أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مجدى عبد الهادى - الرجل العظيم هو دور تاريخي














المزيد.....


الرجل العظيم هو دور تاريخي


مجدى عبد الهادى
باحث اقتصادي

(Magdy Abdel-hadi)


الحوار المتمدن-العدد: 3520 - 2011 / 10 / 19 - 22:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا يشكل الرجل العظيم ظاهرة متخارجة وواقعها، بكافة معاني هذا الواقع جغرافياً وتاريخياً، بل هو دائماً وبالضرورة إبناً باراً بهذا الواقع، من حيث محايثته له، وولوغه فيه، واندماجه به.

فلا يكون هذا الرجل العظيم عظيماً إلا بقدر ما يتماهى واتجاه الحركة التاريخية، وقوانينها الحاكمة في إطار واقعه المُعين، حيث تُناط هذه العظمة بمدى وعيه باتجاهات هذا الواقع، ومتطلباته التاريخية، وبمدى موضعة هذا العظيم لذاته ومُجمل فعاله ضمن السياق والاتجاه العام للحركة التاريخية، بما يدفعها قدماً على طريق التقدم الاجتماعي والإنساني.

وكثيرة هى النظريات التي صيغت في مفهوم البطولة، وفي معنى العظمة، وقد بلغ الشطط ببعضها أن تفسر التاريخ على ضوء البطولة، فترى التاريخ موضوعاً للإرادة البشرية للأبطال والعظماء والأقوياء، من سياسيين وعسكريين وفلاسفة ومفكرين ورجال دين، مُلغية لكافة القوانين الفاعلة والصانعة لذلك التاريخ، ومُختزلةً إياه من ملحمة عظيمة من العوامل والضرورات والتفاعلات المتعارضة والمتشابكة، إلى رغبات وأهواء وسجايا، كذا محاسن ومثالب هذا أو ذاك من الملوك والحكام!!

وعلى جانب آخر إشتط بعضهم باتجاهه للجبرية المُطلقة، المُتجاهلة لأي فاعلية إنسانية، فالإرادة البشرية لا دور لها، ولا أهمية لعبقرية أو بطولة مفكر أو زعيم، فما هو سوى أداة صماء بيد عمياء، يتجسد مسارها وأدائها في النهاية في الصيرورة التاريخية المُحددة سلفاً، ليس بغائية مُسبقة، بل بقوانين وحتميات مادية صارمة، لا تعرف للإنسان دوراً ولا ترى له آثراً!!

وكما أن الفضيلة هى وسط بين رذيلتين، والعدل وسط بين ظلمين، فالحقيقة وسط بين شططين!! فالحقيقة أن التاريخ ليس بتلك البساطة ليُختزل في معادلات من الدرجة الأولى، وبحيث يصبح إما بلا قانون، فتتلاعب به المصادفات من أهواء ومطامح وسجايا بشرية من جهة، أو يصبح مساراً حديدياً لا يملك له ولا فيه البشر، فعلاً ولا آثرا ً من جهة آخرى!!

فكما أن للتاريخ قوانيناً وجدليات واقعية، فإن للفعل البشري المتوائم معه دوره الحاسم في كثير من الأحوال، وقد يعمل الإثنان بتناغم، كما قد يتعارضا، وهنا تتمايز الدرجات وتتباين الفروقات، فالضرورات المادية والجدليات الإجتماعية يبقى لها الحسم على المدى الطويل، فلا يؤثر غياب البطل سوى في تأخير إنجاز المهمة التاريخية المُعينة، أو إنجازها على وجه آخر من النقص أو القصور، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، قد تتيح هذه التفاعلات الاجتماعية ذاتها لفرد إمكانية التغيير في الخصائص والملامح الذاتية لظاهرة تاريخية معينة، وبحيث تتلبس تلك الظاهرة ببصمة واضحة مميزة لهذا الفرد، بما يميزه خاصةً من أهواء وسجايا، وذلك بحكم ما قد تتيحه – تلك التفاعلات الاجتماعية - له من قوة طاغية مُتفردة، ناجمة عن طبيعة علاقات القوة المُنبثقة عن العلاقات الإنتاجية والاجتماعية المعينة، والهياكل السلطوية والمؤسسية المرتبطة بها في المجتمع الذي يمارس ذلك الفرد سلطته فيه.

وهكذا يلعب المفكر والزعيم التاريخي دوره ضمن شروط وظروف تاريخية موجودة ومصنوعة سلفاً، وما عليه سوى إدراك دوره التاريخي بتلمس ووعى الضرورة التاريخية والعمل بمقتضاها، وفقاً لقيم التقدم الإنساني والاجتماعي، فليس الرجل العظيم بصانع لتاريخ – رغم أن هذا صحيح بدرجة ما وعلى مستوى معين من المقاربة التاريخية – بقدر ما هو دور تاريخي.

وهذا الدور التاريخي هو نقطة الإنطلاق الدائمة في فهم ودراسة الرجال التاريخيين، حيث من خلاله تتسنى معرفة ضرورتهم، وكيف استقاموا بأعباءهم وتحملوا مهامهم، كذا كيف كان آثرهم الخاص والشخصي - بفكرهم وممارساتهم - في التاريخ، في سياق فعلهم في الدور التاريخي الذي اضطلعوا به، كمسئوليتهم التاريخية.



#مجدى_عبد_الهادى (هاشتاغ)       Magdy_Abdel-hadi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السقوط الأمريكي القادم
- الأسس السوسيوإقتصادية للهوية
- عن كتاب 25 يناير : التاريخ..الثورة..التأويل - حوار مع ممدوح ...
- مقتطفات من كتاب 25 يناير : التاريخ - الثورة - التأويل
- الأبعاد الوطنية والقومية والأممية للثورة المصرية - ورقة عمل
- عن الأمن والشرطة والصراع الطبقى
- الجمهورية المصرية الثانية..ماهيتها وكيف نريدها
- الأهداف الأولية للثورة المصرية


المزيد.....




- الكونغو الديمقراطية: غوما تحت سيطرة المسلحين … دمار ونهب وال ...
- قولوا وداعًا لأمريكا.. ترامب يُعيد تهديد مجموعة -بريكس- إذا ...
- الخارجية الروسية: إجراءات شطب -طالبان- من قائمة الإرهاب مستم ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على أهداف لـ-حزب الله- في الب ...
- بريدنيستروفيه ومولدوفا تتفقان على خطة أولية لتوريد الغاز
- أبرز مواصفات الهاتف الجديد من -Nothing-
- اكتشاف بكتيريا خطيرة في بعض منتجات الدجاج التي تورد إلى روسي ...
- -فينشينزو.. رجل المافيا-.. عدالة العصابات وتهجير السكان لاست ...
- العبور من الثورة إلى الدولة في سوريا
- سعيّد يمدد حالة الطوارئ في تونس حتى نهاية العام


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مجدى عبد الهادى - الرجل العظيم هو دور تاريخي