|
أنور سالم سلوم
رياض خليل
الحوار المتمدن-العدد: 3518 - 2011 / 10 / 16 - 15:27
المحور:
الادب والفن
الأديب : أنور سالم سلوم في : دراما الحلم والحرية في : ( الريح تقرع الأبواب ) منشورة في جريدة " المسيرة " ، الصفحة الرابعة بعنوان آفاق ثقافية ، في العدد ( 106 ) تاريخ 31/12/1976 ثمة انعطافة واضحة نحو الواقعية ، في عدد من المجاميع القصصية السورية التي صدرت حديثا – وخاصة الشباب – وهذا مؤشر واضح نحو أصالة الواقعية وطغيانها في بهرجة المدارس والتيارات الفنية ، التي تفرزها البورجوازية من آن لآخر ، لسد ثغرات جدارها الإيديولوجي الآيل للسقوط ، مما دفع بعدد من كتابنا وتحت تأثير إحباطات نفسية ، وسلسلة انتكاسات سياسية .. الجري واللهاث نحو تقليد مختلف الصيحات الفنية البورجوازية التي كانت وستبقى منقطعة الجذور ، وتفتقد الشرعية للأصالة الفنية في العمل الأدبي ، مما أدى بالضرورة إلى خواء في مضمون قصصهم ، وابتسار ممزق فيه ، وصل حد النشوة . وأمامنا في مجموعة قصص " الريح تقرع الباب " للقاص الشاب رياض خليل ، مؤشر نحو كتابة قصص واقعية جيدة ، يستمد شخوصها وأناسها من واقع المجتمع ، أناس بسطاء ، لهم همومهم وتطلعاتهم المشروعة ، ولهم طقوسهم في الحب والكره ، في الحياة والموت . يدخل رياض خليل بمجموعته :" الريح تقرع الباب " دراما الحلم والحرية ، مجسدا صيحة " أندريه جيد " : ( يجب أن لاتكون للمرء أحزان شخصية ، وإنما يجعل من أحزان الآخرين أحزانه بطريقة يستطيع معها أن يغيرها ) . ففي قصة :" المتقمصة " يؤكد بها أن الأدب الحقيقي لايتألق إلا عندما تعانق حروفه معاناة الإنسان وبطولة الإنسان ... ويسقط الغشاوة عن عيني البطل ، غشاوة الوجود واللاوجود : " لقد ضاع مني كل شيء ... لقد فرت مني أشيائي .. فهل أنا موجود حقا ؟؟" هنا يتجسد لنا أن الذات ، أو نفس الشخصية مرتبطة بواقعها ، إذ عندما تفكر بنفسها ووجودها وموقفها من هذا العالم الذي تتواجد فيه ، تجد نفسها مرتبطة بحركة ا لواقع والمجموع ، من خلال وجود الناس في الشارع والمحلة ، والمعاناة اليومية التي ترزح بها حياتهم . ثم تأتي حياة الشخصية ، حركتها اليومية ، إحساسها .. تفكيرها .. قيمها الصغيرة ، كل تلك الفرضيات تنطرح ولكنها تعود خائبة ، إذ لاتجد لها منطلقا ، تعود لتكون حسرة في صدر يافثها : " كان لحم هدى العظيمة عجينا ، وكان جسدها البض .. النقي مهروسا بالأقدام الوسخة ، وجثتها تفترش بقعة من الأرض كنقطة رسمت حولها دائرة مغطاة بجثث الضحايا من عشاقها ، الذين دافعوا عنها حتى الموت ، ولم يبق منها سوى ابتسامتها الرائعة التي تتربع شفتيها المشوهتين بالإصرار والتفاؤل .. وإلحاح ، منتظرة موسما آخر يأتي محمولا على أجنحة الربيع " المؤلف يقدم لنا أبطاله بشخصيات مختلفة .. بأجواء رومانسية ، وتتكرر الصور في أسلوب التداعي ، الذي يكشف عن نفس حساسة ، لاتطيق بؤس الأشياء المحيطة ولازيفها ، فهي نفاية ..وكذلك العالم والأرض ، ثم نصطدم بواقع الرجل الهارب دائما من واقعه ، والذي يتحرك في لجة من الفراغ ، فنحس بأن الرجل حائر بدون هدف ولامسؤولية بالرغم من شعوره بكل الأشياء التي تدور حوله . واستطاعت " موجة عابرة في سطح صقيل " أن تحقق مثل هذه الأحداث المتصارعة في داخل الإنسان وذاته مع مجتمعه . " الغد الذي لم يأت " هنا نلمح القدرة ا لإبداعية في تصوير الحلم والحرية بقالب درامي رائع : " – أينه ؟ - من ؟ - مع من تتكلمين ؟ - كنت أحلم – وقحة " وتظل صامتة ، وتلوذ بالفراش إذعانا لأوامر أمها ، وتعود تحلم من جديد : " وقحة ! ..قمر.. من؟ .. أحلام ... " فتفيق من أحلامها .. وتنقل الطرف المندى .... " أحقا ستزهر الأشجار .. وتكتظ بالخصرة ؟ أحقا .. سيأتي القمر الهيمان .. على فرس مغناج ، سوادها يضيء ويرقص ؟ ... آه .. كم تأخرت ياحبيبي !؟ " . لا .. لن يمر حبيبها بدون أن يلقي تحية .. رجلاه تحت النافذة ، وسيشده الموعد ، ولكن الموعد لم يحن .. لتقدم أمام المحكمة ، وهناك : " حاولت الاندفاع نحو ا لقوس ، والصراخ في الوجوه الثلاثة . غير أن تصرفها كان يسهم الرسم على رمال الشاطئ الغد الذي لم يأت !! " هنا الرمز الجميل ، الرمز الذي يطرح لنا خطا سياسيا واضحا لاغبار عليه .. وكيف لا ؟ وقاعدته المادية .. وأبطاله الفقراء الحالمين بالخضرة والفلاح وقوس القزح ؟ وإني لأراه قد تألق فعلا بعدة قصص من قصص المجموعة ، وماهي إلا محصلة جيدة لأدب الشباب .. فنجد الشحنات العارمة من الألم ، واستشراف من أجل التغيير الجذري الممنهج ، حتى لاتكون عاقبتنا الوقوف أمام الأبواب سائلين المولى . فقد قدم جهدا لابأس به بخلفية ثقافية جيدة قصصا اتسمت بالواقع والالتصاق به ، والفهم العميق له ، فكان فيها رياض خليل راصدا لكثير من الظواهر الاجتماعية السلبية منها والإيجابية ، وكان موفقا إلى حد بعيد باقتناص اللحظات الحرجة والمهمة لأبطاله .. دون أن يكون لهم عونا فيها ؟ لقد ترك لعدد من قصصه نهايات مأساوية ، وأخرى معلقة ، وغيرها تبشر بالتغيير عبر صوت النضال الواعي ، وكان هو شاهدا أمينا عليها ، ومبشرا بمستقبل أعمق تفاؤلا .. وأروع ازدهارا
نشر رياض درويش في: قراءة في مجموعة :" الريح تقرع الباب" القصصية ، للقاص رياض خليل نشرت في العدد ( 4253 ) من جريدة " الثورة " السورية ، تاريخ السبت 1/1/1977 ، ص6 " الريح تقرع الباب " تدخل اسما آخر على قائمة الكتاب الشباب في مجال القصة . ويدخل رياض خليل من خلال أحداث قصصها عالم الشباب الناقم ، وبرحلة قصيرة عبر قصص هذه المجموعة ، نستطيع أن نتفاءل تارة ، ونتشاءم أخرى . نتفاءل بالدم الشاب الصاعد من خلال الكلمات ، ونتشاءم من خلال اختلاط الرؤية عند بعض شبابنا ، وتسرعهم في طرح الحلول . غير أن هذه المجموعة تشير إلى إمكانية مؤلفها في الدخول إلى عالم القصة الجيد . • الشراع الأسود ففي (الشراع الأسود ) قصته الأولى .. يبدو رياض خليل شفاف اللغة ، بسيط الأسلوب ، لكنه يبتعد عن فنية القصة ، ليكون إلى رواية المذكرات ، وكتابة الرسائل أقرب . وبلغة هذين الفنين كانت المعاناة الإنسانية في طاحونة المدينة الشرهة .. تتجلى في سطور قصة " الشراع الأسود " ، وتكشف عن أن ا لقاص متشائم إلى حد النقمة ، من مجتمع المدينة : " صرت في دائرة كأنها كابوس رهيب ، يسحقني .. يخنقني .. ولامفر لي " صفحة 12 • عيودا في " عيّودا " .. يبدو القاص أكثر تأنقا في الأسلوب ، وأكثر تعقيدا في حبكة القصة ، دون أن تتخلى عباراته عن جاذبيتها ، ولكنه وقع أسير التداعي والاسترسال ، وهو يحكي عن بطلته المرمية في مجتمع المدينة الذي يغتال البراءة والطهر والعفاف : " ذهب الجميع .. وبقيت وحدي في مواجهة عيودا ، التي بدت كزهرة ذابلة ، امتصت الحشرات رحيقها .. حياتها .. مضغت أوراقها الغضة الناعمة الأنيقة ، ثم لفظتها خالية من الحياة والرونق والبهاء والحركة ، رمتها كنفاية استنفدت صلاحيتها وفائدتها وروعتها ) ومع أن القاص بدا واعيا لاغتيال الطهر في المجتمع المادي ، إلا أنه وقع في مطب القدرية الذي اعتمد عليه عندما تلاقى البطل بعيودا . كما وقع في عقم الدواء الذي اكتشفه لخلاص الطهارة ، دواء غرس الحبيبة لتنمو من جديد ..! • " يحدث هذا حبا " وفي قصته الثالثة " يحدث هذا حبا " .. تتقطع المشاهد وتتجزأ الصورة ضمن إطار أسلوب القصة الذي يبدأ من نهاية الحدث ، ليفرض بعض الصور الخرافية التي كان يحدثنا بها الأجداد .. كخاتم سليمان ، وقبعة ا لإخفاء ..الخ • " المتقمصة " أما " المتقمصة " .. قصته الرابعة .. فكانت أقرب إلى الحكاية الأسطورية ، ولم يتخذ القاص موقفا ضد السحر والدجل . فيها يروي قصة فتاة جميلة ، صارت لحنا يعزف عليه جميع أبناء المدينة ، غير أن غيرة شمطاء عجوز من هذه الفتاة دفعتها لارتكاب جرائم سحرية في صفوف أبناء المدينة ، كي تدفعهم للانتقام من هذه الصبية . وخلال سرد الوقائع كان رياض خليل يصف ماتستطيع أن تفعله امرأة جميلة في بذر الخلاف والشقاق لدى المتخلفين ، ولكنه لم يستطع الإقناع في خاتمته التي تموت فيها هدى .. ولم يستطع أن يدفعنا لوضع قصته في تيار القصة الواقعية . • " ولكن غدا لم يأت " وفي قصته :" ولكن غدا لم يأت " وهي الخامسة من حيث الترتيب ، كان رياض خليل يرسم تحرك بطلة القصة بعين ذكية ، ويضع إشارات الاستفهام من خلال تصرفاتها على العقد الاجتماعية ، والكبت الذي يعاني منه جيلنا ، ونتيجة هذا الكبت الذي يدفع بصاحبه إلى السقوط في الخطيئة لدى أول فرصة . لقد كانت الصبية ( بطلة القصة ) ضحية كبتها ، وضحية القهر الاجتماعي ، والضغوط التي يمارسها المجتمع ، ضحية استغلال الناس فتياتنا . وكان طفلها المحمول في بطنها ثمرة لمواقفها الإنسانية ، وعلاقتها بأحد الشبان . إذا أن نعيد بذاكرتنا قصص رياض خليل في مجموعته : الريح تقرع الباب ... نجد أنفسنا أمام قاص تختلط عليه الرؤية .. بحيث يضيع المنهج ، كما نجد أنفسنا أمام عبارة جذابة ، ولقطة ذكية ، وبنفس الوقت ، أي برغم ذكاء اللقطة .. يحسب القارئ نفسه أمام مشاكل عائمة تأتي في آخر القائمة من هموم المواطن ا لعادي .
#رياض_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الروائي والناقد نبيل سليمان في:
-
النظام السوري: الحل هو المشكلة !
-
شهادات ...
-
قصائد قصيرة جدا: الجزء الثاني(6-7-8)
-
رياض درويش في :
-
لقاء مع رياض خليل
-
نصر علي السعيد في:
-
والمطر ينهمر: قصة قصيرة
-
عبد الإله الرحيل في :
-
قصائد قصيرة جدا : شعر
-
النظام السوري يطلق النار على نفسه
-
الشيء
-
حدث بين الشاطئ والبحر(الربان
-
التنمية المتوازنة
-
كلمة عن الشعر
-
عرس الرماد
-
الأفق والراية والنصر
-
الدكتور أحمد جاسم الحسين ناقدا
-
الشجرة البريّة : قصة قصيرة
-
وردة الشمس: شعر
المزيد.....
-
مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
-
اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار
...
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|