عمر بن صمادح
الحوار المتمدن-العدد: 3533 - 2011 / 11 / 1 - 17:50
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بداية, حتى لايفهم هذا المقال أنه إنتقاد للمسيحية و أتباعها, أكتب هذا المقال ردا على النظرة المتبناة من كثير من ملحدي العرب أن الإسلام بطبيعته عنيف بصورة أكبر من المسيحية. و إن كان مثله مثل باقي الأديان فإن الخطر الأكبر قادم من المسلمين عكس باقي الأديان. و هو تصور أبعد مايكون عن الصواب و للأسف تجد الملحدين قاصدا أم لا يتبنى مواقف اليمين في الغرب بشكل مريب.
اليمين المسيحي Christian Right : مصطلح يطلق في الولايات المتحدة لوصف قوى اليمين السياسية المرتبطة بالمسيحية و تتميز بطابعها الإجتماعي المحافظ المعارض للإجهاض, الحركات النسوية, حقوق المثليين, تدريس التطور في المدارس, المواقع الإباحية, الجنس قبل الزواج, بالإضافة إلى وجود نزعة عنصرية إتجاه الأقليات الدينية و العرقية. و تلعب دورا مهما في التأثير على السياسة الخارجية الأميركية و تحديدا إتجاه إسرائيل. بدأ صعودهم منذ ستينيات القرن الماضي بأهداف لتبديل الديمقراطية بثيوقراطية وفرض تفسيراتهم لمايسمونه "بقوانين الإنجيل" Biblical Law . كانوا في البداية مجموعة صغيرة من علماء الثيولوجيا و اللاهوت فتوسعوا و أصبحوا قوة فاعلة و مؤثرة في محيط المحافظين. وكما قال غاري نورث (أحد أهم الناشطين) :" لم نعد رعاة بلا أغنام كما كنا" . يطلق عليهم البعض لقب Reconstructionist و تعني حرفيا معيدي البناء. يؤمنون أن ترسم ملامح الحياة السياسية و الإجتماعية في أميركا وفق نصوص الكتاب المقدس (بشقيه) و ثلاث مجالات للحكم. العائلة, الكنيسة, و الحكومة المدنية. الأب رب العائلة و زوجته و بنيه يقرون بطاعة تامة له, الكنيسة لها دور في توجيه الأب بالتسليم للسيد للمسيح و قوانين العهد القديم, و آخيرا الحكومة تقوم بفرض القوانين المقدسة على المجتمع كافة.
يؤمن غاري نورث بأن أي إمرأة تقوم بعملية إجهاض مستحقة للإعدام في العلن. و يفضل الرجم كون الحجارة رخيصة و متوفرة. و يؤمن هو و أتباعه بعقوبة الإعدام للمثلية الجنسية, الهرطقة, قذف الدين, السحر و "إنعدام العفة قبل الزواج", كله إستنادا على تفسيرات لكتب توصف بأنها أقل "دموية" و عنفا من القرآن من قبل ناقدي الإسلام. عام 1968, ألغت الحكومة الفيدرالية قانونا ساريا في ولاية آركنسا يمنع تدريس التطور في المدارس لإن الدستور الفيدرالي يمنع الولايات أن تكون مواد التدريس متوافقة أو مستندة لتعاليم أي دين. بات روبرتسون حذر سكان ولاية بنسلفانيا من عقاب إلهي لإن إدارة مدرسة رفضت تدريس قصة الخلق كحقيقة علمية. و لروبرتسون مواقف عديدة منها دعوته لتفجير مبنى الخارجية الأميركي و وصفه للحركة النسوية بالمنحلة عن تعاليم الكتاب المقدس.تحرض على المثلية و لها أجندة للقضاء على الرأسمالية. أتباع روبرتسون يقدرون ب 204 مليون مشاهد في 16 بلد مختلف. اليمين المسيحي لا يؤمن بفصل الدولة عن الدين و يبرر المادة الأولى من الدستور الأميركي أنها حرية الدين لا حرية من الدين. يؤمنون بأن تلعب الحكومة دورا فعالا في محاربة مايعتبرونه نشاطات "غير أخلاقية" كأقرانهم السلفيين تماما. فرانسيس شيفر, واعظ و فيلسوف أميركي أثر على الولايات المتحدة بشكل كبير, قال:" إن مدارسنا علمانية بقدر روسيا السوفيتية. و لا توجد إلا كلمة واحدة تصف ذلك سوى طغيان, طغيان و طغيان.".
ميشيل باكمان, مرشحة الرئاسة الأميركية لعام 2012, وصفت فرانسيس بالعبقرية و إنضمت و زوجها لكنيسته أثناء دراستهم الجامعية. تتصدر الآن قائمة المرشحين عن الحزب الجمهوري بنسبة 35%. هي نفس الشخص المسيحي المؤمن الذي يردعه إيمانه عن الخطأ, قالت أن أوضاع السود في أميركا سيكون أفضل تحت العبودية من الأن. كتبت مقالا البارحة عن نصوص العبودية في الإنجيل و كل ماتلقيته هو إتهامات بالجهل و الأمية لإن , و أقتبس :" المسيح محبة و أب لأبنائه, فكيف يكون هناك عبيد" و هذه تعليقات صادرة لقراء موقع يساري متمدن فهموا التمدن و اليسارية تعصبا للمسيحية و قدحا للإسلام. عموما, هي مرشحة الحزب الذي يؤمن مصوتوه أن مايسمى بالـ"حرب على الإرهاب" حرب دينية و أن الإله الحق في صف الولايات المتحدة. الحزب الذي يؤمن بأن عودة المسيح إقتربت كما صرحت الرئيسة المحتملة باكمان في تسجيل صوتي لها داخل كنيستها. و تنبؤات بقرب عودة المسيح تعني مزيدا من الدعم الأعمى و اللا مشروط لإسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني الذي محيت هويته الوطنية و حل مكانها هوية خرافية إستنادا على أساطير لم تجد مكان لها إلا في النصوص الدينية.
أعداد المسلمين الذين يؤمنون بفكر متشابه مع المذكور أعلاه أكثر بلا شك. و ذلك يعود لعقود من الكبت و الإستبداد, فلم يسمح لفكر آخر سوى الفكر السلفي الذي يتشابه كثيرا مع النماذج المذكورة. غياب الديمقراطية و الحريات هو سبب توحش السلفيين و إقرانهم العلمانية بالطغيان لما عانوه من إستبداد و تنكيل أنظمة علمانية بهم و بعوائلهم لكنها لا تصل إلى الحد النفي من الساحة الإجتماعية. فالأنظمة العربية أبقت عليهم كفزاعة أمام الغرب.السبب الوحيد وراء عدم لجو ء المسيحيين للعنف ضد حكوماتهم هو مساحة الحرية المتوفرة لهم و التي لم تكن متوفرة للجماعات الإسلامية بإستثناء جماعة "ولو جلد ظهرك". و هذا سبب تعاطف الشعوب معهم و التي على نهج الإسلاميين تربط العلمانية بالطغيان لأمية فيهم و عدم علمهم بفكر أخر طيلة خمسين عاما مضت. الديمقراطية و إن كانت بدايتها عرجاء في بلداننا, هي من سيخفف حدة الإسلاميين و إستعمالهم للعنف و الإرهاب لإيصال أفكارهم. ( و إن كان الجيش الأميركي ملاذا قويا لليمين المسيحي المؤمن بقدسية الحرب على الإرهاب)
فهل هو جهل من الملحدين العرب بطبيعة الأديان و المجتمعات الأخرى أم تحيز من قبلهم كون كثير منهم من خلفية غير إسلامية كما إتضح في من المعلقين على المقال الأخير الذي كتبته؟ مالذي يجعلهم يظنون أن الإسلام بطبيعته أكثر عنفا و ميلا للسيطرة من غيره؟ أم أن الإلحاد يجعل العربي مسيحيا مساندا لإسرائيل؟
References
1- :Clarkson, Fredreck. Theocratic Dominionism Gains Influence
http://www.publiceye.org/magazine/v08n1/chrisre1.html
2-Robertson: Pa. Voters Rejected God
http://www.cbsnews.com/stories/2005/11/10/politics/main1036232.shtml%7CRobertson:
3- Six Significant Court Decisions Regarding Evolution/Creation Issues
http://www.don-lindsay-archive.org/creation/voices/legal/bkgrd.htm
4-American Theocracy
Who is Trying to Turn America Into a Theocracy?
#عمر_بن_صمادح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟