طلال سعيد يادكار
الحوار المتمدن-العدد: 3523 - 2011 / 10 / 22 - 10:05
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
لا شك أن الفضل الاكبر في انهاء حكم القذافي والقضاء عليه يعود الى النيتو وضرباته الجوية التي دمرت القوة العسكرية لقواته وشلت حركتها أمام تقدم فصائل الثوار الليبيين . وحتى في عملية القاء القبض عليه , وحسب الروايات المختلفة , كانت لطائرات النيتو الدور المهم في تدمير العربات التي كان القذافي يستخدمها مع اعوانه المتبقين للهروب الى خارج مسقط رأسه !
ويوم سقوطه في ايدي الثوار حيا يرزق , طلب في ذلك اليوم ( الرحمة ) ! وهذا يدل على أنه كان يعرف معاني ومدلولات تلك الكلمة ! توسل واستجدى الرحمة من أولئك الذين كانوا يطلبونها منه في الاربعة عقود الماضية ! فهل رحمهم هو في الاربعين سنة الماضية حتى يرحموه في هذا اليوم ؟ هل رحمهم عندما طلبوا منه التنحي وترك السلطة ؟ كان النار والحديد والسجن والتنكيل لغته التي كان يتكلم بها مع مواطنيه ! كان هو الجلاد وكانوا هم الضحايا ! كان هو الحاكم وكانوا هم الرعايا ! كان هو الملك وكانوا هم المملوكين ! كان هو الامير وكانوا هم المأمورين !
أما في ذلك اليوم , يوم سقط أسيرا في ايدي الثوار , فقد أستبدلت الادوار ولبس كلٌ ثوب الأخر ! فقد لبست الضحية ثوب الجلاد ولبس الجلاد ثوب الضحية , فاصبح الجلاد ضحية والضحية جلاداً ! والحاكم محكوما والمحكوم حاكما ! والقوي ضعيفاً والضعيف قوياً ! وضغط على الزناد وانطلقت الرصاصة ! وكل ذلك حصل بقدرة قادر وقدرة النيتو وضرباته الموجعة !
فهل كان يستحق الرحمة أم رصاصة الرحمة ؟ ولعل تلك الرصاصة كانت ارحم عليه من الذل الذي كان سيواجهه في الزنازين وفي اقبية السجون والمحاكم ! وأرحم عليه من حبل المشنقة الذي كان سيلف عنقه في النهاية ! إن تلك الرصاصة وما أحدثتها من فجوة في رأس الطاغية قد أنهت عقودا من الآلام والمعاناة والاضطهاد لملايين من البشر ! ولن يستوعبها ويبررها الا الذين ذاقوا مرارة القهر والظلم ! ولن يفرح بها الا الذين فقدوا أبناءهم واباءهم واخوانهم ! ولعل تلك الفجوة في الرأس تكون عزاءا للنساء الأرامل اللاتي فقدن أزواجهن وللنساء الثكلى اللاتي فقدن ابناءهن على يد تلك الطاغية !
والشعب المضطهد عندما يمتد الأمد في أضطهاده من قبل الحاكم المستبد فأنه يتصف بصفات ذلك الحاكم , كما جاء في مقدمة ابن خلدون . والشعب المسلح لم يتسلح الا بأمر الحاكم الذي لم يدر بخلده يوما من الايام أن يوجه ذلك السلاح الى رأسه هو ! وربما كان من الأشرف له أن يقوم هو باطلاق تلك الرصاصة على رأسه لينهي هو حياته بنفسه !
الم يكن من الأولى أن يُبقى على حياته لكي يقدم الى محاكمة عادلة ؟ ألم يكن من المنصف أن يُرحم عندما طلبها ؟ وقصة أنه اصيب في تبادل لأطلاق النار بعيدة عن التصديق ! أليس من الظلم أن يطلق على رأسه رصاصة وهو أعزل ؟ فما الفرق اذاً بين الجلاد والضحية أو الضحية والجلاد , اذا أصبح الكل في النهاية جلادين ؟ ومالفائدة من الثورة , ان صح تسميتها بالثورة , اذا لم تحقق العدالة للجميع , حتى للجلاد نفسه ؟
#طلال_سعيد_يادكار (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟