أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبحي حديدي - ترجمة محمود درويش إلى... العربية














المزيد.....

ترجمة محمود درويش إلى... العربية


صبحي حديدي

الحوار المتمدن-العدد: 1047 - 2004 / 12 / 14 - 08:19
المحور: الادب والفن
    


الملحق الثقافي الأسبوعي لصحيفة "الثورة"، السورية الحكومية، أتى بما لم يستطعه الأوائل، وبما لم يتجاسر عليه إبن امرأة: لقد ترجم شعر محمود درويش من العربية إلى... العربية! نعم، أكرّر: إلى العربية! قصيدة درويش "طباق"، وهي مرثية الراحل الكبير إدوارد سعيد، ترجمها يراع العبقري المدعو أنيس المهنا عن الإنكليزية، ونشرها ملحق "الثورة" الثقافي في عدد 7/12 الجاري، بتصدير يقول: "هنا ترجمة لقصيدة لمحمود درويش يودّع فيها ادوار سعيد بعد مرور عام على غيابه... نشرت له في Al-Ahram Weekly باللغة الإنكليزية الشهر الماضي"!
والحال أنّ القصيدة كُتبت بالعربية الفصحى، وبهذه اللغة قرأها درويش للمرّة الأولى حين افتتح مهرجان جرش في العاصمة الأردنية عمّان أواخر تموز (يوليو) الماضي. وبهذه اللغة الفصحى ذاتها، نُشرت القصيدة بعد ذلك في صحيفة "الدستور" الأردنية، و"المستقبل" اللبنانية التي تُوزّع في سورية، ثمّ في عشرات الصحف العربية والمواقع على شبكة الإنترنت. وبالعربية ألقى درويش القصيدة في مناسبات لاحقة، أبرزها ندوة حاشدة في إحياء ذكرى سعيد نظمتها جامعة السوربون، وأشارت إليها الأخبار في معظم الصحف العربية. ويبدو أنّ أياً من عباقرة "الثورة" لم يسمع بهذه القصيدة، حتى اكتشفها المهنا في مطبوعة مصرية تصدر بالإنكليزية، فترجمها، ونشرها الملحق مزهوّاً فخوراً دون ريب!
والنتيجة أكثر من كارثية بالطبع، ومبكية أكثر ممّا هي مضحكة. وإذا وضعنا جانباً "الخيانات" المعتادة في الترجمة عموماً والشعر خصوصاً (وهي هنا جرائم وفضائح وفظائع...)، فلعلّنا نبدأ من بعض "العجائب" في الأمثلة التالية التي تظلّ ـ صدّقوني ـ غيضاً قليلاً من فيض مذهل:
ـ يقول درويش: "ولكن سمعت هنوداً قدامي ينادوننا: لا تثقْ/ بالحصان، ولا بالحداثة"، ويقول المترجم: "مازلت أسمع حكمة قديمة للهنود:/ الثقة، لا حصان ولا حداثة"!
ـ درويش: "لا الشرق شرقٌ تماماً/ ولا الغرب غربٌ تماماً"، والمترجم: "هناك في الشرق، ليس شرقياً تماماً/ وفي الغرب، ليس غربياً تماماً"!
ـ درويش: "أدافع عن شجر ترتديه الطيور"، والمترجم: "أدافع عن البلاد والمنفى/ في طيور شجرة مكتظة الأوراق"!
ـ درويش: "وأكتب: ليس الجمالي إلا بلوغ الملائم"، والمترجم: "فالجمال يكمن في الوصول برباطة جأش"!
ـ وخذوا هذه الفريدة، التي حوّلت الخصية إلى رصاصة! يقول درويش: "وأمّا أنا فحنيني صراع على/ حاضر يمسك الغد من خصيتيه"، فيترجمها صاحبنا هكذا: "حنيني كفاح من أجل حاضر/ سنملكه غداً بالرصاص"!!!
ـ وأخيراً، وليس آخراً أبداً، يتبرّع المترجم العبقري فيزيد على النصّ من عندياته، ويستزيد! يختم درويش: "وداعاً/ وداعاً لشعر الألم!"، ويترجم صاحبنا: "منشغلاً.. باحتفال وداعي..../ الوداع... ادوار/ إنها قصيدة الألم الوداعية..."!
الأمر لا يقف عند الاستزادة، لأنّ أنيس المهنا يشطب من قصيدة درويش أكثر من 65 سطراً! والأرجح أنّ أحداً لا يستطيع الجزم حول أسبابه في ذلك، لأنّ السطور المحذوفة لا تنطوي على صعوبات خاصّة عند الترجمة، كما حـدث حين عجز عن إدراك معني Contrapuntal Reading، (العنوان، غير الموفّق في يقيني، الذي اختارته منى أنيس في الترجمة الإنكليزية)، فانتقى لنفسه العنوان التالي: "قصيدة الألم الوداعية في وداع ادوارد سعيد"، هكذا ببساطة! من جانب آخر، معظم السطور المحذوفة ذرى عالية في القصيدة، وبين أجمل مقاطعها و... أيسرها على الترجمة أيضاً!
الأصل في هذه الجريمة هو استهتار لا حدود له بحرمة نصّ أدبي لشاعر أساسيّ، واحتقار لفكرة الحقّ والمسؤولية والمحاسبة، بعد الجهل الأكيد الفظيع الذي يضرب أطنابه في معظم أقسام الثقافة في الصحف الحكومية السورية. ولقد قيل لي إنّ المشرف على الملحق الثقافي، حسين عبد الكريم، شاعر وروائي وقاصّ. ولا أدري حقاً كيف فاتت هذا الآدمي حقيقة أنّ القصيدة كُتبت ونُشرت وأُلقيت بالعربية، وأنّ درويش الأشهر من نار على عَلَم لا يكتب بالإنكليزية. ولا أدري كيف تستمرّ هذه الفضيحة منذ أسبوع تقريباً، دون أن تنشر الصحيفة اعتذاراً من خمس كلمات؛ ودون أن يرفّ جفنٌ للمدير العام الجديد فايز الصايغ، الذي وصل إلى المؤسسة راكباً بعيرَين في آن معاً: "تطوير الخطاب السياسي والإعلامي" و"تحسين الرأي العام السوري".
وذات يوم كان ملحق الثورة الثقافي ينشر كتابات أدونيس وعلي الجندي وسعد الله ونوس وممدوح عدوان وعلي كنعان وزكريا تامر وعبد الله عبد وهاني الراهب، وكان مطبوعة راقية متميّزة بكلّ المقاييس. فما الذي تفعلونه بالثقافة في سورية، يا أبناء الـ ...!



#صبحي_حديدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في مناسبة زيارة محمود عباس إلى دمشق:ظلال الماضي تلقي بأثقاله ...
- فلسطين الشوكة
- دمشق وبالون -وديعة رابين-: ألعاب في أردأ السياقات
- قبل المحرقة
- لا ينقلب فيها حجر دون أن يطلق معضلة تاريخية: القدس بعد عرفات ...
- الشاعر السوري حازم العظمة: قصيدة ناضجة في معترك تجريب بلا ضف ...
- دائرة الطباشير الأمريكية
- حين تولد الفاشية العسكرية الأمريكية في الفلوجة: مَن يكترث بو ...
- قائد قال -لا- حين كانت الـ -نعم- هي المنجاة:عرفات: ترجّل -ال ...
- ما لا يُفهم
- الديمقراطية الأمريكية: مأزق قوّة كونية تتكلّم كالأساقفة
- ميشيما 9/11
- كولومبيا والإرهاب الآخر الذي تصنّعه الولايات المتحدة
- رامبو الأفضل
- المؤسسة الصهيونية: فحشاء القوّة في الطور البربري
- رحيل الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا (1930 ـ 2004): مَن بعده سيتو ...
- جدران محاكم التفتيش
- في أيّ سوق نصرف وعيد إياد علاوي ودموع برهم صالح؟
- دريدا والزرقاوي
- التعديل الوزاري في سورية: مَن سيرمي رامي مخلوف بباقة زهور؟


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبحي حديدي - ترجمة محمود درويش إلى... العربية