط. 1- إخراج "محمد علي" من سوريا لفك ضلعي الزاوية المصرية – السورية. 2- حصر "محمد علي" داخل الحدود المصرية وراء صحراء سيناء. 3- قبول وجهة النظر القائلة بفتح أبواب فلسطين لهجرة اليهود. - ثم تجلت المحطة الرئيسية لهذا الدور في دعوة بريطانيا عام1907 لعدد من الدول الاوروبية للمشاركة في مؤتمر لندن (المسمى مؤتمر كامبل بنرمان) بهدف مناقشة مستقبل البلاد العربية والشرق الاوسط . وبالتوازي مع الاتصالات التي كانت تجري لإصدار هذا الوعد، كان يتم تبادل مراسلات الشريف حسين ـ مكماهون، وفي نفس الوقت تماما، مفاوضات مع الأمير عبد العزيز آل سعود، وتعده بعكس ما تعد به الشريف حسين ، وفي هذا السياق أشير إلى أن "التحالف" الذي تشكل عقب الحرب العالمية الأولى بين بيريطانيا من ناحية وادواتها في المنطقة ، خاصة الشريف حسين والأمير( الملك فيما بعد) عبد العزيز إبن سعود جلب للعرب عامةً وللفلسطينيين خاصة ، أكبر محنة واجهوها في تاريخهم الحديث . - بعد الحرب العالمية الثانية انتقلت مسئولية قيادة معسكر الامبريالية إلي الولايات المتحدة . وقد أدركت إسرائيل تماما منذ نشأتها أن مصيرها منوط في كل لحظة بتمسكها بالتحالف العضوي مع الامبريالية فهي الذراع المسلح له ، قوة ردع للتحرك السريع عند اللزوم . هكذا عبأت إسرائيل قواها عام 1956 . وهكذا تقرر حرب عام 1967 للتخلص من عبد الناصر . هكذا اجتاحت إسرائيل لبنان وضربت المقاومة في بيروت عام 1982 تنفيذا لخطة أمريكية (وكذلك الأمر بالنسبة لضرب المفاعل النووي في العراق والاعتداء على سوريا والتهديد بضرب إيران ...الخ) . مقاومة الصهيونية والهجرة: ناضلت الجماهير العربية ضد الهجرة وبيع الأرض، وأخذ التسامح في الاختفاء تدريجياً، وفي عام 1886 هاجم الفلاحون العرب المطرودون من قراهم المغتصبة ، مستعمرات الخضيرة وبتاح تكفا (ملبس). وبعد الهجرة الثانية 1904-1914 اشتدت مقاومة الفلسطينيين للحركة الصهيونية خاصة بعد أن طبقت هذه الحركة مبدأ "احتلال العمل" وهو شعار العمل العبري في شكله الجنيني. فجر الحركة الوطنية: المرحلة الأولى من 1918-1929 ، المرحلة الثانية من 1930-1939، الثالثة من 1940-1948.وهي كلها مراحل اتسمت عموماً بالضعف والسلبية نتيجة عجز القيادة الطبقية ورخاوتها السياسية ومصالحها، رغم التضحيات الغالية التي قدمها الشعب الفلسطيني عموماً والفقراء من أبناء العمال والفلاحين خصوصاً. وفي المقابل لابد لي من أن أشير إلى تقدم الحركة الصهيونية سياسياً وعسكرياً واقتصادياً (في الصناعة والزراعة) وعلمياً واجتماعياً وأمنياً ... إلخ. هبة البراق: كان وراء اتساع الملكية للحركة الصهيونية، كبار الملاك العرب، فقد اشترت الشركات الصهيونية حوالي90% مما في حوزتها من الأراضي (حوالي 900ألف دونم) منهم، وإن كان الفلاحون هم الذين تحملوا النتائج حيث أصبح 30% منهم بلا أرض. لقد كانت هبة البراق _ في جوهرها _ وطنية ديمقراطية هدفها الأرض والحرية بالرغم من أن اسباب دينية هي التي أشعلتها، فكانت الشعارات الأساسية التي رفعتها الجماهير الفلسطينية: 1) إلغاء الانتداب ووعد بلفور، 2) الاستقلال الذاتي، 3) وقف بيع الأراضي، 4) وقف الهجرة. الأحزاب الفلسطينية ما قبل 1948 [1]: 1) حزب الاستقلال العربي: تأسس في القدس 8/1932 : دعا الحزب إلى "إنشاء حركة وطنية خالصة على يد حزب سياسي استقلالي يكافح الاستعمار وما جره من نكبات" وكانت شعاراته "وقف بيع الأراضي، وقف الهجرة، استقلال فلسطين، والوحدة العربية". أوقف الحزب نشاطه بعد عام ونصف بسبب ضعفه التنظيمي واعتماده على الأمير فيصل، ولم يعتمد على الجماهير. 2) حزب الدفاع الوطني: تأسس في القدس في ديسمبر 1934 : كان هذا الحزب هو التعبير السياسي للثورة المضادة والتي كانت كتلتها الأساسية من كبار الملاك وكبار التجار . 3) الحزب العربي الفلسطيني: تأسس في القدس 24/4/1935 : كان المفتي هو الأب الروحي لهذا الحزب، مما جعل أكثرية الجماهير الفلسطينية تلتف حوله. (بشكل عفوي). عبر الحزب عن الاتجاه الإصلاحي في الحركة الوطنية، المعبر عن الكتلة الكبيرة من كبار الملاك. 4) حزب الإصلاح: تأسس في القدس 18/6/1935 : تضمن برنامج الحزب: استقلال فلسطين ضمن الوحدة العربية، والسعي عند الحكومة بعقد معاهدة بين العرب والإنجليز على غرار المعاهدة العرقية والإنجليزية، ومقاومة الوطن القومي اليهودي، ووقف الهجرة وبيع الأراضي، ومطالبة الحكومة بتأسيس الحكم الذاتي. 5) حزب الكتلة الوطنية: تأسس في نابلس 4/10/1935: اعتبر الحزب هدفاً له "السعي إلى استقلال فلسطين التام والمحافظة على عروبتها ضمن الوحدة العربية. 6) الحزب الشيوعي الفلسطيني : تأسس عام 1919 بقرار من الكومنتيرن ، وكانت قيادته في معظمها من "اليساريين " الصهاينة ، اتخذوا موقفاً مضاداً لهبة البراق بوصفها "حركة رعاع" ، الأمر الذي إضطر الكومنتيرن توجيه نقده الحاد للحزب وطلب منه باتخاذ الخطوات السريعة لتعريبه ، حيث اعتبر الكومنتيرن "أن انتفاضة آب 1929 محطة تاريخية مهمة في تاريخ البلاد" ، لكن تعاطف الحزب مع الحركة الصهيونية اضطر الاعضاء العرب الخروج منه وتشكيل عصبة التحرر الوطني عام 1943 بقيادة المناضل الشيوعي فؤاد نصار الذي ساهم مع رفاقه في النضال الوطني اثناء ثورة 1936 حتى عام النكبة 1948 ، حيث انتقل إلى الاردن ، وقام بتأسيس الحزب الشيوعي الأردني مع عدد من رفاقه هناك . 7) حركة الإخوان المسلمين : تعتبر سنة 1943 البداية الحقيقية لقيام تنظيم "الإخوان المسلمين" الفلسطينيين، في مدينة القدس باسم "جمعية المكارم" ، إلا أن تأسيس أول فرع رسمي ل "الإخوان" في فلسطين كان في غزة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانيةعام 1946، برئاسة الشيخ عمر صوان وعضوية الحاج ظافر الشوا والحاج صادق المزيني والشيخ عبدالله القيشاوي واخرين. 8) حركة القسام: استوعب القائد القومي الشيخ عز الدين القسام خبرات ودروس هبة البراق، التي بينت له أنه لا يمكن إحراز النصر بدون:- وحدة أداة الثورة – إقامة تنظيم ثوري محكم – تعبئة وتنظيم الجماهير – التخطيط العلمي في العمل الثوري، فشرع في بناء الخلايا السرية. وبحلول عام 1935 شعر القسام بحسه الثوري أن الظروف قد نضجت بما يتيح له خوض غمار الكفاح المسلح ضد الانتداب والصهيونية . لقد آثر القسام - بعد فشله في اجتذاب المفتي – أن يفجر الثورة المسلحة بدونه، وخرج مع 24من رفاقه في النصف الأول من نوفمبر 1935 إلى قضاء جينين للحض على الثورة وتدريب الفلاحين وتشكيل ما يعرف اليوم "بالبؤرة الثورية" . وفي مساء 18نوفمبر1935 تحركت حملة مسلحة تقدر بحوالي 500 جندي بريطاني وطوقت المنطقة ، وأخذت الحملة تضيق الخناق على القسام ورفاقه القابعين في حرش يعبد.، واستمرت المعركة من الفجر حتى التاسعة من صباح 19/11/1935 وأسفرت عن استشهاد القسام واثنين من رفاقه أما قادة الحركة الوطنية فقد أرسلوا برقيات تقليدية تنعي الشهيد وقاطعوا الجنازة. فتحت الحركة أمام الجماهير الباب لانتزاع المبادرة من القادة التقليديين، فنشبت ثورة 1936 بمبادرة شعبية خالصة وبمعزل عن القيادة التقليدية. دروس الحركة: لقد تركت حركة القسام كثيراً من العبر الكفاحية أهمها: 1- كانت المبادرة الأولى في ظل الانتداب لخوض الكفاح المسلح بمعزل عن القيادة الرجعية، وقد حفزت الجماهير وأبانت له الطريق. 2- كشفت حوار الحركة الوطنية شبه الإقطاعية. 3- فتحت الحركة أمام الجماهير الباب لانتزاع المبادرة من القادة التقليديين، فنشبت ثورة 1936 بمبادرة شعبية خالصة وبمعزل عن القيادة التقليدية، وإن كانت تلك القيادة قد نجحت في تطويق واحتواء الثورة في وقت لاحق. 4- أشعل القسام حركته في الوقت الذي كانت فيه الجماهير لا تزال ملتفة حول المفتي والقيادات الإقطاعية، ولم تأخذ الحركة فرصتها، زمنياً، لتجميع الجماهير ولفها حولها، فكان أن أصابت ضربة الاستعمار قلب التنظيم القسامي. 5- فرضت اعتبارات الأمن على القسام، وقف تنظيمه على النخبة، مما أدى إلى ضيق حجم التنظيم. 6- أما الخطأ العسكري الرئيسي الذي وقع فيه القسام، فكان حصره نشاطه السياسي والتنظيمي في منطقة واحدة هي شمال فلسطين، وفي بدئه الانتفاضة المسلحة في قضاء جينين، مما سهل على الاستعمار الإجهاز عليه ومنعه وصول شرارتها إلى بقية المناطق ولكن إلى حين. ومهما يكن من أمر، فإن انتفاضة القسام كانت المقدمة، بل والبداية الحقيقية لثورة 1936، خبرات ثورة 1936 [2]: - كانت قيادة الحركة الوطنية (اللجنة العربية العليا) هي الوتر الرخو في قيثارة الثورة. - انعدم انضباط الثورة، ولم ترتبط بقيادة مركزية، حتى أنه وصل الأمر إلى انعدام التنسيق بين قادة المناطق وقادة الفصائل. - ساد الثورة غموض فكري، فلا تحديد لأي من معسكري الثورة أو معسكر الاعتداء، وهذا نتيجة طبيعية لافتقارها إلى برنامج سياسي واضح. - لم تلعب الطبقة العاملة دور بارز في هذه الثورة نتيجة ضعفها وانفصالها إلى حد كبير عن تنظيمها السياسي. - تجاهلت قيادة الحركة الوطنية ضرورة الاستجابة لاحتياجات المرحلة النضالية الجديدة ووضع برنامج اجتماعي للثورة. - انزلقت الثورة إلى ممارسة الاغتيال السياسي، وهو سلاح ذو حدين إذ سرعان ما تلقفته الثورة المضادة ومارسته ضد الوطنيين وألصقت تلك الأعمال بالثوار مما أدى إلى عزل الثورة جماهيرياً. - وقعت الثورة في خطأ استراتيجي جسيم، في المجال العسكري إذ كانت تخوض مع القوات البريطانية معارك مواجهة مما أعطى الفرصة لطائراتهم ودباباتهم لاستخدامها ضد الثوار، وكان الخطأ الثاني احتلال المدن في وقت كان التوازن العسكري لصالح الاستعمار والصهيونية. - أخيراً الدرس الهام وهو: ضرورة التحالف مع القوى الوطنية العربية والعالمية وذلك بالتلاحم مع يسارها والعمل على كسب وسطها والحذر من يمينها. وأمام تفاقم أزمة الاستعمار البريطاني، أحال قضية فلسطين إلى الأمم المتحدة، التي ناقشتها في مايو 1947 ثم أوفدت لجنة من الأمم المتحدة لتقصي الحقائق، وقد قدمت هذه اللجنة تقريرها القاضي بتقسيم فلسطين بين العرب واليهود في سبتمبر 1947. الحرب: " أقرت الجمعية العمومية للأمم المتحدة مشروع التقسيم، في 29تشرين الثاني (نوفمبر) 1947 بأغلبية 33 صوتاً ضد 13 وامتناع عشر دول عن التصويت من بينها بريطانيا، ولذا دخلت القضية الفلسطينية مرحلة جديدة، وسرعان ما نشبت الصدامات بين المواطنين العرب وبين المستوطنين اليهود، وأعاد العرب تشكيل "اللجان القومية" وقاموا بتكوين فصائل المقاتلين من عرب فلسطين عرفت باسم "الجهاد المقدس" وترأسها عبد القادر الحسيني، ثم دخل جيش الإنقاذ المكون من متطوعين من البلدان العربية إلى فلسطين بقيادة فوزي القاوقجي!!، وفي مواجهة التسليح الحديث للصهيونية كان العرب يتسلحون ببنادق قديمة، محدودة العدد، وشحيحة الذخائر، إلا أن الفلسطينيين نجحوا في الحفاظ على أغلب مدنهم وقراهم، إلى أن دخلت جيوش الدول العربية فلسطين في 15 أيار (مايو) 1948 وهو تاريخ انسحاب القوات البريطانية من كل فلسطين وسارعت الجيوش العربية وخاصة الجيشان المصري والأردني بانتزاع الأسلحة من المقاتلين الفلسطينيين بل واعتقلت القوات الأردنية بعض هؤلاء المقاتلين لتفسح المجال لمخططات وأطماع المالك عبد الله، تلك التي كانت تباركها الحركة الصهيونية "[3] ... وكانت النكبة الاولى التي لم تستطيع أن تدفع بشعبنا صوب الاستسلام أو اليأس على العكس من ذلك، واصل نضاله من أجل الحرية وحق العودة عبر إلتحاقه في صفوف الاحزاب الوطنية والقومية والأممية والدينية التي نشأت بعد النكبة ... حتى عام 1965 ونشأة حركة أبطال العودة وحركة فتح ، ثم قرار تأسيس م.ت.ف عام 1966 إطاراً وطنياً جامعاً لأبناء شعبنا ... ثم جاءت هزيمة النظام العربي في حزيران 67 وبروز دور النضال الفلسطيني عبر فصائل المقاومة التي انتشرت وتوسعت في صفوف الشعب الفلسطيني طوال المراحل من 1967- إلى أيلول 1970 في الاردن ، ثم في لبنان منذ عام 1970- 1982 ، ثم مرحلة شتات المقاومة واغترابها بين اليمن وتونس والجزائر وليبيا وسوريا، وصولاً إلى الانتفاضة الأولى نهاية عام 1987 حتى اتفاقية أوسلو 1993، وهي الاتفاقية الأخطر في تاريخ نضال الشعب الفلسطيني كله، حيث شكلت الأساس الموضوعي لكل ما جرى من إنهيارات وكوارث في مسار القضية الوطنية الفلسطينية وثوابتها . فقد ألغت هذه الاتفاقية كل مظاهر الصراع مع العدو عبر اعتراف م.ت.ف بدولته ....وها هو شعبنا الفلسطيني يتحمل مرارتها بعد أن فشلت في تحقيق الحد الادنى من تطلعات شعبنا في اقامة دولته المستقلة التي باتت اليوم نوعاً من الوهم .... وها نحن في المرحلة الراهنة نعيش نكبة اقسى وأمر من نكبة 48 عبر الصراعات المتصلة بين حركتي فتح وحماس التي كرست انقسام الشعب الواحد في غزة والضفة الغربية ، بمثل ما كرست حالة من الاحباط والقلق واليأس في اوساط شعبنا في كل اماكن تواجده ، وهي حالة حققت للعدو الإسرائيلي أهدافاً لم يكن قادراً على تحقيقها بدباته وطائراته وقنابله طوال العقود الطويلة الماضية . المشروع الصهيوني و المسألة الفلسطينية من جديد: ما جرى خلال العقود الماضية أضاع الرؤية حول المشروع الصهيوني كما حول المسألة الفلسطينية. فإذا كانت السنوات منذ 1948 إلى سنة 1973 هي سنوات الحلم بتحرير فلسطين، سواء عن طريق الجيوش العربية ، أو عبر المقاومة الفلسطينية ، فان السنوات التي تلت حرب أكتوبر سنة 1973 عبّرت عن انقلاب التصوّر، و تغيير ليس الاستراتيجية فقط بل أولاً تغيير الرؤية. و لقد تأسس هذا الانقلاب انطلاقاً من القبول بالوجود الصهيوني و الاعتراف به .بمعنى أن النظام الإقليمي العربي ( و بضمنه منظمة التحرير الفلسطينية) أقرّ بالوجود الصهيوني و أقرّ التعامل معه بصفته حقيقة واقعة. فقد توضّح خلال مسار " السلام" بأن " التكوين الصهيوني" يرفض ما رفضه منذ سنة 1948، و المستند إلى قرار التقسيم، و الداعي لقيام دولتين: يهودية و فلسطينية. و أنه يعتبر أن كل فلسطين هي " إسرائيل"، و أنه لا زال يعتبر بأن المشكلة التي تحتاج إلى حلّ هي مشكلة " الوجود البشري" الفلسطيني الذي يؤسّس لانقلاب ديموغرافي خطر يجب تجاوزه. وفي هذا الوضع تكون «مفاوضات السلام» ضرباً من القبول بالاحتلال، والتنازل له، ومن ثم الضياع في متاهات البحث عن حل ما، لإيجاد سلطة هزيلة لا حول لها . وهكذا أصبح سقف التفاوض محدوداً بمفهوم الحكم الذاتي، أو الدويلة ناقصة السيادة، على ما يمكن أن يتنازل عنه العدو الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة، أو تكريس مبدأ الفصل بينهما عبر ما يسمى بـ "خيار دولة أو إمارة غزة"، وهي كلها "حلول" محكومة – في اللحظة الراهنة من اختلال موازين القوى – بمنطق الهيمنة الامبريالية/الصهيونية ولاءاته الخمسة التالية : لا انسحاب من القدس، لا انسحاب من وادي الأردن، لا إزالة للمستوطنات، لا عودة للاجئين، ولا للدولة الفلسطينية المستقلة، فالمسألة بحسب التصوّر الصهيوني أن الأرض هي أرض يهودية والتصرّف بها انطلاقا من ذلك، الأمر الذي يجعل الحكم الذاتي هو الشكل الأقصى للسلطة الفلسطينية في إطار دولة يهودية تسيطر على كل فلسطين . وفي هذا السياق ، لابد من التنبيه إلى أن خطوة الاعتراف بحقوق السيادة السياسية لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين، عبر حل الدولتين،وفق شروط العدو الاسرائيلي ، هو حل أقرب إلى الوهم في ظل ميزان القوى المختل راهناً، ولا يشكل حلاً او هدفاً مرحلياً ، وانما يمثل ضمن موازين القوى في هذه المرحلة – تطبيقاً للرؤية الإسرائيلية الأمريكية، التي تسعى الى مسخ وتقزيم هذا المفهوم واخراجه على صورة "حكم ذاتي موسع" او "دويلة مؤقتة، مفتتة ، ناقصة السيادة" او تقاسم وظيفي او أي مسمى اخر لا يتناقض مع الشروط الاسرائيلية الامريكية، ما يعني بالنسبة لكل القوى الوطنية الفلسطينية تاكيد التزامها بالثوابت الوطنية والحقوق التاريخية. لهذا كله ليس مهماً من الذي يمتلك الشرعية -فهذه كذبة كبيرة- بل المهم كيف نخرج من "الرمال المتحركة" التي غرقنا فيها؟ اذ أن مسارنا السياسي والمجتمعي يسير نحو كارثة، فقد أصبحت غزة منفصلة عن الضفة الغربية سياسياً، ويبدو أن الحلول لكل منهما مختلفة، حيث ليس أمام رئيس السلطة وحكومته سوى القبول بتطبيق شروط ما يسمى بالرباعية او خارطة الطريق وتعديلاتها . ولذلك فإن، استمرار القطيعة أو الصراع بين التنظيمين الرئيسيين فتح وحماس، لن تفضي بهما وبالشعب والأرض والقضية سوى إلى إنتاج القطيعة الجغرافية والسياسية بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي هذا السياق نقول: أن أقصر السبل إلى إسقاط حق تقرير المصير الوطني (للشعب العربي الفلسطيني) هو تمكين تلك القطيعة الجغرافية السياسية (والنفسية) من النفاذ والرسوخ في كل مكوناته السياسية والمجتمعية بما يفتح الباب مشرعاً أمام عوامل الاستسلام واليأس من ناحية وتكريس الهيمنة الأمريكية الصهيونية ليس على فلسطين فحسب بل على كافة بلدان الوطن العربي من خلال انظمتها التابعة من ناحية ثانية. الآن .... في هذه اللحظة يبدو الوضع الفلسطيني أنه في أفق مسدود، كما تبدو الأفكار التي طُرحت خلال العقود الثلاث الماضية و كأنها هباء. و أصبح الحل المطروح (تدريجياً) مذاك و القائم على أساس الدولة المستقلة، موضوع في صيرورة التلاشي. الأمر الذي يفرض إعادة بناء التصوّر حول المسألة الفلسطينية برمَّتها. فالمسألة بحسب التصوّر الصهيوني تتمثّل في أن أرض فلسطين كلها هي " الدولة اليهودية" ، إنها أرض إسرائيل التاريخية. لكن المشكلة التي تحتاج إلى حل هي " الكم" العربي الذي يستمرّ في التواجد و التوالد في فلسطين، و الذي يمكن أن يوجد حالة من الإختلال الديموغرافي يمكن أن تطيح بالطابع اليهودي للدولة، لهذا يجب شطب مسألة عودة اللاجئين بدمجهم في المناطق التي يعيشون فيها، أو تهجيرهم إلى دول أجنبية أبدت استعداداً لذلك. إذن إن حل المسألة الفلسطينية في دولتين " يهودية" و فلسطينية ذات سيادة كاملة على أرضها ومواردها مستحيل، و حلها في إطار دولة واحدة هي إسرائيل مستحيل كذلك، لأن الرؤية الصهيونية المهيمنة تنطلق من تكريس الطابع اليهودي للدولة. لكن، أين موقع الكيان الصهيوني في الاستراتيجية الأمريكية؟. وماذا تريد الولايات المتحدة من هذه المنطقة؟ . ان تأثير السياسة الإمبريالية على الدور الصهيوني، يفوق تأثيرها في أية بقعة أخرى، لأن أساس وجود واستمرار الكيان الصهيوني، يعتمد على الدعم الإمبريالي له. هذه المسألة تفرض التعامل مع الأصل (أي الدول الإمبريالية) كما مع الفرع (أي الوجود الصهيوني) أولاً، فهما معاً يعملان من أجل تدمير واقع العرب و تدمير مطامحهم. وبالتالي تفرض هذه المسألة ثانياً، أن نؤسس تصوراتنا انطلاقاً من مطامحنا، كقوى ديمقراطية ويسارية، في رفض وازاحة انظمة الاستبداد والتبعية وفق اسس ومنطلقات التنوير والحداثة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية لتحقيق اهداف الثورة الوطنية والقومية التحررية الديمقراطية بافاقها الاشتراكية . وأن نعي أن الصراع ضد الوجود الصهيوني هو جزء من ذلك. إننا هنا إزاء كون المشروع الصهيوني جزء من المشروع الإمبريالي ، والأمريكي تحديداً ، وأن احتلال فلسطين هو جزء من السياسية الإمبريالية للهيمنة على العرب ، وبهذا فلا يمكن أن ينظر إلى فلسطين إلا كأرض عربية محتلة. هذا يقود – كما يقول الصديق سلامة كيلة - إلى التأكيد على ضرورة إعادة البحث في المشروع الصهيوني من حيث طبيعته و علاقته بالرأسمالية العالمية، و بالمسألة اليهودية، و كذلك بوضع العرب في النظام الإمبريالي العالمي. و هنا نشير إلى أن المسألة الفلسطينية هي – من هذه الزاوية- مسألة عربية، و أن الوجود الصهيوني مؤسس لكي يكون معنياً بالوضع العربي، و فلسطين هي مرتكز ( و لنقل قاعدة) من أجل ذلك، الأمر الذي يجعل الحل محدّد في الإطار العربي، انطلاقاً من حقائق الصراع العربي الإسرائيلي الراهنة ، التي أكدت دون أي لبس أن الامبريالية لا تعتمد في سيطرتها على المنطقة على إسرائيل وحدها ، فلها ذراعان ، ثانيهما هو انظمة الاستبداد و الرجعية العربية . وبالتالي فإن الدعوة إلي " توحيد " الجبهة ضد العدو الصهيوني على صعيد نظم الحكم إنما هي – في أحسن الفروض – تعبير عن بلاهة او انتهازية سياسية او مثالية يستحيل تحقيقها . فالمشكلة إذا لن تجد حلا إلا من خلال علاج – ولو تدريجي – أسباب ضعف جبهة الشعوب . وأعنى هنا علاج أسباب هذا الضعف العضوي من مختلف أوجهه السياسية والإيديولوجية . وفي الميدان الأيدلوجي ، نرى أن إحياء محتوي شعبي تقدمي وديمقراطي للقومية العربية إنما هو أيضا شرط لا زم لاحتمال هذا التبلور . والي أن تتوافر هذه الشروط تدريجيا – خاصة في ظروف الانتفاضات العربية راهنا - سوف يستمر الصراع كما هو، بالتالي فمهما طال واستمر الحديث عن التفاوض من اجل السلام – فلن يكون في ذلك سوي تكريسا للهيمنة والسيطرة الأمريكية الإسرائيلية باسم أوهام " السلام " أو الحلول المحسومة لدويلة قابلة للحياة أو توسيعاً للحكم الذاتي أو روابط قوي ... الخ ، ما يعني أن إدارة هذه المعركة من صميم مسئولية جميع شعوب المنطقة وفي طليعتها شعبنا الفلسطيني. المسألة هنا تتعلق بمشروع للهيمنة و السيطرة على العرب هو المشروع الإمبريالي الصهيوني. و هذا التحديد أساسي في وعي طبيعة الصراع كما في تحديد الحل الممكن. حيث سوف ترتبط المسألة الفلسطينية حكماً بالمشروع القومي الديمقراطي العربي، مشروع الاستقلال و التوحيد و التطوّر و الحداثة. انطلاقا من كل ذلك يمكن أن يصاغ حل يقوم على أساس العمل من أجل أن تكون فلسطين الديمقراطية جزءاً من دولة عربية ديمقراطية موحدة، عبر نضال شعبي عربي يكون الشعب الفلسطيني في طليعته . إن التزام القوى الماركسية في فلسطين بهذا التوجه ، يفرض على كافة الماركسيين المعنيين بمستقبل القضية الفلسطينية وبمصير الوطن العربي، و بهزيمة الرأسمالية و القوى الإمبريالية، و بتحقيق التطوّر و الحداثة. مزيداً من التفاعل و الحوار من أجل إعادة بناء التصوّرات الماركسية، و إعادة الإعتبار للحلم الإشتراكي. و كذلك البحث الجاد في الواقع العربي من أجل بلورة المشروع القومي الديمقراطي، مشروع التحرر والاستقلال و الوحدة القومية و التطوّر و الديمقراطية و الحداثة. كل ذلك يفرض أن ينفتح الحوار و البحث، من أجل أن تتقاطع الرؤى، و يتبلور ما يمكن أن يشكِّل أساساً لحركة تغييرٍ ماركسية جديدة. إننا معنيّون بمواجهة الحرب الإمبريالية الأميركية، وركيزتها المتمثّلة في الدولة الصهيونية ، و كذلك مواجهة نهب الأنظمة الرأسمالية التابعة و إستبداديّتها. معبّرين عن روح الطبقات الشعبية و عن حلمها في التطوّر و الحياة الكريمة و المساواة. لم يعُد ممكناً إستمرار الوضع الراهن للحركة الماركسية العربية، و لم يعُد مقبولاً إستمرار هذا الوضع، خصوصاً أننا نشهد إنهيار الحركة السياسية العربية كلها، و نهوض الحركة الأصوليّة – في مشهد الاسلام السياسي الذي بدأ في التبلور على اثر الانتفاضات العربية -كبديل عنها ، حيث أنه يقدّم الماضي كحلٍّ للمستقبل من خلال الحلول المحافظة في المستوى الإجتماعي، و عبر تكريس الاقتصاد ألريعي بديلاً عن الاقتصاد المنتج، و السلطة المركزية او اعادة انتاج الاستبداد بديلاً عن الديمقراطية. و لتبدو أنها المقاوم ل " الإمبريالية " و للاحتلال. و لاشك في أنها تقوم بذلك، لكن من منطلق سلفيّ و على أسس دينيّة، و من أجل تحقيق انتصار ديني و تكوين محافظ. لهذا يجب أن يعود لليسار دوره الحقيقي، و أن تعود الماركسيّة منهجيّة تحفر في الواقع، و تؤسّس لتجاوزه نحو المستقبل، ولن يتم تحقيق ذلك الدور المنشود إذا لم يقطع اليسار ارتباطاته أو علاقاته الانتهازية، السياسية والوظيفية المصلحية بالقيادة البرجوازية وسلطتها وأنظمتها ، وان يمتلك الوضوح الثوري والوعي المطلوب بالنظرية والواقع لتفعيل شعار التحرر الوطني والديمقراطي من خلال الممارسة الثورية في مقاومة الاحتلال ، جنباً إلى جنب مع مسار النضال الديمقراطي الداخلي ضد كل انظمة الاستبداد وممارساتها . هذا الدور لليسار و للماركسية، هو الذي يفتح الأفق لحماية وتحقيق أهداف الانتفاضات الشعبية العربية وبلورة وتكريس مبادئ وأسس الثورة الوطنية التحررية الديمقراطية القادرة على تجاوز التخلّف و التجزئة و التبعيّة والاستبداد، كمدخل صوب بناء المجتمع العربي الاشتراكي الموحد.
[1] المصدر : كتاب تاريخ كفاح الشعب الفلسطيني حتى عام 1948 – عبد القادر ياسين – الطبعة الاولى – بيروت – منظمة التحرير الفلسطينية – مركز الأبحاث 1975 . [2] المصدر السابق . [3] المصدر السابق .
#غازي_الصوراني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المجتمعات العربية وأكذوبة المجتمع المدني
-
حول سؤال ما الماركسية ودور قوى اليسار العربي في الانتفاضات ا
...
-
مرة ثانية : محاولة للإجابة على سؤال - هل انتهت الفلسفة؟-
-
مراحل تطور الرأسمالية ودور القوى الماركسية في الخروج من الاز
...
-
ضد الهبوط السياسي .. ومن أجل المستقبل .. على الرغم من ظلام ا
...
-
وجهة نظر حول : -استحقاق أيلول أو مشروع الاعتراف بالدولة الفل
...
-
رداً على تقرير -جيفري بالمر- الحقوق الثابتة لشعبنا الفلسطيني
...
-
أبو علي مصطفى في ذكراه العاشرة
-
وثائق المؤتمرات الوطنية للجبهة الشعبية : بوصلة رفاقنا للمرحل
...
-
المؤتمر الوطني السادس – تموز 2000 (7/7)
-
الوثيقتين، النظرية و التنظيمية ، الصادرتين عن المؤتمر الوطني
...
-
المؤتمر الوطني الخامس للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (5 / 7 )
-
المؤتمر الوطني الرابع للجبهة لتحرير فلسطين ( 4 / 7 )
-
المؤتمر الوطني الثالث للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ( 3 / 7 )
-
المؤتمر الوطني الثاني للجبهة الشعبية - شباط 1969 - ( 2 / 7 )
-
ولادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين* 1 / 7
-
صفحات من تاريخ حركة القوميين العرب
-
حول تغيير اسم وكالة الغوث والصراع من أجل حق العودة
-
في راهنية الانتفاضات العربية ومستقبلها
-
تطور مفهوم المجتمع المدني
المزيد.....
-
الحكومة الإسرائيلية تقر بالإجماع فرض عقوبات على صحيفة -هآرتس
...
-
الإمارات تكشف هوية المتورطين في مقتل الحاخام الإسرائيلي-المو
...
-
غوتيريش يدين استخدام الألغام المضادة للأفراد في نزاع أوكراني
...
-
انتظرته والدته لعام وشهرين ووصل إليها جثة هامدة
-
خمسة معتقدات خاطئة عن كسور العظام
-
عشرات الآلاف من أنصار عمران خان يقتربون من إسلام أباد التي أ
...
-
روسيا تضرب تجمعات أوكرانية وتدمر معدات عسكرية في 141 موقعًا
...
-
عاصفة -بيرت- تخلّف قتلى ودمارا في بريطانيا (فيديو)
-
مصر.. أرملة ملحن مشهور تتحدث بعد مشاجرة أثناء دفنه واتهامات
...
-
السجن لشاب كوري تعمّد زيادة وزنه ليتهرب من الخدمة العسكرية!
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|