|
أولها كذبة ، و أوسطها مهزلة ، و نهايتها فضيحة
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3528 - 2011 / 10 / 27 - 17:26
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
لم يكن نظام طنطاوي عند مستوى التحدي الذي فرضه عليه حزب كل مصر بشأن ذلك المواطن الإسرائيلي - الأمريكي الذي إتهمه النظام الحاكم بتهمة السعي للوقيعة بين الشعب و الجيش . صفقة التبادل التي ستجرى اليوم ، الخميس السابع و العشرين من أكتوبر 2011 - إن لم تكن قد تمت بالفعل - هي الدليل على إخفاق المجلس العسكري في أن يكون على قدر التحدي الذي فرضناه عليه في مقال : في قضية التدخل الإسرائيلي ننتظر حكم القضاء المدني النزيه ، و كُتب و نشر في الخامس عشر من يونيو 2011 . في ذلك المقال ، و في مقال أخر كتب و نشر في الثالث من سبتمبر 2011 ، طالبت السلطة بتقديم المتهم المشار إليه أعلاه للقضاء المدني النزيه ، و طالبت بأن تكون محاكمته علنية كإستكمال لشروط العدالة ، و أضفت إلى كل ذلك أن يكون القانون الذي يجب أن يُحاكم به قانون مدني عادل ، و كل ذلك لإنني - أولاً و قبل أي شيء - مع تطبيق العدالة على الجميع ، بلا إستثناء ، و بدون أي تمييز ، و أيضاً لأنني رأيت في تطبيق العدالة فرصة لكشف كذب السلطة . لكن نظام طنطاوي لم يستطع أن يُقدم على تلك الخطوة ، أو أن ينزل لحلبة التحدي ، فأثبت لنا واحد من إثنين : إما إنه كان يكذب على الشعب المصري ، من أجل تحقيق هدفين في وقت واحد ، و هما : أولاً ، تشويه الثورة و إظهارها بإنها مؤامرة إسرائيلية ، في ظل عشق الأنظمة الإستبدادية لنظرية المؤامرة ، للهروب من فشلها ، و ثانياً ، إسكات الأصوات المنتقدة له ، باللعب بالورقة الإسرائيلية المعتادة منذ أيام مبارك ، أوفى أصدقاء إسرائيل في مصر . و إما إن التهمة كانت صحيحة و لكنه - أي النظام - خضع للضغوط الإسرائيلية ، فأثبت لنا ، و لمرة أخرى - إنه تابع ذليل لإسرائيل ، و إنه مستمر على سياسة سيده مبارك في تقبيل الأحذية . لكن إحتمال أن تكون التهمة صحيحة من الواضح إنه إحتمال غير حقيقي ، ليس فقط لأن المنطق يقول إنه لا يعقل أن تتآمر حكومة نتنياهو - ليبرمان على أصدقائها المخلصين في مصر ، بل و أيضاً لأن في سلوكيات السلطة تجاه الحكومة الإسرائيلية تتجلى العلاقات الطيبة التي تربط نظام طنطاوي بحكومة نتنياهو - ليبرمان ، فمن ردة الفعل الرسمية الباهتة على مقتل جنود مصريين بنيران إسرائيلية في أغسطس من هذا العام 2011 ، و إكتفاء النظام الحاكم - بعد إلحاح شعبي سلمي على ضرورة إتخاذ إجراء حاسم تجاه الحكومة الإسرائيلية - بإعتذار إسرائيلي رسمي ليغلق ملف القضية ، و عدم إنتهاز فرصة الحادثة من أجل تعديل الإتفاقيات المصرية - الإسرائيلية ، لإسترجاع السيادة المصرية الكاملة على شبه جزيرة سيناء ، و أخيراً - حتى الآن - في سجل خضوع نظام طنطاوي لحكومة نتنياهو - ليبرمان صفقة مقايضة ذلك المتهم الإسرائيلي - الأمريكي بحفنة من المجرمين . إنه لأمر مخزي لأي مواطن مصري ، أن يقرأ أن متهم بتهمة خطيرة - تهمة محاولة إشعال حرب أهلية مصرية - سيتم إستبداله اليوم - إن لم يكن الإستبدال قد تم بالفعل أثناء كتابة هذا المقال ، أو أثناء النشر - بحفنة من المجرمين . على العموم قد توقعت أن يحدث شيء كهذا ، و ذلك في مقال : في قضية التدخل الإسرائيلي ننتظر حكم القضاء المدني النزيه ، كأن يتم إطلاق سراح المتهم في تمثيلية هزلية كالتي جرت من أجل إطلاق سراح عزام عزام ، و يمكن العودة للمقال المذكور لمن يرغب من القراء الكرام منعاً للإطالة هنا . لكني لم أكتب في هذا الموضوع من بعد مقال : هل يعقل أن نتنياهو و ليبرمان يتآمران على طنطاوي و سليمان و مجلسهما ، و كتب و نشر في الثالث من سبتمبر 2011 ، لأنه كان من الواضح إصرار السلطة على الإفراج على ذلك المتهم بدون الإقدام على تقديمه إلى محاكمة مدنية عادلة علنية ، و هذا واضح من محاولتها في الفترة الماضية الإفراج عنه لأسباب صحية ، بالإدعاء إنه مريض بمرض وراثي ، و أن السيدة والدته تحمل نفس المرض ، بدون أن تذكر لنا السلطة إسم ذلك المرض سواء بالعربية أو بالإنجليزية أو إسمه العلمي ، مستخفتة بعقولنا خاصة إنها سبق أن قالت أن المتهم شارك في حرب لبنان في 2006 ، ثم هل يُعقل أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أرسلت شخص مريض بمرض وراثي خطير ، ليقوم بمهمة إشعال حرب أهلية مصرية ؟؟؟ لم أكتب بعد الثالث من سبتمبر 2011 في هذا الموضوع كذلك لأنه كان من الواضح أن التمثيلية إنكشفت للشعب ، و أن السلطة إنسحبت من ، و بالتالي هُزمت في ، المبارزة العدالية التي فرضناها عليها في يونيو الماضي ، و أن الكتابة لن تمنع الإفراج عن المتهم قبل مثوله أمام محاكمة مدنية عادلة علنية ، فالسلطة كانت مصممة على أن تخرج من الورطة التي وضعت نفسها فيها بأي شكل وفي أسرع وقت ، و بدون الإهتمام برأي الشعب ، و بدون الإلتفات لغضب جهاز الشرطة الذي يعمل لمصلحتها و الذي أستشهد منه ستة أفراد في سيناء في أغسطس الماضي بنيران إسرائيلية رسمية . القصة من أولها كذبة ، و أوسطها عبارة عن مهزلة ، و نهايتها فضيحة لمصر . فضيحة لمصر الدولة التي إستبدلت متهم بتهمة خطيرة بحفنة من عتاة الإجرام ، و بعض القصر . لست ضد الإفراج عن القصر بالطبع ، و لكن وجود مصريين قصر في السجون الإسرائيلية أمر مشين لمصر ، و يفجر فضيحة أخرى ، و يطرح بالتالي أسئلة عاجلة : ما هي ملابسات دخولهم السجون الإسرائيلية ، و ما هي المدة التي قضوها في السجون الإسرائيلية ؟ لماذا لم تتحرك وزارة الخارجية المصرية كل هذه المدة ؟؟؟ لماذا لم تتحرك المخابرات السليمانية كل هذه المدة أيضاً ؟؟؟ هل يوجد مصريين قصر أخرين في السجون الإسرائيلية أو في قبضة أي سلطة أجنبية ؟؟؟ أسئلة نطرحها ، و لكن لن نحصل بالتأكيد على إجابة عليها ، لأنها تفجر فضيحة أخرى ، و تدين نظام مبارك ، و نظام طنطاوي ، و عمر سليمان ، و المخابرات السليمانية ، و وزارة الخارجية المصرية في العهدين الأغبرين المذكورين . سؤال أخير : هل عتاة الإجرام الذين سيتم - أو تم بالفعل - إستبدالهم ، سيكملون أحكامهم في السجون المصرية ، أم سيتعامل معهم نظام طنطاوي كأبطال ، فيمنح من يريد التقاعد منهم معاشات تقاعدية و يلحق من فيه قوة منهم بقطاع البلطجة في وزارة الداخلية ؟؟؟
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خطأ الأقباط هو إنهم صدقوا أن الثورة إكتملت
-
خطأ النشطاء الأقباط هو تصديقهم أن الثورة إكتملت
-
في التاسع من أكتوبر إنتهت مرحلة الخامس و العشرين من يناير
-
ليحمي الله مصر من حكامها الحاليين
-
إخلاصنا لشهدائنا يكون بتحقيق آمالهم لمصرنا
-
السجن أحب إلي من الموافقة على صفقة العار هذه
-
من إيه إلى زد مصريين
-
طنطاوي بدأ حملته الإنتخابية الرئاسية
-
ندين من الآن إعتداء السلطة على سفارتي إثيوبيا و الصين
-
الاتحاد من أجل المتوسط يجب أن يواكب في أهدافه و وظائفه ربيع
...
-
لا عودة للوراء ، مع ضعف مصري ، إذاً الكارثة آتية لا محالة
-
الدولة الأردوغانية لا يحلم بها العرب
-
الحكم أولاً ، و النهج السلمي دائماً
-
قائد القوات الجوية أثناء الفصل الأول للثورة مطلوب للمثول أما
...
-
ما علاقة مذبحة الفصل الأول للثورة بالأمن القومي المصري ؟؟؟
-
جهاز الشرطة هو الأخطر ، لكن الإستيلاء على الحكم أولاً
-
إما أن ننقذ الثورة الآن و إما أن ننعيها
-
هل يعقل أن نتنياهو و ليبرمان يتآمران على طنطاوي و سليمان و م
...
-
لو كانت مصر دعمت الثورة الليبية بدلاً من الناتو
-
المخابرات السليمانية أنقذت مبارك و دمرت مصر
المزيد.....
-
جنرال أمريكي متقاعد يوضح لـCNN سبب استخدام روسيا لصاروخ -MIR
...
-
تحليل: خطاب بوتين ومعنى إطلاق روسيا صاروخ MIRV لأول مرة
-
جزيرة ميكونوس..ما سر جاذبية هذه الوجهة السياحية باليونان؟
-
أكثر الدول العربية ابتعاثا لطلابها لتلقي التعليم بأمريكا.. إ
...
-
-نيويورك بوست-: ألمانيا تستعد للحرب مع روسيا
-
-غينيس- تجمع أطول وأقصر امرأتين في العالم
-
لبنان- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على معاقل لحزب الله في ل
...
-
ضابط أمريكي: -أوريشنيك- جزء من التهديد النووي وبوتين يريد به
...
-
غيتس يشيد بجهود الإمارات في تحسين حياة الفئات الأكثر ضعفا حو
...
-
مصر.. حادث دهس مروع بسبب شيف شهير
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|