أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - اخترنا لكم :-مجلس العدل لتوفيق الحكيم-















المزيد.....


اخترنا لكم :-مجلس العدل لتوفيق الحكيم-


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3529 - 2011 / 10 / 28 - 11:30
المحور: كتابات ساخرة
    


قصة شعبية يلتقطها الأديب المصري " توفيق الحكيم".

ويخرجها هذا الإخراج المسرحي الساخر . .


"هنا الفران يلتقي بالقاضي وهو
داخل إلى الجلسة"



القاضي : ما لك يا صديقي الفران .


الفران : أنقذني أيها القاضي .


القاضي : ماذا جرى .


الفران : الإوّزة .


القاضي : أية إوّزة ؟


الفران : الإوّزة المشوية التي أرسلتُ إليكَ نصفها أمس .


القاضي : كانت لذيذة الطعم شهية المنظر بدهنها الوردي ورائحة لحمها
الذي يسيل له اللعاب .


الفران : صاحبها جاء يطالب بها .


القاضي : أهذا ما يزعجك ؟


الفران : ولكن ماذا أقول له .


القاضي : قل له , طارت .


الفران : طارت ! بعد أن أدخلتها الفرنَ أمامه .


القاضي : وما له .


الفران : وإذا لم يصدق .


القاضي: هاتِـهِ لي .


الفران : وهو كذلك


(يفترقان . الفران يذهب من حيث جاء ,
والقاضي يدخل إلى مجلسه)


(بعد ساعة يأتي الفران وخلفه جماعة من
الناس يدفعون به إلى مجلس القاضي ..
وهو يدافعهم ويشاكسهم في غير خشية
ولا حياء .. حتى يمثُلَ بين يدي القاضي
وهو يصيح بهم ويبعدهم عنه )


القاضي : ما هذا الشغب ؟ ...


الفران : هذا الرجل يقول : إني لص .


القاضي : من هذا الرجل ؟


الفران : رجلٌ يزعم إني أخذت إوزته .


القاضي : تقدم يا رجل .



صاحب الإوزة : يا سيدي القاضي .


القاضي : من أنت ؟


ص الإوزة : أنا صاحب الإوزة ؟


القاضي : هل كانت لك إوزة ؟


ص الإوزة : نعم يا سيدي القاضي . وأخذها مني هذا الفران وهي في الصينية وادخلها
في فرنه أمامي وعندما طالبته بها رفض ردها .


القاضي : ماذا قال .


ص الإوزة : قال شيئا لا يدخل في العقل ؟ حجة مزعومة للاستيلاء على إوزتي .


القاضي : لا تتفلسف ! ... قل نـَصّ كلامه !


ص الإوزة : قال أنها طارت . أتصدقَ ذلك يا سيدي القاضي ؟


القاضي : ألا تصدق أنت ؟


ص الإوزة : لا طبعا .


القاضي : وهل أنت مؤمن بالله ؟


ص الإوزة : مؤمن بالطبع .


القاضي : ألا تؤمن بقدرته ؟


ص الإوزة :أؤمن طبعا .


القاضي : ألا يستطيع الله أن يحيي العظام وهي رميم ؟


ص الإوزة : يستطيع . ولكن ....


القاضي : كفى ! .. لا يوجد ( لكن ) إما انك مؤمن بالله وقدرته .


وإما انك كافر حلت عليك لعنته .


ص الإوزة : مؤمن بالله وقدرته .


القاضي : أعترف إذا انه يستطيع أن يجعل إوزتك تطير من الفرن .


ص الإوزة : يستطيع . ولكن ..


القاضي : اسمع .. هي كلمة واحدة ..
هل طارت الإوزة من الفرن بقدرة الله أم لم تطر ؟ ..


ص الإوزة : طارت ...


القاضي : انتهينا .


ص الإوزة : لكن يا سيدي القاضي .. هذه الإوزة التي أعددتها لطعامي وطعام أولادي
من يدفع لي ثمنها ؟!
هل يرضي الله أن تطير إوزتي وأتضور أنا وأهلي جوعا !؟


القاضي : هذه مشكلتك مع الله . وليست مع هذا الفران ! ..


ص الإوزة : سبحان الله !... وثمن الإوزة من المسؤول عنه ؟ أليس هو الفران ؟!


القاضي : أتطالب الفران بثمن الإوزة ؟!


ص الإوزة : ومن غيره أمامي أطالبه ؟!


القاضي : يا رجل ! كن منطقيا ! . . من الذي أطار إوزتك َ ؟ . .
الله أم الفران ؟


ص الإوزة : والله يا سيدي القاضي ....


القاضي : لا تلف وتداور ! . . تكلم بالعقل . .
هل الفران له القدرة على أن يجعل إوزتك تطير بعد شيـّها في الفرن ؟


ص الإوزة : لا . .


القاضي : ومن الذي يملك القدرة على ذلك ؟ . .


ص الإوزة : الله .


القاضي إذا ما دام الله هو الذي أطار إوزتك , فكيف تسأل الفران وتطالبه ؟!


ص الإوزة : ( في ارتباك ) لا أدري ..


القاضي : أسمع يا رجل ! . . المحكمة ستخفف عنك الحكم , مراعاةً لظروفك النفسية . .


ص الإوزة : الحــــــُــكـْم ؟!؟! . .


القاضي : ألم تــَـسـُبَّ الفران قائلاً له : ( يا لـصّ ) ؟! .


ص الإوزة : انه يا سيدي . . . .


القاضي : حكمت عليك المحكمة بجنيه غرامة !


ص الإوزة : أنا ؟! . أم هو ؟! .


القاضي : أنتَ ! . هو براءة .


ص الإوزة : ( صائحاً ) يا ناس ! . . إوزتي . . ملكي . . يستولي عليها
هذا الرجل . . ويكون هو صاحب الحق ؟!


الفران : سامع يا حضرة القاضي ؟! . . يقول : إني استوليت على ملكه ؟ . .


القاضي : ( لـِصاحب الإوزة ) عارٌ عليك أن تعتدي على الناس الأبرياء ! . .


الفران : أتسمح لي يا حضرة القاضي أن أناقشه وأثبت حقي ؟


القاضي : تفضل ! . .


الفران : ( لـِصاحب الإوزة ) قل لنا يا هذا : منذُ متى كانت لك هذه الإوزة ؟! . .


ص الإوزة : كانت لي طوال عمرها .


الفران : وقبل أن تكون لك ؟ أين كانت ؟ . .


ص الإوزة : كانت في البيضة


الفران : ولمن كانت البيضة ؟


ص الإوزة : كانت لي أيضاً . .


الفران : ومن أين جاءتكَ البيضة ؟


ص الإوز : من الإوزة التي باضتها . .


الفران : وهذه الإوزة الأم من أين جاءتك ؟


ص الإوزة : كانت عندي . مع صغارها . وربيتها بنفسي .


الفران : وقبل أن تربيها بنفسك ؟!


ص الإوزة : كانت بيضة طبعا .


الفران : وأم هذه البيضة ؟


ص الإوزة : إوزة أخرى بالطبع .


الفران : وأين هذه الإوزة الأخرى ؟


ص الإوزة : أي إوزة أخرى ؟


الفران : الإوزة الجدة ؟ أينَ هيَ ؟


ص الإوزة : الجدة ؟!


الفران : نعم . . التي باضت البيضة التي خرجت منها
الإوزة التي باضت البيضة التي فُقست وخرجت منها الإوزة . . . . موضوع النزاع ؟ . .


ص الإوزة - ( يلتفت إلى القاضي ) : يا سيدي القاضي . . ما دخل هذا كله في
موضوع إوزتي اليوم .


القاضي : هذا مهم جدا . . لإثبات حق هذا الفران ! . .


ص الإوزة : شيء عجيب ! . . حقه في ماذا ؟!.


القاضي : لا تراوغ يا رجل .


ص الإوزة : ما الموضوع بالضبط ! . .


القاضي : وبعدها معك يا رَجل ؟ . . أنتَ الآن أمام محكمة تريد الوصول إلى حَلٍّ عادل . .
أترك الفران يتكلم في كل حريةٍ ليثبِتَ حقوقه . .


الفران : أرأيتَ يا سيدي القاضي الظلم والاضطهاد . .


القاضي : دَعك منهُ . . تكلم . . نحنُ كُلُّنا نستَمِعُ إليكْ ! .


الفران : وتلك الجدة التي باضت البيضة التي خرجت منها الإوزة التي باضت هذه
البيضة التي أخرجت هذه الإوزة كانت يوما لي أنا وملكي .


القاضي : سَمِعتَ يا رَجُلْ ؟


ص الإوزة : ما هذا الكلام ؟


القاضي : كلامٌ واضِحٌ كالشمس . .


ص الإوزة : الإوزة الجدة ؟؟ شيءٌ مُضحك , والإوزةُ ما مركَزُها هي الأخرى .


القاضي : الوالدة لا تَهمُّنا .. المهمُ الجدة !


ص الإوزة : وما دليلهُ على إن جدة إوزتي كانت مُلكَه ؟!


القاضي : وما دليلُكَ أنت على إنها لم تكن ملكه ؟!.


ص الإوزة : وما قيمةُ ذلك إذا كانت كل أجيال البيض وما خرجَ منها كانت دائما ملكي وتحت يدي .


القاضي : أتستطيع أن تـُقسم بالإيمان المُغلـّظة إن جميع أجيال البيض كانت مللك وتحت يدك ؟!
لاحظ يا رجل إنك إذا أقسمت كَذِبا طبقنا عليكَ جريمة شهادة الزور ! . .


ص الإوزة : ما المقصود من جميع الأجيال ؟


القاضي : جميعُ الأجيال يعني جميعَ الأجيال . . الكلام واضِحٌ كالشمس ! . .


ص الإوزة : هل تدخل في ذلك , مثلا : أول إوزة وجدت في الخليقة ; وبعبارة أخرى حواءُ الإوزة !؟


القاضي : أتمزح مع المحكمة ؟!


الفران : أنظر يا سيدي القاضي . . يحلو له المـِزاحَ إمام مجلس العدل الموقـّر !


القاضي : اسمع يا رجل سَأعدُّ كلامكَ هذا تهرُباً وعجزاً أمام أدلة الفران الناصِعة !؟


ص الإوزة : أسمحوا لي أن اسأل في كل إجلال : ماذا تُريدون مني ؟ . .


الفران : رد شرفي ! . .


القاضي : ها هو ذا قد أخبرك


ص الإوزة : وكيفَ يمكنُ ذلك ؟!


الفران : الإعتراف بِشرعية وضعي .


ص الإوزة : وضعهُ !؟ أيُّ وضعٍ هذا !؟ . .


القاضي : ألم تَقُل أنه استولى على إوزتِكَ بِغيرِ وجه حق ؟! . .


ص الإوزة : نعم . وما زِلتُ أقول . وقد حَكَمْتَ عليَّ بِجنيهِ غرامة ! . .
فماذا تُريدُ أكثرَ من ذلك ؟!


الفران : أنه مصرٌّ يا سيدي القاضي !. مُصرٌّ على موقِفهِ !.


القاضي : فَليُصِر كما يشاء . . يكفي ان المـَحكـَمـَةَ قَدْ براءتكَ أنتَ
وصادقت على أقوالِك ولم تلتفت إلى أقوالِهِ ,
وحَكَمَتْ عليهِ بالغرامةِ لِعدوانِهِ عليكَ بالافتراءءءء .
والان تفضل انصرف ايها الفران الفاضل معززاً مكرما مُشيِّعاً بعطف المحكمة .


الفران : شكران يا سيدي القاضي ! . . وليحيى العدل . . !


ص الإوزة : ا ل ع د ل ! ! ! لا حولَ ولا قوة إلا بالله .


( الفران يخطو , ولكن جماعة مِنَ
الناس في أخر الجلسة تصيح )



الناس : لا تَدَعهُ ينصَرِف يا سيدي القاضي ! ! . .


القاضي : من هؤلاء !؟


الناس : نحنُ جماعةٌ اعتدى علينا هذا الفران !


القاضي : كيفَ يمكنُ ذلك ؟ .


( أحد الجماعة معصوب العين ,
يتقدم ويَقِفُ بينَ يدَي القاضي )


المعصوب : أنا أقصُّ عليكَ ما حدثَ يا سيدي القاضي .


القاضي : قُلْ ولا تُطِلْ ؟


المعصوب : كُنتُ أسيرُ في طريقي أمامَ فِرنِ هذا الفران . .


القاضي : ولِماذا اخترتَ هذا الطريقَ يا رَجـُلْ ؟


المعصوب : انه طريقي المـُعتادُ إلى منزلي . . .


القاضي : استمر .


المعصوب : فلما وَصَلتُ إلى الفُرن , وجدت مُشاجرة بينَ هذا الفران
وهذا الرجلُ صاحِبَ الإوّزة ؟


القاضي : لا شأن لكَ بالإوّزة ؟


المعصوب : لا شأنَ لي طَبعاً . ولكن الذي رأيتهُ هوة العِراكُ بين رَجُلينِ
وتلاكم بالأيدي فـَتـَدَخلتُ أُخَلـِّصُ إحداهما مِنَ الآخر ,
وإذا الفران يقول لي : " أبتـَعِدْ يا وَغدْ " ثمَ لَطَمَني على عيني هذه
لَطْمَةً عنيفةً أفقدتها البَصَر . . .


القاضي : ولماذا تـَتـَطـَفلُ وتَتدخلُ بينهما ؟.


المعصوب : أردتُ منعَ الشـّر .


القاضي : ألم تـَسمع بالمثل الذي يقول : ( ما ينوب المُخلِصَ إلا تمزيق ثيابِه ) ؟


المعصوب : إن الفرانَ مَزقَ عيني وَفَعَلَها عمداً , ولم تكن هناك حاجة إلى ذلك .


القاضي : وهذه العين فقدت البصر كُلياً ؟.


المعصوب : كُلياً .


القاضي : يعني غير موجودة الان .


المعصوب : غير موجودة البتة .


القاضي : وما الموجود إذا ً .


المعصوب : عينيَ الأخرى


القاضي : تـَقصد عيناً واحدة .


المعصوب : نَعم . . واحدة


القاضي : إذا نَعُدُّ العين المفقودة غير موجودة .


المعصوب : بالتأكيد .


القاضي : فهي في حُكمِ العَدَمْ . وكأنها لم تَكُنْ .


المعصوب : طبعاً .


القاضي : نَتَصَرَّفُ – إذاً – على أساس إنكَ تَملِكُ عيناً واحدةً هي هذه المبصرة
الموجودةُ أمامنا في الجَلسة .


المعصوب : بدون شَكْ .


القاضي : العَدلُ إذاً يجبُ إن يأخُذَ مجراهُ . .


المعصوب : باركَ الله فيكَ يا سيدي القاضي .


القاضي : والعدلُ يقول : العينُ بالعين .أسامِعٌ أنتَ يا رجُلْ يا مظلوم ؟.
العينُ بالعين . وتنفيذا بذلك :
عليكَ أن تفقأ للفران عيناً ,وعلى الفرانِ أن يفقأ لكَ عيناً . .


المعصوب : أيُّ عين ؟!!!


القاضي : العينُ الموجودة امامنا في الجلسةِ الان .


المعصوب : هذه العينُ المُبصِرة ؟


القاضي : وهل لكَ عينٌ أخرى يمكن أن تُفقأ ؟


المعصوب : والعيون المفقودة ؟!.


القاضي : لا تُغالِطْ يا رَجل ! . . هذه خارِجَ الحِساب .


المعصوب : خارِجَ الحِساب !!!


القاضي : طبعاً , ألم تَعتَرِف – يا رجل – الآن أمام المحكمة
إن المفقودة غير موجودة وإنها في حُكم العدم ؟.. فكيفَ نَبني الأحكام على ما هو معدوم ؟!


المعصوب : لكن يا سيدي القاضي .


القاضي : أتعترضُ يا رجل على أحكام القانون ؟!.


المعصوب : لا أعترضُ ولكن . . . .


القاضي : ولكن ماذا ؟ . . إن المبادئ المقررة إن العينَ بالعين والسـّنَ بالسن . .
هذه المبادئ العَدلْ , وقد أعطيناكَ حقكَ طِبقاً لِمبادئ العدل .


المعصوب : نعم يا سيدي القاضي , ولكن ذلكَ سيجعلُني أعمى .


القاضي : ولكنكَ سَتأخُذُ حقك ! .


المعصوب : حقي أن أصيرَ أعمى ؟!


القاضي : في نظيرِ ذلك , سَتأخُذً عينَ غريمك .


المعصوب : ولكنهُ سَيُبصِرُ بالعين الأخرى .


القاضي : لأنَّ لهُ عينين .


المعصوب : وأنا كُنتُ أملِكُ عينين !


القاضي : سَتعودُ إلى المُغالَطة ! !


المعصوب : وإذا رَفضتُ .


القاضي : رَفضتَ ماذااا ؟ ! ! !


المعصوب : أن يفقأ كـُلُّ مِنا عين الأخر .


القاضي : تَرفضُ الحُكم ؟ !


المعصوب : وأنصرِفُ إلى حالِ سبيلي , ولا أُطالِبُ بشيء , وحسبيَ الله .


القاضي : إذا أنتَ رافِضٌ حُكمِ المحكمة .


المعصوب : المحكمةُ الموقرة أرادت أن تُنْصِفَني وتُعطيني حقي
وأنا مُتنازِلٌ , عن طيب خاطر , عن هذا الحَقْ ! .


القاضي : هذا يُعَدُّ استخفافاً بإحكام المحاكم .
وعليهِ حـَكـَمـَتْ عليكَ المحكمة بِجُنيهِ غرامة ! .


المعصوب : وأُخرِجُ بِغرامة ؟ . . يا ناس ! ! . . يا هو و و ! . .


( يخرجُ الرجُل المعصوب من قاعة الجلسة
وهو يَضرِبُ كَفاً بِكَف . . . )


القاضي : ( ينادي ) . . غيره .


( يتقدمُ شَيخٌ مُعَمم حتى يَقِفُ مُطرِقاً
أمام القاضي وهو يُجَفِفُ دمعه . . . )


الشيخ : يا مولانا القاضي . . .


القاضي : أنتَ كُنتَ تَسيرُ أمامَ الفُرنِ أيضاً ؟!


الشيخ : لا . . أنا لا شأنَ لي بالفُرنْ , ولا أعرفُ أينَ الفُرن .


القاضي : الحمدُ لله !


الشيخ : أنا كُنتُ في المسجِد . . . أُصلي . . .


القاضي : وأنعِمْ بالصلاة !


الشيخ : وكانَ شقيقي الوحيدَ يُصلي هو الأخر في المسجِد .
القاضي : جَميل !


الشيخ : فما نَدري إلا وَهرَجْ وَمَرجْ قَدْ اقترب مِنَ المَسجِد .
وإذا جماعة مِنَ الناس تُلاحِقُ هذا الفران . . احدهم يقول : الإوزة . . .


القاضي : وبعدها لكم مع الإوزة .! / هي جملة عامية في المصر / .


الشيخ : ( مستمراً ) وأخرُ يصيح قائلا : عيني . . عيني ! . .
وثالثٌ يقول : زوجتي . . . زوجتي . . .
وامرأةٌ تولوِل وتصرخ : بطني . . . بطني ! . .
وفلاحٌ يَزعقُ : حِماري . . حِماري . . ! ; وكٌلهم ومعهم أهلُ الناحية
يجرونَ خلفَ الفرّان , وهو بدفعهم عنهُ بيديهِ وقدميهِ إلى أن دخلَ المسجِد .


القاضي : لـِيُصَلي ؟


الشيخ : لـِيعتَصِمَ به من مُطارِديه . . فلما رآهم دخلوا خلفه . . أرادَ أن يهرُبَ مِنهُم ,
فَصَعدَ إلى أعلى المئـِذنة . فَصَعِدوا خلفَه , فَقَفَزَ , وألقى بِنفسِهِ منها .


القاضي : ومات ؟


الشيخ : ( يَمسَحُ دَمعَهُ ) شقيقي هو الذي مات .


القاضي : وما دخلُ شقيقُك ؟!


الشيخ : كانَ يُصلي في صحنِ المسجِد المكشوف تحت المِئذنة . . وكانَ ساجِداً . .
وإذا الفرّان بِكُلِّ ثَقله
يقعُ
من
أعلى
المِئذنة
على
عُنقِ
شقيقي فيَدُقّهُ دَقّاً .


القاضي : وَشقيقُكَ هذا . . لِِماذا أختارَ هذا الموضِعِ بالذات لِيُصلي فيه ؟!.


الشيخ : قِسْمَته ! .


القاضي : إذاً هو ذنبُه وسوء تَصَرفه واختياره . . ومَنْ يَضع نفسه موضعَ التهلُكة
فلا يلومنْ إلا نفسه !


الشيخ : وهل هذا موضوعُ التهلُكة يا سيدي القاضي ؟! . . هذا موضعٌ مِنَ المسجِد ,
يُصلي فيه أخي كما يُصلي الناس جميعاً من سنين طويلة !


القاضي : أوَلم يُهلك أخوكَ فيه ؟ . . كُلُّ موضع يَحدِثُ فيه هلاك هو موضع تهلُكة !.


الشيخ : وهل كانَ يخطرُ على بالِ أحد أن يصعدَ المئذنةَ رَجلٌ يُلقي بِنفسهِ منها
على رِقاب المُصَلينْ ؟ ! .


القاضي : حَدَثَ . . فماذا تُريد ؟


الشيخ : أريد العَدلَ والإنصاف .


القاضي : ونحنُ هنا لِلعدلِ والإنصاف , والعدلُ يقووول : رَقَبَةٌ بِرَقَبة . . .


الشيخ : بُرِكتَ يا سيدي القاضي !


القاضي : وما دامَ هذا الفرّان قد ألقى بِنفسِهِ مِنَ المِئذنةَ على رَقبةِ أخيك ,
وهو يسجِدُ فَدَقها , فعليه هو الأخر أن يَسجد في موضِِِعِ أخيك ,
وَتصعدَ أنت إلى أعلى المِئذنة , وتُلقي بنفسكَ منها على رَقبَتِهِ فَتَدُقها .


الشيخ : لااا يا سيدي القاضي ! . . الله الغني .


القاضي : هذا حَقُك .


الشيخ : أنا مُتنازِلٌ عن هذا الحَقْ ! .


القاضي : ما الذي جرى لكم جميعا ً جئتٌم لِطلب العدل ,
وعِندما نَحكُم لكم بالعدلِ ترفضووون ! . . هذا تلاعُبٌ بالقضااءء . .
حـــَكــَمــَتْ عليكَ المحكمة بـِجُنيهِ غرامة .


الشيخ : غرامة ! .


( الشيخُ ينصَرِف بِذهول )


القاضي : غيرُه ! . .


( لا احدَ يَتَقدم , أو يتحرك , أو يُجيب . . . )


القاضي : ما لَكم خَرَستُم ؟! . . ألا يوجد أحد آخر ؟! .


الفران : ( يُشيرُ إلى فلاحٍ بـِحمارِهِ آخر الجلسة ) يوجدُ يا سيدي القاضي
هذا الفلاح بـِحمارِهِ . . هُناك . في آخر الجلسة . . قُرب الباب !


القاضي : ما شأنهُ ؟!.


الفرّان : يقولُ : أنه كان وَسطِ الناس راكِباً حِمارهُ فلما أشتدَ جذب الناس لي ,
وأردتُ الخلاصَ مِنهُم ; أمسكتٌ بـِذيلَ حِمارِهِ وَتَشَبثُ بِهِ إلى أن أنخَلَعَ في يدي
وَصارَ أزعرَ !.


القاضي : ( ينادي الفلاح ) تعالَ يا رجُل هُنا .


الفلاح : ( يتَقَدم ) نعم يا سيدي .


القاضي : ما الذي حَدَث ؟!.


الفلاح : لم يَحدُث شيء .


القاضي : عجيبة ! . . ألم يَمسِكْ هذا الفرّان بـِذيلِ حِمارِكْ !؟


الفلاح : لم يَمسِكْ قـَطُّ ! .


القاضي : أليسَ حِماركَ أزعرَ ؟


الفلاح : خَلَقَهُ رَبـُّه .


القاضي : مِنْ يومَ وِلادتِهِ !؟.


الفلاح : طول عمره بِلا ذيييل .


القاضي : وَكيفَ يـَنـُشُّ الذُبابَ عنهُ ؟.


الفلاح : أنا أَنـُشُّ له .


القاضي : ولِماذا لا تركب له بَدلِ الذيلِ مِنَشَّة ؟!


الفلاح : فِكرة ! .


القاضي : أنتَ رَجُلٌ كذاااب ! ! .


الفلاح : أنا يا جناب القاضي ؟!.


القاضي : أيوجدُ يا رَجل حِمار يولَدُ أزعر ؟


الفلاح : ربُّنا قادِرٌ على كُلِّ شيءءء .


القاضي : أسَمِعتَ أنه يَخلِقُ الحِمارَ بِلا ذييييل ؟!!.


الفلاح : كما سَمِعتَ أنه يجعلُ الإوّزة َ المشوية َ تطيرُ مِنَ الفُرن !


القاضي : معقول ! أقنعتَني ! . لعنةُ الله عليكْ . . إذاً ليست لكَ شكوى
على هذا الفرّان ؟


الفلاح : لا , أبداً , لا سمحَ الله ! .


القاضي : وماذا جِئتَ تفعلُ هُنا إذاً ؟


الفلاح : أتَفرج !


القاضي : تَتَفرجُ ؟! تتفرجُ على ماذا ؟


الفلاح : على الجلسة !


القاضي : قالوا لكَ إنَّ العدالة فُرجة ؟! وَفُرجة بِالمجانْ ؟! ;
حـَـكــَـمـَـتْ عليكَ المحكمة بِجُنيه غرامة !.


الفلاح : بـِشكوى من غيرِ شكوى , العدلُ مُلاحق الجميع ؟! سلامٌ عليكم .


( ينصرِفُ هو وحِماره . .
وينصرِفُ معه كُل الحاضرين
ولا يبقى في الجلسة
غير القاضي والفرّان . . . )


القاضي : أظن الجلسة انتهت ؟!


الفرّان : على خير والحمدُ لله ؟!


القاضي : ما رأيُكْ . . خَلصتُكَ كالشعرة من العجين ؟!.


الفرَان : والغرامات ؟!.


القاضي : مفهوم ؟ . . لكَ فيها نصيب .




#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلاوة الإيمان
- الفقراء لا يستهلكون الطاقة
- الدفء والحنان
- مشكلة بسيطة
- بطلان النظام التكنوقراطي
- قصة يابانية
- في داخلي إنسان
- أوراق فاسدة
- أنا إنسان فضولي
- كنتُ أظنْ
- حقيقية وغير حقيقية
- نظام الخوف يحكمنا
- رد وفاء سلطان على رسالتي لها
- شخصية كاسيوس
- الحجم الطبيعي
- من هي البطلة؟
- الحشيشه الأصليه
- امرأة من سفر الأمثال
- مشكلتي مع الكتابة
- رواية العقل الباطن1


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - اخترنا لكم :-مجلس العدل لتوفيق الحكيم-