|
لماذا تأخرت البشرية كل هذا الوقت في حسم - القضية الدينية - حتى الآن ؟!
محمد الحسيني إسماعيل
الحوار المتمدن-العدد: 3518 - 2011 / 10 / 16 - 09:36
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لماذا تأخرت البشرية كل هذا الوقت في حسم " القضية الدينية " حتى الآن ..؟!
محمد الحسيني إسماعيل
بداية ؛ لابد لنا من الاعتراف بأن مشكلة المعرفة الدينية ـ في الوقت الحاضر ـ التي تقود الإنسان نحو معرفة الحقيقة المطلقة ( كاملة ) .. لا تتمثل في نقص المادة العلمية الأكاديمية والمراجع الكافية ..!! بل على العكس من ذلك ؛ فمثل هذه المادة العلمية والأكاديمية أصبحت متوفرة الآن في التراث الإنساني .. ليس بشكل كاف فقط .. بل وبشكل زائد عن الحاجة ومتكرر أيضا ..!! هذا إلى جانب أن هذه المعرفة دون ذكاء الإنسان وليست فوق قدراته العقلية .
وبهذا المعنى يمكننا القول بأن المشكلة الدينية أصبحت تتمحور حول " الإنسان " ذاته .. وطبيعة فكره نحو تقبل أو رفض المعرفة الدينية والإنصات إلى براهينها القاطعة والمؤكدة ..!! فعلى سبيل المثال : يوجد في الوقت الحاضر مئات المراجع والدراسات الأكاديمية ـ ولن أقول آلاف المراجع ـ والمخطوطات .. التي تؤكد على وجود أخطاء وتناقضات في الكتاب المقدس ( كتاب الديانتين اليهودية والمسيحية ) .. يكاد يبلغ عددها [1] عدد كلمات الكتاب المقدس نفسه ..!! وليس هذا فحسب .. بل يوجد ـ أيضا ـ إلى جانب هذه الاخطاء والتناقضات كما هائلا من الخرافات والأساطير اللاواعية ، هذا إلى جانب تأصيل الكتاب المقدس للخطيئة ودفعه للمتلقي على تقبلها والتطبع بها ..!! ومع ذلك يوجد أكثر من ثلث البشرية تؤمن بهذا الكتاب ..!! بل وترفض الجموع الدينية ـ المؤمنة بهذا الكتاب ـ الإنصات إلى المعرفة الدينية الحقة أو البراهين التي تؤكد على وجود مثل هذه الأخطاء والمتناقضات والخرافات والأساطير ..!!
وحتى إذا أنصت ـ البعض ـ إلى حيز ضيق فقط من هذه البراهين .. فإنها تجد من التبريرات اللامعقولة والمخبولة .. ما يبرر وجود هذا الكم الهائل من الأخطاء .. بل وقبولها كحقائق توحي بصدق الديانة على الرغم مما تحتويه من تناقضات وخرافات وأساطير ..!! ومن ضمن التبريرات المخبولة لجواز تمرير رجال الدين لهذه الخرافات والأساطير إلى العامة ، القول برمزيتها التي لا نستطيع فهمها ولا نقوى على تفسيرها ..!! وعلى سبيل المثال ، عندما يصف الكتاب المقدس أن الإله عبارة عن " خروف له سبعة قرون " كما جـاء في النص الكتابي التالي :
[ (6) .. خَرُوفٌ قَائِمٌ كَأَنَّهُ مَذْبُوحٌ، لَهُ سَبْعَةُ قُرُونٍ وَسَبْعُ أَعْيُنٍ، هِيَ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللهِ الْمُرْسَلَةُ إِلَى كُلِّ الأَرْضِ. ] ( الكتاب المقدس : رؤيا يوحنا اللاهوتي {5} : 6 )
يقولون بأن هذه رمزيات لا نقوى تفسيرها أو فهمها ..!! ويلوذوا بالصمت ( التفسير التطبيقي للكتاب المقدس ص : 1735 ) عندما نشير لهم بأن من صفات الرب أنه : أسد .. ونمر .. ودبة .. ولبوة ..!!
[ (7) «فَأَكُونُ ( أي الرب ) لَهُمْ ( أي لبني إسرائيل ) كأَسَدٍ. أَرْصُدُ عَلَى الطَّرِيقِ كَنَمِرٍ. (8) أَصْدِمُهُمْ كَدُبَّةٍ مُثْكِل، وَأَشُقُّ شَغَافَ قَلْبِهِمْ، وَآكُلُهُمْ هُنَاكَ كَلَبْوَةٍ. يُمَزِّقُهُمْ وَحْشُ الْبَرِّيَّةِ.] ( الكتاب المقدس : هوشع {13} : 7 - 8 )
ولم تقف الأمور عند هذا الحد فحسب ، بل توجد في الوقت الحاضر أعمال " ندوة عيسى : Jesus Seminar " التي تضم 200 عالم لاهوت [2] وهي الندوة التي قامت بدراسة الأناجيل ، لمدة عشرات السنين ، وانتهت إلى النتائج التالية :
• 82% من الأقوال المنسوبة إلى يسوع (المسيح) لم يقلها . • 84% من الإعمال المنسوبة إلى يسوع له لم يقوم بها . • أن يسوع لم يقل ان يؤمن أحدا بأن موته كان تكفيرا عن خطايا البشر . • ويسوع لم يقل أنه المسيح . • ويسوع لم يقل أنه الأقنوم الثاني من الثالوث . • و يسوع لم يطالب الأتباع بعملية الاعتراف الدوري، والندم، أو الصيام . • ولم يهدد أحداً بالجحيم كما لم يَعِد احداً بالسماء . • ولم يقل يسوع أنه سيصحو من بين الموتى . • ولم يقل أنه وُلد من عذراء ولم يطالب أحداً بالإيمان بذلك .
كما تضيف موسوعة ويكيبيديا النتائج التالية التي انتهت إليها ندوة عيسى :
• ولد يسوع الناصري في عهد هيرودس الكبير . • وكان اسم أمه مريم ، وكان لديه أب بشري قد لا يكون يوسف النجار . • ولد يسوع في الناصرة ، وليس في بيت لحم . • كان يسوع من المتجولين الذين شاركوا في تناول الطعام مع المنبوذين إجتماعيا . • مارس يسوع الشفاء بالإيمان بدون استخدام الأدوية القديمة أو السحر ، وكذا تخفيف الآلام بالطرق النفسية التي نعتبرها في الوقت الحاضر . • لم يمشي يسوع على الماء ، كما لم يطعم الجموع بالعيش والسمك ، ولم يحول الماء إلى خمر ، كما لم يقيم لعازر من بين الاموات . • تم اعتقال ـ يسوع ـ في القدس ، وصلب بمعرفة الرومان . • أعدم باعتباره مصدر إزعاج للجمهور، وليس لإدعائه بأنه ابن الله . • القبر الفارغ هو من الخيال ، ولم يقم يسوع بالجسد من بين الاموات . • يستند الاعتقاد في القيامة على رؤية وخيال بولس ، وبطرس ، ومريم المجدلية .
ويشير روبرت فنك ( Robert Funk ) رئيس الندوة إلى أنه قد ثار جدل حول هذه النتائج التي شكلت صدمة لمن يؤمنون بعصمة الإنجيل ، وكان أهم الاعتراضات على نتائج الندوة أنها اعتمدت على أسلوب الاقتراع ، وقد رد منظموها على هذا الاعتراض بأن هذا هو نفس الأسلوب الذي اتبع في اختيار وضم كتب العهد الجديد ، فقد كان يتم ضمها بالتصويت في مختلف المجامع المسيحية المسكونية ( أنظر مرجع الكاتب : الحقيقة المطلقة .. الله والدين والإنسان ) ، والذين يتطوعون للدفاع عن عصمة الإنجيل يعجزون عن ذكر الحقائق ذات الصلة بالمواد قيد الدراسة. هذا وقد قامت الكنيسة بمحاصرة نتائج هذه الندوة إعلاميا ، مثل ما فعلت في رواية " شفرة دافنشي " ، وعموما سوف نعود إلى مناقشتها في نهاية هذه المقالة .
والآن ؛ ومع كل هذه النتائج الواضحة والقاطعة الدلالة لا تجد الأذن الصاغية أو العقل الواعي الذي يتنبه لكل هذا الكم الهائل من الأخطاء التاريخية والدينية المتراكمة لكتاب ليس له أصول معروفة ومؤكدة ، ولا التنبه إلى كل هذا الكم الهائل من الخرافات والأساطير . هذا إلى جانب تأصيله للعمل بالخطيئة .. واعتبارها حقائق دينية جديرة بالاحترام .. بل ويتحتم على الفرد المتلقي الإيمان بها ..!!
فكيف يمكن تفسير ذلك ..؟! كيف يمكن تفسير قبول إنسان القرن الواحد والعشرين لكل هذا الفكر المنافي للعقل ، بينما يحتكم الإنسان ـ في المقابل ـ إلى العقل والعلم في كل صغيرة وكبيرة في سائر أمور حياته اليومية الأخرى ..!!
فهل المسئول عن كل هذا هو الإعلام فقط ، كما يقول بهذا روبرت فانك R. Funk ، رئيس الندوة أي " ندوة عيسى" : أن وسائل الإعلام الموجّهة كنسيا لا تزال تفرض على الأتباع وعلى العالم ، معرفة تصل إلى حد الأمية عن حقائق الديانة المسيحية ..!! أم ـ من وجهة نظر أخرى ـ أن المسئول عن هذا هو إصرار الإنسان على الجهل المتعمد .. ولماذا هذا الإصرار ..؟!
وقبل أن نعرض لتحليل ونقد هذه الظاهرة .. أي " لماذا ظاهرة الجهل المتعمد في الفكر الديني .. ورفض المعرفة الدينية ..؟! " نعرض رأي الفيلسوف الأمريكي " جورج سنتيانا " [3] الذي يقول عن إيمانه بالمسيحية في كتابه عن " العقل في الدين " :
" إننى كالرجل الذى لا يزال يشعر بالحب والحنين إلى المرأة التى خدعته .. أصدقها على الرغم من أننى أعرف أنها تكذب " ..!! وكان سنتيانا يبكى ضياع إيمانه بالديانة المسيحية ، وكان يعتقد أن الإيمان غلطة جميلة " تلازم نوازع النفس أكثر من الحياة نفسها ".
ويضيف قائلا : " إن أمامنا ظاهرة تستدعى الإلتفات وتستحق الإهتمام وهى أن الناس فى كل مكان على ظهر هذه الأرض يدينون بدين من الأديان ، فكيف نستطيع أن نفهم الإنسان إذا كنا لا نفهم الدين ؟ "
الفطرة الدينية .. والجهل المتعمد ..
في الواقع ؛ يمكننا فهم حقيقة ظاهرة " الجهل المتعمد في الدين " ورفض المعرفة الدينية ببساطة شديدة ، إذا ما أخذنا في الاعتبار " الفطرة أو الغريزة الدينية " في الإنسان . وتنقسم هذه الفطرة إلى قسمين أساسيين :
القسم الأول : وهي الفطرة أو الغريزة الخاصة بإدراك وجود الله ( سبحانه وتعالى ) . القسم الثاني : وهي الفطرة أو الغريزة الخاصة بالتديّن ، أي الرغبة في اعتناق ديانة ما .
وكل غريزة مستقلة عن الأخرى تمام الإستقلال . وهاتين الفطرتين أو الغريزتين هما المسئولتان عن الجهل المتعمد في الأديان ، أي الإصرار على رفض الإنسان للإنصات إلى مناقشة المعرفة الدينية بحرية مطلقة من جانب ، وظاهرة تعدد الأديان من جانب آخر .
فالقسم الأول من الفطرة الدينية ، أي الغريزة الخاصة بإدراك وجود الله عز وجل ، يستخدمها رجال الدين اليهودي/المسيحي في صياغة مُسَلّمَة خاطئة للتغرير بالعامة فحواها : " طالما أننا ندرك ـ وجدانيا ـ صحة وجود الله ( سبحانه وتعالى ) ، فإن معنى هذا أن الدين اليهودي/المسيحي صحيح هو الآخر " . بينما في حقيقة الامر لا توجد علاقة بين طرفي هذه المُسَلّمَة . بمعنى : لا توجد علاقة بين إدراك وجود الله وبين صحة الديانة . فالأولى .. أي " الفطرة الخاصة بإدرك وجود الله " هي " قضية عاطفية " لا تستلزم وجود برهان ما لها ، بمعنى أن الانفعال بوجود الحضرة الإلهية هو انفعال وجداني لا يستلزم وجود برهان ، بينما الثانية ، أي صحة الديانة ، هي " قضية علمية كلية " يلزمها البرهان الصارم لتأكيد صحة الدين ..!!
ومن المفيد أن أشرح في عجالة سريعة هذه الغرائز الدينية كما ورد ذكرها في القرآن المجيد ، لنتبين أصل وكيفية وجودها في الإنسان . فعن غريزة أو فطرة " إدراك وجود الله في النفس البشرية " ، نجد أن المولى ـ عز وجل ـ قد عرضها فى قرآنه المجيد فى الآيات الثلاث التالية :
وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (174) ( الأعراف : 172 - 174 )
وكما نرى ؛ فإن الآية الكريمة الأولى ( رقم 172 ) تبين ؛ أن الله ـ عز وجل ـ وضع معرفته أي " الإدراك بوجوده " فى النفس البشرية ، منذ بداية التكوين الجنيني للإنسان ؛ كما جاء فى قوله تعالى : وَإذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِى ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيـَّتَهُمْ ... ، حيث بينت الدراسات الجنينية الحديثة أن نواة الجهاز التناسلى والجهاز البولى فى الجنين تظهر بين والخلايا الغضروفية لعظام العمود الفقرى ( أى الظهر ) وبين الخلايا المكونة لعظام الصدر ( أي الترائب ) . وهو ما جاء أيضا في موقع آخر في القرآن المجيد في قوله تعالى : فَليَنظُرِ الإنسَانَ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافقٍ (6) يَخرُجُ مِن بَيْنَ الصُّلـْبِ وَالـتَّرائِبِ (7) ( الطارق : 5 - 7 ) ، والصلب هو عظام ظهر الرجل ، بينما الترائب هي عظام صدر المرأة .
ومن خلال الآيات السابقة تنتفي حجة الإنسان في عدم معرفته لله ( سبحانه وتعالى ) : [ .. أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) ] ، والغفلة تعنى الانصراف بدون قصد عن المعرفة الإلهية ، كما تعنى التظاهر بالجهل ، وكذلك لا أعذار في اتباع الأهل المشركين [ أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) ] . فالله ـ سبحانه وتعالى ـ قد زود الإنسان بالعقل اللازم والملكات الكافية ليتأكد من " صحة وجوده " من جانب ، ومن صحة " القضية الدينية " من جانب آخر ، وبالتالي من صحة التوجه إليه ، سبحانه وتعالى . [ وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (174) ]
ثم نأتي إلى القسم الثاني من الفطرة الدينية ، وهي غريزة التديّن، وتأتي في قوله تعالى ..
وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُون (56) ( الذاريات : 56 )
وتأتي حركة الحرف الأخير من كلمة لِيَعْبُدُون على نحوين :
أولا : إما بالكسرة لِيَعْبُدُونِ ، وفي هذه الحالة تشير هذه الآية الكريمة إلى " الغايات من خلق الإنسان " ، أي لم يخلقنا الله إلا للتعرف عليه بعبادته . ولهذا يأتي تعريف الدين من المنظور الإسلامي بأنه :
" البلاغ الصادر عن الخالق المطلق للوجود ( بما في ذلك الأكوان الموازية أو المتطابقة ) للتعريف به ـ كمالات وفعل ـ وتعريف الإنسان بالغايات من خلقه ، حتى ينال الخلاص المأمول والسعادة الأبدية المنشودة " .
وهو التعريف الذي فشل الغرب في الوصول إليه حتى الآن ( راجع مرجع الكاتب : الحقيقة المطلقة / الله والدين والإنسان )
ثانيا : أو تأتي حركة الحرف الأخير بالسكون " لِيَعْبُدُونْ " وفي هذه الحالة تشير الآية الكريمة إلى " الفطرة الخاصة بالتدين " ؛ أي أن الإنسان خلق على نحو حتمية أو ضرورة اعتقاده في دين ما ، وكلا الحركتين جائز في القراءة .
أي أن الانتقال من معنى " الغايات من الخلق " إلى معنى " غريزة التديّن " تأتي بحركة حرف واحد في كلمة واحدة من كلمات القرآن المجيد ، ولهذا يقول الرسول ( ص ) عن معجزته الخالدة .. [ .. أعطيت جوامع الكلم وفواتحه واختصر لي الحديث اختصارا .. ] ( رواه أبو هريرة ) .
• نظرية الإحلال / نظرية الاحتواء
وبعد أن أخفقت الحضارة الغربية في فهمها لمعنى " الفطرة الدينية " , وما ترتب على ذلك من فشلها في وضع تعريف محدد وثابت للدين [4] ، ومن خلال الاستعراض لتركيبة الديانات المختلفة .. فقد رأت ( بعض ) الموسوعات العلمية ـ ومن ضمنها الموسوعة الحرة " ويكيبيديا " ـ أن أي ديانة يمكن أن تؤسس إذا ما توفرت فيها الشروط التالية :
1. وجود إله فوق ـ طبيعي هو الخالق للكون و العالم و المتحكم بهما و بالبشر و كافة المخلوقات . 2. وجود طقوس عبادية يقصد بها تبجيل المقدس من ذات إلهية و غيرها من الأشياء التي تتصف بالقدسية . 3. الصلاة و هي الشكل الأساسي للاتصال بالخالق و إظهار التبجيل و الخضوع .
4. قانون أخلاقي moral code : أو شريعة تشمل الأخلاق و الأحكام التي يجب اتباعها من قبل الناس و يعتقد المؤمنون انها آتية من الله الخالق لتنظيم شؤون العباد . 5. وجود شريعة أو مباديء شرعية لتنظيم حياة المؤمن وفقا للرؤية الكونية التي يقدمها هذا الدين . 6. إدراك وجود لعالم للأرواح ، وعالم للمادة . و وجود البعث و آلية الثواب والعقاب . 7. رؤية كونية world view : تشرح كيفية خلق العالم و تركيب السماوات ( لها مقالات مستقلة ) و الأرض ، أي كيف ينظم الله شؤون العالم .
وفي الحقيقة أن هذه الشروط غير كافية على الإطلاق لتأسيس الديانة ، إذا لم تؤخذ الفطرة الدينية لدى الإنسان في الاعتبار على النحو السابق بيانه . ولهذا يمكننا تأسيس النظريتين التاليتين اللتين تعتبران المدخل الوحيد لتفسير ظاهرة تعدد الأديان وهما :
• نظرية الإحلال ( The Replacement Theory ) : وتعرف بأنها " احتلال الإله الوثن لحيز الإله الحقيقي في داخل النفس البشرية " . وتشمل البنود 1 إلى 3 المذكورة أعلاه ، والخاصة بتأسيس أي ديانة . ويقع خلف هذه النظرية : الفطرة الخاصة بإدراك وجود الخالق المطلق للوجود . ( يقع خلف هذا الفكر .. الفطرة الخاصة بـ : " الوعي الفطري بوجود الله سبحانه وتعالى " .. وتلعب " نظرية الإحلال " الدور الرئيسي فيها فما يتعلق بتعدد الأديان )
• نظرية الاحتواء ( The Containment Theory ) : وتعرّف باحتواء الديانة لبعض التشريع الأخلاقي ، ووجود الرغبة الاحتفالية لممارسة بعض الطقوس العبادية الخاصة بها . ويقع خلف هذه النظرية " فطرة التديّن لدى الإنسان .. أو الفطرة الخاصة بدوافع العبادة " . وتشمل البنود 4 إلى 7 المذكورة أعلاه ، والخاصة بتأسيس أي ديانة .
• ظاهرة تعدد الأديان ..
مما سبق يمكن القول وبشكل مباشر .. أن ( الإله ) الوثن في الديانات الوثنية يكون قد احتل حيز الإله الحقيقي ( أي حيز الله سبحانه وتعالى ) في النفس البشرية ( أي في نفس جموع وأتباع هذه الديانات ) .. وهنا يصبح تمسك الجموع بالإله الوثن والدفاع عنه ـ وبالتالي الدفاع عن الدين ـ هو دفاع الإنسان الطبيعي عن إدراك وجود الله ( عز وجل ) .. وعن الدوافع الفطرية الخاصة بالتدين .. بعد أن احتل الوثن مكان الإله الحقيقي ( هذا بفرض : جهل رجال الدين بالمعاني الوثنية .. وليس قيامهم بخداع الأتباع والتغرير بهم ) . ويميل الكاتب إلى الاعتقاد ـ الذي يصل أحيانا إلى درجة اليقين ـ إلى أن رجال الدين اليهودي والمسيحي ( وخصوصا الذين يعيشون بين ظهرانينا ويتكلمون العربية ) يعرفون حقائق الأمور ـ الخاصة بحقيقة وصدق الدين الإسلامي ـ ولكن يحجبون هذه الحقائق عن الجموع المغيبة لأهداف شخصية متباينة .. منها الإبقاء إلى مكانتهم المقدسة وما يتبع ذلك ..!! وهم بهذا يرتكبون أكبر عملية غش وتزوير في حق البشرية جمعاء ..!!
وننتهي مما سبق بتعريف ظاهرة تعدد الأديان : [ بأنها الظاهرة التي يحتل فيها " الإله الوثن " وعبادته حيز " الإله الحقيقي " وعبادته في داخل النفس البشرية .. وبهذا يصبح التمسك بالوثن والدفـاع عن الدين هو التمسك الطبيعي بالإله والدين .. كما تقضي بذلك الفطرة البشرية ، ويختلف صورة الوثن من ديانة لأخرى وبذلك تتعدد الأديان ]
• سيكولوجية الدين والتدين / دوافع الاعتقاد في الديانات الوثنية
بداية لابد لي أن أؤكد ـ وأؤكد بشدة ـ أن الديانتين اليهودية والمسيحية تأتيان على رأس قائمة الديانات الخرافية والأسطورية ، وليس في هذا أي تجاوز لفظي أو ازدراء على أي نحو ، وهو الأمر الذي بيناه في مراجع الكاتب السابقة ( أنظر مرجع الكاتب : الحقيقة المطلقة .. الله والدين والإنسان ) . وفي محاولة مبذولة من جانب الفلاسفة وعلماء النفس في تفسير ظاهرة قبول الإنسان التدين بمثل هذه الديانات الخرافية والوثنية .. نبدأ بمحاولة عالم النفس اليهودي " سيجموند فرويد " في إيجاد تفسير مقبول أو معقول لهذه الظاهرة .
فسيجموند فرويد يرى أن الإنسان فى الجانب الواقعي كائنا عاقلا ومنطقيا بشكل واضح ، بينما فى الجانب الديني ـ وخصوصا في الديانات الوثنية والخرافية كالمسيحية واليهودية ـ كائنا فاقدا للعقل والمنطق معا . لهذا رأى فرويد أن الإنسان يسهل عليه الاحتفاظ بالأديان الوثنية ، باعتبار أن الدوافع السلوكية للإنسان تجاه الدين تماثل الدوافع السلوكية للطفل تجاه أبوه ، وبهذا احتفظت البشرية بالمنهاج الديني الوثني كنوع من الامتداد للفكر الطفولي لدى الإنسان .. المماثل لفكر الأبوة .
بينما يرى بعض علماء النفس المعاصرين ، ومنهم عالم النفس الأمريكي " آريك فروم " أن قدرة الإنسان على الاحتفاظ بالديانات الوثنية ، ترجع ـ فى الواقع ـ إلى أن الإنسان يملك " القدرة على التبرير " وأن هذه القدرة هى جزء من الطبيعة البشرية ، وبهذه الطبيعة يصبح الإنسان قادرا على قبول أشياء بعيدة عن الأمر الواقع ، أو بعيدة عن العقل [5] بسهولة ويسر .
ولم يتنبه كل من سيجموند فرويد ، وآريك فروم .. إلى وجود " الفطرة الدينية " .. أي غريزة الدين والتديّن وإدراك وجود الله ( ) لدى الإنسان على النحو السابق ذكره في الفقرات السابقة . وبهذه المعاني السابقة عن الفطرة الدينية لدى البشرية .. والأخذ في الاعتبار كل من نظريتي الإحلال والاحتواء يمكننا ـ الآن ـ فهم وتفسير دوافع قبول الإنسان الإيمان بالديانات الوثنية التي تموج بالنصوص الأسطورية والخرافية .. وعدم اتساقها مع العقل ومعطيات العلم الحديث .. على النحو السابق ذكره في تعريف ظاهرة تعدد الأديان . ففي الديانات الوثنية ـ وفي غياب العقل ـ يحتل " الإله الوثن " وعبادتـه حيز " الإله الحقيقي " وعبادتـه في داخل النفس البشرية .. وبهذا المعنى يصبح التمسك بالوثن والدفـاع عن الدين هو التمسك الطبيعي بالإله والدين .. كما تقضي بهذا الفطرة البشرية . ونكتفي بهذا القدر .
الإنسان .. وموقعه من بانوراما الوجود والمصير ..
من الأمور المسلم بها أن الموت هو الإعلان النهائي لانتهاء مدة وجود الإنسان وسعيه في هذه الحياة الدنيا لتحقيق الغايات من خلقه ، والآخرة هي المكان النهائي الذي يرى فيه الإنسان نتيجة مسعاه في هذه الحياة الدنيا ، ولن يتاح للمرء فرصة أخرى للسعي فيما بعد أو فيما وراء الموت ( راجع الدراسة الخاصة بـ " الأكوان الموازية .. ورحلة الإنسان مع الموت " ) . إن الحياة الآخرة هي حياة أبدية لا نهاية لها وسيجزى الإنسان على نتائج مسعاه لتحقيق ـ أو عدم تحقيق ـ الغايات من خلقه ، إما سعادة أبدية .. أو جحيم أبدي ..!! وأن الانتباه بعد الموت لا يعني سوى ندم وتأسف الإنسان على فداحة خطأه في الماضي بعدم تحقيقه للغايات من خلقه .. وهو ما لا يمكن تداركه حينئذ ..!!
فلابد من العلم أن للوجود غايات .. وأن على الإنسان تحقيق هذه الغايات حتى ينال الخلاص المأمول .. والسعادة الأبدية المنشودة .. فليس الوجود عبثا إلهيا .. كما جاء في قوله تعالى ..
أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116) ( القرآن المجيد : المؤمنون {23} : 115 - 116 )
كما وأن الوجود ليس لهوا إلهيا ..كما جاء في قوله تعالى ..
وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (16) لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ (17) بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18) ( القرآن المجيد : الأنبياء {21} : 16 - 18 )
ويطول الحديث عن الغايات من الخلق .. وله مقالات أخرى .. إن شاء الله تعالى .
أهم أسباب عدم حسم " القضية الدينية " حتى الوقت الحاضر ..!!
لماذا لم تنته البشرية بعد .. إلى حسم " القضية الدينية " ( الدين والتديّن ) .. حتى هذه المراحل المتأخرة جدا من الحضارة المعاصرة ..؟! فهل مثل هذه القضية فوق مستوى ذكاء وفكر الإنسان ..؟! وهل ما زال على البشرية أن تقطع شوطا بعيدا من التقدم العلمي والحضاري حتى تنتهي إلى فهم معنى هذه القضية الهامة ..؟! وهي ليست مجرد القضية المتعلقة بوجود حاضر الإنسان ومصيره فحسب .. بل هي القضية الأساسية التي سوف تؤدي إلى تحقيق السلام العادل والدائم على هذا الكوكب الضئيل أيضا .. كوكب الأرض ..!! والسؤال الآن : هل يمكن الوقوف على أهم الأسباب التي أعاقت تقدم البشرية في فهم هذه القضية الهامة ..؟! والإجابة : بديهي .. يمكن ذلك .. وإلى أهم هذه البنود ..
1. استئثار الكهنة ورجال الدين بالمعرفة الدينية والمتاجرة بالدين ( لم يتم تحرير الكتاب المقدس إلا في القرن السادس عشر ) [6] ، باعتبار أن هذه المعرفة هي مصدر للثروة والسلطة وتحقيق الذات ، وهو ما يدفعهم إلى حصار الأتباع والعمل على ترويعهم ، وأن هلاكهم مؤكد مع كل محاولة لتخطي جدار المعبد أو الكنيسة .
2. قيام الكهنة ورجال الدين بنزع ثقة الفرد المسيحي بنفسه في مقدرته على فهم القضايا الدينية بعيدا عن سيطرتهم وسطوتهم .. حتى يظلوا أسرى داخل جدران المعبد أو الكنيسة ..!! حيث يقوم رجال الدين ( اليهودي / المسيحي ) ـ باتباع أساليب غسيل المخ المنظمة ـ بزرع الخوف في الفرد المسيحي منذ طفولته من الاستقلال بفكره الديني حتى يتجنب الفتنة .. وضرورة الرجوع إلى رجل الدين ـ تحت دعوى التخصص ـ في كل ما يتعلق بفهم أمور العقيدة ( بينما في المقابل نجد أن الدين الإسلامي يدعو أفراده إلى إطلاق الفكر بلا حدود وتحرير الفرد من التبعية والتقليد ) ..!! وبهذا المعنى يصبح الفرد ( المسيحي أو اليهودي ) أسيرا لوعيه الديني والاجتماعي الذي نشأ عليه ، كما يصبح مبرمجا بطريقة لا تسمح له بالتفكير الحر ، بل ويتجنب تماما ـ أو بمعنى أدق .. فهو يهرب بشتى التبريرات من المواجهة ـ مع أول محاولة من جانب الآخر ( المسلم على سبيل المثال ) للحوار الديني معه ..!! وما يقال عن الفرد اليهودي أو المسيحي يقال أيضا على أي معتقد لديانة أخرى .
3. ممارسة رجال الدين أساليب غسيل المخ المنظمة على الأتباع منذ الصغر .. بزرع الخوف من الفتنة .. وتأصيل وجود الوثن في جانب الحيز النفسي للإنسان المخصص لإدراك وجود الذات الإلهية ( راجع نظرية الإحلال السابقة ) ، والاعتماد على تضليل الأتباع .. واتباع المُسَلَّمة الخاطئة التي تقول : " طالما أن الإله موجود وصحيح ، فيكون معنى هذا أن الدين ـ المسيحي ـ هو الآخر موجود وصحيح " .. بينما لا توجد علاقة بين إدراك وجود الذات الإليه .. وبين صحة المضامين الدينية ..!!
4. رفض المعرفة الدينية .. أو بمعنى أدق " الجهل المتعمد " ، نتيجة تأصيل الخوف من الفتنة .. نظرا لضعف منطق الديانات الوثنية من جانب .. وتغييب العقل والمنطق العلمي في الحكم على الديانة من جانب آخر . وكذا الأخذ بمبدأ " الإسقاط " .. بمعني اتهام الدين الآخر .. بكل ما ورد في دين المؤمن من خرافات وأساطير والعمل على التشكيك في صحته ..!!
5. عدم تنبّه البشرية إلى وجود القانون الإحصائي العام ( التوزيع الطبيعي : The Normal Distribution ) الذي يؤكد على وجود " فطرة التديّن " ، وهي الفطرة الخاصة بالدوافع الذاتية لـدى الإنسان نحو اعتناق دين ما ( وثني أو غير وثني ) على أي نحو ..!! ( التوزيع الطبيعي يعني : الغالبية متدينة ، وجزء صغير عن اليمين مفرط في التدين ، وجزء صغير عن اليسار ضعيف التدين .. أو ملحد )
6. لم تنتبه البشرية إلى وجود القانون الإحصائي العام ( التوزيع الطبيعي : The Normal Distribution ) الذي يؤكد على وجود الفطرة الخاصة بإدراك وجود الإله الخالق ( سبحانه وتعالى ) ..!! ( التوزيع الطبيعي يعني : الغالبية تدرك وجود الخالق ، وجزء صغير عن اليمين مفرط في الإدراك أي صوفي ، وجزء صغير عن اليسار ضعيف الإدراك أي ملحد )
7. الخلط الواضح بين وجود هاتين الفطرتين ( المستقلتين ) : " فطرة الدين والتدين " .. و " فطرة إدراك وجود الإله الخالق " ..!! وتأسيس قضايا ( أو نظريات ) فكرية خاطئة استنادا إلى هذا الخلط الواضح ..!!
8. الفشل في تقديم تعريف محدد ونهائي لمعنى الدين ..!! وبالتالي عدم فهم معنى الدين ( البـلاغ الصادر عن الخالق لتعريف الإنسان به وبالغايات من خلقه ) . وعدم فهم معنى دور الدين في حياة الإنسان ( باتباع التشريع المطلق المنزه والمستقل عن أهواء النفس البشرية .. حتى تتحقق سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة ) .
9. قيام رجال الدين ( اليهودي/ المسيحي ) بالكذب الهستيري ، والافتراء على الإسلام بتفسيرات مضللة وبعيدة تماما عن العقل والمنطق . نذكر على سبيل المثال ؛ عندما تواجه الفرد المسيحي بالخرافات الموجودة في الكتاب المقدس ، يقول لك إنها رمزيات ..!! ويصل هذا الهذيان إلى حد قول القديس يوحنا ذهبي الفم أن الخرافات والمتناقضات في الكتاب المقدس هي أكبر دليل على صدق هذا الكتاب ..!! ولا تدخر الكنيسة وسعا في إرهاب الأتباع [7] والسيطرة عليهم بشتى الطرق ، كما لا تسمح لهم بحرية الفكر أو التعبير ..!!
10. رفض رجال الدين ، بل ومقاومة ، العمل على صياغة المقياس المطلق ( اللازم والكافي ) الذي يمكن الرجوع إليه في الحكم على " خطأ " أو " صحة " أي دين ، لأن هذا سوف يفضح دياناتهم الوثنية .
11. الفشل في تحديد ومعرفة وجود معنى للغايات من الخلق ..!! وكذا ؛ الفشل في تقديم أي إجابات معقولة أو مقنعة حول هذا المعنى ..!!
12. الرغبة ـ الفطرية ـ في التحرر من القيود التي يفرضها الدين الحق على سلوك الإنسان ( قيود التشريع الإلهي ) .. وإطلاق العنان ـ في نفس الوقت ـ لهوى النفس ( كجزء من الفطرة والغايات من الخلق أيضا ) .. لتحقيق وإشباع شهوات الإنسان المادية القاصرة ..!!
13. الرغبة في الاعتقاد في أن يكون الدين " قضية نسبية " ( والذي يعني صحة جميع الأديان ) .. وليس " قضية مطلقة " ( دين واحد صحيح مطلق ) لها براهينها العلمية المحددة والقاطعة الدالة على صدقها ..!!
14. وجود الفئات البشرية التي تتفق مصالحها في إبقاء وضع الدين على ما هو عليه في الوقت الحاضر من الغموض ـ أي الإبقاء على النظرة النسبية الحالية للدين ـ مع العمل الدءوب على وضعه في حيز الإيمان الغيبي بلا براهين ( من هذه الفئات : أئمة الديانات المختلفة ـ رجال الدين ـ كهنة العقيدة ـ السياسيون ) والعمل على تضليل العامة .. بالدعاية الهائلة الكاذبة .. واتباع أساليب غسيل المخ الجماعية والمنظمة لتضليل الأتباع ..!!
15. الرفض القطعي لتقبل المعرفة الدينية الحقة .. تحت زعم الخوف من الفتنة .. باستثناء بعض الفئات الخاصة والقليلة جدا والتي تبحث عن الحقيقة المطلقة بدوافع ذاتية ..!!
16. رفض الحوار الجمعي على نحو قطعي ـ على مستوى الأفراد ورجال الدين ـ بمعناه الحقيقي بين الأديان [8] .. والذي يهدف إلى تكاتف الجموع وإخلاص النية نحو البحث عن معرفة معنى الحقيقة المطلقة ..!!
17. تفتيت " القضية الدينية " إلى قضايا فرعية صغيرة ( في شكل كتب متناثرة ) والاستغراق في تحليل وشرح قضاياها الفرعية بشكل مستقل وغير جامع .. لتضيع المقدمات وتتبدد النتائج في غبار وظلال ركام من التحليلات .. بدون التنبه إلى الربط الجمعي والمباشر بالقضية الأم الكلية أو المطلقة ..!!
18. الفشل في رؤية الصورة المتكاملة لـ " بانوراما الوجود " ، بمعناها المطلق المتعلق بوجود : " الله الخالق ـ الإنسان ـ الدين ـ الكون ـ الوجود ـ المصير " .. 19. قصور الفكر البشري .. ووجود سقف للمعرفة البشرية .. والفشل في تحديد وفهم معنى : " نظرية المعرفة " .. بالمعنى الدقيق والمطلق .. الذي يتمثل في النظرية والتطبيق ..!!
وربما كانت البنود السابقة .. هي أهم البنود التي سببت عجز الإنسان لفهمه لمعنى " القضية الدينية " وتأخير حسمها حتى وقتنا المعاصر ..!! كما يوجد بعض البنود الإضافية التي تتعلق بالمجتمع المصري أو العربي بصفة عامة وهي :
1. تنشأة الطفل المسيحي على كراهية الدين الإسلامي . فالكنيسة لا تقوم بتنشئة طفل مؤمن بالديانة المسيحية بقدر ما تقوم بتنشئة طفل كاره للفرد المسلم واعتباره العدو الأول والأساسي له ..!! ولهذا ؛ عادة ما يدّعي ـ أو يتظاهر ـ الفرد المسيحي بالجهل بدينه عندما يدعوه المسلم للحوار معه .. حتى يقطع الطريق على هذا الحوار .. وعادة ما يؤكد ـ في الوقت نفسه ـ على ضرورة التخصص .. وأن أمور الدين لا يقوى عليها ومناقشتها سوى رجل الدين .. ثم يبحث عن المبرر أو أي أعذار أخرى لكي يلوذ بالفرار من أمام الفرد المسلم ..!!
2. فرض حصار فكري صارم على الأتباع ، وتقييد حرية الفرد منذ طفولته ـ إلى أقصى حد ـ في فهم شروحات قضايا الدين ـ حتى وإن بدت في غاية من الوضوح ـ إلا من خلال رجال الدين وكهنته ـ تحت زعم أن هذه القضايا غيبية لا يقوى على فهمها إلا المتخصصون منهم . وبهذا المعنى يصبح الفرد أسيرا لوعيه الديني المقيد بفهم وتبرير الكهنة لتناقضات نصوص الكتاب المقدس .. وخرافة القضايا الاعتقادية الموجودة في الدين ..!!
3. إرهاب الأتباع ليس من الدين الإسلامي فحسب ، بل ومن الفئات المختلفة من نفس الديانة الواحدة أيضا ، ورفض الحوار المطلق خصوصا مع الدين الإسلامي خشية الفتنة .. نظرا لضعف حجج .. وخرافة وأسطورة الديانتين اليهودية والمسيحية .
4. لا يتصف رجال الدين المسيحي بالحياد والموضوعية عند نقد ومواجة الدين الإسلامي .. بل يعتمدوا على التضليل والخداع .. وعلى ما ورد من الغث والقبيح في كتب التراث القديمة والسيرة . بينما في المقابل نقوم ـ نحن المسلمين ـ بعرض النصوص المجردة كما وردت في كتبهم المقدسة بشكل مباشر .. وتفسير الكنيسة المعاصر لهذه النصوص .
5. أن المؤسسات الدينية .. وكذا الجموع بجميع فئاتها ترفض التعاون في مجال المعرفة الدينية .. بشكل مطلق .
6. أن المؤسسات الدينية ـ غير المسلمة ـ لا تسمح بالحوار .. إلا مع الذات ومع جموعها فقط .. ويدور الحوار ـ باستخدام مناهج غسيل المخ ـ حول إقناع الأتباع بالديانة وأسرارها .. لحصار الأتباع داخل أسوار الكنائس والمعابد .. والتقيد بفكر وعقل وتبرير كهنتها ..!!
7. أن المؤسسات الدينية ـ غير المسلمة ـ ترفض وبشكل قاطع التحكيم العقلي في القضايا الدينية .. ويرجع ذلك ـ أساسا ـ إلى غياب المنطق .. بل والعقل ذاته في هذه الديانات ..!!
8. ومن أغرب الأمور ؛ أن تعتقد المؤسسات الدينية ـ غير المسلمة ـ أن عدم طرح العقيدة الدينية لحوار حقيقي مع الآخر المسلم .. يضمن لها .. ويحفظ لها .. سريتها وعدم معرفة الآخر بحقيقة دينها وتدينها ..!!
9. تقوم المؤسسات الدينية ـ وعلى رأسها الفاتيكان ـ وفي محاولة لخداع الأتباع .. بالترويج بتساوى الأديان .. والدعوى بأنه لا يوجد ما يعرف باسم " الحقيقة المطلقة " .. فجميع الحقائق نسبية .. وأن كل فئة تمتلك نصيب أو جانب منها ..!!
وبديهي ؛ في ظل البنود السابقة .. والنشأة المبرمجة للفرد ؛ لن ينصت الفرد المسيحي أو اليهودي إلى ما نقول . فالحقيقة المؤكدة ؛ أنه ليس من الصعب على الإطلاق إثبات صدق كل ما نقول فيما يتعلق بخرافة ووثنية الديانتين اليهودية والمسيحية ، ولكن الصعب ـ كل الصعب ـ أن نجعلهم ينصتوا إلى البرهان في كل ما نقول ..!! ويمكن للعالم الإسلامي ـ في الوقت الحاضر ـ رفع قضية معاداة الإسلام والمسلمين .. أمام المحافل الدولية .. لكي ينصت الآخر إلى معنى الدين والتدين بالقانون .. لعل الله ( ) يقضي لهم بالخير إذا أنصتوا إلينا ..!!
• محاصرة الكنيسة لندوة عيسى .. كما حاصرت من قبل رواية وفيلم شفرة دافنشي ..!!
وكالمعتاد ؛ لم تنجو "ندوة عيسى" من المحاصرة التقليدية للمؤسسة الكنسية الفاتيكانية ، التي سرعان ما راحت تستكتب فرقها من العلماء التابعين لها، ونشر مواقع إلكترونية متعددة، إضافة إلى الاستعانة بكافة وسائل الإعلام للحد من آثار أبحاثها على الأتباع .. بمحاولة إضفاء ملامح مختلفة للحط من القيمة البحثية لما يقومون به العلماء المشاركين في الندوة ، وإن النتائج التي توصلوا إليها والآراء التي طرحوها مرتبطة بميولهم الشخصية وهى عبارة عن آراء مسبّقة ..!! وإن أربعة عشرة فقط من العلماء المشاركين في الندوة يعتبرهم المعارضون من العلماء الضالعين في مجال العهد الجديد أما باقي المائتين فيرون أنه لا ثقل علمي لهم ..!!
بل لقد تمادى البعض في انتقاده للندوة على أن عملها عبارة عن " نقد هدّام " ، على حد قول دانييل آكين ، في جريدة "معمدانية الجنوب"، أما الجمعية التبشيرية الأصولية ، وجمعية الحارس المفسّر ، وجمعية الترسانة المسيحية ، فقد اتهمت جميعها ندوة عيسى بأنها " أداة في يد الشيطان لهدم المعتقدات المسيحية " ..!! ولقد علّق جيمس هوايت قائلا : " لإعادة بناء المسيحية كما يقولون ، فإنه يتعيّن على العاملين في الندوة التخلص من الأشياء الأساسية التي تقف أمامهم وهى : الكنيسة، بكل ما بها من عقائد ومعتقدات ، وخاصة ما تقدمه من معلومات حول المسيح . وبغض الطرف عن ضئالة ما تقدمه الصحافة من معلومات حول " ندوة عيسى " فإنها ـ أي الندوة ـ تقوم بحرب صليبية لبتر سلطة النصوص وتاريخية يسوع المسيح وأسس العقيدة المسيحية " ..!! وأطرف ما يلفت النظر في هذه المقولة الأخيرة هي عبارة الإشارة إلى " ضئالة ما تقدمه الصحافة " من معلومات حول ندوة عيسى ! فمن الواضح إن هذه "الضآلة " بلا شك هي نتاج ما تقوم به الفرق التابعة للمؤسسة الكنسية من قبيل منظمة " أوبوس داي : Opus Dei " (عمل الرب ) والعديد غيرها ، التي تلقى من الضغوط ما يكفي لعدم التعريف بنتائج أعمال هذه الندوة . و من مجرد تصفّح أسماء الجبهة المعارضة ، ومدى وهن انتقاداتها يدرك القارئ مستوى ذلك النقد ودوافعه ، خاصة وأنهم قد تفادوا أية مواجهة علمية أو مناقشة علمية ، وإنما مجرد انتقادات وتجريحات.. وهى جهود لا تأتى نتائجها عادة إلا فى البلدان النامية وتلك التي بها أقليات مسيحية متحكمة في الأقليات بصورة ما أو بأخرى . وقد عاصرنا في العامين ( 2005-2006 ) نموذجا من تلك النماذج في محاصرة " شفرة دافنشى " لكل من الرواية والفيلم المأخوذ عنها . والمعروف أن الرواية ـ شفرة دافنشي ـ تثير الريبة حول منظمة " أوبوس داي : Opus Dei " وسرية تعاملاتها المغلقة ، وتشكك فى أفعالها ونواياها ، إضافة إلى العديد من النقاط الأخرى مثل عمليات التحريف التى طالت النصوص المقدسة عبر التاريخ ، و عصر الظلومات المواكب لمحاكم التفتيش التى لا تزال سارية المفعول ، وإن تغيرت مسمياتها ، ورفض عملية تأليه السيد المسيح التى تمت سنة 325 م ، والإشارة إلى زواجه من مريم المجدلية إعتمادا على ما هو وارد فى بعض الأناجيل المحتجبة ، أى تلك التى لا تتمشى مع ما نسجته المؤسسة الكنسية من خط لاهوتى وعقائد لا يعرف السيد المسيح عنها أى شىء ، إضافة إلى الكثير غيرها . وكلها قضايا قد قتلت بحثا وصارت من الموضوعات المسلّم بها بين العلماء والباحثين المحايدين فى علم اللاهوت فى جميع أنحاء العالم .. إلا أن التعتيم عليها و ترك الأتباع فيما وصفه روبرت فانك ، رئيس ندوة عيسى ، انه جهل يصل إلى درجة الأمية ، وهو الذى يكسب العقيدة استمرار بقائها .
وقد رأينا كيف لم تنجح الجهود المضنية التي قامت بها الفرق الفاتيكانية المعارضة إلا في بلدان العالم الثالث وتلك التي بها أقليات مسيحية ( والتي يسهل للكنيسة فيها السيطرة على الأتباع ) .. والسبب الرئيسي الذي يدفع تلك المؤسسة الكنسية لمحاربة واقتلاع كل من يخالفها هو : أن نشر هذه المعلومات بين الجماهير يضر بعمليات التبشير التي أصبحت تتم بجرأة متزايدة ، بفضل مظلات سياسية وقوانين ردعية صيغت ، بكل أسف ، خصيصا لحمايتها .
وتكفى الإشارة هنا إلى أن كل ذلك الجهد العلمي الذي يقوم به معهد ويسْتار منذ عام 1985 وحتى يومنا هذا ، لم تشر إليه وسائل الإعلام في مصر، على اتساع مجالاتها وتنوعها ، إلا فيما ندر ، ومن ضمن مواضيع أخرى وكأن المسألة عرضية وليس الغرض منها التعريف بأعمال الندوة .
وهنا ينبغي التركيز على ضرورة حرية الإعلام الخاص بالدراسات الدينية الموثقة ، ولا يقصد بهذا الهجوم على الأديان ، كما يقوم بهذا بعض رجال الدين المسيحي الذين يقومون بالهجوم الموتور على الدين الإسلامي ، بقدر ما المقصود بهذا هو بيان الحقيقة التي تقود إلى صلاحية الإنسان ، وتعميم فكر نشر السلام على الأرض ، بدلا من التوعد بتدمير الحضارة البشرية التي يتبناها الغرب بلا وعي ، من منطلق الإيمان الأعمى بعقيدة الأبوكاليبس ، وهي مجموعة من الخرافات والأساطير التي لا تقوى على الصمود أمام الحقائق العلمية ، والبراهين القاطعة .
إن حرية الإعلام الخاص بالدراسات الدينية الموثقة ، أصبحت ضرورة يحتمها علينا المؤامرة التي تحاك ضد البشرية بالكامل وليس ضد شعوب العالم الإسلامي فحسب ، ولا يجوز التعتيم الإعلامي على هذه المؤامرة .. تحت دعوى المحافظة على وحدة الوطن ، والخوف من الفتنة الطائفية ، فوحدة الوطن يحميها شرع الله سبحانه وتعالى ، كما جاء في قوله تعالى ..
[ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9) ] (الممتحنة 8-9 )
والبر ـ في الآية الكريمة الأولى ـ يعنى العلاقة الحميمة مع الآخر ، وأن تعطى صاحب الحق أكثر من حقه ، وقد استخدم القرآن هذا اللفظ مع الوالدين فقال عن سيدنا يحيى : [ وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا ] (مريم: 14) ، وقال على لسان المسيح : [ وَبَرًّا بِوَالِدَتِى وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّارًا شَقِيًّا ] (مريم: 32) ، والقسط هو العدل . وليس بعد البر والعدل ما يمكن أن تقدمه لأى إنسان [9] .
وإلى حديث آخر .. إن شاء الله تعالى ..
************* هوامش المقالة
[1] تذكر الموسوعة البريطانية ( 1972) وجود ( 000, 150 ) خطأ ترجمة وتناقض وعدم توافق في الأحداث وتعديلات في الكتاب المقدس . وقام علماء ورجال دين نصارى على رأسهم مجموعة العاملين في أبحاث معهد (( ويستار : Westar )) في الولايات المتحدة ، والتي يفوق عددهم المائتين عالما متخصصا في علم اللاهوت واللغويات القديمة ، وأجمعوا في " ندوة عيسى : Jesus Seminar " برفع العدد السابق إلى الضعف . فإذا اعتبرنا أن متوسط عدد كلمات الصفحة في الكتاب المقدس حوالي ( 200 ) كلمة فيكون معنى هذا أن عدد الأخطاء يساوي إلى حد ما عدد كلمات الكتاب المقدس .
[2] ندوة يسوع (Jesus Seminar) حلقة دراسية مكونة من ( 150 - 200 ) عالم في اللاهوت . أسسها سنة 1985 روبرت فنك ( Robert Funk ) وجون دومينيك كروسان ( John Dominic Crossan ) تحت رعاية معهد وستار ( Westar Institute ) وهي مجموعة من أنشط المجموعات في النقد الكتابي . وتستعمل المجموعة أساليب خلافية لتحديد ما قاله أو فعله أو لم يقله أو لم يفعله عيسى كشخصية تاريخية . وتقوم بالنشر العام للأبحاث التي تنتهي إليها حول يسوع التاريخي .
[3] جورج سنتيانا ( 1863 - 1953 ) فيلسوف أمريكى ، ولد فى مدريد عام 1863 ؛ وجاء إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1872 ، وبقى فيها حتى عام 1912 . ثم غادرها إلى إنجلترا ثم إلى روما حيث توفى فيها عام 1953 . أهم كتبه : " العقل في الدين " و " الشك وإيمان الحيوان " . [ عن : " قصة الفلسفة " ؛ ول ديورانت ؛ ترجمة د. فتح الله المشعشع ، مكتبة المعارف ؛ بيروت . ص : 601 ] . أنظر كذلك " الحقيقة المطلقة ... الله والدين والإنسان " ؛ لنفس الكاتب ؛ لرؤية الخرافات فى الديانتين اليهودية والمسيحية ، وحتى يمكن معرفة الدوافع وراء تلك الفلسفات المادية ومنها فلسفة سنتيانا .
[4] سبق التوسع في مناقشة التعريفات المختلفة للدين في مرجع الكاتب السابق : " الحقيقة المطلقة / الله والدين والإنسان " كما جاءت بها الموسوعات العلمية ، والعلماء والفلاسفة وجميعها تعريفات قاصرة للغاية . أما تعريف الدين من المنظور الإسلامي فهو : " البلاغ الصادر عن الخالق ( الله عز وجل ) للتعريف به ، كمالات وفعل ، وتعريف الإنسان بالغايات من خلقه ، وأن على الإنسان تحقيق هذه الغايات حتى ينال الخلاص المأمول والسعادة الأبدية المنشودة " .
[5] " الدين والتحليل النفسي " ؛ آريك فروم ، ترجمة فؤاد كامل ، مكتبة غريب .
[6] كانت التعاليم الدينية يتلقاها الشعب من أفواه الكهنة . وليس للشعب الحق فى الاطلاع على الكتاب المقدس أو دراسته . وظل هذا الأمر قائما حتى عصر النهضة الدينية ، عندما انعقد مؤتمر " ورمز " بألمانيا لمحاكمة مارتن لوثر ، فى عام 1521 م حيث تم تحرير الكتاب المقدس .
[7] بعد أن قامت المهندسة الزراعية السيدة " وفاء قسطنطين " ـ زوجة القس " مجدي يوسف عوض " كاهن وراعي كنيسة " أبو المطامير " فى " محافظة البحيرة " في جمهورية مصر ، باعتناق الإسلام وإشهار إسلامها ، وهي أم لإثنين ( المهندس " مينا " ، و" شيري " خريجة كلية العلوم ) .. قام البابا شنودة الثالث بابا الكنيسة الأورثوذكسية في مصر بالاعتصام في دير وادي النطرون .. إلى أن أمر الرئيس المخلوع حسني مبارك بتسليم " وفاء قسطنطين " إلى الكنيسة .. التي حبستها في الدير بشكل نهائي ورفضت الكنيسة ظهورها مرة أخرى بشكل قاطع . والمعروف أنها قتلت في الدير بعد أن رفضت الارتداد عن الدين الإسلامي ..!!
كما قامت السلطات المصرية مؤخرا بتسليم أخت أخرى هي : " كاميليا شحاته " بعد إشهار إسلامها ، وهي زوجة القس " تيداوس سمعان " كاهن دير مواس بالمنيا ..!! وتتابع السلطات المصرية تسليم كل من يشهر إسلامه إلى الكنيسة تحت ضغط البابا شنودة الثالث .. حيث تم ـ أخيرا ـ تسليم ثلاث فتيات أخريات إلى الكنيسة بعد إشهار إسلامهن ، وهكذا عاد البابا شنودة بالكنيسة المصرية إلى عصور الظلام ومحاكم التفتيش في أوربا (من عام 476 إلى عام 1453) .. حيث كان يتم قتل وحرق الخارجين على الكنيسة بتهمة الهرطقة ..!! وهكذا أصبحت الكنيسة المصرية تؤكد تسلطها بالرعب على الأتباع ..!!
والمعروف أن القمص مرقص عزيز ( الكنيسة الأورثوذكسية ) قد أفتى صراحة بقتل كل من يترك المسيحية إلى الإسلام ، وهكذا قتلت كل من : وفاء قسطنطين ، وماري عبد الله ، وكريستين مصري قليني ، وكاميليا شحاته زاخر ، باسم الخيانة العظمى في محبة المسيحية .
وفي المقابل فإن الإسلام يكفل حرية انتقال المسلم إلى المسيحية ، لأنه ليس بمرتدا ، إنما تعريف المرتد بأنه كل من اعتنق الإسلام عن علم ـ وليس بالمولد ـ ثم ارتد عنه .
[8] يتستر " اتحاد الكنائس العالمي " خلف الدعوة ـ الصورية أو الشكلية فقط ـ للحوار مع العالم الإسلامي ، بينما هدفهم الحقيقي من الحوار هو : (1) تنصير شعوب العالم الإسلامي واقتلاع الإسلام من الوجود . (2) جمع الكنائس على عمل مشترك وهدف واحد هو غزو الأمة الإسلامية في عقول قادتها ، وفي همتهم وصلابتهم . (3) نقل المعركة إلى داخل الأمة الإسلامية بإحداث مزيد من التمزق والفرقة بين أبنائها .
وفي الوقت الذي يدعو فيه " الفاتيكان " إلى الحوار مع العالم الإسلامي ، نراه يتحرك وعلى امتداد ساحة العالم ليهاجم الإسلام في معاقله ، ويدمر قواعد الإيمان في بلاده .. بل ويشكك المسلمين في النبي الخاتم ( ص ) وفي رسالته . وبذلك لم يوقف الحوار المذابح التي يتعرض لها المسلمون في كل مكان في العالم ، كما لم يخفف من حملات الكراهية والبغضاء ضد المسلمين وضد الإسلام .. على النحو الذي نراه في الوقت الحاضر ..!! هذا إلى جانب إيمان المسيحية بالعقيدة الألفية السعيدة التي تحتم على العالم المسيحي إبادة شعوب العالم الإسلامي ومحو الإسلام من الوجود .
[9] أذكر في المقابل قول المسيح ( في العهد الجديد ) بذبح كل من لا يؤمن بالمسيحية ويرتضي بالمسيح ملكا عليه :
[ أَمَّا أَعْدَائِي، أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي».] (لوقا 19 : 27)
أما العهد القديم فيقضي بغسل الأرجل في دماء المخالفين وشرب دمائهم بعد قتلهم ..
[ 10 يَفْرَحُ الصِّدِّيقُ إِذَا رَأَى النَّقْمَةَ . يَغْسِلُ خُطُواتِهِ ( رجليه ) بِدَمِ الشِّرِّيرِ ] ( مزامير 58 : 10 )
[(24) هُوَذَا شَعْبٌ يَقُومُ كَلَبْوَةٍ، وَيَرْتَفِعُ كَأَسَدٍ. لاَ يَنَامُ حَتَّى يَأْكُلَ فَرِيسَةً وَيَشْرَبَ دَمَ قَتْلَى». ] ( عدد 23 : 24 )
*************
#محمد_الحسيني_إسماعيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كارثة صفقات الأسلحة الفاسدة / وتجريد الدول العربية من كل نظم
...
-
والتاريخ خير شاهد : إبادة شعوب العالم الإسلامي في الأندلس ..
...
-
شعوب العالم الإسلامي .. شعوب الهلاك
-
والإله خروف بسبعة قرون ..
-
كيف أمسك الإنسان ب ( الإله ) .. وصارعه حتى الفجر ..!!
-
الزعيم جمال عبد الناصر / شهادة للتاريخ
-
الرد على تعليق : الأكوان الموازية / نهاية حياة الإنسان .. ور
...
-
الأكوان الموازية : نهاية حياة الإنسان .. ورحلته مع الموت
-
في مسألة الاعتداءات المتكررة لإسرائيل على الحدود المصرية وقت
...
-
هل هيكل سليمان .. هو المسجد الأقصى ..؟!!!
-
لماذا الاعتقاد في الديانات الخرافية
-
وهرب الفيلسوف المصري د. مراد وهبه من المواجهة
-
على هامش الرد على وفاء سلطان .. ولماذا الديانة المسيحية ؟!
-
ورسالة إلى حكماء بني إسرائيل .. هذا إن كان فيهم حكماء ..!!!
-
وفاء سلطان .. و النجار 1/3
-
وفاء سلطان / الجزء الثالث : العقلانية والعلم بين المسيحية وا
...
-
الرد على دكتورة علم النفس الأمريكية وفاء سلطان 3/5
-
الرد على دكتورة علم النفس الأمريكية وفاء سلطان 2/5
-
الرد على دكتورة علم النفس الأمريكية وفاء سلطان 1/5
المزيد.....
-
لوباريزيان: سجن 3 طلاب أرادوا إنشاء دولة إسلامية بفرنسا
-
“هالصيصان شو حلوين”.. اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024
...
-
“شاور شاور”.. استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ال
...
-
قصة الاختراق الكبير.. 30 جاسوسا معظمهم يهود لخدمة إيران
-
بالفيديو: خطاب قائد الثورة الإسلامية وضع النقاط على الحروف
-
السفير الديلمي: كل بلدان العالم الاسلامي مستهدفة
-
مقتل وزير اللاجئين في حركة طالبان الأفغانية بانفجار في كابول
...
-
المرشد الأعلى الإيراني: الولايات المتحدة والنظام الإسرائيلي
...
-
المرشد الأعلى في إيران يعلق على ما حدث في سوريا
-
بابا الفاتيكان يوجه رسالة للقيادة الجديدة في سوريا
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|