|
من نكد الأيام.. الثورة مؤامرة خارجية والاستبداد قدر الشعوب
ثابت العمور
الحوار المتمدن-العدد: 3533 - 2011 / 11 / 1 - 08:04
المحور:
القضية الفلسطينية
مضت عشرة شهور على اندلاع اول شرارة للثورة التي انطلقت من تونس شهر يناير الماضي، سقط بن على وتلاه مبارك وقصف صالح وقتل القذافي والبقية في الطريق، فالعربة تمضي سريعا وتسير بثبات وبالتالي تصل لكل القصور لتصل القصر بالقبر او بالسجن او بالنفي والطرد، والثورة حق مشروع ومحفوظ وهي بنت السر كما يسميها الشاعر والكاتب الفلسطيني الراحل ناهض الريس رحمه الله، لم يطأ الأرض أحد إلا وكان مع الحق ومع العدل ومع أهم وسائل التغيير والتحرير وهي الثورة، ولم يأتي هؤلاء الزعماء المزعومين إلا على انقاض الثورة التي خاضتها الشعوب من أجل التحرر من الاستعمار، فكان استبدال الاستعمار بالاستبداد. ويعرف الاستبداد بأنه الانفراد والتصرف بطريقة مطلقة غير قابلة للاعتراض، وهو يتقاطع مع الظلم وفرض الارادة دون مبرر ودون الخضوع لقانون أو قاعدة ودون النظر او الرجوع للمحكومين، وهذا حين ما هو حاصل في مجموع الدول العربية جمهورية كانت أم ملكية رجعية أم ثورية فقيرة أم غنية، تتلاقى كل الشعوب العربية تحت سوط الاستبداد وجلد الاستعباد، ومتى استعبدتم الناس وقد ولدوا أحرار، وحينما حانت الفرصة ومل الناس واشتكوا وضجروا بعد أكثر من نصف قرن، خرج علينا المستبدين وقالوا مؤامرات خارجية. أويعقل أن تجتمع كل الشعوب تحت مظلة المؤامرة الخارجية؟، ربما؟! إن كانت حقا الثورة مؤامرة خارجية فلماذا لا يواجه الخارج؟ ولماذا لا يحارب؟ بدلا من دك الشعوب وقصفها وحبسها والتنكيل بها، وما دام الخارج يحيك المؤامرات فلماذا تهرب إليه أموال الشعوب ومقدرات الدول؟، وما دامت مؤامرات خارجية فلماذا لا يتفق الداخل ويجتمع لمواجتها بدلا من التشتيت والتفرقة والاقتتال؟، أي منهج وأي منطق هذا الذي يفكر به هؤلاء الزعماء، ربما هو الكرسي وطول الجلوس عليه من أنساهم بأن العدل أساس الملك والانجاز أساس المكوث والداخل ضمانة المضي لا الكذب والتدليس. وخلط الامور والمفاهيم واستبدال مطلب الحرية بالمؤامرات الخارجية. السير مع الخارج وهو معلوم سلفا الغرب وأمريكا واستباحة كل المقومات والمقدرات من أجل تحقيق مصالحهم وأهدافهم لا يعتبر في عرف هؤلاء تآمر وسرقة ، فتح الحدود لا يعتبر خيانة، السماح باحتلال دولة عربية وتقسيم آخرى واشعال الفوضى في ثالثة لا يعتبر مؤامرة في عرف هؤلاء، تدشين السجون والأجهزة الأمنية والاعتقالات والمطاردات والتسليم للجهات الغربية لا يعتبر في عرف هؤلاء مؤامرة، التواطؤ والتنكر للتنمية وللحرية وللكرامة وللانسان العربي لا يعتبر مؤامرة، إن تحالف الزعماء العرب مع الخارج ليست مؤامرة في عرفهم لكنه أحد أهم أسباب قيام الثورة والمطالبة بالتغيير، ولم تخترع الشعوب شيئا عندما تطالب الغرب والخارج بالتدخل وحمايتها، فهذا دين يسدد لأن هؤلاء الزعماء داسوا الشعوب واستعبدوها اكراما واستجابة لمطالب الخارج ،ظنا منهم بأنه يمكن الارتهان والرهان على الخارج. كم مليون وكم مليار وكم حساب بنكي للزعماء في الخارج، كم زيارة وكم لقاء يعقدها هؤلاء في الخارج ومع الخارج وعندما يستباح شعبا اعزل يفكر هؤلاء لشهرين من اجل عقد اجتماع يقال بأن سيكون طارئ، كم شركة وكم بيت وكم فلة وكم فسحة وكم اجازة يقضيها ابناء وزوجات الزعماء في الخارج، كم مشروع اشتثماري ينفذه الخارج في الداخل، كم مليون شاب عربي لفظ الداخل وذهب صوب المجهول بحثا عن فرصة عن لقمة عيش في الخارج، من الذي علم الشعوب وعرفها بأن هناك خارج يمكن اللجوء اليه والاستعانة به. خمسون عاما مضت والشعوب العربية قابلة بالاستبداد وتلوك الصخر خبزا وصبرا، وعندما تحركت لم تقل لا للسيد الرئيس بل قالت الحرية والكرامة، وعندما قمعت وقتلت قالت لا للخبز ولا للحرية ولا للكرامة ولكن الشعب يريد اسقاط الرئيس، وعندما مضى الرؤساء في غيهم قالوا الشعب يريد محاكمة الرؤساء، وحينما حانت الفرصة قتل الشعب الرئيس. هل هو قدر الشعوب أم نكد الأيام أن تصبح الثورة والمطالبة بالحرية مؤامرة خارجية، في حين يبقى الاستبداد والاستعباد قدرا لا مفر منه ولا هرب، ولماذا لم يقل الغرب بأن المظاهرات الحاصلة فيه هي مؤامرات خارجية عربية صدرت اليه؟، لماذا فكر التآمر والخيانة والدسائس حكرا فقط على عقول الزعماء العرب. إن ما تكشفه الأيام والحقائق عن واقع الظلم والاستبداد لا تعني إلا شيئا واحد وهي أن المؤامرة على الشعوب داخلية ومن القائمين عليه وعلى أمره، وتعني بأن الاستبداد وإن طال وإن عاش لخمسين عاما مصيره الزوال والفناء، سأتوقف هنا ولا استطيع المواصلة بعدما باتت الأشياء على غير حقيقتها، وبعدما اتفعت بعض الابواق التي تقول بأن الثورة جريمة وأن القادم سيكون أسواء وأن بقاء الزعماء ضمانة لشرا لا بد منه، ربما، ولكن لا يكون الاستبداد حاضرا، ولا تكون المؤامرة هي البديل. لقد جربت الشعوب العربية الاستبداد خمسين عاما وعاشت ورضيت وقبلت، فلتجرب الثورة ولتجرب الحرية والكرامة، لماذا يريد البعض الوقوف بينها وبين مطالبها بينها وبين خياراتها؟، أي كان ما هو قادم حتما سيكون افضل من الاستبداد والاستعباد، وبالمناسبة وللذين يلوحون ويهددون بالفوضى فإن أحد أهم تعريفات نظرية الفوضى –ليست فوضى كوندليزا رايس طبعا- أنها تقول أن ما يبدو فوضوياً ولا يضبطه شيئ في الظاهر ، هو في الحقيقة امر منظم و منضبط تماماً و تتحكم به قوانين طبيعية هي غاية الصرامة والدقّة . ولينظر هؤلاء لسيرورة الثورات وحيثياتها علهم يكفوا ويكتفوا أو يرحلوا ويختفوا.
#ثابت_العمور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما بعد الصفقة قراءة في محددات العلاقة ما بين السلطة والكيان.
...
-
عشر سنوات على انتفاضة الأقصى
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|