|
أصبت الهدف ....يا ستالين
البتول الهاشمية
الحوار المتمدن-العدد: 1049 - 2004 / 12 / 16 - 11:34
المحور:
الادب والفن
صحيح أن الزعيم الروسي ستالين لم يكن فيلسوفا بحجم نيتشه أو روائيا بمستوى تولستوي العظيم لكن هذا لم يمنعه من قول عبارته التاريخية .... إن موت شخص واحد قد يصبح تراجيديا ....أما موت الألوف فهي إحصائيات هذه المقولة التي ظل يستشهد بها صفوة من عالم الفكر و السياسة اعتبرت نظرية متكاملة بحد ذاتها على الأقل من وجهة نظر غوغول كبير مسرحي الاتحاد السوفيتي المنتوف ... و قد جاء دورنا نحن هذه المرة لنشعر بعنف العبارة و قوتها و معركتنا هذه المرة تدور في حلبات السينما أو الفن السابع كما وردت في التصنيف العالمي للفنون ...و الانطلاقة ستكون من مهرجان الإسماعيلية الأخير الذي كان ملتقى لأفلام عالمية عملاقة و أخرى عربية كان من المفترض أن تكون ندا أو منافسا لو لم تقع الفضيحة التي أدمناها في كل تظاهرة عالمية ...و قبل أن يمل القارئ روتينية المقدمة اسمحوا لنا أن نلج عمق الموضوع و إليكم التفاصيل ... سيدي الرئيس القائد ...فيلم للمخرج الإماراتي جاد أبي جميل الذي صاب جام خبرته و كل مهاراته التي تعلمها في جعل الفيلم حمام دماء على الطريقة الهوليودية المسماة " اكشن " فلم يشعر بنفسه إلا و يقع في مطبات لا يخطئها الهاوي ...حيث غزل فكرته على أسس ابعد ما تكون عن الواقع عندما شرح لنا في النهاية إن من الحب ما قتل و أعلن ذلك صراحة في وصفه للحب الشعبي المريض للقائد الرمز ... و بدلا من أن يلم السيد جاد بخيوط الحدث بدءا من و واشنطن و انتهاء ببغداد تفرغ لإقناعنا أن صدام استمر بفضل الدعم الجماهيري له لا بسبب القمع و سياسة جز الرؤوس ...ثم يأتي المشهد الأخير لا ليطمس الحقيقة فحسب بل ليخون التاريخ و الحقيقة حيث صور العراقيين آمنين بعد إيقاف المد الصدامي يغنون للحياة و الأمل الجديد ...و قد فاته السؤال الذي لم يجد و احدا من الحضور بكافة شرائحهم الشجاعة أو الفطنة لطرحه ...وهو ..هل توقف الدمار و جفت انهر الدم بعد اعتقال الرئيس العراقي .. الفيلم الثاني " الصنم " لم يستطع أن يخرج من نفس العباءة و لم يكن بأحسن حالا ...هذا العمل الذي روجت له فضائية العربية بطريقة سخيفة حيث أعلنت أن الفيلم يتضمن مشاهد و صور جديدة عن صدام و كواليسه لم تعرض بعد ..فكان التشويق و التلاعب بالمشاعر هو شعار الحملة الدعائية لدفع المشاهد العربي نحو شباك التذاكر عله يعثر في سعيه المحموم على بدعة جديدة في عالم التعذيب الصدامي الرحب .. و قد لفت انتباهي مفارقتين عملاقتين ..يأتي في مقدمة الأولى ..إن العرضين المذكورين يعتمدان بصورة رئيسية على مشاهد حية لم يحتاج فيها المخرج إلى استعراض عضلاته و الاستعانة بخبراء في مجال المؤثرات المرئية أو الصوتية على اعتبار أن الرأس المطاح به ليس لكومبارس أو نجم إنما لشخص حقيقي يحمل اسما و عنوان ..و قد طار رأسه بغير أن يدفع له المنتج صدام شيئا و حتى نفهم سر هذه المفارقة علينا أن نعرف إن كل هذه المشاهد إنما هي من أرشيف التلفزيون العراقي الذي كان يبثها فور انتهاء الحدث إن لم نقل مباشرة ضمن نهج الترهيب و الترويع للبقية ..وقتها كان الصمت المذل يغمرنا حتى أخمص قدمينا طيلة سنوات عندما كان صدام آنذاك قطة الولايات المتحدة المدللة ..... و حين مل السيد الأمريكي مواء هرته الذي صار مزعجا وكره تكاليف طعامها ركلها خارجا ...و لم نجد أنفسنا إلا و رمينا كل التفاصيل خلف ظهورنا و اندفعنا ككل الأشقياء الصغار لنرشقها بالحجارة ... أما عن المفارقة الثانية فهي من النوع المضحك المبكي أو بلغة السيناريو الكوميديا السوداء ..وفيها نخبركم إن مصور فيلم الصنم علي عبد العزيز قد قتل بعد فترة وجيزة من انتهاء العمليات الفنية للفيلم و على يد القوات الأمريكية في بغداد مع أن المخرج نبيل قاسم لم يتعرض في عرضه للمرحلة الأكثر حساسية و الممتدة من حرب إيران إلى بداية الغزو العراقي للكويت و التي شهدت تعتيما إعلاميا حديديا على صدام و صقوره ... باختصار لا يخلو من تسطيح و أن الفيلمان اللذان عرضا في مهرجان الإسماعيلية الأخير و نالا استحسان الجمهور و النقاد لا يمكن اعتبارهما إلا فروسية متأخرة و إعادة إنتاج للمأساة بغير هدف سوى استجداء الدموع و استعداء المشاعر بدلا من تعبئتها باتجاه الجبهة الصحيحة ...من منطلق أن كثير من مشاهدي العرضين قد و صلوا إلى نتيجة يمكن اختصارها بكلام صديقة لي همست في آذني " لا ...أمريكا ارحم بكثير " إذا هكذا أقيمت المقارنة .. الأفضل من ينكل اقل بالآخر ..مع أن المفترض أن تكون ...عدو باقي أولى بالجهاد من آخر انقضى .. لقد اصبح صدام عنوان بارزا للتراجيديا العربية ...مع أن كل يوم يحمل لنا من بلاد الرافدين أخبارا عن قتلى بالأطنان ...غير أنها تبقى إحصائيات ....و عشرة على عشرة يا ستالين .
#البتول_الهاشمية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوفاء .....لا الانتماء
-
ايهما نصدق ....هوليود أم الفلوجة
-
وداعا ....أيها الزمن
-
اه ...يا فراكفورت
-
الى نور ...في عيد ميلاده
-
ليلة سعيدة
-
تشجع .......يا كرم
-
عفوا ....يوسف القرضاوي
-
حديث الساعة
-
لا......... لكاتم الصوت
-
القفز ...لاجل امريكا
-
كيف أتينا ....من اثينا
-
و للطعام ....حديثه الخاص
-
صاحب ...المائة وجه
-
الأحياء لا .......الأموات
-
هل تكون بداية النهاية
-
المثقفين في الارض
-
امبراطورية الخوف
-
البهلوان
-
للرجال ...فقط
المزيد.....
-
-هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
-
عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا
...
-
-أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب
...
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|