أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهجت عباس - كيوبيد كرسّـام منظر طبيعي














المزيد.....


كيوبيد كرسّـام منظر طبيعي


بهجت عباس

الحوار المتمدن-العدد: 1049 - 2004 / 12 / 16 - 11:34
المحور: الادب والفن
    


للشاعر الألماني غوته – ترجمة بهجت عباس

مبكِّـراً جلستُ على رأس صخرة حادّة،
محـدِّقا بعينـيَّ المتصـلِّبـتين في الضَّباب،
الذي تمـدد كخـيمة رمـاديـّة،
مُـغطِّـياً كلَّ شيء سـفلاً وعلـواً.

حـطَّ إلى جـانبي صبـيّ، وقال :
ما لكَ تحـدِّق جامدَ النظرات،
هادئـاً، يا صديقي العزيز، في
تلك الخيمة الخـاويـة ؟
هل فقدتَ مُـتـعةَ الرسم وابتداع
الصّـور إلى الأبد ؟

نظرتُ إلى الصَّـبيِّ وفكَّـرتُ في نفسي،
أيـريد هـذا الصَّـبيّ ُ الصًّـغير
أن يصيرَ الأستاذَ !
إذا أردتَ أنْ تبقى متجـهِّماً دوماً وخاملاً،
فلا شيءَ حسـناً ينتج عن ذلك؛ قال الصـّبيّ،
أنظر، سأرسم لك صورة حالاً،
وأعلِّـمكَ كيف ترسم صورة صغيرة جميلة.

وصـوَّبَ سـبّـابـته،
التي كانت حمراءَ كوردة،
نحو القماش العريض الممـتدّ،
وبدأ يرسم بإصبـعـه.

في الأعلى رسم شمساً جميلة،
شـعّـتْ في عينيَّ بقوة،
وصنع حواشـيَ الغيوم ذهبية،
جاعلاً الأشـعّـةَ تخترق الغيـوم،
ثـمَّ رسـمَ الرؤوسَ اللطيفة لأشجار جديدة غضّـة،
سحب التَّـلال، واحداً فواحداً، خـلفها؛
وفي أسفلها لم يترك الماء بعيداً عنها،
رسم النهرَ طبيعياً جداً،
فَـيُـرى متلألئـاً بأشعَّـة الشمس،
ويُـرى تيّـاره مُـرتـطـماً بضفـافه العـالية.

آه، عند النهر تنـتظم الزهـور،
وهناك الألوان على المَـرج،
ذهَب وميـنا وأرجوان وأخضـر،
كلـّـُها مثل زمـرّد وياقـوت!
وأضاف لمعـاناً على السَّـماء
وصيّـر الجبالَ الزرقَ تبعد وتبعد،
حيث أنّي افتـتاناً ذ ُهلتُ وولدتُ من جديد،
نظرتُ فوراً إلى الرسّام، ونظرتُ فوراً إلى الصّورة.

هكذا برهنتُ لك حقـّاً،
أنني أفهم حرفة اليد هذه جيداً،
قالها وأكمل :
ولكنَّ الأصعبَ لم يأتِ طبعـاً بعـد.

رسم بعد هذا برأس إصبعـه
وبعناية كبيرة عند الغابة الصّـغيـرة،
تمـاماً عند نهـايتها، حيث الشمسُ
تُـعـكَـس بقوة من الأرض اللمّـاعة،
رسم أجملَ الفتـيـات،
بتـكوين قويـم، وملابس أنيـقة،
وجنات متوردة تحت شعر أسمر،
وكانت الوجنات بلون
الإصبع الصّـغيرة التي رسمتها.

آه يا فتـايَ، صرختُ،
يا له من أستاذ، هذا الذي
اختارك في مدرستـه،
أنْ تكون بمثل هذه السرعة، ومثل هذه الفطرة،
فتبدأ كلَّ شيء ببراعة وتُـنهيه جيداً ؟

بينا أنا لا أزال في قولي، هبّتْ نُـسَـيْمـة
وحرّكتْ قمّـة الجبل،
جعّـدتْ كلَّ أمواج النهر،
نفختْ حجابَ الفتاة المتكاملة،
والذي أدهشني أكثرَ من دهشتي التي أنا فيها،
أنَّ الفتاةَ أخذتْ تُـحرِّك قدميها،
بدأتْ تمشي، واقـتربتْ من البقعـة،
التي كنتُ جالساً مع المعـلِّـم الطلـيق.

الآن كلّ ُ شيء، كلّ ُ شيء تحـرَّك،
أشجار، نهر وزهور، والحجاب
والقدم الرقيقة لأجمل المخلـوقات،
هل تعتـقدون حـقـّاً أنني بقيت
على صخرتي هادئـاً كصخرة دون حَـراك ؟



#بهجت_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألمانيـا
- الصحافة الإلكترونية ودورها – الحوار المتمدن نموذجاً
- عشرون وثيقة وهوية عراقية لا تكفي لإقناع السفارة العراقية في ...
- هل حاضرنا امتداد لماضينا ؟
- للتهدئـة Zur Beruhigung
- آفتان في مرض السكر ( النوع 2 ) - فرط الإنسولين والهيموغلوبين ...
- كائنات غريبـة في فلـوريس
- مطر شديد سيأخذ في السّـقوط
- هوية الفرد الجينية
- مطر شديد سيأخذ في السّـقوط
- Der Hirtenknabe الصبيّ الراعي
- الخلايا الأولية ( البدائية ) الجنينية Embryonic Stem Cells
- البروستاتا غدة هامة وقد تكون خطرة
- من شعر شيلر - ترجمة د. بهجت عباس
- Das Sklavenschiff - سفينة العبـيد
- ملاح همجي
- الإشتياق
- حمامتي
- دولة الخلية البشرية وحارس الجينوم
- هوموسيستـين حامض أميني يُنتج في الجسم ويسبب تصلب الشرايين


المزيد.....




- ميغان ماركل تثير اشمئزاز المشاهدين بخطأ فادح في المطبخ: -هذا ...
- بالألوان الزاهية وعلى أنغام الموسيقى.. الآلاف يحتفلون في كات ...
- تنوع ثقافي وإبداعي في مكان واحد.. افتتاح الأسبوع الرابع لموض ...
- “معاوية” يكشف عن الهشاشة الفكرية والسياسية للطائفيين في العر ...
- ترجمة جديدة لـ-الردع الاستباقي-: العدو يضرب في دمشق
- أبل تخطط لإضافة الترجمة الفورية للمحادثات عبر سماعات إيربودز ...
- الأديب والكاتب دريد عوده يوقع -يسوع الأسيني: حياة المسيح الس ...
- تعرّف على ثقافة الصوم لدى بعض أديان الشرق الأوسط وحضاراته
- فرنسا: جدل حول متطلبات اختبار اللغة في قانون الهجرة الجديد
- جثث بالمتاحف.. دعوات لوقف عرض رفات أفارقة جُلب لبريطانيا خلا ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهجت عباس - كيوبيد كرسّـام منظر طبيعي