أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سرمد السرمدي - فوائد الإدمان في العراق















المزيد.....

فوائد الإدمان في العراق


سرمد السرمدي

الحوار المتمدن-العدد: 3533 - 2011 / 11 / 1 - 12:40
المحور: الادب والفن
    


الغريب في كلمة مثقف أنها توحي بكون هذا الإنسان تعرض لتدجين ما لدرجة معينة قد نال بعدها صفة مثقف من خلال عمليات تثقيف فعلية, وهذا أن دل فعلى كون الثقافة بشكل عام تنقسم إلى عدة تقسيمات أساسية وثانوية, وبشكل خاص تبقى المساحة الذاتية التي يستطيع من خلالها الإنسان المرور على مختلف الثقافات التي تم التعرض لها واختيار ما لائمه بشكل أساسي وضروري وحاسم, أن كان لهذا الوصف أي المثقف ملامح إسقاط خطر على الواقع, مالذي يجعله خطرا؟. أن في مجتمعنا العراقي على سبيل المثال من الثقافة الأساسية ما يمكن الوقوف عندها أو حتى الجلوس لكي تتبين من أين تولدت كلمة مثقف, ودون الخوض في درس تاريخي أو اجتماعي, على ما في هذا من إسهاب وتجني في ذات الوقت, إلا أن المراد هنا هو التفكر في كلمة المثقف بوصفها فعل أو فاعل. وذلك لكونها تطلق على الإنسان الذي يمتلك قدرا معينا من الثقافة في مجال ما أو عدة مجالات, وبهذا تكون فعلا يمارسه هذا الإنسان بكونه فاعل, أما وهي فعل فبالتأكيد قد تعني أن هذا الإنسان قد تم فعله أي صنع ثقافته, فأين الفرق في النتاج الحاصل بين النوعين والكلمة هي ذاتها؟.

إدمان الثقافة المكتسبة من المجتمع دون اي تدخل اختياري قد تكون هي الأقرب لوصف مثقف, فهو يتثقف بالضرورة وبطريقة آلية على تقليد مجتمعه في صفاته وتقاليده وطرق التفكير في الحياة, أما ما يتم الاعتماد عليه حين لا نتطرف كثيرا في هذا الوصف للمثقف للدرجة التي تجعله نسخة من مجتمعه فهي الفروق الفردية بين شخص وآخر, وعند التشخيص بهذا الشكل يكون الانفتاح على احتمال وجود الثقافات الفردية مقتصرا على كيفية تنفيذ أو نقل التقاليد والعادات المجتمعية من قبل هذا الشخص بشكل مختلف عن الشخص الأخر, لكنها تبقى في إطار الثقافة المجتمعية مما يجعل هذا النوع من الثقافة ملائما جدا لوصف مثقف, فهو تثقف ابتداء من البيت والمدرسة والشارع بما يؤله للمضي قدما في إتباع قانون الحياة في المجتمع الذي اوجد فيه دون أن يغير فيه بل في تفاصيل نسبية تمتد من عادات الأكل والشرب إلى طريقه التفكير, وهذه التفاصيل بدورها تبدأ في فرض مساحة من التأمل لديه فيما جبل عليه من ثقافة, وهنا يكون الانتقال متاحا للنوع الثاني من الثقافة.

إدمان الثقافة الثانوية التي تنتج من خلال الفروق الفردية النسبية الأثر بين شخص وآخر. هذه بالذات هي بمثابة حجر الأساس بالتغيير الاجتماعي برمته, فمنها تكون الثقافة المتوارثة الأساسية محل التفكر الدائم, وتنتج من خلال التفكر عملية الانتقاد والتغيير الجزئي, وهكذا يتم قياس نسبة التغيير في الثقافة المكتسبة مجتمعيا بمجموع التغيرات التي طرأت عليها وذلك من خلال المجتمع الصغير, أو المجتمع داخل المجتمع, حيث يبدأ هؤلاء الأفراد بإنشاء مجتمع صغير داخل المجتمع الكبير يتميز بثقافة فيها ما يمكن أن يقاس على انه التغير النسبي, أو الثقافة الجديدة, وهنا يكون الحال في التعايش مع المجتمع الأصلي اقل حدة وأكثر انسجاما بما أن التغير النسبي لا يضرب في عمق الثقافة المجتمعية.

ومن هنا نرى أن الإدمان يدفع المجتمع الأكبر لكي يطلق على أفراد المجتمع الأصغر بالمثقفين, فهو يحيل بطريقة أو بأخرى ما تم من خلال المثقفين إلى مجتمع آخر, مع أن كل الذي حصل هو بعض التغيرات النسبية في الثقافة المجتمعية, وذلك الدافع وراء هذه الإحالة والعزل الاجتماعي يعود بالدرجة الأولى إلى الحس الدفاعي لدى المجتمع الكبير, أي الشعور بالخطر من ضياع الهوية التي توحده والتي تترجم عمليا إلى أساليب الحياة اليومية, التي تعد روتينية في نظر أفراد المجتمع الكبير لكنها ثقافة مرفوضة نسبيا لدى أفراد المجتمع الصغير, ومن هذا المجتمع الصغير تبدأ عملية التثقيف المضادة النسبية لثقافة المجتمع الكبير بشكل لا إرادي, فالمقارنة تفرض أمثلتها من خلال التفحص بتفاصيل الحياة اليومية سواء من قبل أفراد الكبير أو الصغير, أي أن التثقيف يعمل باتجاهين وليس باتجاه واحد في هذه الحالة, لكن هذا لن يؤدي إلا لإحالة الصدام ونقطة الاختلاف الرئيسية بين الثقافتين إلى مرحلة أكثر تطورا.

والمرحلة الأكثر تطورا في هذا الصراع بين إدمان ثقافة أساسية وثقافة فرعية ناشئة توضح نتاجها من خلال ولادة ثقافة ثالثة, هنا سيميل أفراد الثقافتين إلى تثقيف أفراد الثقافة الثالثة, وبالطبع سيكون أفراد الثقافة الثالثة الجديدة من الأصغر عمرا, لذا نجد أن الصراع على اكتسابهم أعضاء وامتدادا لثقافة أساسية أو ثانوية سيبدأ منذ الولادة, وهم الجيل الجديد دائما, بالتالي هم مدمنين بالضرورة على التغيير والتنور من كافة الثقافات بحكم الواقع المعاصر, مما يعطي دفعة أمل في غد أفضل, خاصة وان المعلومة متاحة, والمصادر متعددة, وأقربها إليك هي المصادر العلمية, بالتالي لن يكون سهلا أن يقمع عقل عراقي يرغب بمعرفة الحقيقة, ولن تدوم ثقافة ترتجف أمام النقد ولو بقوة السلاح, فالعلم أقوى الأسلحة, وإدمان العراقيين على الثقافة سيحدد مصيرهم بعد أن كان ترفا وأصبح ضرورة, لكن ما دور كلمة مثقف ؟.

نميل هنا للتفاؤل بأن هذا الجيل الجديد في العراق سيعمل لإضفاء بعض الحياة على إدمان العراقيين للثقافة وعلى كلمة مثقف في تفصيلها وترجمتها إلى واقع عملي أكثر انتماء للتطبيق منه للنظرية, فكل المهن تتطلب ثقافة, وكل ادوار الحياة في المجتمع تتطلب ثقافة, أما المثقف الذي يتحول لمثقف بكسر القاف, بدوره فهذا أقربهم إلى عدم الحاجة لوصفه بالمثقف, لأن نقل الثقافة يتطلب واسطة, أو مهنة, وإنسان, يكنى بوصف مهنته, فمن يمارس الطب طبيب ينقل ثقافة الطب ومن يمارس الهندسة مهندس ينقل ثقافة الهندسة ومن يمارس المحاماة محامي ينقل ثقافة القانون, وكل من يمارس الثقافة ليس مثقف, بل مثقف بكسر القاف, وكم هي ثقيلة في اللفظ والمعنى, وكم هي من الزوائد في أيامنا هذه, فهي ليست مهنة بحد ذاتها بل وصفا لأحد مهمات أي مهنة كانت, شاعر عامل كاتب حداد طبيب سائق مدرس, الكل ينقل ثقافة معينة للمجتمع من خلال مهنته بالضرورة, فإذا توقفت عجلة الحياة لأن الثقافة السائدة تقف في طريق ثقافة مهنة سيكون أهون من أن تقف ثقافتين في صراع ثقافي ينتهي بالدم, وسيكون هذا ضمان للتغيير الجزئي بداية من الجزء للكل المنشود, وإلا كان الإبقاء على الشائع حول هذه الكلمة, المثقف, سببا في موت الثقافة العراقية.

الكاتب
سرمد السرمدي



#سرمد_السرمدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مزبلة القلب البشري في العراق
- التدخين مسموح في الحب
- ماهية المسرح العراقي المعاصر
- مفهوم الأدب في نظريات النقد المعاصر
- ميتشل فوكو في التحليل النقدي للتاريخ الإنساني
- جاك دريدا في التحليل النقدي للكتابة عن تجربة
- مدخل النظرية النقدية في الفكر المعاصر
- مسرح الصورة ليس للمخرج صلاح القصب
- جامعة بابل العراقية وخطوة نحو العالمية
- العبث والإنسان في مسرح البير كامي
- سارترية الموجد في مسرح جان بول سارتر
- ملامح المسرح العراقي المعاصر
- تفكيك الفلسفة الوجودية في الأدب المسرحي العالمي
- نظرية الواقعة في الإخراج المسرحي المعاصر
- نظرية الإخراج في مسرح الواقعة المعاصر
- أول عرض مسرحي عن جريمة المقابر الجماعية
- أول عرض مسرحي في العراق عن جريمة المقابر الجماعية
- أول مسرحية تعرض بعد احتلال العراق
- تفكيك المسرح الوجودي من خلال جبرائيل مارسيل
- تفكيك المسرح الوجودي من خلال سورين كيركجارد


المزيد.....




- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سرمد السرمدي - فوائد الإدمان في العراق