|
هادي المهدي ...ومفهوم الخلود
منذر الموسوي
الحوار المتمدن-العدد: 3519 - 2011 / 10 / 18 - 11:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حاول ويحاول الانسان ..بالمعرفة تارة ..وبالفضول تارة اخرى..بالبحث والعبث في مفهوم الخلود.. ويكاد لا يخلو معتقد او ديانة او مدرسة او فلسفية او فقهية الا واشبعت هذا المفهوم بحثاً في رواقها ....وبنيت نظريات استدل فلاسفتها بالبراهين العقلية المجردة... بل وتعدى ذلك فيصبح مفهوم الخلود هدف من اهداف مذهب من المذاهب الدينية الاسلامية ..كالمذهب الصوفي فأسست مدارس.روحية للتعليم لمريدي الخلود (اي التقرب من الله ).... فمعنى الخلود عندهم يختلف عند التفاسيرالمتفيزقية للفلاسفة وفي احسن حالته هو بقاء النفس بعد فناء الجسد وهذا يحصل بعد الموت اما مفهوم الخلود في المذهب الصوفي وبالتحديد في (التكايا الكسنزانية ) هو يمكن ان يحصل الانسان عليه وهو لا يزال على قيد الحياة لانه يعني شهود العالم الاخر (عالم الملكوت ) بعين القلب كما يشهد عالم الملك بعين الرأس.... ...بمعنى ان الخالد هو من يرتفع عنده الحجاب الفاصل بين عالمي الملك والملكوت ..فيحيا فيهما معا قبل موته، فإذا مات لم ينقطع عن حياته تلك ..اذ تنقلب الصورة فيحيا في ذلك العالم الملكوتي وهو غير منفصل عن عالم الملك، أي وبحسب تعبيراتهم فإن الخالد هو حي الدارين..... الدنيا والآخرة أو الملك والملكوت ...في كلتا حالتيه قبل الموت وبعده، فإنه بخلاف غيره لا تختلف عنده الامور كما تحصل مع غيره كما .يقول الشيخ محمد الكسنزان: إن( أهل الطريقة فكروا بالموت قبل مجيئه فبدئوا بالعبادات والرياضات الروحية والزهد والتقوى والابتعاد عن ملذات الدنيا ومغرياتها فتحقق لهم إلى الله تبارك وتعالى فرأوا بأعينهم حقيقة الخلود واطمأنوا بأنهم لن يموتوا )... ((إلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) لأن من رأى بعينه لا يخاف بعد ذلك ولا يكون حزيناً فلا يهمه الجوع والعطش ولا مال الدنيا وزخرفها ولا يخاف من الآخرة لأنه رأى وحظي بلقاء رَبّه وفني فيه لان الله تعالى لم يخلق الإنسان عبثاً : ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ )) ويكون شاخصاً في الدنيا والآخرة لان حياته ومماته سواء : (( أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ )) الخلود إذا في اعتقادهم هو ان يصل الانسان الى مرتبة لا يخاف فيها ولا يحزن من أي شيء في الدارين، وليس موته أكثر من ( لحظات تغمض فيها عينيك وتفتحها فتجد نفسك في عالم الأرواح ، في عليين ) وللوصول الى الخلود على حد قول الشيخ الجليل لا يوجد غير طريق واحد فقط وهو الشهادة في سبيل الله تعالى، ومعنى الشهادة في سبيل الله : وهي بذل النفس خالصة في سبيل الله دون أية غاية ذاتية أو مادية وإنما لأجل إعلاء كلمة الله عالية فيكون الإنسان بائعاً نفسه لله تعالى: (( إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ ). فيخلد ذلك الإنسان ويكون حياً في الدنيا والآخرة : ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ )) وبعد هذه المقدمة اعود الى عصرنا الحالي بعد الغور في سبر بعض من التاريخ وبالخصوص بعض من تاريخنا الاسلامي ... لنسلط الضوء على مفهوم الخلود في هادي المهدي وبعد ان وصلت ايام فقدانه لاربعنيتها وتجمعنا امام مكانه الرمزي الذي اصبح مزار لنا بين الفينة والاخرى..لأيقاد الشموع وأستذكار كلماته ....جاءتني هذه الخاطرة عن الخلود وهل هادي المهدي سيصبح مع جمع الخالدين في اذهاننا .؟ .. اذ اخذنا بنظر الاعتبار المبادئ والقيم والمفاهيم الانسانية التي ممكن للأنسان ان ينتهجها في حياته ومع نوع من الاصرار على تنفيذها وبطريقة ثورية وهذا ما قام به هادي المهدي ودفع ثمناً لها حياته هادي المهدي لم يطلب الموت او الشهادة كما كان يمفهما الملوك ووعاظهم او القادة الشوفينيون او السياسيون الديماغوجيون لجنودهم الساذجين فينالوا الشهادة او الموت من اجلهم راضيون او مرغمون في ذلك لخدمة معتقد او فكر زعمائهم ولأيمان هادي المهدي ان ما يقدمه للوطن والانسانية وهو حي افضل مما يقدمه وهو ميت ..ولكن بدون المساومة على المبادئ الانسانية ....وكان ممكن ان يقدم حلول اخرى للحيلولة بينه وبين الموت..ولكن غدر الظلاميون واصرارهم على ما كانوا يخططون له وهو عزل فقيدنا عن اهله واطفاله واصحابه وعن مجتمعه وبطريقة وحشية ..وهي بقتله وبقتل طموحاته التي كان يخطط لها وهو خارج الوطن وعند عودته لارض للوطن ..لهذا ومن هذا المنطلق ممكن اعتبار هادي المهدي من بين الخالدون في التاريخ الذي قدموا للانسانية ما قدموه ومنهم من فقد حياته في سبيل ذلك على يد اجراميون يتبعون نفس النهج الظلامي بقتل الحرية ومن يسعى اليها فانت يا ملهم شباب الحرية ستبقى خالداً في اذهاننا لان مفهومنا للخلود هو قيمة العمل الذي يمكن ان يقدمه الانسان لأنسانيته لنقول لك .وداعاً هادي المهدي ولكن عملك وما قمت به سيبقى خالداً ما حيينا
#منذر_الموسوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جوائز غرامي الـ67.. قائمة بأبرز الفائزين
-
الشرع يغادر المملكة العربية السعودية.. ماذا دار في حديثه مع
...
-
تصعيد عسكري في جنين ومجموع القتلى بغزة يصل 61 ألفا ونتنياهو
...
-
مهرجان -بامبلونادا ريمنسي- يحاكي سباق الثيران الإسباني في لي
...
-
إجلاء أطفال مرضى من غزة بعد إعادة فتح معبر رفح
-
مذيعة سورية تجهش بالبكاء وتناشد الشرع المساعدة في الكشف عن م
...
-
القوات الروسية تواصل تقدمها وتكبّد قوات كييف خسائر فادحة
-
قادة الاتحاد الأوروبي يجتمعون مع ستارمر وروته لبحث تحديات ال
...
-
بيسكوف: الرئيس الأوكراني المنتهية ولايته فلاديمير زيلينسكي
...
-
السعودية.. تنفيذ حكم القتل تعزيرا في مواطن بتهمة -تهريب المخ
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|