أسئلة دون مقدمات ..؟

مريم نجمه

الحوار المتمدن-العدد: 3524 - 2011 / 10 / 23 - 02:20
المحور: الادب والفن
    

أسئلة تأتينا دون مقدمات ..!
الإنسان الذي يفكر هو الذي يعيش في القلق والإستنفار الدائم ..!؟
ومضة راودت خيالي كالبرق ..
كم مرة مشيت أيتها المرأة الكادحة محيط الكرة الأرضية ؟
سؤال راودني فجأة وأنا عائدة من أسواق الحي , توقفت برهة لكي أرتاح قليلاً ويدي على العربة التي أجرها في مدخل الحارة الذي نقيم , لمعت في خيالي سنين العمر في لمحة بصر .. و وقفت فجأة .
لم يطرق في بالي هذا السؤال طوال حياتي , لماذا الأن .. لا أدري ؟
وكيف اختصرت كل السنين وكل المسافات بهذه المخيلة فوق الواقع المعاش !
أسئلة تأتينا دون مقدمات ..

رحلة تعب
رحلة غربة
رحلة بحث .. معاناة كبقية المضطهدين على الأرض
سفر الكلمة .. مقاس الحرية .. ثمن الحرية .. واكتشاف الحياة .. ومتعتها في القبض على صعوباتها ..
ما أبهى وما أصدق الإنسان عندما يلتصق بالأرض .. يشم ويحضن أريجها وعطرها في كل الفصول , ويحفظ عملياً خارطتها وشكلها !

رغم أن حياة الإنسان محدودة .. حياة قصيرة .. لكنها طويلة بالمسافات بالسير لسنين وسنين .. يدوس الأديم .. ويعفّره بالدموع .. والعرق .. والاّهات .. ويكتب .. ويترك الاّثار .. ليست أثار أقدام بل أفعال وأعمال صاغتها المحطات بمفاتيحها , وأقفالها , وقطاراتها , واستراحاتها , ووحوشها , والتجول في خباياها , وتاريخها ..
سعدت لهذا الخيال الخصب بالأسئلة الغير مطروحة -
سعدت لخيالي الذي سافر بي فوق الأديم لحظات وأرجعني أعد وأحسب الطرقات التي مشيتها منذ الحبو وبدء الدوس على الأقدام وانتصاب الجسم دون وقوع على الأرض , ونحن نمشي سنة , عشرة , خمسون , مئة , والإنسان يمشي ويدور في البيت والحارة والحي والمدينة والبلد ثم القارة وبعدها القارات . في غرف البيت , في باحة اللعب في مدارس الحي وأماكن العمل , في ساحات النضال والشغل في الزيارات في اللهو وووو الخ .. هو يمشي والعمر يمشي يدور ويدور والكرة الأرضية تدور فينا ندور داخل الأرض وحولها دون أن ترانا أو نراها ونشعر بها ... إنها أسرار الحياة .
....ولم تنته الخطوات ولم ينته قياس الزمن .. والمسافات
نحن ندور والكوكب الأرضي يدور فينا , كل منا يمشي باتجاه , لم نعرف كم مرة مشينا محيطه دون ضجة , دون مراكب وبواخر وطائرات وسيارات وعربات , بقت طاقتنا هي المحرك وهي القائد – لم نسافر مع ماجلان ولا كريستوف كولومبس ولا هواة الأرقام القياسية في كتاب ( غينيز ) بل قسناها عشرات المرات ربما أكثر دون جوائز .

فالرقم ( 11 ) لم يتعب والحمد لله بقي سليماً من الإنتفاخ والشلل رغم شرايين الدم المتجمعة لرسم خارطة الدوالي ( الفاريز ) , دليل ثمار الكرمة التي عربشت على الجدران والمحيط الأحمر المتجمد .. !
دليل الأثقال و الأحمال والأوزار التي حملها الجسم واستراحت بالاقدام .. إنها الحياة والسباق مع الزمن والمسافات والمساحات التي نطويها يومياً دون أن يسجل العداد ( البارومتر ) كم وكم مشت وتمشي ماكينتنا البشرية في الساعة أو اليوم أو السنة ..؟
جيد أن نعمل جرد ومسح وتقييم لأجسامنا , أن نحترمها ونشكرها على وظيفتها وإتمام وإكمال دورها ومهمتها بأحسن حال وصورة , دون حوادث أو إصطدام بمنعطفات الصخور أو مفاجاّت لهوة , أو وادي الجماجم المخيف - بعيدًا عن جماجم قبور الطغاة التي ملأت الأرض ندبات مخرشة للعين والنظر شوّهت صورة الإنسان .. وجمال الأرض .
كل شبر مشيته على هذه البسيطة من مسقط الرأس حتى محطات ومدن الغربة وما أكثرها , حفظتها , صوّرتّها بالألوان كاميرة العين , ومخبأ الذكريات الأمين .. أسترجعها صورة صورة كلما ضاقت بي الحجرات .. أسترجع المسافات الطويلة في وقفة قصيرة في الطريق ..
فأنا في دوائر المحيط .. والمركز اهتمامي .. وطني تفكيري وأحلامي -
مرحى لك يا أقدام الكادحات الباحثات عن فسحة حرية .. وبرلمان للحقوق .. وموقع للحوار ... للكلمة .. للإنسان ..
هولندة / 2011 – مريم نجمه

#مريم_نجمه (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات