أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف حول مشكلة البطالة في العالم العربي وسبل حلها، بمناسبة 1 ايار- ماي 2013 عيد العمال العالمي - سامان كريم - النضال ضد البطالة















المزيد.....



النضال ضد البطالة


سامان كريم

الحوار المتمدن-العدد: 3524 - 2011 / 10 / 23 - 13:06
المحور: ملف حول مشكلة البطالة في العالم العربي وسبل حلها، بمناسبة 1 ايار- ماي 2013 عيد العمال العالمي
    


البطالة وباء وآفة مزمنة متلازمة لرأس المال ونظامه الاجتماعي . البطالة ظاهرة أنجبها رأس المال كنظام سياسي واجتماعي . لا يمكن القضاء على البطالة في ظل وجود النظام الرأسمالي مطلقا ، ليس بإمكان هذا النظام ان يعيش بدون البطالة و الفقر و البؤس وإملاق الملايين .
أما سعة ومعدل هذه الظاهرة فتتغير وفق احتياجات راس المال ووفوق مصلحته. تزيد معدلاتها في مراحل الأزمات الاقتصادية ، التي نشاهد آثارها في الإعلام على صعيد كل العالم يوميا . حيث وصلت نسبة البطالة الى مديات غير مسبوقة. اما في العراق فان نسبتها عالية جدا، لا تقارن نسبتها بكل بلدان المنطقة. عليه ومادام معدل البطالة يتغير وفق مصلحة راس المال ، ان النضال في سبيل تخفيف وطئتها و تخفيض معدلاتها ، في ظل النظام الرأسمالي عمل وممارسات نضالية ممكنة ، في إطار تحسين الامور المعيشية للطبقة العاملة بجزأيها العامل والعاطلين عن العمل، هذا النضال في ظل النظام الحالي يدخل في باب " الإصلاح" .
لهذه الظاهرة تحليلات و تفسيرات ورؤى مختلفة وفق الحركات السياسية الاجتماعية المختلفة. ان جميع الحركات البرجوازية التي تمثل رأس المال بيسارها ويمينها، ليس لديها اي حلول واقعية، وليس بإمكانهم إيجاد حل ما ، اما بخصوص تقليل نسبتها فهم ينتظرون مرحلة نمو راس المال، عبر تفعيل القطاع الخاص او راس مال الدولة و الأمر سيان.
في العراق ومع وجود نسبة كبيرة للبطالة، ومع وجود احتجاجات جماهيرية منذ شباط الماضي، الاحتجاجات التي رفعت في اول يوم لها مطلب" توفير العمل او ضمان البطالة" ولكن وعلى رغم كل ذلك فان هذه الاحتجاجات وهنا اقصد احتجاجات العاطلين عن العمل كجزء من الاحتجاجات الجماهيرية غير مسلحة بآفاق سياسية وتنظيمية ونمط عمل ثوري الذي يؤهلها للنهوض بحركتها وبالتالي تحولها الى قوة مقتدرة تفرض مطالبها على الحكومة الحالية.
ان هذا البحث من الناحية النظرية والفكرية، هو إجابة على ظاهرة البطالة. بالإمكان الإفادة منه في اي بلد كان. لكن تفاصليه السياسية والتنظيمية تنطلق من الوضع العراقي وحركة العاطلين عن العمل فيه. أتمنى ان تساعد هذه المساهمة قادة ونشطاء الطبقة العاملة بجزأيها العامل والعاطل. و في الوقت نفسه ان هذا البحث هو سلاح بيد قادة ونشطاء الطبقة العاملة و الشيوعيين العماليين، ليتسنى لهم تنظيم حركتهم الاجتماعية.
وأخيرا: كنت في نهاية اسطر هذا البحث ، حين بدأت التظاهرات العالمية في ألف مدينة في العالم ضد جشع الرأسمال. هذه الحركة اذا تسلح نفسها بافاق سياسية ثورية سيكون لها موقعاً تاريخيا عظيما في قلب موازين القوى لصالح الطبقة العاملة و الجماهير الكادحة. العاطلين عن العمل في العراق إذا تمكنوا من ترقية حركتهم ، فلهم تضامن عالمي كبير، عبر الحركة الحاضرة. إن الرأسمالية العالمية في كل مكان من العالم تتضامن وتوحد صفوفها لمصلحتهم الطبقية ولمصلحة الرأسمال، عبر حكوماتها وشركاتها. بإمكان العمال ايضا ان يتضامنوا مع بعضهم البعض لمصلحتهم أيضا، عبر قادتهم ومنظماتهم وأحزابهم.



العلاقة العضوية بين راس المال و البطالة
(وبما ان الطلب على العمل لا يتحدد بمقدار رأس المال كله، بل بمقدار الجزء المتغير وحده، فهذا الطلب يهبط هبوطاً متزايداً بموازاة الزيادة في راس المال الكلي، بدلاً من ان يرتفع بنسبه ارتفاعه، كما كان يعتقد سابقاً. انه يهبط نسبياً يالقياس الى مقدار رأس المال الكلي، ويهبط بوتيرة متسارعة كلما ارتفع مقدار رأس المال الكلي. صحيح انه بنمو راس المال الكلي يزداد جزؤه المتغير، او قوة العمل المنضمة اليه، ولكنها زيادة بنسبة تتضاءل على الدوام.) (رأس المال- ماركس / المجلد الاول-الجزء الثاني- دار التقدم/ الفصل الثالث والعشرون/ القانون العام للتراكم الراسمالي/ - ترجمة: الدكتور فهد كم نقش/ التاكيد مني).
راس المال يتكون بطبيعة الحال من قسمين او جزأين أساسين : راس المال الثابت، وراس المال المتغير. هنا لا يعنينا راس المال الثابت، اي الجزء الذي يشمل وسائل الإنتاج، البنى التحتية، المواد الاولية، المواد الداخلة في الانتاج....بل يعنينا راس المال المتغير اي الجزء الذي يشتري به الرأسمالي قوة العمل. إذن كما يقول ماركس أعلاه وهو يتحدث عن راس المال الاجتماعي في نطاق بلد، وليس رأسماليين فرديين، ان الطلب على العمل لا يحدده مقدار رأس المال الكلي في بلد ما او على صعيد العالمي، بل يحدده جزء من هذا الكل اي رأس المال الذي يشترى به قوة عمل العامل فقط ، أي راس المال المتغير.
بقدر تطور الصناعة والتكنولوجيا الصناعية في كافة الميادين الإنتاجية و الاتصالات وقطاع المعلومات، من جانب و بقدر تمركز رأس المال سواء في قطاع من القطاعات الإنتاجية، او تمركز و اندماج عدة فروع إنتاجية مختلفة أو في فرع واحد مثل ما نراه الان في الشركات المتعددة الجنسيات، التي تمركز وتحتكر قطاعات انتاجية وخدمية و مالية في آنٍ واحد، من جانب اخر، حينذاك ترتفع نسبة راس المال الثابت من رأس المال الكلي مقارنة بجزء رأس المال المتغير بنسبة متفاوتة وكبيرة. وتفاوتها مرهونة بقطاع إنتاجي معين في هذا البلد او ذاك. بفضل التطورات التكنولوجية والنانو تكنولوجية nanotechnology (تقنية الصغائر هي العلم الذي يهتم بدراسة معالجة المادة على المقياس الذري والجزيئي. تهتم تقنية النانو بابتكار تقنيات ووسائل جديدة تقاس أبعادها بالنانومتر وهو جزء من الألف من الميكرومتر أي جزء من المليون من الميليمتر) الهائلة، سواء كان على صعيد تصنيع وسائل انتاج، او تصنيع مواد مختلفة، وخصوصا تقنيات الصغائر التي دخلت وستدخل بإفراط الى كافة ميادين الانتاج و الاتصالات و كافة الفروع التي يستثمر فيها الرأسمال من جانب و تمركز راس المال بأيدي قلة من الشركات الكبرى عالميا و أفراد قلة على صعيد العالمي...- وخصوصا ان الرسمالية المعاصرة، لا يمكن قياسها سواء من ناحية النوع و الكم و آليات عملها بزمن ماركس ، حيث ان عالمنا يدار وفق اسلوب الانتاج الرسمالي عبر الشركات متعددة الجنسيات، الشركات التي تسثمر في جملة من الفروع الصناعية والخدمية والاتصالاتية و المالية و النقل...- من جانب اخر، ادى هذا الى انخفاض كبير في نسبة رأسمال المتغير مقارنة بالرأسمال الثابت، وهذا يعني استغناء أكثر ما يمكن من الأيدي العاملة، ويضاف الى جيش العاطلين عن العمل على الصعيد العالمي.
في العراق وعلى الرغم من الوضع المأساوي و عدم الاستقرار الأمني ، إلا ان استثمار رأسمال يجري وفق قوانينه المعتادة، وفق قوانين السوق وعبر احتكار الاحزاب السياسية على كافة فروع الرأسمال بإمكاننا أن نسميه رأسمالية الأحزاب عبر المحاصصة. حيث نرى قوانين ضاغطة بهذا الاتجاه. الإتجاه الذي ادى ويؤدي الى تمركز الرأسمال في قطاعات محددة، عبر قوانين رأسمالية بحتة و منها القوانين التي أصدرتها حكومة البعث في سنة 1997بصدد دمج الشركات و بول بريمر و الحكومة الحالية، مثل قانون التمويل الذاتي، و قانون دمج الشركات لسنة 2004/ شهر آيار ، حيث دمجت عدت بنوك في بنك واحد و دمج الشركة العامة للإستيراد والتصدير مع الشركة العامة للمعارض العراقية ليكون أسم الشركة الجديد (الشركة العامة للمعارض والخدمات التجارية العراقية) في سنة 2010... حيث القطاعات التي تم الاستثمار فيها، لا يتعدى النفط، والبنوك، و قطاع البناء والتجارة، من جانب اخر هناك قرارات اخرى كلها تؤدي الى فيض عمالي أكبر يضاف على النسبة الكبيرة الحالية من العاطلين عن العمل مثلا عبر سياسية ترشيق الوزرات و دمج ثمانية وزارات في اربعة" بالرغم من لم يتم تنفيذ هذا الجزء منها لحد الان"... كل هذه القوانين و القرارات بما فيها خصخصة الشركات الصناعية عبر التمويل الذاتي" قرار التمويل الذاتي، هو خصخصة الشركات الصناعية كافة" والقرار ساري المفعول اعتبارا من 1/6/2008. على أن تقوم وزارة الصناعة وشركاتها خلال هذه السنوات بالتأهيل والإنتاج وتحقيق الإرباح وتغطية رواتب العاملين كما عليها أن تقوم بتسديد القروض. حيث انتهى الموعد المذكور، لكن الحكومة مقيدة بعوائق سياسية كبيرة حيث العملية السياسية الراهنة تلفظ أنفاسها الأخيرة من جانب والوضع الامني غير مستقر من جانب اخر، ادى ويؤدى الى عدم امكانية الحكومة تطبيق قرارها خوفا من الاحتجاجات واستغلال الأطراف المشاركة في الحكم وغيرها هذه القضية.
إن القضية الرئيسة، وفق اسلوب انتاج راسمالي، وتناقضاته الذاتية تؤدي دائماً وأبدا الى انخفاض نسبة راسمال المتغير مقارنة بنسبة راسمال الثابت وخصوصا في المرحلة الراهنة حيث تطورات علمية هائلة وسيادة الراسمال المالي على صعيد العالمي، الرأسمال الذي يجني آلاف المليارات وفق قوانين الكذب و النفاق عبر البورصات و الأسواق المالية المنتشرة في كل البلدان. هذا يؤدي لا محال الى طرد آلاف بل ملايين من العمال والموظفين على الصعيد العالمي سنوياً وخصوصا في مرحلة الأزمة الاقتصادية العالمية التي نعيشها الآن . لكن هذا التطور اي انخفاض نسبة راس المال المتغير، هي عملية ذاتية وضرورية في طبيعة اسلوب الانتاج الراسمالي كما سنرى لاحقاً. بمعنى اخر إن انخفاض هذا الجزء من راس المال الاجتماعي على صعيد العراق او على الصعيد العالمي، هو نتيجة لعملية التراكم والتمركز للرأسمال، وليس سببه. بفعل تطور وتوسع الراسمال من جانب و تمركزه عبر الاندماج او استحواذ او إفلاسه في قطاعات عدة، او في قطاع واحد، سنصل لا محال الى انخفاض هذا الجزء. ولكن انخفاض هذا الجزء من الراسمال المستثمر او رأس المال الاجتماعي الكلي، الذي يعتاش عليه الراسمال عبر امتصاص فائض القيمة من قوة العمل، وبدونه لم يبق من رأس المال شيئاً، لا تؤدي بالنتيجة او لا يتناسب طردياً مع انخفاض الربح الراسمال على صعيد الراسمال الاجتماعي، وهذا اهم بنسبة لراسمال وليس رأسماليين فرديين. سيكون له تأثير و لكن ليس بالنسبة نفسها التي ينخفض فيها رأس المال المتغير مقارنة برأسمال الثابت.

حتمية البطالة لنظام الرأس المال
يقول ماركس"والى جانب زيادة راس المال الاجتماعي العامل اصلاً ودرجة نموه، والى جانب اتساع نظاق الانتاج وكتلة العمال الذين يستخدمهم، والى جانب تطور القوة المنتجة لعملهم، وتعاظم سعة وعطاء جميع مصادر الثروة، الى جانب ذلك كله يتسع نطاق ظاهرة تتجلى في إقتران زيادة قدرة رأس المال على اجتذاب العمل بتشديد طردهم, وتزايد سرعة التغير في التركيب العضوي لرأس المال وفي شكله التكنيكي، واتساع حلقة ميادين الانتاج التي يشملها هذا التغير و التي تتغير بصورة متزامنة تارة، وبصورة متعاقبة تارة أخرى. لذا فأن السكان العاملين، بانتاجهم لتراكم راس المال، انما ينتجون وسائل تحويلهم الى فائض نسبي من السكان، وهم يقومون بذلك على نطاق متنام أبداً. وهذا قانون سكاني خاص بالاسلوب الراسمالي للإنتاج، والواقع ان لكل اسلوب انتاج تأريخي متميز، قانوناً للسكان خاصاً به، ولايسري تأريخياً الا في نطاقه وحده..... ولكن، اذا كان التراكم، او نمو الثروة على أساس راسمالي، يولد بالضرورة فائضاَ من السكان العاملين، فان هذا الفائض يغدو، بدوره، رافعة للتراكم الرأسمالي، بل شرطاً من شروط وجود الاسلوب الرأسمالي للانتاج. فهو يؤلف جيشاً صناعياً إحتياطياَ يستطيع راس المال ان يتصرف به، وهو ملك مطلق لراس المال، وكأنه قد رباه على نفقته الخاصة..... ولهذا فان شكل الحركة الملازم للصناعة الحديثة يعتمد كلية على تحويل جزء من السكان العاملين، باستمرار الى عمال عاطلين، او نصف عاطلين."( المصدر نفسه/ التاكيد مني)
من الواضح جداَ حسب ماركس ان البطالة او العاطلين عن العمل او الفائض النسبي من السكان كما يسميه، ضرورة ونتيجة لعملية الانتاج وأسلوب الانتاج الراسمالي بذاته. ان أسلوب الانتاج الراسمالي، في قطاع او فرع من فروعها، سواء أكان صناعيا، او زراعياً او خدمياً او ماليا، او تجارياً، هي مخاضات تنبثق منها البطالة، او طرد العمال، هذا قانون عام لهذا الاسلوب من الانتاج. ان القضية ليس مرتبطة برأسماليين فرديين، او بشركة خاصة او برأسمالية الدولة او إقتصاد السوق، او بفرع من فروع الراسمال بل يتعدى كل هذه الجزئيات، انها مرتبطة ومنبثقة من اسلوب الانتاج الراسمالي نفسه مهما كان هذا الشكل الذي يرتديه، مرتبطا بطبيعة الرأسمال ذاته .
البطالة ليس ظاهرة تنتجها الأزمات الاقتصادية فحسب بل هي ضرورة ملازمة للنظام الرأسمالي . من الواضح ان نسبة البطالة او معدلها يرتفع في مرحلة الأزمات او التغيرات الهيكلية الكبيرة على الاقتصاد، ولكن أصل البطالة ليس مرتبط إطلاقا بوجود أزمات إقتصادية او اي حالات طارئة أخرى مثل الحروب او الكوارث الطبيعية او تغيرات هيكلية كبيرة على النظام الاقتصادي. وليس مرتبطة بسياسية الخصخصة التي تجري على قدم وساق في اكثرية بلدان العالم، انها ترفع معدلها ولكن اصل ظاهرة البطالة باعتبارها جنين مستقر دائما في رحم النظام الراسمالى. وليس مرتبطة بالعمالة الاجنبية او عدمها، خصوصا في عالمنا المعاصر المعولم، واذ ننظر اليها من زاوية او من العلاقة بين الراسمال الكلي " الجزء المتغير منه" على الصعيد العالمي او طبقة الرأسمالية مع الطبقة العاملة، او في علاقة بين الطلب على العمل و وفرته على صعيد العالمي.
بحكم عولمة السوق، حيث لدينا الان سوقاً عالمية موحدة بمعنى الكلمة، تدار وفق قوانين عالمية لراسمال، سوق تديره الشركات العالمية الكبرى (التراكم المتجدد و التمركز على صعيد العالمي)، من جانب و التطور الهائل للتكنولوجيا و التكنولوجيا الرقمية بصفة خاصة التي تدخل كل مفاصل الإنتاج، حيث كل ذلك وعبر تطورات هائلة للقوة المنتجة" وسائل الانتاج مع مهارات القوة العاملة"بواسطته اي بواسطة عمليات انتاحية موسعة و متجددة دوماً على الصعيد العالمي و المحلي والاختراعات العلمية التي تواكبها، فعلا نحن في حقبة التاريخ العالمي الذي يتحدث عنها ماركس في الايديولوجية الالمانية.. أدت وتؤدي لا محالة الى انخفاض نسبة الجزء المتغير من راس المال الكلي سواء كان على صعيد العالمي او المحلي في بلد ما" مقارنة بالسنوات السابقة".. والحال هذا يعني ان الطلب على الايدي العاملة انخفض وسينخفض باستمرا، وفق القانون العام للتراكم الراسمالى، حيث التراكم(ان استخدام القيمة الزائدة كرأسمال، اي تحويل القيمة الزائدة العكسي الى الرأسمال هو ما يعرف بتراكم راس المال.) كما يقول ماركس. ولكن ليس شرطا ان يوظف الراسمالي راسماله او تراكم قيمته الزائدة او بالمعنى العام ربحه، في شراء قوة العمل، خصوصا في مرحلتنا المعاصرة حيث يذهب جزء منه الى الادخار عبر شراء الذهب، او الجزء الاكبر منها الى فروع راس المال المالي عبر اسواق المالية الموزعة في العالم، عبر شراء الاسهم المختلفة والبوندات. راس المال يسثمر في تلك القطاعات التي تجني ربحاً متعاظماً وليس وفق احتياجات الانسان، سواء كان الراسمال، رأس المال الدولة او راس المال الاهلي " قطاع الخاص".
إذا نترجم الحالة هذه على الوضع العراقي نشاهد بصورة واضحة سواء كان في مرحلة الحزب البعث او مرحلة بول بريمر او بعده... عبر قوانين عدة وتنفيذها على الأرض أو عبر تعاظم قوة المنتجة التي أدت الى رفع مستوى نسبة البطالة( بغض النظر عن القرارات الطائشة لبول بريمر و الحروب المتتالية منذ سنة 1980) حيث قانون ترشيق الدولة في سنة 1987و القوانين المعدلة لبول بريمر لدمج الشركات وقرار التمويل الذاتي و خصخصة الشركات الصناعية.، وقانون الاستثمار والنفط والغاز المقترحة وجولات التراخيص النفطية الثلاثة التي أبرمت، والخطة الوطنية للتنمية 2010-2014هذا من جانب و من جانب اخر ان إدخال وسائل الإنتاج المتطورة الى العراق ادت وستؤدي بطفرات كبيرة الى نسبة بطالة أكبر مثلا أن استخدام آلة رافعة شوكية تعمل بالتكنولوجيا الرقمية المقلدة، وبهيكلها الفولاذي الملحوم والعالي الصلابة، تستطيع هذه الرافعات التنقل أو نقل المنتجات بسلاسة وبشكل موثوق به، وبامكانها رفع حمولة بين طن واحد الى اكثر من 60 طن من المواد خلال دقائق معدودة ونقلها بسهولة من المخازن الى سيارات الحمل وبالعكس او من موانئ او المطارات الى المخازن. ان استخدام هذه الآلة يعني الاستغناء عن الكثير من عمال الحمل في تلك القطاعات وهي كبيرة الى حد ما. بحيث إذ نرجع الى العهد الملكي في العراق نرى ان عمال في ميناء المعقل مثلا، حينذاك ليس لديهم هذه الالة بل كانوا يعملون وفق نظام القطعة، و تنقل البضائع من ظهور مجاميع من العمال( الجوق) حيث تسمى واحدة منها "جوقة":... هذا مثال واضح لضرورة هذا النظام اي اسلوب الانتاج الراسمالي بوجود البطالة. نعرف كلنا ان السبب ليس المكائن و الالات، بل النظام الطبقي الراسمالي هو السبب. حيث ان الآلات و العلوم و التكنولوجيا و التطورات في ميدان الطب والصحة... كلها تستخدم لصالح الراسمال و ربحه عبر سيطرة الطبقة الرأسمالية، على كافة الأصعدة الاقتصادية والسياسية و الفكرية والثقافية.
او اذا نقارن خلط اسمنت بطريقة يدوية او حتى بطريقة خلاطات ميكانيكية قديمة مع معدات خلط الاسمنت بأنواعها المختلفة، وخلاطات اسمنت بانواعها المختلفة وشاحنات صهاريج، ومعامل الخرسانات متطورة في وقت الحاضر نرى ان تطور القوى المنتجة، وهي تتطور بصورة مفرطة، لابد ان تخلق جيشا احتياطيا كبيرا او نسبة بطالة كبيرة. اذا نقارن في العراق مثلا قوة شركة 77 للمقاولات الانشائية و التجارة ومقرها في أربيل، نرى ان سعة نقل الاسمنت المخلوط، او صبها في كتل الكونكريتية مختلفة سواء كان للبناء او الجسور او القناطر او للحواجز الامنية في الشوارع" حيث بغداد كلها كتل كونكريتية" لاتقارن أبداً و مطلقا مع الاعمال اليدوية، حيث تمركز الراسمال في هذا القطاع، و ارتفع فيها جزء رأس المال الثابت فيها مقارنة مع جزء المتغير.. وهكذا بالنسبة للشركات الاخرى. ان فائض القيمة التي ينتجها العامل، عبر " عمل غير مدفوع الاجر" هذا الناتج هو جزء من حياته ودمه وعضلاته وتفكيره، لا ينفصل عنه ولا يملكه فحسب بل يتحول الى عدوه. أن تراكم الثروة لدى الراسماليين ينتج البؤس والاملاق لدى الطبقة العاملة ، سواء كان عبر خفض الاجور، او البطالة ... هذا هو القانون العام للنظام الراسمالي اينما كان و أيا كان شكله : راسمال الدولة او اقتصاد السوق، وجود العامل الاجنبي او عدمه... الامر سيان.
عاطلين عن العمل، إحتياط لطبقة العاملة
ان وجود جيش العاطلين عن العمل ضرورة النظام الرأسمالي وصفة متلازمة له وملتصقة به. وهكذا ليس بإمكان النظام الراسمالي مهما كان شكله وعناوينه وموديله، ان يعيش بدون البطالة، وهي ضرورية لاستمراره. ممثل النظام السياسي للطبقة الراسمالية لا يغير شيئأَ من حتمية الظاهرة هذه. اذا كان النظام ديكتاتوريا طبقياً فردياً مثل صدام حسين، او مبارك، او دكتاتوريا عائيلياً مثل العوائل المالكة في الخليج، او اذا كان النظام ديكتاتوريا طبقيا، يتداول السلطة فيه عبر الانتخابات، مثل تركيا او اكثرية البلدان العالم الراسمالية، او إذا كان نظاما ديمقراطيا، وهو ايضا ديكتاتورية طبقية مثل امريكا و بلدان الغرب... ، من جانب و أذا الحزب الحاكم قومياً او اسلاميا، إصلاحياً أو طائفيا او إشتراكية ديمقراطية، او ليبرالية... لا يغير شيئا من هذه الحقيقة. النظام الراسمالي هو النظام الراسمالي. محتوى هذا النظام هو إستغلال العامل عبر العمل غير مدفوع الاجر، او إنتاج قيمة الزائدة.
البطالة ناتج من نتائج راس المال ونظامه، وهي ليس وليدة اختراعات راسماليين فراديين، وليس من اختراع احد ما، بل هي ضرورة إسلوب انتاج الراسمالي، كأخر نظام اجتماعي طبقي تأريخي. ان حتمية البطالة في ظل هذا النظام هي ضرورة تأريخية، حيث تشكلت عبر التاريخ، منذ ان تحول الانتاج البضائعي الى انتاج رأسمالي، بمعنى اخر منذ ان تحول الشغيل لدى الحرفي او الفلاح لدى الاقطاعي الى العامل الذي ينتج نفسه و الفائض القيمة في آنٍ معاً، ظهرت تلك الضرورة، ومع اتساع وتطور تعاظم القوة المنتجة، زادت نسبتها باطراد. لا ارى ضرورة الدخول في هذا البحث على النطاق العراقي.. حيث يبعدنا عن بحثنا في البطالة. ولكن بالإمكان متابعة تاريخية دقيقة لهذه الحالة في العراق ايضا.
حتمية وجود البطالة، نابع من محتوى النظام، وليس من الشكل الذي يرتديه. ان النظام الرأسمالي هو نظام للعمل المأجور. ان تاريخ هذا النظام منذ نشأته كتب بحروف من الدم والحروب والويلات والمآسي، والصراعات القومية والطائفية و العنصرية، هو تأريخ لهذا الصراع اي صراع بين العمل المأجور وراس المال صراع بين الطبقتين الرئيسيتين، الطبقة الراسمالية و الطبقة العاملة. ان تاريخ هذا النظام منذ نشوئه، هو تاريخ الصراع بين الطبقتين، تارة بشكل الثورات العمالية للطبقة العاملة 1871 فرنسا و 1917-1924 في روسيا، و 1918-1920 في المانيا ... وتارة اخرى يتجلى في اشكال مختلفة في كل لحظة من لحظات هذا التاريخ. إذن ان حتمية البطالة للنظام الرأسمالي لها ميزاتها و حسناتها الأقتصادية والسياسية و الاجتماعية، والثقافية للطبقة الراسمال و سلطتها، اي دولتها و حكومتها. هذه الضرورة تنتج الحرية للراسمال كطبقة ودولتها. ماهي تلك الميزات والحسنات التي تقدمها حتمية البطالة لنظام راس المال:

الأول: المزايا الاقتصادية
هذه اهم ميزة من ميزات البطالة، ومن هنا وفقط من هنا تنتج ميزات سياسية و اجتماعية كانعكاس واقعي للفعل الاقتصادي لصالح راس المال. إن وجود هذه الظاهرة، كظاهرة وضرورة واقعية تنتجها تمركز الانتاج والاموال والاحتكار والمنافسة و تقسيم العمل الرأسمالي و المزاحمة خصوصا في عالمنا المعاصر حيث تمركز الراسمال الى مستويات غير مسبوقة ووصل الاحتكار الى احتكارات أخطبوطية عالمية كبيرة، انظروا الى صناعات التكنولوجيا الرقمية، والى صناعات الهاتف الجوال، والى صناعات الفضاء أو حتى شركات بيع بالتجزئة ، كلها احتكارية من قبل عدد قليل من الشركات الكبرى عالمياً.
وحين وصلت القوى المنتجة الى هذه الدرجة من التعاظم والتطور، فأن أعداد العاملين المطلوبين لإنتاج نفس الكمية يتناقض مع هذا التطور، يقول انجلز في بحثه الرائع موجز الرأسمال" وعلى أية حال فإن عدد العمال الضروريين لإنتاج نفس الكمية من المنتوجات يتناقض أكثر فأكثر بفضل التقدم الآلي وتحسن الزراعة..الخ. وهذا يؤدي إلى نمو عدد العمال الفائضين عن الحاجة بسرعة أكبر من نمو رأس المال نفسه. ما هو مصير هذا العدد المتنامي من العمال؟ إنهم يشكلون جيش الصناعة الاحتياطي الذي يتقاضى، في فترات الأعمال السيئة أو المتواضعة، أجرا أدنى من قيمة عمله، كما أنه يستخدم بصورة غير دائمية، أو يصبح تحت رعاية المؤسسات الخيرية، إلا أن الطبقة الرأسمالية لا تستغني في أوقات ازدهار الأعمال عن هذا الاحتياطي –كما هو جلي وملموس في إنكلترا- الذي يؤدي لها خدمة تحطيم قوة مقاومة العمال الدائمين، والإبقاء على أجورهم المتدنية. «كلما كانت الثروة الاجتماعية أكبر..تعاظم جيش الصناعة الاحتياطي (نسبة السكان الفائضين [45]).. وكلما كانت نسبة الجيش الاحتياطي أكبر من الجيش الفعلي (العمال الدائمين) كلما تضخمت جماهير السكان الفائضين (الدائمة) أو (فئات العمال) التي يتناسب بؤسها بصورة عكسية مع عذابات عملها. وأخيرا، كلما اتسعت فئات المعدمين من الطبقة العاملة وجيش الصناعة الاحتياطي، كلما تزايدت الفاقة الرسمية. هذا هو القانون العام المطلق للتراكم الرأسمالي.» (ص 631 «ص 644»).( أنجلز/ موجز راس المال/ ترجمة فالح عبد الجبار/ تشير الأرقام الواردة بين قويسات « » إلى أرقام صفحات الطبعة الإنكليزية من المجلد الأول من رأس المال موسكو 1963/ التأكيد مني).
حتمية البطالة ظاهرة للعيان من خلال التحليل الرائع لانجلز أعلاه. هو يدلنا ويذكرنا بالصراع بين الطبقيتين ، راس المال و العامل. الصراع الجوهري حول الأجور، اي حول القضية التي يرتكز عليها كل النظام الاجتماعي الراسمالي. يقول لنا، ان قضية البطالة وحتميتها نابع من الاجور المتدنية للعمال حتى في اوقات ازدهار راس المال او مراحل نموه، ناهيك عن مراحل أزمات اقتصادية كبيرة او صغيرة، عالمية أو محلية. أجور متدنية لعمال، ولكن في الجهة المقابلة فائض القيمة او ارباح مرتفعة لرأس المال. العامل او العامل الاحتياط" العاطل عن العمل" يطلب العمل لكي يعيش وعائلته، يراقب سوق العمل سواء كان عبر دائرة العمل "إذا كان موجوداً" او مباشرة عبر شركات ومؤسسات صناعية وتجارية وزراعية وخدمية موجودة في البلد أو عبر انترنيت او إعلانات متوفرة في صحف وجرائد مختلفة.. اذا كان الطلب على العمل كبيراً حينذاك سيجد العامل موقعه و بشروط مناسبة، اي بأجرة مناسبة مقارنة بأوقات الطلب على العمل قليلاً. ولكن في كلتا الحالتين وبدرجات متفاوتة، ان العامل العاطل الموجود يؤثر على الاجرة المدفوعة. بالنسبة لعامل عاطل عن العمل، تواق لإيجاد عمل ما حتى إذا لا يتوافق مع مؤهلاته العلمية او الجسدية، ليتسنى له توفير معاشه و عائلته، وبهذه الحالة هو سمك خارج الماء يحاول ان يدخله لكي لا يموت جوعاً. هذه الضرورة للمعيشة حافز مؤثر بل حافز حاسم لتدني الأجرة، ليس لعاطل الذي يطلب العمل بل العامل المستخدم في العمل ايضاً. بطالة هي سلاح ذو الحدين، او حجرة واحدة تقتل العصفورين في إنٍ معاً لمصلحة الراسمال.
العامل المستخدم خوفاً على عمله او وظيفته، يقبل بشروط الراسمالي او شركته او مصنعه. نرى القطاع الصناعي في العراق ونشاهد بدقة هذه الحالة، حيث ان الشركات المشمولة بقانون التمويل الذاتي والمعرضة للخصخصة، شركات الجلود، والصناعات الكهربائية، والانشائية و والزيوت النباتية و الاسمنت....ان العمال المستخدمين في هذه الشركات وهم او نصفهم أو أكثريتهم على عتبة تحويلهم الى الجيش الاحتياطي" للبطالة" يخافون على خبزهم قبل كل شئ آخر. عليه وعلى رغم كل ممارسات و قوانين الحكومة و وزارة الصناعة من تقسيمهم الى شعب أ، ب، ج، د، وتدنى أجورهم" حيث اجورهم أقل مقارنة بعاملين بكافة الوزارات الاخرى " بعكس كل بلدان العالم" او حتى فرض شروط تعجيزية عليهم: مثل توجيهات الحكومة حول توفير الشركات نسبة 50% من اجور العاملين فيها و الباقي على الحكومة لمدة ستة اشهر وبعد هذه المدة ستصبح هذه النسبة 100% على الشركات وفق التوجيهات ذاتها. وهذا يعني طرد العمال في هذا القطاع بالكامل عبر الخداع و التحايل عليهم. لان ليس بامكان الشركات قديمة وسائل الانتاج، وفي ظل منافسة قوية في السوق ان توفر نسبة 30% بالمائة شهرياً، وليس خمسين او مائة بالمائة. وعلى رغم كل هذه الهجمات الشرسة التي تشنها الحكومة البرجوازية في العراق، إلا إن العمال صامتين و منتظرين!! خوفاً من البطالة من جانب وهذا ليس في مكانه لان العمال يعرفون مسبقاً انهم يطردون من علمهم إن عاجلا او آجلا، ربما نصفهم او ربعهم او نسبة كبيرة منهم يطرد من العمل حيث تتحول الشركات وفق قانون التمويل الذاتي الي شركات أهلية" قطاع خاص" أو تغلق نهايئاً، ومن جانب اخر ينتظرون أمل ما وفق ظروف العراق غير الثابتة دوماً، او ربما ينتظرون نقلهم الى وزارات أخرى. وكل هذه الامنيات لا تفيدهم بشئ وينتظرون جحيمهم او بطالتهم. هذا الانتظار، يدل على انعدام لرؤية سياسية واضحة للحركة العمالية وقادتها في هذا القطاع المهم (تدنى الوعي الطبقي) على الاقل ان لم نقل على صعيد الحركة العمالية في العراق ككل.
اما العاطل عن العمل، فهو قد تقرر مسبقاً وضعه وليس لديه اختيار آخر غير القرار بأجور متدنية، في ظل هكذا ظروف. من هنا وفي العراق نفهم لماذا الشباب العاطلين عن العمل من فئة 18-25 يركضون وراء العمل في قطاع الامني سواء كان سلك الشرطة او الجيش او القوى الامن، نظراً لارتفاع أجورها مقارنة بقطاعات اخرى. ومن هنا نفهم ايضا كيف بإمكان الميليشيات الاسلامية والقومية تصطاد الشباب في مختلف الاعمار وزجهم بإعمال قتالية او حتى إرهابية...
من زاوية أخرى ان البطالة، هي عصا سحرية يتعامل به راس المال وفق مصلحته متىَ يشاء، والمصلحة تكمن مرة اخرى في أنتاج القيمة الزائدة "الربح". وفق هذا المنظور، يطرح راس المال بين حينٍ واخرى، أعمال وقتية، لمدة ثلاثة اشهر او اربعة ... وهكذا دواليك، او يطرح ساعتين في اليوم او ثلاثة ساعات، أو يطرح عملاً دائمياً، ولكن بنصف عمل يومي اي اربعة ساعات او ستة ساعات يومية.... وهو يعرف في ظل التطور الهائل والمدهش لقوى المنتجة، ان ثلاثة ساعات فقط من العمل أصبحت مدة كافية ليس لأعادة أنتاج قوة العمل العامل بل لانتاج فائض القيمة ايضا. ولكن يطرحه هكذا، وفق القانون حيث قانون العمل في ارقى بلدان العالم لا ينخفض مدة العمل الاسبوعي فيها عن سبعة وثلاثين ساعة، اي سبعة ونصف ساعة بصورة يومية، عليه بطرحه ستة ساعات او اربعة ساعات بصورة يومية، يمكنه من تخفيض الاجرة وملأ الفراغ في عمليات انتاجه او مشاريعه، ليس هذا فحسب بل ان العامل الوقتي لمدة معينة او حتى عامل دائمي وفق قطع من ساعات عمله معرض دائماً للطرد في اي ظرف طارئ، من جانب اخر. والظرف الطارئ لراس المال هو تخفيض الربح فقط وليس اي شئ أخر.
كل هذه المسائل من الناحية الواقعية تعني، ليس أمر معاش العامل فحسب بل فقره و عوزه و تشرده واخيراً موته، تكمن بيد راس المال. حين يقول لك الراسمالي ليس لدي عمل، سواء عبر وزارة العمل او عبر شركات خاصة او عبر الراسمال الفردي، يقصد بقوله هذا " إذهب الى الجحيم و مت"، يقول ان معيشتك وعائلتك تحت رحمتي. هذا هو المعنى الواقعي للبطالة او لطرد العمال. ولكن ليس بإمكان الحكومة ولا بامكان قانون العمل ولا بامكان اي رأسمالي فردي ان يقول ذلك علناُ او يكتبه في قوانينه او ضوابطه، لان ذلك يعني ان راس المال ليس بامكانه أن يدير المجتمع، عليه سيثور العمال والجماهير ضده.... ( سنوضح هذا الامر أدناه)
في المحصلة الاخيرة الرابح الاول والاخير هو رأس المال لا أقصد رأسماليين فرديين بل اقصد الرأسمال كطبقة في العراق او اي بلد اخر. ومن هنا ايضا نرى ان البرجوازية في العراق بالرغم من انها ليست موحدة على الصعيد السياسي و لكن موحدة حول إستغلال العامل الى اقصى ما يمكن، عليه لا نرى اعتراضا من كتلة ما أو قوى ما وجميع التيارات السياسية البرجوازية الحاكمة شيئاً يذكر لصالح العمال والطبقة العاملة، مطلقاً.
الثاني : المزايا السياسية

المزايا السياسية هي انعكاس للمزايا الاقتصادية آنفة الذكر. اذا كان تدني الأجور هو بنية تحتية، فأن السياسة و الانعكاسات السياسية والقانونية او حتى الدستورية تمثل البنية الفوقية لتدني اجور. إن تدني الأجور في النظام الراسمالي يتطلب جملة من القوانين وهي في التحليل الاخير سياسية، ونوع من ثقافة اجتماعية عامة، و سياسية دقيقة ومخططة وذلك لتبرير هذا الامر اجتماعياً. عليه ان المزية السياسية لهذا الامر مهمة جداً للرأس المال الذي تمثله على صعيد السياسي الطبقة البرجوازية عبر احدى تياراتها الاجتماعية و من خلال احزابها او عدد من احزابها. راس المال في العراق و عبر الحركات البرجوازية الحاكمة من خلال احزابها وتياراتها المختلفة.
لكن راس المال ليس فقط السلطة السياسية( الحكومة"رئاسة الوزارء او الملك او رئيس الجمهورية"، الدساتير والقوانين وقوى الامن والشرطة والميليشيات، والمؤسسة القضائية، والبرلمان) بل انه إسلوب انتاج إجتماعي، ووفق هذا الاسلوب، ان إسلوبه يسود ويعطي كافة الجوانب الحياتية والاجتماعية، من الثقافة والتقاليد الاجتماعية والفنون والتربية والتعليم... عليه لدى هذا الاسلوب الذي يقودة راس المال عبر طبقته ومن ثم وخلال مراحل تاريخية معينة عبر حركات اجتماعية مختلفة من القومية والاسلامية و الاصلاحية والليبرالية، والديمقراطية، واحزابها المختلفة، جيش هائل من مؤسسات المجتمع المدني، من المثقفين المأجورين، من الاقتصاديين المتحذلقين والمتملقين، من رجال الدولة البيروقراطيين، و كتاب الشعر والقصص و الحكايات الشعبية، والمفكرين والمنظرين السياسيين وأعلامه الأخطبوطي خصوصا في مرحلتنا الراهنة... دور هذه الفئات ليس اقل من دور الحكومة او السلطة السياسية من ناحية تزين وجه الرأسمالية القبيح، و تحميق الجماهير، أن كل هؤلاء بمثابة أطباء لجراحة التجميل للنظام الراسمالي برمته.
المزايا السياسية كثيرة لكن الاهم منها، شق الصف النضالي للطبقة العاملة. شق النضال الطبقي، و أيجاد التفرقة، و صنع وإنتاج وسائل لشق صف الحركة العمالية و النضالية للطبقة، قضية جوهرية في سياسات وممارسات راس المال كطبقة اجتماعية سائدة، وفق مصلحتها الطبقية. وهنا نحن نتحدث "عن الاجور" وفق هذه المصلحة اي ميل راس المال كنظام، نحو خفض الاجور بصورة مستمرة، هو الذي يحفزه الى شق صف النضالي لطبقة العاملة. ان البطالة كما أكدنا على ذلك هي حتمية لا بد منها في ظل النظام الموجود، وهي موجودة اصلا، إذن بصورة موضوعية تؤدي دوراً مهماً لشق النضال الطبقي، ويسخره راس المال لصالحة بطرق و أشكال مختلفة. إيجاد التفرقة بين صفوف العمال، العاملين المستخدمين والعاملين العاطلين. لان العاطل عن العمل ولو انه جزء مهم من الطبقة العاملة ولكن وفي الوقت نفسه، ان اسلوب نضاله واهدافه الاصلاحية" او نضاله الجاري" و اساليب تنظيمه تختلف عن باقي طبقته المستثمرة، من هنا ان مطالب هذا الجزء من الطبقة" توفير العمل" او "ضمان البطالة" من الناحية الشكلية ليس له ادنى ربط بالطبقة العاملة المستثمرة في العمل. هذه المطالب وأهميتها للطبقة العاملة مرهونة بدرجة الوعي الطبقي لدى الجزء الطليعي للطبقة. لان من الناحية الواقعية كما قلنا ان قضية البطالة وحتميتها هي سلاح ذو الحدين، لانخفاض الاجور، اي لها تأثير مباشر على العمال المستخدمين او غيرهم ، سلاح مهدد مرفوعة على رؤوسهم.
بالإضافة إلى تمزيق الصف النضالي عبر البطالة، و تمزيق الطبقة العاملة عبر البطالة، لدى خزينة راس المال، أشكال وانواع اخرى من هويات مختلفة غير "هوية البطالة" وهي هويات كاذبة، حتى من حيث المحتوى ولا تقارن بالبطالة كما تحدثنا عنها بتفصيل كحتمية لهذا النظام، الهويات القومية و العنصرية وعلى اساس الجنس، واخيرا في العراق على اساس الأديان والطائفة... هي كلها أثقال على كاهل الطبقة العاملة وقادتها، تعترض سبيل النضال لتوحيد صفوفهم والظفر بالسلطة السياسية. ولكن التفرقة عبر البطالة هي تفرقة في بنيان الراسمال كنظام سياسي اجتماعي ، ملتصقة بالراس المال، كما شرحناه انفاً، ولا تقارن بموضوع الهويات الاخرى. نظراً لان الهويات الاخرى هي متشعبة وعديدة، يختلف من بلد الى اخرن لكن البطالة هي ركيزة من ركائز راس المال والنظام الطبقي الحالي، ملتصقة بها كيفما كان شكل الدولة و وكيفما كان شكل وسياسية الدولة وحزبها الحاكم.
ولكن هذا الشطر في صف الطبقة العاملة يتعدى هذا بكثير اي يتعدى شق العاطلين عن العمل و المستخدمين في العمل، حيث ان هذا الشق يفرز منافسات عدة ومنها منافسة بين العاطلين عن العمل حول انخفاض الاجرة، من جانب و منافسة شرسة اخرى بين العاملين المشتغلين ، عبر تشديد عملهم و قبولهم شروط راس المال، خوفا من الطرد والبطالة.... وفي محصلة النهائية الرابح هو رأس المال.
عليه ان هذه التمزيق التي تفرزه البطالة بصورة واقعية، اي وفق اسلوب الانتاج الراسمالي، المراد منه سياسياً ، او ميزته السياسية هي إعاقة توحيد الصف النضالي للطبقة العاملة,,, ليس هناك جواب شافي ومقنع لحل البطالة في ظل النظام الراسمالي، وهذه بحد ذاتها قضية لصالح النظام الاشتراكي.( سنوضح الامر ادناه).

المزايا الاجتماعية
يقول ماركس" وأخيرا كلما اتسعت الفئات المعدمة من الطبقة العاملة، واتسع الجيش الصناعي الاحتياطي، تعاظمت الفاقة الرسمية. وهذا هو القانون العام المطلق للتراكم الراسمالي.....فهو يملي تراكم البؤس، بموازاة تراكم راس المال. وإن تراكم الثروة في هذا القطب، هو في الوقت عينه تراكم للبؤس وعذابات العمل والعبودية والجهل، والقسوة والانحطاط الخلقي، في القطب المعاكس، اي في قطب الطبقة التي تنتج ناتج يدها في شكل رأس المال."(ماركس/المصدر نفسه/ التاكيد مني)
راس المال ينتج الفاقة والإملاق" pauperism " اوالفقر المطلق " تحت خط الفقر" ولكن ليس وفق المقياس الحقير والمظلل وضد الإنساني العالمي حيث وفق هذا المقياس لسنة 2008، وفق البنك الدولي اذا كان الفرد يوميا يحصل على 1,25$ سيكون فقيراً، ويساوى هذا المقدار بالدينار العراقي 1،5 الف دينار ونصف يومياً وقبل ذلك التاريخ كان الخط يساوي دولاراً واحداً، بغض النظر عن النظرة الدونية للانسان، بصورة عامة وفق المنظور الراسمالي، هناك تصور جبري كأن الانسان لا يتغير نمط حياته و بيئته و احتياجاته وطموحاته، انه خط ثابت ربما بمرور العقود يتشرفون الاوغاد بتغيره بزيادة عدد من سنتات. وفق هذا التصور أكد الجهاز المركزي للإحصاء في العراق ( أن حوالي سبعة ملايين عراقي يعيشون تحت خط الفقر, وهو ما يمثل 23% تقريبا من سكان البلاد. وتأتي هذه الأرقام بعد مسح أجراه الجهاز في إطار إعداد الإستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر في البلاد. وقال بيان للجهاز إنه بعد تنفيذ مسح وطني شامل امتد على مدى عام كامل سمي بالمسح الاجتماعي والاقتصادي للأسرة في العراق، أظهرت نتائجه أن قيمة خط الفقر الوطني بلغت 77 ألف دينار (66 دولارا) للفرد شهريا، وهذا يعني أن 23% من السكان يقعون تحت خط الفقر. وأضاف البيان أن هذه النسبة توزع بواقع 39% في الريف أي 3.4 ملايين فرد وبنسبة 16% في الحضر أي 3.5 ملايين فرد، وبهذا يكون مجموع الناس الذين يعيشون تحت خط الفقر حوالي سبعة ملايين فرد ويمثلون حوالي 23% من مجموع السكان.( http://www.aljazeera.net/NR/exeres/3E4E3A07-FC26-46FF-A22F-C894986B60AD.htm / نيسان 2010/ التاكيد مني).
ان قيمة خط الفقر تتغير من بلد لاخر، وفق المعدل الوسطي للحد الادنى من الاجور في القطاعات الانتاجية المختلفة، نمط المعيشة، درجة الثقافية" كالجر الاجتماعي"... الخ. في العراق ان نسبة الفقر كبيرة جداً ليس مقارنة ببلدان الاوروبية بل مقارنة بالعالم العربي، حيث نسبة الفقر 18%. علينا ان نعرف قيمة خط الفقر الوطني في العراق، وهي 77 الف دينار شهري للفرد، اي وفق خساسة و نفاق الجهاز المركزي للإحصاء في العراق يحدد هذه القيمة او قيمة خط الفقر بهذا الرقم الضيئل 77 الف دينار!!. من المعروف ان كل انسان عادي يعرف بان 77 الف دينار قليلة وقليلة جداً وجداً لا تكفي لمعيشة اي فرد كان، حتى اذا يأكل وجباتها الثلاثة فلافل، وطبعا القيمة تشمل السكن والصحة وكل شئ في الحياة. اذا نفرض ووفق هذه القيمة عائلة من خمسة اشخاص، نحصل على رقم 385 الف دينار للعائلة كبيرة الى حدما. هل تعيش عائلة في العراق في بغداد، او أربيل او البصرة او النجف بهذا المبلغ، هل يكفي هذا المبلغ لأجرة السكن المناسب؟! قطعاً لا. لكن خساسة ودناءة هذا الجهاز تقرر او تحدد ان فرد يحصل على هذا المبلغ اي 77 الف دينار في الشهر فهو ليس تحت خط الفقر، فقير و لكن ليس تحت الخط، إذن من لديه 100 الف شهريا فهو وفق هذا التصور انه ميسور الحال، والعكس صحيح طبعاً. انه جهاز إداري لجمع حسابات رؤوس الاموال ووفق هذا المنظور يحدد قيمة الخط. في الواقع ان من لديه اقل من 500 الف دينار شهريا فهو فقير... وخصوصا اذا نحسب اجرة السكن، و غلاء المعيشة، حيث تحول كل شئ في الحياة الى الخصخصة من المدارس الى الكليات و الجامعات والكهرباء... لكن هذا الجهاز ليس لديه خط الأغنياء و خط الفساد و خط العقود التجارية والنفطية المسلوبة او خط الفرهود. هو جهاز لخدمة هذه الخطوط، وليس جهاز لجميع العراقيين.
الفقر والاملاق ظاهرة اجتماعية كبيرة ينتجها رأس المال اينما كان. انه يوفر مواد مناسبة وغنية لصالح رأس المال و تراكمه، وهو قانون راسمالي غير مكتوب لان ليس بامكان راس المال وسلطته السياسية ان يكتب هكذا وان يعلن ان نظامه سبب الفقر والبطالة والفاقة، ولكن حين نفتش في ثنايا قراراتهم وإحصائياتهم وقراراتهم( بغض النظر عن الواقع المعيشي لاغلبية السكان) نجد ذلك فوراً ان السبب هو راس المال. أن هذا الانتاج اي انتاج الفاقة والاملاق والبؤس والعوز، له مزايا كبيرة. فهو من جانب وماعدا البغايا و المجرمين والمتشردين" حثالة البروليتاريا" وفق مفهوم ماركس، نحصل على ثلاثة اصناف او انواع: الصنف الاول هو العاطل عن العمل تزداد أو تقل اعدادهم وفق اليات سوق الطلب، كما شرحنا اعلاه، وهذا صنف كبير جدا في العراق. الصنف الثاني:الايتام والارامل، وهذا صنف كبير جدا في العراق، حيث الحروب المتتالية، الصراع الطائفي والقتل على الهوية، الإغتيالات، الهجرة القسرية ... ان جزء كبير منهم مرشحون لجيش العاطلين عن العمل وخصوصا الايتام. والصنف الثالث: المهملون او المحطمون، غير القادرين على العمل، ولدينا هذا الصنف ايضا في العراق وبدرجة كبيرا، حيث المعوقين. ان الفاقة "هي دار العجزة لجيش الاحتياط الفعلي" كما يقول ماركس. ان الفاقة هي إنتاج للبطالة و هي انتاج لراس المال وتراكمه وتمركزه و منافسته ومزاحمته و احتكاره. وتشكل كلتاهما ضرورة ملحة لانتاج التراكم الراسمالي.
ان راس المال في العراق و سلطته المليشياتية يستفيد كثيرا من الفاقة والبؤس و نمط حياة هذه الفئات، حيث السكن في "الحواسم" أو " المتجاوزين" او السكن في بيوت الصفيح والمعيشة على القمامة. ان هذه النوعية من السكن والمعيشة منتشرة في كافة المدن العراقية، اي " العشوائيات" وفق الاصطلاح المصري . مزية الفاقة والاملاق، لراس المال، هي مثل مزية العاطلين عن العمل للعمال المستخدمين او الفعلين، وايضا ميزة الفاقة هي سيف على رؤس العاطلين عن العمل. هذه الميزة ايضا ذات البعدين او السيف ذو الحدين، كلا الحدين لصالح راس المال، ان يخرج من نطاق الاملاق ويتحول الى الجيش الاحتياطي وفي فترات معينة يستلم عمل ما، او يتحول الى مجرم او متشردأ او البغاء و كلها لصالح راس المال.
الميزة الاجتماعية الرئيسة لهذد الحالة، هي خفض توقعات الاجتماعية للحياة على صعيد المجتمع. وبالتالي سيف ذو الحدين على الطبقة العاملة مرة اخرى. بين الفقر و بين العمل، ايهما انسب؟! طبعا العمل، حينذاك المعدل الوسطي لتوقع الاجتماعي مرهونة في كل بلد بدرجة نسبة هذا الجيس اي جيش الفقر و الفاقة. اذا ننظر الى العراق نرى بسهولة، تغيرات كبيرة طرأت على توقع الانسان للحياة والمعيشة، خصوصا اذا نقارن مرحلة الستينيات و السيبعينيات في القرن الماضي مع حاضرنا، حينذاك نرى ان نمط المعيشة والتقاليد الاجتماعية و نسبة التمدن تغيرت بدرجة كبيرة وتراجعت الى الوراء بشكل كبير. حيث كانت التمدن و التطلع الى حياة حرة وتقدمية وحرمة الانسان والتقاليد الاجتماعية و نسبة درجة تحرر المراة اكثر رقيا بما لا تقارن بالحالة الراهنة.

البطالة في العراق، وانواعها!

نسبة البطالة في العراق كبيرة جداً مقارنة ببلدان العالم او ببلدان المنطقة، وخصوصا نحن في العراق ليس أمامنا جهاز إحصائي دقيق يوفر لنا إحصائيات دقيقة حول معدل البطالة ومعدل التشغيل، عليه ان النسبة الصحيحة لمعدل البطالة بعيدة عن الحقيقة ، حيث ان مقياس معدل البطالة وفق منظمة العمل الدولي هو معدل البطالة = عدد العاطلين مقسوما على عدد القوة العاملة مضروباً في مائة. ليس لدينا عدد العاطلين وفق إحصاء دقيق و لا حتى عدد قوة العاملة، حيث ان صفحات الشركات العراقية الفاعلة و وزاراتها، وشركات قطاع الخاص فارغة من هذه المعلومات. إذن علينا ان نخمن وفق الدراسات والأبحاث الموجودة، او الإحصائيات العشوائية التي تصدرها وزارة العمل و مؤسساتها.
يقول ماركس "ان فيض السكان النسبي يظهر بكل الالوان الممكنة. فهو يضم كل عامل يمر بفترة إستخدام جزئي، او بطالة تامة. واذا اسقطنا من الاعتبار الاشكال الكبرى المتكررة دورياً والتي يضفيها تبادل الاطوار للدورة الصناعية- يأخذ فيض السكان شكلاً حاداً خلال الازمة، ثم شكلاً مزمناً خلال اوقات الكساد،- فان فيض السكان النسبي دوما ثلاثة أشكال هي: الجاري the floating " العائم"* ، المستتر the latent ، الراكد the stagnant .(المصدر نفسه/ التاكيد مني/ المفاهيم الانكليزية مني ومأخوذة من نسخة الانكليزية لمصدر نفسه، مع استخدام كلمة " العائم "بدل الجاري حيث الادق).
نسبة البطالة في العراق عالية جداً بغض النظر عن اشكالها، حيث تدعي الحكومة عبر وزارة التخطيط و العمل في سنة 2011 يسجل النسبة بـ" 15%" وهناك إحصائيات اخرى صدرت من منظمات اجنبية و منظمات مجتمع مدني، تدلنا على ان النسبة هي اكبر بكثير حيث ان نسبة البطالة في سوق العمل العراقي وفق إحصاءات صحيفة الصباح العراقية لعام 2006"قد بلغت حوالي 55% بين الذكورو85% بين الاناث. "وفي نشرة سابقة لمنظمة العمل الدولية للستة اشهر الاولى من 2007 قدرت البطالة في العراق في حدود النسبة اعلاه." وهناك دراسات اخرى تشير الى نسبة 30%. على أية حال هناك توافق بين كافة الإحصائيات تفيد بان نسبة البطالة كبيرة جداً.

ايا كان شكل البطالة في العراق فان اساسها هو راس المال و اسلوبه في الانتاج. من الواضح ان سياسيات بول بريمر اثرت كثيرا على زيادة هذه النسبة، حيث الغت الجيش بالكامل، ولكن هذه سياسة ايضا بالرغم مساوئها وتبعاتها السياسية على الصعيد الاجتماعي، بطبيعة الحال في مصلحة راس المال، حيث بول بريمر تواق ومتعطش ليس فقط لاقتصاد السوق المألوف بل "لرأسمالية الكوارث" ، حيث تحويل كافة القطاعات الدولة الى سوق الهرج، من قطاع التعليم والصحة و....وفق خطته التي فشلت.

في العراق لدينا انواع أو صناف مختلفة من البطالة، ولكن الشكل الاكبر هو من نصيب البطالة من الصنف الجاري او العائم، ليس بفعل التراكم بصورة مباشرة بل بفعل الوضع السياسي العراقي، حيث حل الجيش والمؤسسات الاخرى، هذا من جانب، ومن جانب اخرى اغلاق الالاف من المعامل الصغيرة، و العمل بنصف الطاقات في المصانع الكبيرة، مثلا الألبان او الكهربائية او الجلود... اما الصنف المستتر اوالبطالة "المقنعة" فهي نسبة كبيرة ايضا، وتسمى ايضا " بترهل الدولة" في العراق، اما الصنف الاخير هي الراكدة فهي ايضا جزء كبير" العمل البيتي" وكل صنوف العمال الذين يبعدهم القطاع الزراعي و الصناعي الى خارج اطار العمل...

كلام رأس المال حول البطالة او حلها


لرأس المال ايضا حديثه حول البطالة و كيفية حلها" طبعا ليس لديه حل ". ان طبقة رأس المال كونها طبقة سائدة في المجتمع، اي حاكمة في المجتمع تتحدث وكأنها فوق المجتمع، تتحدث عبر دولتها، وعبر مفكريها و خبرائها المتملقين وإعلامها المأجور، تصور وتظهر نفسها " دولتها" كأنها دولة للجميع، وتتحدث باسم الجميع، وهذه أكذوبة تاريخية كبرى. ليس بيدنا إلا ان نرجع الى عدد من التصريحات الحكومية و خبرائها ومسئوليها لندرك إن هذه الأقاويل هي محض أكاذيب لا غيرها .
يقول الخبير الاقتصادي ماجد الصوري (80 % من الموظفين في المؤسسات الحكومية ليس لديهم أي أعمال يقومون بها سوى استلام الرواتب نهاية كل شهر"، مشيرا إلى أن "حل مشكلة البطالة في العراق لا تكون من خلال تعيينهم بالدوائر والمؤسسات الحكومية، إنما من خلال زيادة الإنتاج الزراعي والصناعي وتشجيع القطاع الخاص على استيعاب الآلاف من العاطلين عن العمل) (http://www.shams-alhorreya.com/wesima_articles/index-20100426-73148.html/ نيسان 2010/ التاكيد مني)
تمعنوا في خط التاكيد، الخبير البرجوازي يريد او يطلب حل مشكلة البطالة لا عبر "ترهل" الدولة بل من خلال زيادة الأنتاج الزراعي والصناعي وتشجيع القطاع الخاص.... من حق خبيرنا الاقتصادي ان يطلب هذه المطلب، ولكن كما شرحنا اعلاه، ان الراسمال ليس له مصلحة في الانتاج بصورة عامة او انتاج سلعة او بضاعة ما إلا لغرض الربح عبر إمتصاص فائض القيمة"العمل غير مدفوع الاجر"، والحال هذا كيف يستثمر رأسمال العراقي في الزراعة مثلاً، وهو من الاستثمارات ان لم نقل طويلة الأجل فهي متوسطة الأجل في ظل ظروف أنعدام الامن و الاستقرار، هذا من جانب و من جانب اخر وهو الأهم كيف بامكان راس المال المنافسة في السوق العراقية، حيث نرى ان كل انواع الفواكه والخضروات، تستورد من بلدان المجاورة بسعر باهض جداً، إذن ان راس المال وخصوصا القطاع الخاص لا يستثمر في هذا القطاع.....إذ ان رأيه فارغ من المحتوى لا يدل على شى إلا عدم فهم خبيرنا الاقتصادي لإسلوب انتاح الراسمالي أو له خبرة لتحميق الجماهير.
و يرى الخبير الاقتصادي، ورئيس تحرير جريدة مجتمع الأعمال العراقي، اسعد العاقولي في حوار مع دويتشه فيله أن (إلى وجود سبب آخر وأهم في ازدياد نسبة البطالة في العراق والمتمثل "بالإغراق السلعي" والناتج عن دخول كميات كبيرة من السلع والبضائع إلى البلد وبأسعار رخيصة الثمن والتي تنافس الصناعة المحلية وتعمل على تجميد المصانع والمعامل، ما أدى إلى إغلاقها وتسريح عمالها. ومن أجل مكافحة هذه الظاهرة يؤكد الخبير الاقتصادي على "ضرورة دعم القطاع الخاص للقضاء على البطالة التي وصلت نسبتها إلى أكثر من 35 في المائة، فمن المستحيل على القطاع العام وحده استيعاب هذا العدد)(جريدة الصباح/ مناف الساعدي ـ بغداد/ http://www.dw-world.de/dw/article/0,,15132800,00.html/ التاكيد مني)

رئيس تحرير جريدة مجتمع الاعمال العراقي يؤكد كلامنا اعلاه، ولكن يتناقض مع نفسه حين يؤكد مرة أخرى بضرورة دعم قطاع الخاص، ولكن هذه المرة ومع هذا الخبير لانرى اي قطاع او اي فرع من فروع راس المال الذي يجب على الحكومة دعمه لامتصاص نسبة البطالة. لكن دعم القطاع الخاص موجود ومتحقق اصلا، حيث قانون الاستثمار لا يضاهيه اي قانون في المنطقة من حيث الإغراءات الكبيرة من ناحية تخصيص الارض، و الإعفاءات الضربية و الكمركية وتهيئة البينة التحية ... وهكذا. المشكلة هنا تكمن في استقرار الوضع الامني والامن لا يستتبب، الا من خلال سيادة البرجوازية كطبقة في العراق وليس محاصصة رأس المال وفق القومية والطائفية و الدين، بمعنى اخر ان الامن لا يستتبب الا مع تشكيل الدولة كدولة طبقة وليس جمع دويلات طائفية وقومية، تشكيل الدولة ليست عملية رياضية. ولكن حتى اذا فرضنا إنه تم بناء الدولة و طبعت الدولة بطابع احد الحركات البرجوازية السائدة، فان دعم القطاع الخاص لا يؤدى مباشرة الى امتصاص البطالة ناهيك عن القضاء عليها، في ظل النظام الراسمالي لا يمكن مطلقا القضاء على البطالة . هذا وهم من جانب و من جانب اخر ان أية عملية لنمو راس المال يرافقه الركود عبر عملية تطوير وتعاظم القوة المنتجة ( شراء وسائل انتاج جديدة التي تؤدي الى طرد العمال) كما شرحنا اعلاه بصورة مسهبة، ومن جانب ثالث، هناك دعم كبير للقطاع الخاص في كافة البلدان الأوروبية و امريكا بالتحديد، وتدخلت الدولة فيها بشكل كبير خلال ثلاثة سنوات ماضية، عبر "خطة الانقاذ" حيث دفعت ما مجموعها 10 ترليونات اي عشرة الاف مليار دولار، ولكن اتسعت رقعة البطالة وزادت نسبتها، سواء كان في اوروبا او أمريكا. راس المال يذهب الى القطاع الذي يجلب الربح باسرع وقت. وهكذا ذهبت كل هذه الاموال تقريباً الى القطاع المالي.... على اية حال ندقق في خطة الدولة العراقية و نتجاوز شر الإعلام البرجوازي وخبرائه الاقتصاديين....

حول خطة التنمية الوطنية لسنة 2010-2014، التي أعلنت عنها الحكومة عبر وزارة التخطيط ، نقرا في باب "مزايا الخطة" ما يلي :

ب- لم تقتصر الخطة في معالجتها للشأن التنموي على الاستثمار الحكومي فقط، إنما اعتبرت القطاع الخاص شريكا أساسيا في عملية التنمية وتتوقع أن يساهم في تأمين بحدود ٤٦ % من الاستثمارات المطلوبة لتحقيق رؤى وأهداف هذه الخطة. وقد تم تشخيص القطاعات والأنشطة والفعاليات التي يمكن للقطاع الخاص المحلي والأجنبي الاستثمار فيها.
اما في باب فرضيات الخطة نقرا مايلي:
٣)الانتقال من الإدارة المركزية للاقتصاد الى الإدارة اللامركزية المتمثلة بحالة اقتصاد السوق والمنافسة وإعطاء دور اكبر للحكومات المحلية وفقاً للأسلوب التدريجي الهادف إلى إرساء وتوطين آليات اقتصاد السوق في تحديد الأولويات واتخاذ القرارات .
٤)إعطاء دور أكبر للقطاع الخاص المحلي والأجنبي في تمويل عملية التنمية وتوليد فرص العمل.

اما بخصوص "الأهداف الإستراتيجية للخطة" وهذا من اهم أجزاء الخطة نقرأ ستة فقرات من التسعة الاصلية وما يلي:
2- العمل على تنويع الإقتصاد، والذي يعتمد بشكل كبير للغاية حاليا على إيرادات النفط، الى اقتصاد يتسم بزيادة تدريجية في نسبة مساهمة القطاعات الأخرى في الناتج المحلي الاجمالي، وبخاصة القطاعات الانتاجية )الزراعة، الصناعة( والسياحة وان يتميز بمشاركة متنامية للقطاع الخاص على امتداد المسار الخاص بالتحول نحو اقتصاد السوق.
3- العمل على تحسين وزيادة مستوى الإنتاجية وتطوير مستوى المنافسة في قطاعات الإقتصاد كافة، وبالذات الأنشطة ذات الميزة التنافسية، في سبيل المثال، النفط، الغاز، البتروكيمياويات، السمنت، الصناعات البلاستيكية، صناعات دوائية، الكهرباء، وكذلك على امتداد مناطق، ومحافظات العراق كافة، وذلك من اجل ضمان وتاكيد اقتصاد متعاف بشكل مستمر للعراق.
4- العمل على تحقيق زيادة في معدل التشغيل وبشكل خاص ما بين السكان من الشباب والنساء، وذلك من خلال تفعيل دور القطاع الخاص في التشغيل وبما يؤمن تخفيض معدلات البطالة العالية التي يشهدها العراق حالياً ( 15 % )، بما في ذلك البطالة الموسمية والمقنعة، وما يرتبط بالبطالة من مشاكل اجتماعية.
6- العمل الجدي لتخفيف الفقر الواسع الانتشار حالياً في العراق، وذلك من خلال العمل على توليد فرص ومجالات عمل )وظائف جديدة مستدامة( ودخل مستدام وتأمين الخدمات الإجتماعية الاساسية للفقراء، وكذلك تامين التاهيل والتدريب في مجالات العمل الجديدة، وبشكل خاص بالنسبة الى فئات المجتمع الأكثر تعرضاً للمخاطر مثل اليتامى، الأرامل، والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.
(http://www.iauiraq.org/documents/1159/NDP%20-%20AR.pdf/ التاكيد مني)

من خطة التنمية الوطنية للدولة، نرى كل ما قاله الخبراء الاقتصاديين واعلامهم، نرى طبقة راس المال موحدة إقتصادياً و مختلفة سياسياً نراهم في أربيل و السليماينة و بغداد والبصرة منسجمين مع بعضهم البعض حول إستثمار العامل، ومنسجمين مع خطة الدولة بشكل مدهش، كلهم يشربون الماء من عين واحد وهو عين إنتاج فائض القيمة، عين "الربح" ليس وفق الفساد ونهب الدولة فقط بل من خلال إستثمار رؤس الاموال، كلهم عبيد لرأس المال والربح آلهتهم. اذن رأس المال مقدس لكل الحركات البرجوازية السائدة التي سيطرت على الحكم...ومعركتهم على المحاصصة سياسيا، على الدستور وتعديلاته، قانون النفط والغاز، المادة 140 و الوزارات الامنية.... هي اساساً حول من منهما يأخذ حصته الاكبر من راس المال. ان معركتهم السياسية هي ترجمة للصراع على هذه الحصة الأكبر. ليس الحركات بل اقلام البرجوازية كلها , الصحافة، خبراء، مفكرين، مثقفين، الاعلام بصورة عامة... متفق على النهج الموجود، وإذا كان هناك اعتراض ما من هنا وهناك على هذه الخطة، هو اعتراض لتزين الخطة وليس لتبديلها او انتقادها.

على اية حال ندقق في الجمل و المفاهيم الموجودة في الخطة : في باب ,,مزايا الخطة " إنما اعتبرت القطاع الخاص شريكا أساسيا في عملية التنمية وتتوقع أن يساهم في تأمين بحدود ٤٦ % من الاستثمارات المطلوبة" ونقرا في باب فرضيات " إعطاء دور أكبر للقطاع الخاص المحلي والأجنبي في تمويل عملية التنمية وتوليد فرص العمل" وأخيراً ونحن نبحث في قضية البطالة تهدف الحكومة من خلال الفقرة الرابعة اعلاه زيادة معدل التشغيل وهو معاكس لمعدل البطالة" نغض نظرنا عن معدلات الاجور و ساعات العمل..." عبر تفعيل دور القطاع الخاص في التشغيل وبما يؤمن تخفيض معدلات البطالة العالية التي يشهدها العراق حالياً ( ١٥ % ) بمافي ذلك البطالة الموسمية والمقنعة، وما يرتبط من مشاكل اجتماعية".

كل هذه المفردات الموجودة في خطة التنمية بحثناها اعلاه ويجب ان تكون معروفة من ناحية محتوياتها الواقعية والفعلية. ان الاهداف الاستراتيجية في الفقرة الرابعة اي الفقرة التي نحن بصددها متناقضة بشكل عجيب. تفعيل القطاع الخاص، الامر ليس يعنيني مطلقا، بان اقتصاد السوق سائدا او اقتصاد الدولة، هل القطاع الخاص هو قطاع مسيطر مثل امريكا و اوروبا او قطاع الدولة، ليس يهمني من من القطاعين سائدة، بالنسبة لنا كماركسيين، راس المال هو راس المال، اينما كان الشكل الذي يكتسيه، و ليس مهاً من هو صاحبه هل هو اجنبي او محلي، رأس المال يهدف الى الربح هذا هو قانونه. إذن ماهو الدور الفعلي لتفعيل القطاع الخاص في تقليل البطالة في العراق، وإذا فرضنا تم تفعليه وفق الخطة، اذا قانون الاستثمار العراقي سلم هذا الدور الى قطاع الخاص، ولكن القطاع الخاص، المستثمر الراسمالي سواء كان عراقي او اجنبي، يطلب الامن قبل كل شئ، وبعده يطلب قانون الاستثمار وهو موجود، ولكن قانون راس المال هو الربح واستغلال اقصى ما يمكن استغلاله من قوة عمل العامل، وهكذا القانون الاستثماري العراقي الذي وافق عليه البرلمان العراقي ومعروف بقانون الاستثمار رقم ( 13 ) لسنة 2006 وصدر باسم "الشعب" ولكن الشعب من وجه النظر راس المال هو طبقته و راس ماله وهكذا كتب هذا القانون حيث نرى في الفقرات أدناه:
8: تشجيع المستثمرين العراقيين من خلال توفير قروض ميسره وتسهيلات مالية لهم بالتنسيق مع وزارة المالية والاستعانة بالمؤسسات المصرفية مع اشتراط ان يقوم المستثمر الحاصل على القرض باستخدام عدد من العراقيين العاطلين عن العمل يتناسب وحجم القرض.

و يضمن القانون للمستثمر
اولاً : يحق للمستثمر توظيف واستخدام عاملين من غير العراقيين في حالة عدم امكانية استخدام عراقي يملك المؤهلات اللازمة وقادر على القيام بنفس المهمة وفق ضوابط تصدرها الهيئة .
ثانياً : منح المستثمر الاجنبي والعاملين في المشاريع الاستثمارية من غير العراقيين حق الاقامة في العراق وتسهيل دخولة وخروجه من والى العراق.

القوانين واضحة تماماً اذا المستثمر عراقي لا يطلب القرض بإمكانه جلب العمال من الصومال او النيبال او الفليبين او بنغلاديش حيث العمالة الرخيصة حتى مقارنة بعمال العراق و هي اصلا رخيصة ( طبعا أغض نضري من الفساد والعقود الزائفة و المحسوبية التي تمنح للرأسماليين بفضل الله لحواشي المسئولين الكبار، واغض نظري من الفساد والمحاصصة ايضا). أذا نسلم ان رأس المال لايعرف الحدود و لا الدين ولا الطائفة حينذاك ان هدفه الربح وفقط الربح. إذن يجلب عماله من ارخص سوق لبيع قوة العمل ، هذا هو القانون الجوهري للاستثمار الراسمالي على الصعيد العالمي والمحلي و اينما كان رأس المال له الحضور. ولكن قانون الاستثمار يتعدى ذلك بكثير حيث لا يفرض اي شئ على المستثمر مطلقا، ويطلق يده حسب ما يشاء، ويقر باستخدام صريح للعمالة الاجنبية" عاملين من غير العراقيين". اذن اين دور تفعيل قطاع الخاص في تقليل نسبة البطالة؟! ليس له اي دور، و وفق قانونهم طبعاً.

والحال هذا، ان خطة التنمية الوطنية، هدفها ليس رفع معدلات التشغيل كما جاء اعلاه في الفقرة الرابعة، بل هدفها تحويل السوق العراقية الى اقتصاد السوق بالكامل وهذا حق راس المال، ليس لدي ادنى اعتراض حول هذا الامر، في حدود سيادة راس المال في العراق. ولكن عليهم ان لا يخدعوا العمال والعاطلين عن العمل, عليهم ان لا يكذبوا و لا يفرضوا الخداع والنفاق على الجماهير. بالنسبة لي ان العمال لا وطن لهم، وليس هذا قضية نظرية او عقائدية مطلقاً بل ان " الوطن العراقي" الحاضر هو وطن لطبقة رأس المال، دستوره وقوانينه" كما بيناه" إدارته، ممارساته كلها. العراق دولة طبقة راس المال، عليه يشرع قوانينها وفق مصالحها وهذا حقها، ولكن ليس لها الحق ان تدفع بالعمال والعاطلين عن العمل الى الجحيم والعوز، ليس من حقها هذا، عليها ان توفر معيشة مناسبة لكل فرد في العراق، وهذا حق اي مواطن عراقي حتى في ظل هذا النظام المتعفن. ان العمال على الصعيد العالمي يهدفون و يفتشون عن سوق لبيع بضاعتهم " قوة العمل" باحسن الاسعار، كما نرى العامل البنغلاديشى او الصومالي يهاجر الى العراق او أوروبا أو... في سبيل تحسين اموره المعيشية، والعراقي يذهب الى الاردن والخليج واوروبا للسبب نفسه. اما رأس المال ايضا يهاجر من بلد الى اخر لايجاد سوق ليشتري به بضاعته" قوة العمل" بارخض الاسعار، كما نرى نقل شركات بكامل وسائله الى تلك البلدان التي فيها الأيدي العاملة الرخيصة، حيث ليست هناك شركة عالمية كبيرة ليس لديها فروع كبيرة في الصين والسبب هو الايدي العاملة الرخيصة مقارنة باوروبا وامريكا و حتى مقارنة مع العراق.

نحن في عصر و تاريخ الذي تتكامل فيه بالكامل السوق العالمية الموحدة بمعنى الكلمة. راس المال كطبقة و كنظام، شركات و حكومات تفتش عن سلعتها في هذا السوق الكبير و العامل ايضا" على الرغم من كل المحدويات التي وضعت امامه"، إذن وفي التحليل الاخير ان مستوى او الحد الادنى من الاجور، لا يحتسب وفق بلد من البلدان بل و فق المعدل المتوسط لهذه البضاعة على الصعيد العالمي، وهو الهدف الذي يرنوا اليه راس المال على الصعيد العالمي لانه في صالحه. انه وهم من اراد ان يمنع " العمالة المهاجرة" وحتى قرار وزارة العمل العراقي حول هذا المنع يشير الى العمالة الاجنبية غير قانونية، اي الذين دخلوا العراق بصورة غير قانونية، كما تسمى " الهجرة غير الشرعية". لكن راس المال و بما ان دستور العراق و قانونه هو دستوره وقانونه لماذا يجلب العاملين بصورة غير قانونية، يجلبهم بصورة قانونية وحينذاك لم يبق اي اثر او اي دور لتفعيل دور القطاع الخاص في تقليل البطالة. وهذا بغض النظر عن الفقرة الثالثة من الخطة التنموية اعلاه " العمل على تحسين وزيادة مستوى الإنتاجية وتطوير مستوى المنافسة في قطاعات الاقتصاد كافة " اي جوهر تناقضات نظام راس المال. ان رفع مستوى الانتاجية، يعني تعاظم وتطور القوى المنتجة، والمنافسة لا محال تؤدي الى تعاظم هذه القوة ايضا من جانب و تؤدي الى خراب ودمار لراس المال الذي ليس بامكانه ان ينافس الاخرين من جانب اخر ، اي ليس بامكانه جلب اداوات وسائل انتاج جديدة لقطاعه او مصنعه، وبالتالي يخرج من الساحة ويغلق مصنعه وتطرد العمال منه ، او ربما اذا كان لديه فرصة او نصيب ما يندمج مع شركة اخرى في الفرع نفسه، بشروط تفرض من الشركة الاكبر، وحينذاك ايضا نحن امام طرد العمال ولو بصورة اقل ربما في الوهلة الاولى ولكن ان عملية تجديد و اعادة انتاج القوة المنتجة، هي عملية مستمرة دون توقف، عليه في النتيجة النهائية، لسنا امام حل وفق خطة التنمية الوطنية ولا وفق قانون الاستثمار حيث يقول ماركس بهذا الصدد".و الآلات تحدث المفاعيل نفسها على نطاق أكبر، إذ أنها تستعيض عن العمال الماهرين بعمال غير ماهرين، و عن الرجال بالنساء، و عن الراشدين بالأحداث، و إذ أنه، لمجرد ظهوره، تلقى العمال اليدويين بالجملة إلى الشارع، و إذ أنه، في مجرى تطويرها و تحسينها و إتقانه، تطرد العمال فئات كاملة. لقد رسمنا أعلاه لوحة عاجلة للحرب الصناعية بين الرأسماليين؛ إن هذه الحرب تتميز بميزة خاصة، و هي أن المعارك فيها إنما تُكسَب عن طريق تقليل جيش العمال أكثر مما تكسب عن طريق زيادته. فالقادة، الرأسماليون، يتنافسون لمعرفة من يستطيع أن يسرّح أكبر عدد من جنود الصناعة."(ماركس/العمل المأجور ورأس المال/ التأكيد مني).

لكن نحن في العراق لدينا مئات الالاف من البطالة"المقنعة" اي "ترهل الدولة" كما يقولون، وحسب الخبير ماجد الصوري أعلاه لدينا 80% من هؤلاء اي الذين ليس لديهم عمل، يستلمون رواتبهم فقط على حد قوله، وهذا يعني ان معدل التشغيل في القطاع العام او الحكومي يزيد بنسبة كبيرة عن الطلب الواقعي للعمل في هذا القطاع، والحال كهذا يجب ان تطرد هذه الزيادة، فكيف تعالجه خطة التنمية الوطنية، كما جاء في فقرة الرابعة اعلاه ؟! لا حل لديهم بل تم حسابهم على نسبة البطالة وهذا كل شئ. لكن سياسة الدولة في الواقع هي التخلص من هؤلاء باسرع ما يمكن، وفق قانون التمويل الذاتي او وفق ترشيق الوزارات" دمج الوزارتين او اكثر مثلا النفط والكهرباء تحت اسم وزارة الطاقة او البيئة والزراعة، تحت اسم اخر... من هنا نصل الى ان الحكومة ليست لديها خطة لتقليل نسبة البطالة. اذا هناك خطة ما فهي لدى المستثمر الراسمالي او لدى راس المال على الصعيد الاجتماعي ككل. ولكن راس المال في العراق لديه مشكلة الامن والاستقرار. من جانب اخر ان اي راسمالي في العراق سواء كان اجنبيا او عراقيا ليس بامكانه ان يستثمر في الزراعة مثلا، لان ليس لديه القدرة التنافسية في ظل السوق العراقية حيث تصل الى العراق كافة السلع الزراعية بأرخص الإثمان... اذا لا حل من وجه نظر البرجوازية. ولكن قبل غلق هذه الفقرة علينا ان نعرج ولابد على الحزب الشيوعي العراقي أيضا ، لأنه يحمل اسم الشيوعية، وثانيا يدافع عن العمال والكادحين بالطريقة التي رسمها راس المال في زمن ما في الماضي . هو حزب راس مال يمثل القومية بملحقات معروفة تارة إصلاحي لغاية سقوط الكتلة الشيوعية البرجوازية الروسية، وبعده بمحلق بالديمقراطية .
الحزب الشيوعي العراقي والبطالة
وأخيراً نصل الى ممثل اخر من ممثلين طبقة الرأس المال ولكن تحت لافتة الشيوعية ، ولكونه يحمل اسم الشيوعية ، عليه ان يكون لطوفاً مع العمال و الجماهير الكادحة. يقول الحزب الحزب الشيوعي العراقي في تقريره السياسي للمؤتمر الثامن للحزب ونقرا في باب "البطالة - اهدار للعنصر البشري" مايلي:( ويسعى حزبنا الى جعل مكافحة البطالة في مقدمة أهداف السياسة الاقتصادية للدولة ، والى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالتوصل الى حلول لهذه الظاهرة المتفاقمة وللتغلب على الاختلالات ، ومن بينها تشجيع القطاع الخاص على زيادة حجم المساهمة في النشاط الاستثماري ، وتخفيف المخاطر الناجمة عن تطبيق برامج " الإصلاح الاقتصادي " ، والتوسع في تنفيذ المشاريع العاجلة الكفيلة باستيعاب اكبر عدد ممكن من الأيدي العاملة ، لتخفيف البطالة المرتفعة في اوساط شريحة القوى العاملة ، وزيادة الاعتمادات المالية لمشروعات الأشغال العامة. ويدعو حزبنا، في الوقت ذاته، إلى تقديم القروض للأسر الفقيرة من شريحة العاطلين عن العمل لمساعدتها في القيام بأنشطة انتاجية ومشاريع صغيرة . وذلك من خلال زيادة الاعتمادات المالية وتنويع مصادرها وبالتالي تنويع قنوات ضخها (شبكة الضمان الاجتماعي) .( التقرير السياسي للمؤتمر الوطني الثامن للحزب الشيوعي العراقي/ الحوار المتمدن/ http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=98116/ التاكيد مني)
شرحت بالتفصيل" ومن بينها تشجيع القطاع الخاص..." طبعا ان الحزب الشيوعي يدافع بخجل (كعادته ) عن اقتصاد السوق تحت يافطة" خصخصة مرسومة" في ظل التغير" الديمقراطية والتجديد" منذ 1993، ولكن كما اكدت ليس مهما بالنسبة لي الشكل الذي يظهر به راس المال. ولكن هذا المقطع اعلاه كله "كلام الجرائد" ليس إلا. مثلا كيف يسعى الحزب الشيوعي العراقي الى جعل مكافحة البطالة في مقدمة اهداف السياسية الاقتصادية للدولة؟! ان الحزب الشيوعي ليس لديه لا وزارة ولا أي شيء وحتى ليس لديه كرسى واحد في البرلمان" ولو للأسف، وعلى الاقل انه احسن من كل الكتل الموجودة في البرلمان" اذن كيف بامكانه ان يفرض على الحكومة؟! وطبعا ان برنامجه اي المقطع اعلاه وهو بمثابة برنامج لان التقرير السياسى المركزي قدم الى اعلى المراجع الحزبية وهو المؤتمر الثامن، خالية من اي نوع وشكل من اشكال النضال!! لا نضال ولا كرسي اذن كيف تفرض " جعل مكافحة البطالة في مقدمة اهداف الدولة" ؟انه كلام الجرائد لغرض الإعلام والدعائية، ولغرض لم وجمع العاطلين عن العمل والشباب الخرجين حول برنامج غير واقعي ومبهم ، ليس لقراء هذا المقطع بل للصديق الذي كتب هذا المقطع ايضا.
ولكن الحزب الشيوعي اخيرا وصل الى الخيط ومسك به ولكن مع الاسف ومرة اخرى بعد الاخرين حيث يقول الحزب" تشجيع القطاع الخاص على زيادة حجم المساهمة في النشاط الاستثماري". إذن يردد ما قاله الآخرون من قبل بسنوات او بعقود، او على الاقل طرحه بول بريمر وبعده قانون الاستثمار العراقي و و... ماهي هذه الأحاجي غير البارعة؟ّ تعبر عن سياساتك بصورة واضحة وشفافة وبدون ان تكون صدى للآخرين . الحزب الشيوعي يعرف ذلك جيدا ان مقعد او طرح "تشجيع..." له صاحبه ومحجوز، مثل الفدرالية في العراق صاحبها معروف الاتحاد الوطني و الديمقراطي الكردستاني، اذن اين الفائدة في تكرار ما ردده الآخرون ؟! حتى أن طلبه " الضمان الاجتماعي" فضفاض و انتقائي الى درجة تتناسب فقط مع ادبيات الحزب الشيوعي. اذا ليس في جعبتك البديل , يحسن السكوت ، لان ترديد ما قاله الآخرون ، سيحول الحزب الى الذيلية للاخرين كما نشاهد الان! وانا من كل قلبي لا اريد ان يكون الحزب الشيوعي العراقي ذيلا للأحزاب الحاكمة.
حزب الشيوعي العراقي يهدف الى نظام راس المالي مرن، "وانساني" ولطوف مع مواطنه. وهذا وهم، وهم روج له هذا الحزب منذ تشكليه وضحى في سبيل هذا الوهم اناس جيدين و ماركسين تحت اسم الشيوعية، في صفوف هذا الحزب. سنرجع في بحث قادم الى الحزب الشيوعي العراقي استراتيجيته، برنامجه، أنماط علمه، آلياته ، تنظيمه... في بحث مستقل. كحزب قومي بملحقات معروفة، ليس له ادنى صلة بشيوعية ماركس و البيان الشيوعي. انه نوع من الشيوعية البرجوازية الدراجة على صعيد العالمي.
العمالة الأجنبية ، تأثيرها على زيادة نسبة البطالة!

يرى الخبير الاقتصادي، ورئيس تحرير جريدة مجتمع الأعمال العراقي، اسعد العاقولي في حوار مع دويتشه فيله أن "زيادة الاعتماد على اليد العاملة الأجنبية تعد سبباً لتفشي ظاهرة البطالة في العراق، التي ازدادت وبشكل ملحوظ بعد عام 2003". فهذه العمالة الرخيصة أصبحت مفضلة في سوق العمل. ويشير العاقولي إلى أن "الاقتصاد العراقي يعاني من بطالة مزمنة كتلك التي تعاني منها اقتصاديات بعض دول الخليج والتي يصعب حلها إلا من خلال تدخل الدولة بشكل مباشر وفعال عن طريق تقنين إدخال العمالة الأجنبية إلى العراق".( جريدة الصباح/ مناف الساعدي ـ بغداد/ http://www.dw-world.de/dw/article/0,,15132800,00.html/ التأكيد مني).
هذا التصور اي تقنين ادخال العمالة الاجنبية، او منع العمالة الاجنبية في العراق او اي بلد كان، هو تصور عقائدي رائج، له تاريخه وخصوصا في العراق، ان التصورات القومية الاقتصادية قوية ومتجذرة، عقائديات مضى زمنها، و أصبح هذا التصور في متحف أفكار التأريخ ولكن لا زال يلقي بظلاله على العمال والجماهير الكادحة، كأن الموتى تسيطر على الأحياء و تحركها!! هذا التصور لخبير اقتصادي الذي يدعوا الى "تفعيل دور القطاع الخاص" متناقض مع عقيدته، لان قطاع الخاص يشمل الاجنبي والعراقي يشمل راس المال الاجنبي و العراقي ايضا كما أقره قانون الاستثمار العراقي، و اقتبسنا منه مقاطع مختلفة... هذا بغض النظر عن آليته الذاتية التي يتحرك راس المال وفقها. اي آلية التجديد المستمر للقوى المنتجة، والقوى المنتجة تشمل وسائل الانتاح الآلات و قوة العمل اي العمال، هذا تجديد واعادة التجديد و التمركز والمنافسة والمزاحمة والاحتكار، و من هنا لا تغلق الحلقة بل وفق هذا الاسلوب والآلية تتجدد مرة الاخرى المنافسة و المزاحمة والاحتكار وهي حلقة مستمرة في اسلوب الانتاج الراسمالي سعيا منها لتراكم الربح، و اخراج الرأسماليين الصغار من السوق.
هذا التصور له دعاته على صعيد الاحزاب القومية بمختلف مشاربها القطرية والعروبية والاصلاحية والمعتدلة والمقاومة، حيث يقول السيد مفيد الجزائري عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي حول العمالة الاجنبية" وعلى الصعيد الرسمي أعرب النائب عن الحزب الشيوعي العراقي مفيد الجزائري عن عدم ارتياحه لتوافد العمالة الآسيوية على البلاد خوفا من تفاقم البطالة بين الشباب. وقال الجزائري ان العراق يمر بأزمة بطالة بنوعيها المقنعة والظاهرية مما يتطلب جهدا حكوميا ودوليا للقضاء عليها او تقليل نسبتها على اقل تقدير . واضاف الجزائري ان ازدياد هذه الاعداد الى المئات قد يعيق مشروع تقليل البطالة في العراق"( غزو العمالة الآسيوية صداع آخر لحكومة المالكي/ http://www.nfgiraq.com/news/print.3574/ / التاكيد مني).
أما الحكومة العراقية وعبر وزارة العمل ، واعية أكثر لراس المال ومصالحه الطبقية من السيد مفيد الجزائري، لكونها صاحبة سلطة، وتدير راس المال على صعيد العراق كله، لان راس المال يتطلب كما أشرنا اليه انفا ، العمالة الرخيصة من أين ما كان، في ظل عالمنا المعاصر، حيث لا حدود امام جبروت راسمال وسعيه للربح وامتصاص فائض القيمة. (نحن في الحزب الشيوعي العمالي حين سمعنا بقرار ترحيل العمال من قبل وزارة العمل أصدرنا بيان ضده فوراً ولكن بعد ذلك و بعد ان وضحت الوزارة الامر، ظهر ان المقصود منه هو فقط العمالة الاجنبية غير القانونية.) . نرى ان الحد الادنى من الاجور في بنغلاديش اقل من خمسين دولاراً شهريا، إذن " الوطن" و"القوم" و"الدين" و "الطائفة" لا تصمد امام شجع راسمال، يأتي بالعمال من أي بلد كان ، وحين يأتي بالعمال يخلع عن نفسه كل المقدسات ماعدا قدسية الملكية الخاصة. هذا هو قانون راس المال. يخلع عن نفسه هذه المقدسات لكي تلبسها العمال والكادحون ، و تخلق الصراع والتفرقة بينهم على هذا الاساس، وهو ينعم بالإنتاج الذي ينتجه العمال.
راس المال يتحرك وفق مصلحته، وهو الربح فقط، والقانون الراسمالي على صعيد العالمي تحميه وتوفر له كافة مستلزمات المطلوبة لمسعاه هذا، في العراق قانون الاستثمار مثلا. ولكن لندقق في امر السيد مفيد الجزائري و السيد العاقولي، هل فعلا ان وجود العمالة الاجنبية تؤثر او تعيق مشروع تقليل نسبة البطالة؟! نعود قليلا الى ما كتبت في الرسالة الثانية الى ( الرفيق ) حول هذا الموضوع هكذا:
(من هنا وفق المنظور العمالي و انا لا اقول الشيوعي العمالي، ليس مهماً من يدير شركتي، هل هي اجنبية بى بى او إن كانت شركة صينية او ايطالية او هولندية او يابانية او كازاخستانية او روسية او اماراتية او امريكية او عربية او كردية او ايرانية او تركية أو عراقية... رأس المال يستثمر العمال و يستغلهم ، الرأسمال ليس لديه قومية او طائفة، انها يافطات لتركيع العمال فقط عبر تقسيم العمال وفق الهويات القومية و الدينية والطائفية و الجنس...، انهم متحدون لتقسيم الربح" العملية السياسية الراهنة في العراق" هي توافق بين البرجوازية القومية الكردية والعربية عبر القائمة العراقية و الطائفية عبر الائتلاف الوطني... اذن ان التيارات البرجوازية السائدة في العراق هي متحدة ضد العمال في سبيل تقسيم الثروة" فائض القيمة" بينهما. الراسمال الإماراتي استثمر في جمجمال عبر شركة"دانا للغاز"... الراسمال لا يعرف الحدود والوطن...الراسمال البريطاني عبر بى بى يستثمر العمال في البصرة، ويستثمر وليد بن سلطان الملياردير السعودي، العمال في شركات عالمية عدة منها غروب ستي، و فنادق فورسيسن الموزعة عبر العالم، و قنوات الموسيقية والفنية لروتانا و المملكة القابضة، انه يستثمر العمال عبر العالم أجمعه وهكذا شركة تويتا اليابانية و جنرال الكترتيك وشل الهولندية و هاليبرتون الامريكية و النخيل الاماراتي و شركة نفط الجنوب والشمال و كورك و زين للاتصالات، و شركة المواد الإنشائية والجلدية ...الراسمال ليس له وطن... كما للعمال ليس لهم وطن ، ان وطن البرجوازية هو قيد في عنق العمال لتضيق خناقه ، انظروا الى الاستثمار الراسمالي في دبي و ابو ظبي وبصورة عامة في الخليج من الدوحة الى رياض... ان الاكثرية المطلقة من العمال هم من جنوب اسيا... ان لمليارديرات الخليج من الامراء والشيوخ.. يعتاشون ويراكمون ثروتهم عبر امتصاص فائض القيمة من اليد العاملة الرخيصة هذه... هذا بحث يتطلب دراسة مسهبة لنقد هذا التوجه اي القومية الاقتصادية او ما يسمى " الاقتصاد الوطني" الذي لا يعيش بدونه الحزب الشيوعي العراقي مثلا.. هذا ما نبدأ به قريباً بصورة مسهبة وتفصيلية، هناك بحث مهم لمنصور حكمت حول البرجوازية الوطنية... سننشره قريباً في كراس خاص.

اريد ان أأكد وقبل البحث التحليلي والنظري لهذا الموضوع، ان حياتنا الواقعية تبرهن حقيقة هذا الامر. لماذا لدينا ظاهرة عالمية اسمها" العمالة المهاجرة" لماذا العمال يهاجرون من " وطنهم" الى " اوطان اجنبية"؟ سؤال بسيط ولكن براي يحمل في طياته مسائل مهمة. وهي ان العمال الذين يهاجرون من "اوطانهم" وهي ظاهرة عالمية، يبتغون العمل ليس العمل فقط بل تحسين ظروف معيشتهم او عملهم. وهم يعرفون حق المعرفة انهم يواجهون رأسمالا اجنبيا او غير "وطنيا" مسثمرا "بريطانيا" او "امريكيا" او "استراليا او كنديا او سويديا او المانيا"... اليوم لدينا العمال العراقيين" اذا صح التعبير في المانيا و بريطانيا وامريكا و كندا واستراليا و مصر و سوريا وامارات في شركات عدة...لماذا يعملون؟ في سبيل توفير لقمة عيشهم . هكذا كان العمال المصريين في فترة الحرب العراقية الايرانية، او السودانيين.... هذه الحقيقة والظاهرة تبرهن ان ليس للعمال وطن و ليس للرأسمال الوطن. مشكلة العمال هي ان " الوطن، القومية" هي كمين نصبه البرجوازية للعمال، والعمال أصبحوا مصيدة لهذه الألاعيب والهويات.بمعنى اخر ان العمال يبتغون تحسين أمورهم المعيشية حين يهاجرون، والراسمال يبتغي العامل الرخيص والمطيع حين يهاجر، هذا هو قانون من قوانين الرأسمالية في عصرنا الراهن.)( سامان كريم / رسالة الى (الرفيق) / حول التنظيم 2/ http://www.wpiraq.net/arabic/tekst/saman.karim/250911.htm/ التاكيد مني)

كيف بالإمكان وقف هذه الموجة العالمية، هي ليس موجة فحسب بل أمواج كبيرة، تتحرك في إطار السوق العالمي. القضية ليس استقدام العمالة الاجنبية عبر الشركات مثل "شركة ديوان المجبال للخدمات وتشغيل الايدي العاملة" في العراق، بل القضية لدى العمال اينما كان هي تحسين امورهم المعيشية، مثل النضال الاقتصادي للعمال مثل الاضراب في سبيل زيادة الاجرة، او الحصول على الربح السنوي او... الفرق بين الاضراب في سبيل رفع الاجور وبين الهجرة، هو ان العامل كفرد يقرر ان يهاجر و يحسن اموره المعاشية، وهذا حقه الطبيعي، لكن الاضراب هو ارادة وقرار جماعي وبطبيعة الحال ان القرار الجماعي هو الاهم. لكن نحن بصدد شرح القضية من الناحية الواقعية و الموضوعية. العامل حين يترك عائلته واطفاله من بنغلاديش او الفلبين مثلا و يهاجر الى الخليج او العراق او اوروبا، يتطلع الى تحسين اموره المعاشية، حيث فرق الاجرة واضحة للعيان بين البلدين العراق و البنغلاديش مثلا، اذن يسافر في سبيل تحسين قوته وعائلته، مثله مثل الراسمال الذي ليس لديه اي عائق للهجرة، ليس عبر السفر بل عبر الانترنيت ايضاً، او عبر البورصات العالمية و أسوق أوراق المالية. ليس من حق اي احد كان سواء كان حكومة او حزب او اي شخص او حزب ان يسلب هذا الحق من العامل، لانه ليس بامكانه ان يسلب هذا الحق اي حق الهجرة من راس المال والمستثمرين. هذا جانب من الموضوع.

اما بخصوص الجانب الثاني، اذا نجعل العملية معكوسة ، اي نحسب العمالة العراقية المهاجرة الى اوروبا و الاردن والخليج وسوريا ومصر و امريكا واستراليا و نيوزلند وتركيا وإيران، و نفترض بامكان هؤلاء القوميين ان يسلبوا هذا الحق منهم ويفرض عليهم العودة الى العراق حينذاك يعود الى العراق على اقل التقدير نصف مليون عامل، واذا نقارن هذا العدد بالعمالة الاجنبية الموجودة في والقت الحاضر ، سنحصل على عدد يكون بحدود أكثر من عشرة اضعاف . ونفرض ايضا ان الحكومة تصدر قراراً بترحيل العمالة اجنبية كافة، حينذاك سيصبح لدينا وجود جيش كبير من العاطلين عن العمل بحدود عشرة اضعاف. ماهي اجابة اصحاب هذه النظرية التي تهدف الى ترحيل العمالة الاجنبية؟!. ظاهرة البطالة هي ركيزة من ركائز اسلوب انتاج الراسمالي لا تحل الا بإسقاط هذا النظام. اذن ان واقع الحال يدلنا على ان هذه الحركة الدائرية لراس المال و العمال هي قانون طبيعي للراسمالية المعاصرة المعولمة، من يقف بوجها لاعادتها الى الوراء هو رجعي لا محال. حيث ليس بالإمكان إعادة حركة التاريخ الى الوراء.

ان السوق في عالمنا المعاصر سوق عالمية ، يتحرك فيها الاموال والعمال. ان هجرة العامل العراقي من حيث العدد لا تقارن مطلقا بالعمالة الوافدة الموجودة حاليا. إذن المعادلة ليس لصالح هذا التصورات القومية الاقتصادية او بالاحرى القومية من الناحية السياسية، حتى وفق حسابات ماتماكية بسيطة. واخيراً ان هجرة العمال و راس المال على الصعيد العالمي بقفزات كبيرة وخلال العشرين سنة الماضية ستخلق لا محال مجتمعاً عالمياً، وفي التحليل الاخير ستتوازن فيه الاجور او الحد الادنى من الاجور كفعل تاريخي، لراس المال المعاصر.

نضال ضــــــــــــــــــد البـــــــــــــــطالة

كل التحليلات والتوصيات التي يقدمها لنا المحللون البرجوازيون سواء على الصعيد الرسمي الحكومي او على صعيد الصحافة والاعلام وخبرائها و مفكريها، تدلنا على ان نرجع الى اطار راس المال ان ننتظر دورة نموه , ان ننتظر وصفات صندوق النقد والبنك الدوليين او نادي باريس او الامم المتحدة، كلها تدلنا على دور وتفعيل القطاع الخاص، او ان ننتظر خطة خمسية او عشرية أو هيكلة الاقتصاد وهكذا. يسار البرجوازية أو ويمينها ، الكل، حيث تحدثنا عن الحزب الشيوعي العراقي، ان توصياته كيسار برجوازي ليس فقط لا تختلف عن اليمين فحسب بل انه يردد ويشدد على طروحاتهم كما بيناه اعلاه. وكل هذه الطرق مسدودة بوجه تقليل نسبة البطالة ناهيك عن القضاء عليها" قلنا انه وهم في ظل النظام الراسمالي"، كما شرحنا.
كما شرحنا بالتفصيل، ان تراكم الثروات وتطور العلوم وتراكم الانتاج في ظل النظام الراسمالي، يتحول الى كابوس وفقر و املاق وبطالة للأكثرية العظمى من المجتمع. انه تناقض صارخ بين تراكم الثروات من جانب والفقر والعوز من جانب اخر. اذن لحل هذه القضية وهذا التناقض ليس طريق اخر غير الثورة الاشتراكية، والغاء العمل الماجور. بهذا المعنى الاشتراكية تحل هذا التناقض حيث يتحول الانتاج وتطويره وتراكم الثروات الاجتماعية الى افراد المجتمع باجمعه، حينذاك يتفق المجتمع وأفراده مع بعضهم البعض، حينذاك تتفق المصلحة الاجتماعية مع المصلحة الفردية.
ولكن نحن نعيش في ظل النظام الراسمالي في العراق، عليه ان النضال في سبيل تحسين الامور المعاشية و النضالية هو جزء مهم من مسعى الثورة الاشتراكية. جزء لا يتجزء من هذه الثورة، حلقاتها الاولى وبنفس الوقت بذرتها الاولى. الاصلاح هو جزء مهم مادام الظلم والاستغلال سائد فان سعي العمال و الانسان بصورة عامة لتحسين وضعه الحياتي هو مسعى وجهد مستمر عبر التاريخ. أذن وفي سبيل تقليل نسبة البطالة، نناضل في سبيل تقليل تبعاته وأثاره. هو نضال إصلاحي جاري لابد منه ، في ظل النظام الموجود، وحلقة مهمة لتطوير وتقوية ومقدرة الطبقة العاملة الثورية.
يقول ماركس بصدد النضال ضد البطالة" إن سريان مفعول قانون العرض والطلب عليه يستكمل، على هذا الاساس، استبداد رأس المال. ولذلك حالما يدرك العمال السر، ويعرفون كيف يحدث انهم كلما بذلوا عملاً أكثر، وانتجوا ثروة اعظم، للاخرين، وتنامت قوة عملهم المنتجة، غدت وظيفتهم نفسها كوسيلة للنمو الذاتي لراس المال، محفوفة بالمزيد من الاخطار، وحالما يكتشفون ان حدة المنافسة بينهم انفسهم مرهونة كلياً بضغط فيض السكان النسبي، ثم حالما يسعون، عن طريق التريديونيونات، الخ. ، الى إقامة التنسيق والتعاون المنتظم بين العاملين والعاطلين عن العمل لإزالة أو اضعاف الآثار المهلكة لهذا القانون الطبيعي للانتاج الراسمالي، على طبقتهم، يشرع الرأسمال، وخادمه الاقتصادي المتملق الذليل في الصراخ بصدد انتهاك القانون "الازلي"، القانون " المقدس"، أن جاز التعبير، للعرض والطلب.وكل ترابط بين العاملين والعاطلين عن العمل انما يشوش" صفاء" فعل هذا القانون.( المصدر نفسه/ التاكيد مني)
ليس أمام الطبقة العاملة غير النضال بوجه هذا الوحش الكاسر ، البطالة. اقول الطبقة العاملة كلها، بمعنى الجزء المستخدم العامل و الجزء العاطل عن العمل...وهذه القضية فرضتها وقائع وواقع الصراع الطبقي في العراق، كقضية ملحة وفورية امام الطبقة العاملة بجزئيها. لماذا تتصدى الطبقة العاملة في العراق لامر البطالة , اصحبت قضية اجتماعية وفورية لكل الطبقة وليس فقط لجزئها العاطل؟!
أولا: وجود جيش كبير لعاطلين عن العمل: هذا الجيش نسبته كبيرة جداً ليس بامكان رأس المال ان يمتص نصفه مهما كانت درجة نموه، او حتى أذا طبقت الخطة الأستراتيجية والوطنية 2010-2014 بكل تفاصيلها ، وخصوصا اذا نحسب الايتام و الارامل كجزء لا يتجزأ من هذا الجيش... او اذا ننتظر لاطفال من قتلوا في الصراع الطائفي حيث اليوم اصبحت أعمارهم مهيئة للعمل، ناهيك عن درجة نمو السكان في العراق حيث تتعدى 3% وهذه نسبة كبيرة مقارنة بأكثرية بلدان العالم. هذا الجيش وفق كل مقاييس تطور راس المال وتمركزة ليس بامكانه توفير فرصة العمل لـهذه النسبة الكببرة من العاطلين عن العمل و خصوصا اذا نعرف ان درجة التنافسية لاقتصاد العراقي درجة واطئة جداً في كافة فروع رأس المال، الزراعة والصناعة بدون النفط. والقطاع النفطي ليس بامكانه ان يمتص اية نسبة اصلا و جزء منه ما يسمى " عمال العقود" معرضين للطرد. خصوصا ان عمال النفط وفي قطاع النفط الجنوبي لديهم "قلاقل" وفق وصف البرجوازي والحكومة و الشركات الأجنبية فيها. وفي هذه الحالة ان الشركات الاجنبية ربما تتقدم الى العمالة الاجنبية وهذا من حقهم وفق قانون الاستثمار العراقي.
ثانيا: التمويل الذاتي: ان جزء كبير من الطبقة العاملة، اي جزئها العامل وهم معرضون للطرد عبر قانون التمويل الذاتي، في قطاع الصناعي. وهذا بحد ذاتي يثقل الأعباء والصعوبات على الطبقة العاملة بأكملها وخصوصا بجزئها العامل و يحوله الى عبد مباشر، اذا الطبقة العاملة لن تباشر بردها الطبقي والوقوف بوجه هذه الهجمة الخطيرة على معيشة كل طبقة العاملة، ناهيك عن الفئات الفقيرة الاخرى. ان قانون التمويل الذاتي لا يدلنا مباشرة الى الطرد، ولكن يدلنا على ان الشركات الصناعية التابعة لوزارة الصناعة عليهم توفير امكانيات انتاجية توفر لعامليها الراتب المطلوب خلال ثلاثة سنوات وهذه السنوات انتهت في حزيران الماضي. ولكن ماذا بعد ذلك؟ هنا المعنى المباشر يعني غلق المصانع او خصخصتها او دمج تلك الشركات القربية عن بعضها البعض من الناحية الانتاجية. وكل هذه الامور يعني طرد نسبة كبيرة منهم. السبب الوحيد الذي لن تتجرأ الحكومة على تنفيذ القراره هذا , فقط بسبب الخلافات السياسية الموجودة وعدم التوافق سياسي بين الاحزاب والتيارات البرجوازية الحاكمة. ومن جانب اخر عدم استتباب الامن للمستثمر. ولكن سوف لن تبق هذه الحالة و مصلحة رأس المال تزيح هذه العقبة في النتيجة النهائية. ومن زاوية اخرى ان التمويل الذاتي لا يؤدي بصورة مباشرة الى خصخصة كل هذا القطاع، بل يعني إعادة هيكلته حسب وصفة راس المال و البنك الدولي و نادي باريس. وهذا يعني ربما تغلق عدد من الشركات التي ليست لديها اية فرصة للمنافسة او النهوض، اي لا تجلب " الربح" لرأس المال" وهذا واضح من خطة التنمية الوطنية 2010_2014" اهداف الأستراتجية لخطة الفقرة الثالثة أعلاه". وهذا يعني ايضا ضرورة تمركز راس المال في القطاعات التي تجلب ربح متعاظم.
ثالثا:الاحتجاجات العمالية والجماهيرية: هناك نضال عمالي جاري في قطاعات مختلفة ومنها القطاع النفطي، حول زيادة الاجور" توزيع الأرباح السنوية" و "مخصصات الغذاء" ... وهناك ايضا تحركات في القطاع الصناعي في الجلود والكهربائية بدرجات مختلفة، ونشاهد تحركات نشطاء وقادة عماليين للتصدي لقانون التمويل الذاتي، هذا من جانب الجزء العامل من الطبقة العاملة، اما من جانب اخر نرى الاحتجاجات الجماهيرية منذ شباط الماضي و احدى مطالبها المهمة و الفورية، هي " توفير العمل او ضمان البطالة". العاطلون عن العمل يشكلون جزءأ كبيرا من هذه الاحتجاجات. ان هذا المطلب هو مطلب جماهيري كبير و من اهم المطالب التي تتكرر بإستمرار. الحالة الاحتجاجية من الجانبين موجودة، الجزء العامل و الجزء العاطل من الطبقة العاملة.
بناءً على المعطيات الموضوعية اعلاه ان النضال بوجه البطالة يتلخص في توحيد الصفوف بين جزء الطبقة العاملة، الجزء العامل والجزء العاطل عن العمل، عبر "الاتحاد العمالي ضد البطالة". وهذا يعني:
اولاً: يجب توضيح الرؤية السياسية لحركة الطبقة العاملة ككل او بجزأيها، النضال الجاري العمالي في القطاعات النفطية و الصناعية و الخدماتية، و نضال العاطلين عن العمل الذي يجري في الشوارع وخصوصا في بغداد كل يوم الجمعة و في محافظات اخرى بصورة متفاوتة. فيما يخص النضال ضد البطالة أرى ان البحث هذا يقدم رؤية واضحة ومتكاملة لقادة و نشطاء الطبقة العاملة بجزأيها وخصوصا الجزء العاطلين عن العمل. هذه الرؤية بدون ماركس ليس بامكانها ان تتقدم وان تنجح. في بداية الامر توضيح هذه الرؤية و جعلها رؤية للقادة العماليين و الطليعيين في مجاميعهم المختلفة في الجزأين المقسمين للطبقة العاملة.
ثانياً: ان النضال الجارى العمالي كما اشرنا اليه اعلاه في القطاعات النفطية و الصناعية، يستوجب عليها ان تنظم نفسها حول " النضال ضد البطالة" وهذا ينعكس في الشعارات و المطالب تحت مطلب" ضمان البطالة المناسبة لكل شخص عاطل عن العمل". يجب رفع هذا المطلب مع المطالب الاخرى التي تم الاحتجاج بسببها. مثلا، ان رفع مطلب " صرف الارباح السنوية" او مطلب" الغاء قانون التمويل الذاتي" او " مطلب تاخير تنفيذ قانون التمويل الذاتي لمدة خمسة او عشرة سنوات" او " صرف مخصصات الخطورة او الغذاء" كرزمة واحدة، ستشكل مادة قوية لالتحام جزئيي الطبقة العاملة. جزء العامل و جزء العاطل عن العمل. وهذا يتطلب توحيد صفوف قادة الجانبين في "الاتحاد العمالي ضد البطالة"، او عبر المجاميع العمالية المختلفة، او عبر قادة ونشطاء الجانبين في البداية.
ثالثاً: ان الاحتجاج ضد البطالة موجودة وحاضرة ولكن فاقدة لرؤية واضحة وخصوصا ان الاحتجاجات الجماهيرية بصورة عامة هي فاقدة للرؤية الواضحة ايضا. يجب توضيح الرؤية حول النضال ضد البطالة، وفي البداية مع قادة ونشطاء هذه الحركة عبر مجامعيها المختلفة او عبر نشطائها المعروفين. وجعل هذه الرؤية واضحة لنضالهم فبدون هذا الامر، ليس بامكان هذه الحركة ان تتطور وتتسع و تتحول الى حركة مقتدرة بامكانها ان تفرض شروطها على الحكومة.
رابعاً: ان النضال في سبيل بناء اتحاد عمالي ضد البطالة، لا يعني عدم تشكيل اتحاد العاطلين عن العمل أو اتحاد ضد البطالة. القضية هي قضية الوقت والأولويات. بل بالعكس ان النضال و محاولة جدية وثابرة من قبل قادة الحركة العاطلين عن العمل عبر مجاميعها او عبر نشطائها، لتشكيل اتحادهم هو امر مهم وفوري و يقلص لنا طريق بناء الاتحاد الذي من المؤمل تشكليه.
المطالب والشعارات الرئيسة:
الشعار والمطلب المركزي الاول هو " ضمان البطالة المناسبة لكل شخص عاطل عن العمل". : هذا شعار اهم وهو إجابة لكل الذين يتبجحون بعدم استقدام" العمالة الاجنبية" او يصورون ان العمال الاجنبية هي سبب البطالة. لان توفير ضمان البطالة تقيد راس المال في العراق، في استقدام العمال الاجانب او تتريث فيها وتحسب حسابها مرات عديدة، لان حينذاك عليه ان يدفع ضمان البطالة لكل العاطلين عن العمل. والحال كهذا يفكر الف مرة حول:ايهما انسب له من "زاوية الربح" استقدام العامل مع وجود ضمان البطالة، او توظيف العاطلين عن العمل في العراق، وتخرج العاطل عن دائرة ضمان البطالة الذي يثقل كاهل الحكومة طبعا.
اما مطالب اخرى ربما تظهر امام الحكومة والشركات وراس المال بصورة عامة التي تتجسد في القطاع العام او الخاص.
مثل مطلب "تقليل ساعات العمل": وهو مطلب مساعد لتقليل نسبة البطالة، مثلا، اذا تقلل ساعات العمل في قطاع النفطي حيث يعمل القطاع بوجبتين متناوبتين. اذا تقلل ساعات عملهم و تصبح الوجبتان ثلاثة وجبات اي كل وجبة 8 ساعات في اليوم، حينذاك يمتص هذا القطاع نسبة مناسبة من العاطلين مثلا وهذا أيضا جواب من جوابنا النضالي لتقليل نسبة البطالة.
الهتافات والنداءات: النداءات عادة توجه في حالات ملموسة، وليس عبر الاوراق اي تطرح في وقت الاحتجاج وذلك لجلب انتباه اكثر ما يمكن من الناس. من هنا ان شعار او نداء " لا لطرد العمال" مسالة في غاية الاهمية و تجلب انتباه المارة وحتى العمال او العاطلين عن العمل انفسهم، او " لا للفساد، وفروا ضمان البطالة"... او " لا لتمويل الذاتي" او "الغوا التمويل الذاتي".
اسلوب العمل لهذه الحركة العاطلين عن العمل:
ان هذه الحركة موجودة في قلب الحركة الاحتجاجية الحاضرة، ولان ليس لديها رؤية سياسية واضحة حول حركتها، بالتالي ليس لديها اسلوب عمل مناسب لتنظيم نفسها، لتطوير وتوسيع حركتها، حيث نرى ان الحركة قد أصبحت ذيليلة للحركة الاحتجاجية وهي ايضا ليس لديها افق سياسي واضح، بالتالي هي ذيلية ايضا لتصورات الاحزاب الحاكمة القومية منها بالاخص مناوراتهم السياسية. والحال هذا تفقد مقومات النهوض وتحولها الى قوة مقتدرة وفرض شروطها ومطلبها على الحكومة العراقية.
لكل رؤية تنظيمها وإسلوب عملها الخاص بها. الحركة الموجودة لحد الان فقدت ذاتها في الحركة الاحتجاجية، وهي بإمكانها اذا كانت رؤيتها واضحة ان تجعل من الحركة الاحتجاجية الراهنة ركيزة مناسبة لتطوير حركتها وتقويتها. عليه: يجب توضيح الرؤية السياسية لقادة ونشطاء هذه الحركة. حتى يتسنى لهم الاستفادة من الحركة الاحتجاجية الموجودة، لان الحركة الاحتجاجية، لها مطالبها العديدة سياسية و اقتصادية واجتماعية تتعدى مطالب العاطلين عن العمل. وفق هذا الرؤية وبراينا موجودة في هذا البحث، يجب اتباع اسلوب العمل التالي:
1- تنظيم القادة ونشطاء حركة العاطلين عن العمل سواء كان عبر المجاميع الشبابية الفاعلة او عبر نشطاءها و قادتها الفعليين ، تنظيم تحت تسمية لجنة الاعداد او التحضير لتشكيل "اتحاد ضد البطالة" او " اتحاد العاطلين عن العمل" او " القضاء على البطالة" التي هي موجودة حالياً.. التسمية غير مهمة بقدر انسجام قادة المنظمة حول الرؤية التي يجب عليهم ان يتبنوها.
2- توحيد الصف حول الشعارات انفة الذكر و الضوابط او النظام الداخلي للجنتهم التحضرية، التي تتحول الى نظام داخلي للاتحاد في حين تشكيله، او على الاقل يصبح مسودة للنظام الداخلي للاتحاد. يجب ان يتوفر في النظام الداخلي هذا، الية الانتخابات كآلية سائدة في كل مفاصل الاتحاد. اي انتخابات للجان العليا او لجان محلية او لجان فرعية او مركزية، ومنها لجان الأعلام والتنظيم و العلاقات والمالية. وفق الية التجمع العمال العاطلين عن العمل في كل محلة ما. وهذا يعني ان انتخاب مسئولي الأحياء السكنية سيكون انتخاباً مباشراً من قبل العاطلين، ومنه يصعد المسئول الى المهام العليا في الاتحاد. هذه آلية تعني طرد المسئول الذي لا يتحرك و لا يمارس مهامه وفق النظام الداخلي للاتحاد.
3- توسيع العمل في المحلات السكنية، و ايجاد او تشكيل فروع الاتحاد او اللجان التحضيرية في الاحياء السكنية. من الممكن تشكيل اللجان التحضيرية في المحلات ايضا، كبداية لتشكيل فرع قوي يضم أكثرية العاطلين عن العمل في هذه المحلة او تلك... هذا نقظة مهمة في الجانب التنظيمي ولكنها غائبة عن وعي نشطاء وقادة هذه الحركة.
4- الأولوية والتمركز: ممارسة وسياسة هذه النقطة في غاية الاهمية. اين نتمركز في اية مكان في بغداد مثلا، هل نتوسع في البداية؟ هذا خطأ كبير. اذن التمركز يجب ان يتحدد بدقة، وفق قوة الحركة اي وفق قوة العاطلين عن العمل و تواجدهم من جانب و من جانب اخر وفق وجود نشطاء و قادة هذه الحركة في هذه المنطقة او تلك. يجب ان تختار اللجنة التحضيرية في البداية مواقعها التي تتمركز فيها في البداية، ان الانتشار في البداية هو قاتل. يجب ايجاد موطن قدم في عدة من احياء سكنية وبعد ذلك الشروع في الانتشار. وفي باقي المحافظات اذا كان هناك لجان يجب ان تعمل وفق هذا الاسلوب.
5- التركيز والاولية: لهذه الحركة شعارها ومطلبها، اذن عليها التركيز على مطلبها، وجعلها مطلباً جماهيريا و عماليا واسعاً، اولا : عبر الاحتجاجات الجماهيرية الحاضرة من خلال القاء الكلمات و كتابة اللافتات، ولصق التراكتات او حتى عبر فانيلات التشيرت" لا للبطالة" او " ضمان بطالة مناسبة.." ثانيا: كما شرحنا اعلاه عبر تنظيم " اتحاد العمالي ضد البطالة" وبداية هذا العمل هي لقاء بين قادة الحركتين.

اخيرا اوكد ليس امام قادة الطبقة العاملة بجزأيها، الا تسليح انفسهم بهذا الافق. فبدونه يفقدون طريقهم النضالي. اذاً وفق قول ماركس شوشوا قانون راس المال شوشوا صفاء ادمغتهم، شوشوا نهبهم وفسادهم. انتهى البحث .22اكتبر 2011



#سامان_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصير - الربيع العربي- مرهون بحضور الطبقة العاملة كقوة مقتدرة
- رسالة الى الرفيق/ حول التنظيم 2
- رسالة الى الرفيق: حول التنظيم
- ما صورته -الثورة- الليبية لنفسها، بأنه اكثر الاحداث ثورية، ا ...
- أسس الشيوعية العمالية لتنظيم الطبقة العاملة في العراق
- سياسة اوباما و الصدر، وجهان لعملة واحدة
- إخراج الطبقة العاملة كقوة سياسية مقتدرة بوجه الرأسمال و سلطت ...
- الوضع السياسي في العراق واجتماع قادة الكتل السياسية يوم 2 من ...
- (حوار مع سامان كريم حول الفيدرالية
- العملية السياسية الراهنة، والحركات البرجوازية في العراق!
- الدولة في العراق الراهن و التكتيك الشيوعي العمالي!حول تصورات ...
- انتخابات مبكرة، وأغلبية نيابية-سياسية- سياستان، وجهان لعملة ...
- حوار حول رؤية الحزب للتنظيم الحزبي و الجماهيري في الاوضاع ال ...
- حوار مع سامان كريم سكرتير اللجنة المركزية للحزب حول بلاتفورم ...
- مقابلة مع سامان كريم سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي ال ...
- الى الامام حتى تحقيق مطالبنا / الجزء الثاني
- -النظام السياسي في العراق ينتج القمع والبؤس والمجاعة!
- الى الامام حتى تحقيق مطالبنا !
- يوم التغيير بدأ في العراق، تنظيمه عمل لكل الشيوعيين والتحرري ...
- ياعمال مصر، نصركم رافدا واساسا، لبناء الشرق الاوسط الجديد!


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....



المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ملف حول مشكلة البطالة في العالم العربي وسبل حلها، بمناسبة 1 ايار- ماي 2013 عيد العمال العالمي - سامان كريم - النضال ضد البطالة