حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)
الحوار المتمدن-العدد: 1047 - 2004 / 12 / 14 - 08:37
المحور:
الادب والفن
حين تلتهب القروح ،
و تتبلل ورود الإفريز من ندى الهجر،
و يكون العيش ثقيلا مثل الرصاص،
و أغنيتُك حزينةً مثل هذيان الكراكي الضالّة،
تأمّل ِ السماءَ كالحة َ الزرقة ،
عند مداخل المتنزّه ،
حيث تطير الوزّات الوحشية تحت السحاب !
لا تحزن !
فلولا الألم لما كنتَ ترى النورَ في كبد الليل ،
و لا انتابك هذا الحزنُ الجميل.
قم ْ و قبِّلْ صليبك المنصوب فوق التلّ المطلّ على رؤيا الشتاء ،
و احتس ِ نسمة َ من ريح الخريف !
في شوارع الليل الباردة يودّع العشاق بعضهم مترددين ،
و لولا الألم لما كنتَ تسمعُ عبارة " إلى لقاء" ،
و لا غنّى لك اليمام ألحان الشجن،
و لنسيتَ هديلَ الفاختة في وسط الفناء.
لا تحزن!
إنّ قلبك يسيل في النهر الذي يلتوي كالثعبان حول خاصرة الزمان،
و فؤادك سينمو مرة أخرى من بذور الشفق،
و ستعيدك السوسن عند عتبات كهوف الدروايش.
هل ترى كيف يتمزق إهابك و يتجمّد اللبن في شرايين عنقك الزرقاء ؟
و يتدفق الدم من خاصرتك؟
ستلمس يوما جذورك ينحسر عنها التراب ،
و تتفتق فيها براعم الدفء و الحنين.،
وشبق الأرض يسحب الماء من الشجر لإرواء ظمأ العيون.
اسمعْ صوتك الآتي من بعيد ،
والضبابَ الثقيل لأدعية الفجر،
وانظرْ في سكون المرايا،
ستلمس العمق المظلم لأحلامك في أهداب الليل.
لا تحزن!
حين ترسم عيونُك في شوارع الليل قبلاتِ الهيام ،
و فراشات ٍ تنمو لها أجنحتها التي احترقت في شوق الآلام ،
فاذكرْني في قبلاتٍ مرسومة تحت تقاسيم عيونك الرؤوم.
ولا تقل : إنّ الفراشة التي قدمتها لك الحياة فانية ،
و إن ّ ألوان جناحيها ستمّحي و تتلاشى رمادا في الرياح.
واعلمْ أنه حتى لو احترقت الفراشة كلّها ،
فطيرانها الطائش يبقى أبدا في كل ّ كلام.
#حميد_كشكولي (هاشتاغ)
Hamid_Kashkoli#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟