|
صفقة شاليط-سجناء فلسطين، تلاقي مصالح واهداف!
رعد سليم
الحوار المتمدن-العدد: 3518 - 2011 / 10 / 16 - 23:01
المحور:
القضية الفلسطينية
اعلن خالد المشعل رئيس الدائرة السياسية لحرکة حماس الفلسطينية الاتفاق مع الجانب الاسرائيلي حول تبادل اسری يتضمن الافراج عن ١٠٢٧ سجينا فلسطينيا في سجون اسرائيل مقابل الافراج عن الجندی الاسرائيلي جلعاد شاليط الذي اسرته حركة حماس في حزيران العام ٢٠٠٦. وبالسياق ذاته، اعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن حكومته ستعيد شاليط إلى أهله. و الجدير بالذکر ان مفاوضات تبادل الاسری بين الجانبين التی تمت برعاية مصرية- المانية استغرت سنوات عدة حتی تم الاتفاق بين الجانبين. وان هذه ليست مرة الاولى التي تقوم اسرائيل فيها بمثل هذه اتفاقات، حيث قامت اسرائيل قبلها بالافراج عن عدد من افراد الحزب الله اللبناني مقابل تسليم جثث عدد من جنودها في جنوب لبنان . وبعد الاعلان عن هذا الخبر، قام كلا الجانبين، حرکة الحماس و حرکات الاسلامية الاخری و الحکومة الاسرائيلية، باعلان الخبر بوصفه انتصار له، و بدات حرکة حماس بابراز هذه الخبر وقامت بتنظيم احتفالات و ندوات جماهيرية کبيرة مستغلة القضية لتقوية نفسها داخل الساحة السياسية الفلسطينية . اعلن قادة الحماس في تلك الندوات على توجيه ضربة لخصمها السياسي بالترويج لمسالة ان القوة الوحيدة والخيار الوحيد الذي يستطيع ان يرکع اسرائيل للمطاليب الفلسطينية هو حماس و المقاومة الاسلامية، وليس المفاوضات و اتفاق السلام. السٶال الذي يطرح نفسه، لماذا تم هذه الاتفاق في هذا الوقت بالذات؟ ماهي الاجندة السياسية الاسرائيلية التي تقف وراء هذه الاتفاق؟ هل حرکة حماس ام اسرائيل الفائز الاکبر ام القضية الفلسطينية العادلة؟ بعد فشل المفاوضات الاسرائيلية- الفلسطينية ، و بعد تعنت الجانب اسرائيلي في تلبية المطالب الفلسطينية وتطبيق بنود الاتفاقات السابقة، و بعد استمرار الاحتلال والسياسة الاستيطانية في الاراضي المحتلة، توجه رئيس السلطة الفلسطينية الي الامم المتحدة بطلب عضوية کاملة عبر خطابه هناك، وطلب ذلك بشکل رسمي عبر تقديم طلبه الى بان کي مون السکرتير العام الامم المتحدة. قوبل الطلب باعتراض شديد من قبل الحکومة الاسرائيڵية والولايات المتحدة الامريکية. و حاول الطرفان باشکال عدة كي يمنعوا عباس عن تقديم طلبه. وکانت الحرکة الحماس و الحرکات الاسلامية اخری لاترى في قرار الرئيس الفلسطيني امرا يصب في مصلحتها، بل في الحقيقة يسحب البساط من تحت اقدامها! لکن خطاب الرئيس الفلسطيني امام الجمعية العامة وطلبه من الامم المتحدة قوبل بترحيب حار داخل الشارع الفلسطيني والمجتمع الدولي. احرج الطلب اسرائيل و امريکا وتركتهما امام الامر الواقع. حاول الطرفان باشکال عدة ومستميتة لعرقلة خطوة عباس هذه، ومنها وقف الدعم للسلطة الفلسطينية، وتزايدت شعبية عباس داخل الشارع الفلسطيني . و من الجانب الاخر، شعرت حرکة حماس بالياس جراء هذه التطورات وبالاخص بعد الضربات الموجعة التي لقاها حلفاءها في المنطقة، حاولت ابراز قوتها داخل الشارع الفلسطيني بانها هي الطرف الاساسي في المعادلات السياسية. وکانت هذه الصفقة بمثابة هدية اسرائيل لحماس لاستمرار سياستها ضد حرکة فتح و المطالب الفورية للشعب الفلسطيني بتاسيس دولة فلسطين واستمرارها بالسيطرة علی غزة وشق الشارع الفلسطيني . ورمت اسرائيل، من خلال هذه المحاولة، کرتها داخل الساحة الفلسطينية مرة اخری بهدف تقوية الصراع مابين حماس وحركة فتح وبالتالي الضغط على عباس عبر هذا السبيل . في المشهد الفلسطيني- الاسرائيلي، قامت الحکومة العنصرية الاسرائيلية باکبر عمليات اعتقال جماعي في التاريخ المعاصر، وفي اطار حروبها المستمرة علی الشعب الفلسطيني وقضيته، فاعتقلت عشرات الالاف من الفلسطينين، اسرت المجتمع الفلسطيني باسره خلف القضبان الاسرائيلية، فسياسة الاعتقالات و معسکرات الاعتقال الجماعي کانت منذ بدايات الاحتلال جبهة مفتوحة وساخنة قمعية ارهابية حاضرة دوما بيد لاسرائيل. بوسع اسرائيل اليوم ان تطلق سراح الف سجين ، والذين اغلبهم ابرياء لم يرتكبوا اي عمل معلوم كقتل اسرائيلي او حسب قولهم "ملطخة أيديه بدماء اليهود"، لکنها ولشدة قمعيتها وعنصريتها قادرة على زج بوجبات من الفلسطينين في السجون. ان قضية اطلاق سراح الجندي الاسرائيلي کانت مهمة بالنسىة لنتنياهو لمواصلة حكمه و الامعان في سياسته العنصرية. و خلال هذه الصفقة، دعمت الکثير من القوی السياسية الاسرائيلية ناتنياهو لقيامه بهذه المهـة، وحسب قول احد المستوطنين المتحالفين مع ناتانياهو " بان دم انسان يهودي غالي، ولا يساوي فحسب الف فلسطيني وانما ضعف ذلك العدد"(!!) . ان هذه الصفقة لتبادل الاسری مهمة من الناحية الانسانية الى ابعد الحدود، ومن ناحية اعادة الفرح لقلوب عشرات الالاف من احبتهم واعادة حرية لازالت ترزح تحت قفص اسرائيل، وهي مبعث تاييد كل انسان يهمه مصير الانسان وجماهير فلسطين وشاليط وعائلته. بيد ان الاهداف الواقعية هي شيء اخر تماما ليس له صلة بالدوافع الانسانية المذكورة. انها تكتيك لحکومة اسرائيل لتصعيد الشق مابين حماس وفتح ووضع العراقيل امام الشارع الفلسطيني و مشروع دولته المستقلة. ان هذه العملية ربما تکون مشابه بعملية انسحاب اسرائيل من قطاع غزة من جانب واحد و تسليمه لـ"العدو الاکبر حماس". ان حماس تترجم هذه الخطوة بان اسرائيل لاتفهم سوی "لغة القوة"! و"بالقوة وحدها فقط يمکن تحرير الوطن"!! لکن واقع الحال واهدافها هو امر اخر، ايقاف مسلسل تراجعها الذي دفعته خطوة عباس خطوات كبيرة. ان الرابح اکبر في هذه العملية هو حکومة ناتانياهو وسياستها اليمينية المتطرفة والعنصرية الداعية الى ابقاء اوضاع الظلم والاحتلال والارهاب على رؤوس جماهير فلسطين. ان هذا الحدث هو مرة اخرى يوم تلاقي مصالح اسرائيل وحماس، كل لغايته.
#رعد_سليم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تغيير وحذف اسم الشيوعية ام العودة السافرة لحضن البرجوازية!
-
حدث بعيد.. ورسالة تنضح بانسانية ماركس!!
-
اية ثورة ينبغي ان ينشدها العمال؟!
-
ديموقراطية ام حکم جلادين!
-
مشروع -الحزب الشيوعي الکردستاني ، مشروع لتثبيت الحکم الاستبد
...
-
الخبز، العمل، الحرية ، ضمانها الحکومة المجالسية!!
-
ثورة الشارع ، ام صناديق الاقتراع ؟!!
-
الاهداف الواقعية لنداء مقتدی الصدر لاتباعه بالتظاهر!
-
حول ثورة اکتوبر ومفهوم اليسار التقليدي العربي!!
-
مذکرة القاء قبض بحق الحکومة او بحق المواطنين؟
-
رسالة مواساة بمناسبة رحيل الرفيقة المناضلة ليلی محمد
-
التعليم في مستنقع الطائفية في العراق !!
-
السطو على البنوك العراقية و ماوراءها من الکواليس السرية!!
-
في ذكرى رحيل القائد العمالي العراقي حكمت کوتاني !!
-
لماذا فشل الشيوعيون العرب؟!
-
مجتمع -بخشيش- او مجتمع مقلوب!!
-
محاولة تسليم معارضين ايرانيين الي طهران، جريمة اخرى تسجل على
...
-
العمال في مصر و الرهبان بورما و الموقف الانتهازي للديموقراطي
...
-
وزارة الصحة ، ومهمة ليست من اختصاصها!!
-
ابو طبر ، أكثر وحشية !
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|