أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - كنتُ أظنْ















المزيد.....


كنتُ أظنْ


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3520 - 2011 / 10 / 19 - 09:26
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تصدير:(كنتُ أظنُ بأن لسعة العقرب أشدُ من لسعة الزنبور فإذا هي هي,أم فإذا هي إياها؟), المسألة الزنبورية بين الكسائي وسيبويه.

كنت أظن بأنني في هذا العالم لوحدي,وكم تمنيت أن أعيش لوحدي بكل ما أوتيت من فرطٍ في الحساسية وبكل ما أوتيت من أنانية ...وتمنيت فعلا أن يكون هذا الكون كله لي من المشرق إلى المغرب, وكنت أحبذ لو أن هذا العالم كله مخلوق من أجلي متوهما بأن التملك سيجعلني سعيدا, وبصراحة لو كان هذا العالم كله لي فلن أشعر بالسعادة أبدا لأن التملك ليس سبباً من أسباب السعادة حتى وإن ملكت العالم كله لوحدي فلن أشعر بالسعادة ,واستنتجتُ استنتاجا مخزيا جدا ولأول مرة سأبوح به وهو بأن ملوك العالم ليسوا سعداء في حياتهم أو ليس بالضرورة أن يكون المُلك سببا في تحقيق السعادة, فأكثر الناس خوفا وقلقاً هم الملوك والحكام والأكاسرة والقياصرة المُحدثين ورؤساء الجمهوريات وكبار رجال الأعمال وكبار النجوم والفنانين, وكل أولئك ليس بالضرورة أن يكونوا سعداء وربما أنني أسعد منهم وربما بأنني أشعرُ بالأمان أكثر منهم , حتى الله هو مالك هذا الكون ومع كل ذلك ألله ليس سعيدا في حياته, وبما أن التملك ليس سبباً للسعادة فمن المحتمل فعلاً أن ألله ليس سعيدا في حياته العائلية طالما أن التملك ليس سببا للسعادة, نعم, حتى الله ليس سعيدا في حياته لذلك يثور على الأرض بالزلازل وبالبراكين وهذا كما يقال في أغلب الأديان غضبا من غضب الله وغالبية الديانات تعترف بأن الله يغضب ويثور ويرسل على البشر الأمراض والكوارث وهذا يعني في النهاية بأنَ ألله نفسه ليس سعيدا في حياته الشخصية... وكنت أظن بأن رحلة العذاب قد انتهت وكنتُ أظن بأنني سأطوي من العمر صفحة قديمة, وكنت أظن بأن في كتاب العمر صفحات جديدة وإذ بكل الصفحات متشابهات وهذا هو حظي وهذا هو نصيبي الذي لن آخذ أكثر منه ولن أحصل على أكثر مما أستحقه, كنت مخدوعا بنفسي وكنت مخدوعا بغيري أو أنا هو الذي خدع نفسه من خلال أوهامه وتصرفاته, وكنتُ أظن بأنني في رحلة سياحية مع الشمس ومع المطر, وكنتُ أظن بأن سعادتي ستتوقف على علاقتي بهذه المرأة أو بتلك المرأة التي تشبهني في العادات وفي التقاليد, ولكن أين أنا الآن؟ ربما أنني لست في رحلة سياحية بل في رحلة مع العذاب.

وكنت أظن بأن الوقت قد حان للرحيل لكي أشعر خارج وطني بالسعادة فأعددتُ كل ما يلزمني للسفر حتى فرشاة أسناني أخذتها معي مع شفرة الحلاقة هما وقلم الحبر السائل وتصرفتُ تصرفاتٍ غبيةٍ جدا فكأنني لن أجد في بلاد الغربة شفرة حلاقة أو معجون أسنان, وبدل أن أهاجر بعيدا تشبثتُ بمكاني بكل ما أوتيت من قوة فغرزتُ أظافري وأسناني بالأرض التي عشتُ عليها وسأموت عليها, وقلت في نفسي إذا كان وطني بخيل عليّ في السعادة فهل من المعقول أن يعطيني أو يعوضني وطنٌ آخر عن السعادة؟ أنا في هذه النقطة بالذات شعرت بأنني مثل الطفل الذي فقد حنان الأم حين ماتت أمه وحين تعجز كل نساء الأرض عن تمثيل دور الأم لمده بالأمومة وبالحنان لكي يعوض عقدة النقص وكما يقول المثل(ما أحن من الولاده إلا عرصه وقواده) وكنت أظن بأنني سأتبخر عاليا في السماء بفعل الحرارة المشتعلة في قلبي وسأعيش سعيدا وأنا محلق في الأعالي ولكني في نهاية الحريق أصبحت رمادا طاف على سطح المستنقع, وكنتُ أظن بأنني سأملئ فمي فرحةً وقلبي بأي مادة تعطيني شعورا وإحساسا بالفرح ولم يبقى أي شيء إلا وجربته على نفسي فمارست اللهو والمجون وشغفتُ في بعض الأوقات بالخمرة وشاهدت كثيرا من الأفلام العاطفية وقرأت على نفسي أكثر الكتب والروايات جمالا, وكتبت القصائد وغنيت الأغنيات الجميلة ولبست أجمل الثياب وسهرت الليالي ونمت كثيرا وصحوتُ كثيرا ولعبت بالورق الصيني (الكوتشينا) ومع كل هذا ومع كل ما حفظته وكتبته من أشعار لم أنجو من الاكتئاب المزمن وكنتُ أظن بأنني حلّقت بروحي عاليا غير أنني مثل كل مرة أكتشف بأنني ما زلتُ متشبثاً بالأرض وكانت خيبة أملي وظني أكتشفهما حين أرى أرجلي بأنهما ما زالتا على الأرض فلا أنا مُحلقٌ في الأعالي ولا أنا سابح في السماء مثل الغيمة, ولم أسمع بحياتي عن شيء يسعد الإنسان إلا وجربته حتى الخيانة سمعتُ بأنها تسعد الإنسان وحاولت أن أكون خائنا ولكن للأسف خيانتي لم تكن في أي يوم من الأيام سبباً لسعادتي علما أنني لم أخن وكل ما أقوله هو من منطلق الفرضيات ,ولم أسمع بحياتي عن شيء ينغصُ على الإنسان فرحته إلا وتجنبته ولكني مثل كل مرة لم أعرف ما هي السعادة وما هي الفرحة, وحتى اليوم لم أذق طعم الفرح وحتى اليوم لم تظهر أسناني للتبسم بل من أجل أشياء مقرفة ومقززة كانت أسناني تظهر مثل أحجار لعبة الشطرنج.

وكنتُ أظنُ بأنني سأعيش سعيدا وإذ بالكآبة تلتصق بي من كل الجهات,وكنت أظن بأنني سأسامح الجميع على أخطائهم الكثيرة معي وكانت المفاجأة مفجعة جدا إذ بهم يسامحونني على كثرة شكوكي وظنوني فغدوت محقوقا والحق يركبني من ساسي إلى راسي,و كنت أظن بأنني سأصبح أسطورة العصر الذي أعيش به وإذ بظنوني تأخذني بعيدا حيث سأصبح بعد ألف عامٍ أسطورة العصر الذي كنت أعيشُ به,وكنتُ أظنُ بأنني سأخلد للنوم وللراحة قليلا حين أنتهي من كتابة أو من تفريغ همومي على الورق وإذ بالمتاعب تلاحقني في كل مكان ولا تجعلني أخلد للنوم ساعة أو ساعتين بدون تفكير, وكنتُ أظن أشياء كثيرة وظنوني كانت وما زالت سبباً لكل مشاكلي من الألف إلى الياء, فيامن يخلصني من شكوكي ومن أوهامي قبل أن تجعلني أخلد للنوم إلى الأبد.

وكنتُ أظنُ بأن المسافة التي تبعدني عن مكان حبيبة قلبي ساعة في السيارة أو ساعتين وبعد نصف ساعة أو ساعتين سأكون إلى جوارها كما هم الأموات يصبحون فجأة وبدون إنذار مسبق في جوار ربهم, وإذ بالمسافة تمتدُ لآلاف الأميال بل أكثر من المسافة بين الكواكب وبين الشمس, كنتُ أظن بأن قلبي حصانا فولاذيا وإذ به أرق من الورقة التي كان يلفُ أبي بها التبغ(التتن) بين يديه, كنتُ أظن وما زالت ظنوني وشكوكي تؤرقني كثيرا, كنت أظن بأنه من المستطاع أن أجعل من همومي الشرقية ورقة حظ رابحة وإذ بي أخسر كل شيء, حيث خسرت عمري وشبابي فاستنفذتُ كل طاقاتي بمغامرات جنونية وأحرقتُ زهرة شبابي وأنا مُنكبٌ على أسطح الأوراق والكتب, كنتُ أظن بأن الليل لن يطول وكنتُ أظن بأنني أعظم رجل في هذا الزمان وإذ بالدينار أعظم مني فما قيمتي أمام 100دولار؟ وما هو مستواي الثقافي أمام 1000 ريال سعودي أو عشرة آلاف درهم إمارتي, كل تلك العملات الصعبة والسهلة كانت وما زالت قيمتها بنظر ألناس أفضل من كل ما كتبته وقرأته خلال ربع قرن من الزمان لم يمض فيهن يومٌ واحدٌ عليّ إلا ونام على صدري كتاب, وأحيانا كنت أنام أنا على صدري الكتاب متخذا منه وسادة خصوصا إذا وجدت به أسم معشوقتي أو محبوبتي الجنونية الشكل واللب, كنتُ أظن بأنني سأغرق بالراحة الأبدية بين يديها أو بين عيونها حين تقرأ مقالاتي كالفتّاحة التي تقرأ لي فنجان القهوة أو الكف, كنتُ أظن بأنني سأرتاح وبأنها سترتاح وإذ بكلانا كل واحدٍ منا قتل الآخر عن غير قصد, فيامن يريحني من تصوراتي ويامن يأخذ مني مهملاتي الورقية ويامن يبعدني عن أجوائي الثقافية ويامن يزرع في قلبي زهرة مثل قلب الأم حين يكون قلب الأم زهرة لا تذبل.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقيقية وغير حقيقية
- نظام الخوف يحكمنا
- رد وفاء سلطان على رسالتي لها
- شخصية كاسيوس
- الحجم الطبيعي
- من هي البطلة؟
- الحشيشه الأصليه
- امرأة من سفر الأمثال
- مشكلتي مع الكتابة
- رواية العقل الباطن1
- السلطة فالمال فالمرأة
- ابن الرومي الحظ السيئ
- إلى الدكتورة وفاء سلطان2
- سرقنا الوقت
- الأنبياء وهم أم حقيقة؟
- قطرات الندى
- التاريخ مثل العروس المتعجرفة
- الجنس مع الكتابة
- إلى التي قالت لي كن جميلا
- المصاري مش كلشي


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - كنتُ أظنْ