|
نافذة على السامريين
حسيب شحادة
الحوار المتمدن-العدد: 3516 - 2011 / 10 / 14 - 22:13
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
الاسم ومن هم
تمتاز مِنطقةُ الشرق الأوسط ببضع سماتٍ هامة، نذكر منها هنا سمة واحدة وهي وجود الكثير من الأقليات العرقية أو الدينية. هناك، على سبيل المثال، العلويون والأرمن والسُّريان والبهائيون والأحمديون والعرب المسيحيون والكلدانيون والدروز والأقباط والموارنة والأكراد والشيعة واليزيديون والفلاشا والقرّاؤون والشركس والصابئة (المندائيون) والعيسويون (اليهود المسيحيون) والسامريون. سنتطرّق هنا بإسهاب ما إلى الفرقة الأخيرة، السامريين أو السُّمرة أو السامرة، الذين، في تقديرنا، لا يعرف عنهم جارُهم، العربيُّ العادي في الديار المقدسة ناهيك عن الأقطار العربية، شيئا ذا بال. إنهم أصغر وأقدم طائفة دينية في العالم. وقد قالت عنهم إحدى الباحثات في الستينيات من القرن الماضي ما معناه: يبدو أنه ربما كان من الممكن اعتبار السامريين المعاصرين أكثر الطوائف اليهودية الحيّة تمثيلا للعبرانيين القدماء.
هناك أقليات عرقية أو دينية تسمّي نفسَها باسم أو بأسماء معينة في حين أن الغيرَ، الآخرين، يُطلقون عليها اسماً أو ألقابا أخرى لا تقبلها تلك الأقليّات. من هذه الأقليات نذكر اثنتين تعيشان منذ القِدم في وطنهما، الديار المقدسة، وهما العرب في إسرائيل والسامريون. تطلق السياسة الإسرائيلية الرسمية على الأقلية القومية في البلاد اسم "عرب إسرائيل" في حين أنّ أولائك العرب (الوحيدون المسمون هكذا في بطاقاتهم الشخصية)، زهاء المليون وربع المليون نسمة، يحبّذون في أغلبيتهم الساحقة، على الأقل، بأن يُدعوا بـ"عرب ١٩٤٨، عرب الداخل، فلسطينيو ١٩٤٨ الخ. وهكذا السامريون الذين يدعون أنفسهم اليوم باسم "شاميرِم" أي "المحافظون على / حُراس التوراة" كما هو مثبت منذ القرن الرابع ميلادي فصاعدا أو "بنو إسرائيل الشاميرِم"، في حين أن اليهود الربانيين أطلقوا عليهم أسماء ونعوتا كثيرة. من هذه الأسماء والألقاب "الكوثيون (كما يستعملها يوسيفوس والتلمود، وهناك في التلمود البابلي سفر صغير بعنوان "كوتيم")، المعارضون، الكفّار، الحمقى (سنهدريم ٢١ ب)، عابدو الربّ بسبب الأُسود (ينظر سفر الملوك الثاني ١٧: ٢٤-٢٨)، الجهّال، عابدو الإله نرجل بشكل حمامة" (حولّين ٦ا) كما قال عزرا، چوييم (gentiles) من بلاد ما بين النهرين، سفر الملوك الثاني ، ١٧: ٢٦، ٢٩، الأغيار، عابدو أشيما، أي الاسم أي الخالق (إبن عزرا في تفسيره لسفر إستير)، أعداء (سفر عزرا ٤: ١، "أهل نابلس" كما ورد مرة في تاريخ يوسيفوس (١٢، ١٠). وكان بن سيرا اليهودي قد أطلق على السامرة الاسم "شعب منحطّ يقطن نابلس" ,O moros o laos), עם נבל הדר בשכם). ويشار إلى أنه في الحفريات التي أُجريت في جزيرة دِلوس في البحر الإيجي عُثر على بقايا مستوطنة سامرية وعلى نقشين باليونانية. يبدو أن تاريخ النقشين يعود إلى القرن الثالث أو الثاني ق. م.، يبدأ النقشان بهذه الجملة "نحن إسرائيليون ونقدّم الأضاحي على جبل جريزيم". كُتبت الكلمتان الأخيرتان ككلمة واحدة كالمعتاد في التراث السامري حتى الآن. ويرد الشيء ذاته في مخطوطات على ورق البردى من منطقة متسادا التي احتلها الرومان عام ٧٣م. ومنذ القرن الثاني ق.م. انتسب السامريون إلى سبط يوسف وسموا أنفسهم "أبناء يوسف" (نص قمراني (4Q372, II. 10-15))، وهناك الاسم "صيدانيون كنعانيون في نابلس" كما ورد في تاريخ المؤرخ والكاهن اليهودي فلاڤيوس يوسيفوس (٣٧-١٠٠م). ومما يجدر ذكره أن الاسم "السامريون" في سفر الملوك الثاني١٧: ٢٩ لا يدلّ على السمرة تابعي جبل جريزيم بل على أهل منطقة السامرة Samarians وليس Samaritans بالإنجليزية وينبغي التفريق بينهما. يبدو أن المؤرخ اليهودي يوسيفوس فلاڤيوس كان أول من أطلق اسم "الكوتيين" على السامرة مستندا إلى ما ورد في سفر الملوك المذكور. إن لفظة "سامريون" كان قد استعملها غير السامريين وللمرة الاولى في سفر الملوك الثاني ١٧: ٢٩. ثم وردت في كتابات يوسيفوس وليس من الواضح دائما فيما اذا كان المقصود الطائفة السامرية أم سكان مدينة السامرة، النابلسيون، كما وردت هذه التسمية مرة واحدة عند يوسيفوس١٢: ١٠١، وذلك بشكل سلبي وعند بن سيرا وفي الأدب اليهودي في فترة الهيكل الثاني؛ چوي عند بن سيرا ويضيف الكلمة العبرية "ناڤال" بمعنى "الأحمق" كما ورد في الترجمة السبعينية اليونانية (Septuagint). يبدو ان يهود مصر لم ينهجوا نفس النهج الذي سار عليه إخوانهم في يهودا ضد السامرة. لقد مرّ اسم هذه الطائفة بمراحلَ عدة إلى أن وصل إلى ما يعنيه اليوم. فالاسم أطلق أولا على العاصمة الشهيرة لمملكة الشمال ثم على كل المنطقة المحيطة بالعاصمة وأخيرا، وعبر استعمال العهد الجديد والكتّاب المسيحيين الأوائل، أخذت اللفظة "السامرة" تعني أتباع عقيدة محددة. ويقال إن مدينة "السامرة" تلقّت هذا الاسم نسبة إلى شيمر (سفر الملوك الأول ١٦: ٢٤) الذي باع لعُمري الأرض التي تقع عليها المدينة وذلك كما ورد في سفر الملوك الأول ١٦: ٢٤. ومما يجدر ذكره أن الاسم "السامريون" وفي العبرية השומרונים قد ورد مرّة واحدة (hapaxlegomenon) في العهد القديم في سفر الملوك الثاني ١٧: ٢٩. لم يطلب السامريون أن يكونوا يهودا في أية فترة تاريخية إلا أنه من اللافت للملاحظة أن الكاهن الأكبر عاطف ناجي في نابلس١٩٢٠-٢٠٠١ حمل بطاقة هوية مسجل فيها أنه "سامري يهودي" وذلك على ما يبدو لأسباب سياسية. أما الكاهن عبد المعين صدقة والذي أصبح كاهنا أكبر في شباط ٢٠٠٥ كان قد أعلمني في حديث شخصي في صيف ٢٠٠٠، على هامش المؤتمر العالمي السادس للدراسات السامرية في هلسنكي، أنه لن يقبل بمثل هذه الهوية قط. وكان الكاهن ذاته قد عبر عن هذا الموقف كتابيا "الاعتقاد الخاطىء لدي (!) الكثيرين من العامة والخاصة ان ابناء الطائفة السامرية هم يهود، وهذا بطبيعة الحال مناف للحقيقة. فالسامريون ليسوا يهودا على الاطلاق..." (الكاهن عيد المعين صدقه، الموجز في تاريخ وعادات واعياد الطائفة السامرية، نابلس الطبعة الاولى ١٩٩٧، تمهيد). أما القس إلياس مرمورة الذي عاش في نابلس مدة خمس عشرة سنة فكتب عن السامريين "اقرب الناس الى اليهود ديناً ولسانا"، السامريون، القدس، ١٩٣٤، ص. ١). مما يجدر ذكره بأن الرحالة الإيطالي ديلا ڤلي كان قد دعا السامريين عام ١٦١٦ باسم "يهود سامريين". لا نبالغ إذا ما قلنا بأن الشعب السامريّ يجسّد بأسمى صورة التمسّك بالتراث الروحي والعلاقة السرمدية بينه وبين جبله المقدس، جريزيم في نابلس. يتحدّر السامريون من الأسباط الثلاثة التالية: سبط لاوي وإليه تنتسب أسر الكهنة، سبط إفرايم وسبط مِنَشِّه. إفرايم ومِنَشِّه هما ابنا يوسف بن يعقوب وراحيل. بلغ عدد أفراد هذه الطائفة في بداية أيار ٢٠٠٥، ٦٨٤ نسمة، ٣٥٧ ذكرا و ٣٢٧ أنثى، تسكن في مدينتين فقط هما نابلس في الضفة الغربية لنهر الأردن (٣٢٢ شخصا) وفي مدينة حولون الواقعة بالقرب من تل أبيب (٣٦٢ شخصا). بعبارة أخرى يمكن القول بأن نصف هذه الطائفة تقريبا يحمل الجنسية الإسرائيلية والنصف الآخر يحمل الهوية الفلسطينية والهوية الإسرائيلية منذ عام ١٩٩٨. يعاني شباب هذه الطائفة من مشكلة إنسانية عويصة وهي النقص في الفتيات اللواتي في سنّ الزواج وعليه هناك ما يُدعى باسم "العزّاب الأبديين". منذ عام ١٩٢٣ بدأ الشباب السامري بالتزوج من اليهوديات بعد اعتناقهن العقيدة السامرية. كان ممثّل سامري في المجلس التشريعي الفلسطيني هو الكاهن الأكبر سلّوم بن عمران (١٩٢٣ـ ٢٠٠٤) كان الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات (١٩٢٩-٢٠٠٤)، قد عيّنه في الانتخابات التي جرت في كانون الثاني عام ١٩٩٦. تعتبر اللغة العربية لغةَ الأم لدى سامريي نابلس كافة أما في حولون فهي لغة الأم بالنسبة للمسنين أما الشباب فلغتهم الأولى هي اللغة العبرية الحديثة وغدت اللغة العربية غريبة عليهم لا سيما قراءة وكتابة. وسامريو حولون منخرطون في الخدمة العسكرية في جيش الدفاع الإسرائيلي منذ عام ١٩٤٨وقد اعتُرف بهذا الواجب رسميا عام ١٩٦٧. ويُشار إلى أن سامريي نابلس شرعوا بتعلم اللغة العبرية بعد حرب ١٩٦٧ مثلا في أولپان موشيه ١٩٦٨ـ١٩٧٠. في تاريخهم الطويل استعمل السامريون اللغاتِ التالية: العبرية السامرية القديمة، الآرامية السامرية وهي لهجة فلسطينية غربية، اليونانية، العربية، وأخيرا ابتداء من القرن الثالث عشر للميلاد تكوّنت لغة كتابية عبارة عن خليط من العربية والعبرية والآرامية لدى السامرة تسمى في الأبحاث العلمية اليوم باسم "العبرية السامرية الحديثة (Neo - Samaritan Hebrew) وسماها زئيڤ بن حاييم عام ١٩٣٩ باسم "شومرونيت" كما وسماها آخرون مثل مولتون عام ١٩٢٠باسم decadent form of Hebrew أي صيغة منحطة للعبرية. هذان الاسمان القديمان لم يكتب لهما التوفيق والانتشار في الأبحاث العالمية. ما زال نصيب الأسد من التراث السامري المدوّن بهذه اللغات يرزح في دياجير الظلام، في المخطوطات. وهذه المخطوطات التي يصل تعدادُها إلى بضعة آلاف موزّعة على مكتبات عامة وخاصّة كثيرة في أرجاء العالم. وهنا نشير إلى بعض هذه المكتبات الموجودة في المدن الآتية: سانت بطرسبورغ ولندن وأكسفورد وكمبريدج ومانشستر وپاريس وبرلين والقدس ونابلس ونيويورك وروما. وهنا لا بدّ من الإشارة إلى سرقة مخطوطتين سامريتين للتوراة (إحداهما ما يسمى بتوارة واصف على اسم الكاهن الأكبر آشر بن متصليح، واصف توفيق، ١٩٨٠-١٩٨٢) من كنيس السامريين في نابلس في ٢١ آذار عام ١٩٩٥. هذا الاختلاس لتراث ديني غالٍ جدا على أفئدة السامريين قد جرى خلال حكم الإدارة المدنية الإسرائيلية في الضفة الغربية من نهر الأردن عندما كان يوسف أبو الحسن الكاهنَ الأكبرَ (الإمام الأكبر). والمخطوطتان مخبئتان في مكان ما في عمّان في المملكة الأردنية الهاشمية وطلب اللصوص فدية مقدارها سبعة ملايين دولار أمريكي ثم خفّضوا المبلغ إلى مليونين فمليون إثر تدخّل الرئيس ياسر عرفات. ما زالت جهات رسمية رفيعة المستوى في كل من السلطة الفلسطينية وإسرائيل والأردن وأخرى بريطانية تعمل من أجل إعادة الحق إلى أصحابه الشرعيين. يعتزّ السامريون بمخطوط توراة أبيشع (المحفوظ في كنيس نابلس)، حفيد هارون شقيق النبي موسى، معتقدين بأنه دوّن في السنة الثالثة عشرة لدخول بني إسرائيل أرض كنعان. في الواقع يعود تاريخ القسم القديم من المخطوط المذكور إلى القرن الحادي عشر للميلاد. لا وجود لما يسمى بالسامريين العلمانيين، حيلونييم.
الأصل ونبذة عنهم
يبدو أن الانشقاق النهائي بين اليهود والسامريين قد تمّ في نهاية القرن الثاني للميلاد في عهد المكابيين. في تلك الحقبة دمّر يوحنان هورقنوس اليهودي المكابي الهيكل السامري على جبل جريزيم مرتين، عام ١٢٨ق.م. وعام ١٠٧ ق.م. يقول القسّ إلياس مرمورة، أول من ألّف كتابا بالعربية عن السامريين، إنهم "اقرب الناس الى اليهود ديناً ولساناً (السامريون، القدس١٩٣٤، ص. ١). أصل السامريين على ضوء سفر الملوك الثاني ١٧: ٢٤ هو من "كوث"(مدينة سومرية أكادية قديمة وتعرف اليوم بتل إبراهيم) في بلاد ما بين النهرين، ومن هنا جاءت تسمية اليهود لهم بـ"الكوثيين". أما السامريون أنفسهم فيقولون إنهم من الأسباط الثلاثة لاوي وإفرايم ومِنَشِّه. هناك بعض الاتفاق في الرأي لدى الباحثين اليوم بشأن أصل السامريين وبموجبه لا يمكن عزو الانشقاق بين اليهود والسامريين نتيجة حادث واحد فقط. الفترة الزمنية التي حدث فيها هذا الانشقاق تمتد على فترة ٦٠٠ عام بين الحقبة الفارسية وتمرد بار كوخبا. ولا شك أن الخلاف الأساسي الذي نشب بين الطرفين كان بخصوص تحديد موقع الهيكل. ويطرح سؤال وجيه: هل الانشقاق كان نتيجة عوامل إثنية أو مذهبية أو كليهما؟ منطقة نابلس ولا سيما جبل جريزيم هو محور التاريخ السامري منذ أقدم الأزمنة وحتى يومنا هذا. تقع هذه المدينة بين جبلين، جريزيم في الجنوب وعيبال في الشمال وقد قيل فيها "جبلاها جملاها" كما ويسمي السامريون جبلهم بجبل البركة والآخر بجبل اللعنة. ذكرت شكيم (سيكم ونيابولس أي المدينة الجديدة باليونانية وسوخار في العهد الجديد) في التوراة لأول مرة في سفر التكوين ١٢: ٦عند قدوم أبينا إبراهيم الخليل إليها وتشييد مذبح فيها. هذا الشعب يقوم بطقوس دينية قديمة مستغلا التقدم التقني الذي يشهده عهد العولمة الراهن. في الماضي سكن السامريون في مدن فلسطينية عديدة مثل غزة والرملة ويافا وعسقلان وعكا وقيساريا وطولكرم كما وسكنوا في سوريا ومصر والعراق وإيران وتركيا ولبنان والهند وشمال افريقيا واليونان وإيطاليا وأرمينيا. في تلك العصور كان عددهم كبيرا، ففي القرن الأول للميلاد وصل عددهم إلى حوالي١٠٠ ألف نسمة وفي القرنين الرابع والخامس للميلاد بلغ عددهم حوالي المليون نسمة. في بداية الحكم العثماني على الديار المقدسة وصل عددهم إلى حوالي ٢٢٠ نسمة في نابلس. يقول داڤيد بن غوريون عن السامريين "الشعب اليهودي، ولا أودّ استثناء الطائفة السامرية من جملة شعبنا، إني أرى بقاء الطائفة السامرية الصغيرة كإحدى العجائب الكبرى في التاريخ" (ا. ب. أخبار السامرة، ٧٢٩-٧٣٠، ١٩٩٩/٢/١٥، ص. ١٧). يتمتع السامريون بالقانون الإسرائيلي المعروف لصالح اليهود "حق العودة" إلا أن "الحاخامية الكبرى" لا تعترف بيهودية السامريين. وقد ورد في التلمود عن السامريين لاسيما في سِفر "كوتيم" ما معناه. متى نقبلهم؟ عندما يكفرون بجبل جريزيم ويعترفون بالقدس وقيامة الموتى؛ مسالك الكوتيين أحيانا كالچوييم (غير اليهود) وأحياناً كبني إسرائيل وأكثرهم كبني إسرائيل". كما وورد أيضا في التلمود بأن السامريين "يشددون في كل فريضة دينية يقومون بها أكثر من اليهود". تُجرى مراسيم الختانة، على سبيل المثال، في فجر اليوم الثامن حتى ولو صادف ذلك اليوم يوم سبت أو عيد الغفران. عدم القيام بهذه الفريضة الأساسية يعني كما جاء في سفر التكوين ١٧: ١٤ "وأي أقلف ذكر لا يختن بشر قلفته فلتقطع تلك النفس من قومها عهدي فسخ". أما إذا كان المولود خديجا فلا يختن إلا بعد إخراجه من الحاضنة (incubator) بثمانية أيام كما أفتى الكاهن الأكبر ناجي خضر (ابيشع بن فنحاس، ١٨٨٠-١٩٦١) سنة ١٩٦٠. يتحتّم على الخاتن أن يكون مختونا. إذا أراد القارىء الكريم أن يبحث عن السامريين (تحت لفظة Samaritans) في الإنترنت فإنه سيفاجأ بالكم الهائل من الإحالات التي لا صلة لها البتّة بهذه الطائفة التي نحن بصددها هنا. منظمات إنسانية خيرية وأخرى لا حصر لها في عالمنا هذا تطلق على نفسها هذا الاسم المستمد من مثل "السامري الصالح" في العهد الجديد. أما في العهد القديم فاللفظة השמרונים وحيدة، كما أسلفنا، فقد وردت في سفر الملوك الثاني ١٧: ٢٩ إذ جيء بهم عام ٧٢١ ق.م. من كوث إلى مملكة السامرة في الشمال.
فرق سامرية
كما ان اليهودية في العصور الغابرة كانت مؤلفة من فرق كثيرة جدا كذلك كانت الحال بالنسبة للسامريين لا سيما في الحقبة الزمنية الواقعة ما بين القرن الثاني إلى القرن السادس للميلاد. وبعد الحكم الإسلامي كانت هناك قبائل سامرية كزار وعمران وجلهال والدنفية والنونية ويعيش الخ. سكنت في سوريا الكبرى. معظم هذه الانشقاقات حدثت في الفترة البيزنطية وبعضها في القرون القليلة ق. م. من هذه الفرق الشهيرة الدُّسْتان (أو الدَّسْتان) نسبة لدوسيس المؤسس في القرن الرابع للميلاد. ويقال إن ابن أخ بابا ربّا آمن ببدعة دوسيس وقتل في بلاطة رجما بالحجارة. ويقال أيضا إن أتباع هذه الفرقة كانوا متشددين جدا إذ مثلا لم يبرحوا بيوتهم يوم السبت ولم يطعموا حيواناتهم ولم يخرجوا أيديهم من أكمامهم. ومن عاداتهم الغريبة أنهم كانوا يضعون حذاء في قدمي الميت وعصا بيده وزنارا على خصره كأنه في سفر، إذ أنهم آمنوا بقيامة الموتى. هناك بناء على بعض المصادر السامرية تسع فرق دستانية. وقد يكون سيمون ماچوس (الأعمال ٨: ٩) زعيم الدستان غير الأورثوذكس المتأثرين بالغنوستية. كانت هناك فروق بين تلك الطوائف من جهة وبينها وبين الأغلبية السامرية من جهة أخرى. من تلك الفرق على سبيل المثال ما رأت بجبل جريزيم والحج اليه كفر صراح ولم تؤمن بالحياة بعد الموت. يذكر البلاذري والشهرستاني مثلا أن السامريين ينقسمون إلى فرقتين وهما الدستان والكوستان. ويزعم أتباع الأولى ان الثواب والعقاب في الحياة الدنيا بعكس اتباع الكوستان.
أركان العقيدة
ترتكز العقيدة السامرية على خمسة أركان وهي: ١) وحدانية الله، إله واحد لا غير هو إله إسرائيل، وتلفظ اللفظة "يهوه" "شيما" ( Šēma) أي "الاسم". ٢) نبي واحد فقط لا مثيل له هو موسى بن عمران وهو أعظم الأنبياء قاطبة. لا يطلق السامريون الاسم "موسى" على أبنائهم تنزيها وتعظيما لهذا النبي. ٣) كتاب مقدس واحد هو توراة موسى، الأسفارالخمسة الأولى فقط. يضاف إلى ذلك سفر يهوشع بن نون الذي يلي التوراة مباشرة ويهوشع هذا خادم موسى وخليفته. بعبارة أخرى لا يؤمن السامريون بالقسمين الباقيين من العهد القديم، الأنبياء والكتابات، ولا بالتوراة الشفوية، المشناة والتلمود. ٤) مكان مقدس واحد هو جبل جريزيم المسمّى عادة بالعربية بجبل الطور الواقع في نابلس ويصل ارتفاعه إلى ٨٨٠ مترا عن سطح البحر. لهذا الجبل الذي يحرص السامريون على كتابته بكلمة واحدة بالأحرف العبرية والسامرية ثلاثة عشر اسما وردت في التوراة منها جبل الرحمة، جبل القرابين، الجبل القديم، المكان القديم، الله ينظر، لوزة. ويقول العالم السامري المعروف، أبو الحسن إسحق فرج بن ماروث الصوري في كتابه "الطباخ" عن تأويل اسم الجبل ما يلي "الدي يدل علي ان القبلة والمقصد بعبادة الله تعالي جبل البركه المسمي في الشرع الشريف ههر چريزيم (في الأصل بالحرف السامري باستثناء الميم التي كتبت بالرسم العربي توفيرا للمساحة المكتوبة في المخطوط) ومعني هده اللفظه جبل العباده للمنقطعين الي الله وهو معروف ويستدل علي معرفته بعشر حدود". بعبارة موجزة يبدو أن أبا الحسن فهم الأصل "چرز" مقلوبا من "چزر" ومن هنا الانقطاع بالعربية. ٥) الإيمان بمجيء "تاهب" من بني يوسف ومن سبط إفرايم وهو بمثابة المهدي. وهو نبي مثل موسى سوف يجيء في عاقبة الزمان يوم العقاب والثواب. (أنظر سفر التثنية ١٨:١٨، سفر التكوين ٤٩: ٢٥). يعتقد السامريون بأنه سوف يأتي هذا "المهدي" بعد الخليقة بستة آلاف سنة أي بعد ٢٣٦٢ سنة! إنه سوف يقيم خيمة الاجتماع على جبل جريزيم ويعيد الآنية المقدسة ويُدفن على الجبل عن عمر المائة عام. بعد موت "التاهب" بحوالي تسعة قرون تبدأ الدينونة.
يبدو أن الأوضاع العصيبة التي عاشها السامريون خلال عصور تاريخهم والآمال التي كانت تساورهم من أجل مستقبل أفضل قد أدّيا إلى إضافة الركن الخامس.
الوصايا العشر
١) لا يكون لك آلهة أُخر في عالمي. ٢) لا تُقسم باسم الله الهك جزافا. ٣) احفظ يوم السبت لقدسه. ٤) أكرم أباك وأمك حتى تطول مدتك على الارض التي الله الهك معطيك. ٥) لا تقتل. ٦) لا تفسق. ٧) لا تسرق. ٨) لا تشهد على صاحبك شهادة زور. ٩) لا تشته بيت صاحبك ولا تشته زوجة صاحبك بره عبده وامته بقره وحميره وكل ما لصاحبك. ١٠) احفظ قدسية جبل جريزيم، المكان المختار حيث مذبح الله.
يوم الدينونة وتاهب أو المهدي
جاء في إنجيل يوحنا ٤: ٢٥ على لسان المرأة السامرية "أعرف أن المسيا (أي المسيح) سيجيء ومتى جاء أخبرنا بكل شيء". واللفظة "تهب" اسم فاعل من الأصل "توب" الآرامي والمعنى "العائد" أو "التائب"، (ورد الاسم "الغائب" خطأ في كتاب محمد حافظ الشريده وعمر عبد الخالق غوراني، الطائفة السامرية...، نابلس ط. ١، ١٩٩٤، ص. ٤٨، ٥٤) والفعل يمكن أن يكون لازما ومتعديا حسب السياق، وعندها فالمعنى "الذي يؤدي إلى التوبة". وردت اللفظة عدة مرات في ميمر مرقة الذي يعود تاريخه إلى القرن الرابع للميلاد. ولكن لا ذكر لها في الترجوم السامري للتوراة. وصف التاهب في مصادر سامرية من القرون الوسطى بأنه ملك. التاهب كموسى يحضر التوراة وخيمة العهد (Tabernacle) وعصا أهرون (the Staff of Aaron) والمن ويقوم بصنع العجائب ويجدد تقديم الأضاحي إلا أنه ليس كاهنا ويوفق بين بني اسرائيل. إنه موسى الثاني وسيجيء من الشرق وكلاهما كما قال مرقة يأتيان بالسلام ويظهران الحق والحقيقة، وينظر أيضا في سفر التكوين ٣: ١٩ وقد ورد في سفينة مرقة ייתי בשלם תהבה ויגלי קשטה וידכי עלמה أي أن تاهب يأتي بالسلام ويظهر الحقيقة ويطهر العالم (بن حاييم، ٢٩١/٩٤٦) وشيء مماثل قيل عن النبي موسى (نفس المصدر ٣٤٣/١٣١). من السامريين من يرى في سفر الخروج ٢٠: ١٨أ-١٨و، ولا وجود لها في التوراة اليهودية، إشارة إلى الدولة الثانية وتاهب النبي في عاقبة الأيام. وينظر أيضا التثنية ١٨:١٨، ٣١: ٢٦.
أضيف الإيمان بالتاهب من نسل يوسف نتيجة أوضاع تاريخية قاسية مرّ بها السامريون ونتيجة لتأثير يهودي معين. إلا أن دراسة موضوع "التاهب"، بشكل ما من التمعن والشمولية، كان في القرن الرابع عشر فقط. وهو بمثابة نبي كما ورد في سفر التثنية ١٨: ١٨ وينظر انجيل متى ١١: ١٤ومرقص ٩: ١١ الخ. وأعمال الرسل ٧: ٣٧. وهو معروف أيضا بـ"النجم" وفق ما ذكر في سفر العدد ٢٤: ١٧ تاهب سيعيد بناء الهيكل على جبل جريزيم ويعترف به الوثنيون ويؤسس طقوس القربان. وسيحيا تاهب ١١٠ سنوات وسيأتي بعد انحلال العالم بعد ستة آلاف سنة. لا وجود لأي نص سامري كامل يعالج هذا الموضوع بصورة شافية كافية. قيل إن هناك كتابا في نابلس للكاهن فنحاس أبو الكاهن ابيشع فيه مادة عن التاهب (ا.ب. أخبار السامرة ٧٦٣-٧٦٥، ٢٠٠٠/٦/١ ص. ٧٢). لم يذكر اسمه ويقال إنه من ذرية يعقوب أو شث أو يوسف الصديق أو فنحاس أو موسى أو نوح وآل الدنفي يقولون بأنه من سبط إفرايم. سيكون نبيا كموسى بناء على ما جاء في سفر التثنية ١٨:١٨ ولكنه وصف بأنه ملك. لا يعرف متى سيجيء إلا أن التوبة شرط لقدومه وسيكشف الحقيقة. ويعاقب الخطاة مدة أربعين سنة. بقدوم التاهب تنتهي فترة السخط "الفانوتا" التي يقلّ فيها النسل وتبدأ فترة الرضوان "الراحوتا". عندها يبنى الهيكل على جريزيم وستستأنف الأضاحي وتبدأ المملكة الثانية والتاهب سيحكم على العالم بأسره مدة مائة وعشرين سنة وبعد دفنه تقوم القيامة (هناك ألفاظ مرادفة كثيرة مثل: يوم العقاب، يوم السؤال، يوم الخصام، يوم الموت، يوم النعيم، يوم الجحيم، يوم السلام، يوم الشهامة) ويحلّ يوم الدينونة. كما وسيؤمن الكفّار به وستصبح اللغة العبرية السامرية عالمية. ويشار إلى أن العلاقة بين التاهب والبعث غير واضحة المعالم. هناك يوم الثواب والعقاب كما جاء في سفر تثنية الاشتراع ٣٢: ٣٥ ومن ثم لدى مرقة حيث يذكر البعث والحياة في الآخرة. ما قاله الكتاب اليهود والمسيحيون القدماء من أن السامريين لا يعتقدون بالآخرة لا ينطبق على القرن الرابع للميلاد على الأقلّ. لقد صوّرالفردوس وكأنه مظهر من جبل جريزيم إذ هو بمثابة بوابة جنة عدن والشرير سيحرق بالنار. ويبدو أن التوبة بعد الوفاة قد تكون ممكنة على الأقلّ بالنسبة للمؤمن الذي قد يموت بخطاياه فلمثله هناك صلوات الشفاعة والتشفع. مجيء التاهب عبارة عن عهد الرضوان أي الراحوتا في السامرية الآرامية ويضع حدا لعهد السخط أي الفانوتا بالآرامية. ويعتقد السامريون بأن حقبة السخط قد بدأت عندما تخلّى إيلي عن جبل جريزيم وأقام مكانا مقدسا في شيلو وهذا أدّى فيما بعد إلى الانشقاق. كتب إبراهيم العية في منتصف القرن التاسع عشر "الدوله الاوله كان اميرها السيد يهوشع عليه السلام واستولي علي الاعدي واخد بلادهم واهلك شبعة جويم اي سبع شعوب والدولة التانيه فاميرها من يقوم من نسل السيد يهوشع كدلك وهو المشار اليه بتاهب ويستولي علي ما بقي من الاعادي ويتملك بلادهم بعد ان يبيدهم وهم اربعه شعوب ويدعي الامم الي طاعة الله ويمحو اتار اهل الفساد والعناد ويجدب الناس للاعتقاد وصحة الاعتماد بالانقياد علي حفظ شريعته والقيام بفرايصه وسنته ووصاياه ومن اراد الوقوف علي صحة دلك عليه بالوقوف علي المقاله الشافيه في ثبوت الدوله الثانيه المنسوبه الى الشيخ غزال ابن الدويك" (ا.ب. أخبار السامرة ٧٣٦-٧٣٩، ١٩٩٩/٤/٢٩، ص. ١٢٣).
يذكر الرحالة الذين زاروا الديار المقدسة في العقود الأولى للقرن التاسع عشر بأن السامريين كانوا ينصبون الخيام على جبل جريزيم، الجبل الأزلي. هناك كانوا يبقون العذارى لوحدهن مدة عشرة أيام آملين أن تحبل واحدة منهن وتنجب المسيح (ا.ب. أخبار السامرة ١٩٨٠/٤/٢٨ ص. ٣٦). هناك من يعتقد ان تاهب سيكون من نسل هارون وسيكون كاهنا في حين أن الآخرين يقولون إنه من نسل يوسف الصديق أو من نسل يعقوب أو شيث أو فنحاس أو موسى أو نوح. كما وسيكون ملكا ولكن لن يكون ابن الله. اسمه غير معروف ولكنه سيكون مثل موسى، لا علم بموعد قدومه. الدولة الثانية ستقام ويحكمها تاهب على كل العالم كما وسيدفن مع يوسف. تاهب ملكا غير موجود قبل القرون الوسطى، يستعمل السامريون أحيانا "المسيح" و"المهدي". تفسير التثنية ١٨: ١٥، ١٨ هام بالنسبة للمسيح. يوم العقاب والثواب (יום נקם ושלם) كما جاء في سفر التثنية ٣٢: ٣٤-٣٥ ويؤيد هذه القراءة ما في الترجمة اليونانية السبعينية (Septuagint) وفي مخطوط من قمران. في التوراة اليهودية "لي الانتقام والجزاء" والسامريون يقرأون "ليوم الانتقام والجزاء". في يوم الحساب ستوضع أعمال البشر في الميزان وسيصيح الله "انظروا الان انني انا هو" وعندها ستتشق الأرض إربا وتفتح القبور وينهض الموتى والصالحون سيرتدون ثيابا بيضاء وينضحون بالأريج والطالحون سيلبسون أسمالا بالية وروائح نتنة كريهة ستنبعث منهم. وبعد الحساب يتوجه الصالحون إلى الجنة حيث سيستقبلهم موسى وأهرون والقديسون وأما الأشرار فسيودعون إلى النار الملتهمة حيث قايين ولامخ وقورح وعماليق وخطاة كبار. وهناك أسماء عديدة ليوم الحساب كما ذكرها مرقة في سفينته مثل يوم البعث، يوم الحساب، يوم الدينونة، يوم الاجتماع، يوم الاستجواب، يوم الاهتزاز (التثنية ٣٢: ٣٥ يوم الصعود من تحت الأرض. وعلى العموم فالصورة قد وصفت في سفر التثنية الإصحاح ٣٢. ينطر أولا في سفر التثنية ١٨: ١٨، ٣٢: ٣٤-٣٥. يبدو أن السامريين لم يؤمنوا بالملائكة كما يظهر من كتابات الكتّاب المسيحيين القدامى إلا أن عكس ذلك يتجلى في كتابات القرن الرابع للميلاد ومن ثم الترجوم الذي كثيرا ما يبدل اسم الجلالة بالملاك. وعليه فالانسان قد خلق بهيئة الملاك وان الملاك تحدث إلى موسى من العليق. هناك ملائكة خير وملائكة شرّ إلا أنهم لم يلعبوا دورا أساسيا في العقيدة السامرية مقارنة باليهودية والإسلام.
الأدب السامري
العمود الفقري لهذا الأدب هي التوراة فهي البداية والنهاية بالنسبة للسامري وهي موجودة بالأصل العبري السامري ذي التقليد القديم في التلاوة وهناك ترجمتان لهذه التوراة الأولى إلى اللغة الآرامية السامرية والثانية إلى اللغة العربية. أضف إلى ذلك هناك مقتطفات لترجمة يونانية، السمارتيكون. ما تبقى من الأدب السامري يمكن تقسيمه إلى قسمين: ما قبل الإسلام وهو بالآرامية وما بعد الإسلام وهو مكتوب بالأساس بالعربية باستثناء الليتورجيا. وفي الفترة الأولى: من القرن الرابع للميلاد، الترجمة الآرامية للتوراة، ميمر مرقة أو كتاب العجائب، القسم القديم من الدفتر أي الليتورجيا وفيه صلوات وعظات للسبوت وبعض الأعياد والأيام العادية بقلم مرقة (٣٠ قصيدة) ودران (بيت دران، أي قلادة جواهر بدون قافية ولا عدد معين من الأبيات أو الكلمات في السطر الواحد ولا ترتيب أبجدي acrostic) بقلم أبيه عمران داره (٢٨ قصيدة) وقصيدة واحدة لننّا، والأساطير بالآرامية من القرن الثاني عشر للميلاد. وفي الفترة الثانية: سفر يشوع التوراتي مع إضافات مدراشية وترانيم، مولد الناشي عام ١٥٣٧ بقلم إسماعيل الرميحي. ومن العلماء والكتاب السامريين على مر التاريخ نذكر هذه العينة: عمرم داره وابنه مرقه وحفيده ننّا، بابا ربّا، الربيس يعقوب أبو الفرج البزيني، غزال بن درثا، أب چلوچه بن طابيا بن قله (أبو حمد)، ثعلب بن ابطال، يوسف بن سلامة العسكري، أبو الحسن بن فرج بن ماروث الصوري وابنه أبو إسحق إبراهيم شمس الحكماء، المعلم بركات، أبو الفرج منجا بن صدقة بن غروب الدمشقي شمس الحكماء وابنه صدقة الحكيم، أبيشع المصنف، عبد الله بن سلامة الملقب بالعالم العلامة الثقة، إبراهيم بن يوسف القباصي، ابن الأثير بن صدقة بن منصور، العازار بن عمران، أبو سعيد بن أبي الحسين بن أبي سعيد، غزال الدويك، أهرون بن منير، أبو الحسن بن غزال بن كثار بن أبي سعيد (تأسلم)، موفق الدين بن يوسف بن غنايم الدمشقي، أبو الفتح السامري، إلعازار بن فنحاس بن يوسف، فنحاس يوسف الربّان، أبو الفرج نفيس الدين إسحاق بن كثار، هبة بن إسحق، هبة الله بن نجم المصري، بهلول المغربي، الشيخ عبدالله بن بركة الحفتاوي، صالح بن سرور بن صدقة، مفرج المفرجي، إبراهيم بن عبدالله بن صفي، غزال بن إسحق، يعقوب المرجان وابنه إبراهيم العية، مسلم بن مرجان بن إسماعيل الدنفي (شيخ إسرائيل، عمّ العية)، أبو يوسف يعقوب ابن غنايم، إسحق بن يعقوب الصفوي، إبراهيم بن مفرج صدقة الصباحي، غزال ابن أبي السرورالمطري، يوسف الحفتاوي، زينب (פועה) الصفوية، يعقوب بن إسماعيل، يعقوب بن أهرون، مرجان بن أسعد الدنفي، إبراهيم بن مفرج الصباحي، إفرايم بن سلامة الدنفي، إبراهيم صدقة فرج السامري، خضر ين إسحق الكاهن اللاوي، غزال ابن خضر، عمران بن سلامة، يعقوب بن أهرون اللاوي، أبو الحسن بن يعقوب بن سلامة، طهور بن يعقوب الدنفي، ناجي خضر، فنحاس بن إبراهيم الحفتاوي، يعقوب بن عزي، عبد المعين صدقة، راضي صدقة الخ. الخ.
ا.ب. أخبار السامرة ومعهد ا.ب. للدراسات السامرية
ا.ب. أخبار السامرة ( ص. ب. ١٠٢٩، حولون ٥٨١١٠، إسرائيل) مجلة سامرية بدأت بالصدور نصف شهرية بعشرات الصفحات في الأول من كانون الأول عام ١٩٦٩ في مدينة حولون (يازور) بالقرب من تل أبيب. بعد انقطاع دام عدة أشهر خصص للتدارس في أهمية هذه المنبر وتطويره وربما بسب ضائقة مالية أيضا، عادت وصدرت المجلة بحلة جديدة لتصبح أسبوعية ذات ثماني صفحات ترسل إلكترونيا إلى الباحثين وكان ذلك في صيف العام ٢٠٠٤. محرّرا هذه الدورية هما الشقيقان بنياميم (أمين) ويفت (حسني) نجلا المرحوم راضي صدقة (١٩٢٢- ١٩٩٠). هذه المجلة هي في الواقع لسان حال الشعب السامري في شقّيه في نابلس وحولون ومنبر للأبحاث السامرية. من مميزات هذه المجلة أنها تحتوي عادة على أربعة أنماط من الخطوط الأبجدية وهي العبري القديم أي السامري والعبري الحديث أو الحرف الأشوري، المربّع والعربي واللاتيني. مادّة المجلة تُكتب في معظمها بالعبرية الحديثة وهناك اللغة الآرامية السامرية واللغة العربية ولغة أجنبية هي في أغلب الأحيان الإنجليزية. لا بد من التنويه هنا بأن مستوى اللغة العربية المتجلي في المجلة ما زال بحاجة ماسة إلى الإصلاح والتحسين من حيث القواعد والأسلوب على حدّ سواء ولا سيما بالنسبة للمواد المترجمة من العبرية. يصل عدد نسخ المجلة إلى حوالي ٢٠٠ نسخة تُوزع على أسَر السامريين وحوالي ٢٠٠٠ ترسل للباحثين في شتّى أنحاء المعمورة. وصل عدد نشرات المجلة حتى ٢٠١١/١٠/١٠ إلى ١١٠٠ عدد. أما معهد ا.ب.للدراسات السامرية باسم المرحوم حسني (يفت) بن إبراهيم صدقة الصباحي الملقب ب"سيدو" (ت. ١٩٨٢) الذي كان رئيس الطائفة السامرية في إسرائيل فقد أقيم في التسعينات. يؤمّ المعهد باحثون وطلابُ جامعات ومعاهدَ عليا ويحظون بالمساعدة والمشورة في أبحاثهم. على سبيل المثال اشترى المعهد نسخا من الرسائل التي تُبودلت بين السامريين والباحث البريطاني الراب موسى چاستر((Moses Gaster, 1856-1939 وعددها ٣٠٠. كما ويقدّم المعهد المساعدة للعشرات من الطلاب والباحثين في الدراسات السامرية من مختلف بقاع الأرض. في نابلس مركز أبحاث سامرية ترعاه السلطة الفلسطينية.
مراسلة السامريين باخوتهم الوهميين
اهتمام الباحثين الغربيين بالكتاب المقدس لدى السامريين في الشرق، نابلس ودمشق وغزة والقاهرة جعلهم يتصلون بأبناء الطائفة مباشرة أو بالمراسلة بغية الحصول على معلومات وعلى مخطوطات. استهل هذه المراسلة مع سامريي القاهرة ونابلس التي استمرت حوالي قرنين ونصف يوسف سكاليچرالأب (Joseph Scaliger, 1540-1609) في أواخر القرن السادس عشر. هكذا بدأت بعض المخطوطات السامرية بالانتقال تدريجيا إلى الغرب منذ عام ١٥٣٦. في ذلك العام تمكن وليم پوستل النورمندي (Guillaume Postel, 1510-1581) من ابتياع مخطوط لغوي سامري بالعربية. وبعد سنتين نشر پوستل الأبجدية السامرية في Tractatus de duodecim linguarum characteribus. وفي زيارته الثانية للشرق الأوسط في ١٥٤٩-١٥٥٠ تمكن من شراء نسخة من التوراة السامرية بالعربية من دمشق. أما سكاليچر فقد اشترى في مصر مخطوطات لسفر يهوشع السامري بالعربية وتقويمين نُشر أحدهما عام ١٥٩٨. الجدير بالذكر ان أجوبة السامريين على رسائل سكاليچر لم تصله، إلا أنها نشرت في فرنسا عام ١٧٨٣ بقلم المستشرق الفرنسي المعروف سلڤستر دي ساسي Antoine Isaac Sylvestre de Sacy, 1758-1838. يمكن القول بأنه في غضون قرنين من الزمان، القرن السادس عشر إلى القرن الثامن عشر، وصل إلى أوروبا أربعون مخطوطا سامريا فقط. فكرة وجود سامريين في أوروبا قد تبلورت ورسخت في القرن السابع عشر وكان للمستشرق وللمطران هنتنچتون (Robert Huntington, 1637-1701) اليد الطولى في ذلك. قضى هنتنچتون أكثر من عشر سنوات في حلب وأقام علاقات مع السامرة وسلّم له مخطوط للتوراة السامرية ورسالة للطائفة السامرية المزعومة في إنجلترا. استطاع هنتنچتون أن يخدع السامريين بوجود جالية سامرية في إنجلترا بعد أن كتب أمامهم بالرسم السامري وذكر جبل جريزيم. يشار إلى أن الكنيسة الكاثوليكية قد انحازت إجمالا إلى التوراة السامرية في حين أن البروتستانت فضّلوا التوراة اليهودية.
كانت تلك المراسلات، في بداية الأمر، المصدر الأساسي الذي استمدّ منه الباحثون الغربيون المعلومات لكتابة أبحاثهم. يعتبر هذا المصدر هاما، دون أدنى ريب، لمعرفة أحوال السامريين في تلك الأيام. وللتدليل على ذلك نلخّص ما ورد في رسالة العالم السامري، مفرّج بن يعقوب بن إبراهيم بن يوسف المفرجي، (المعروف بمفرج الكبير) المؤرخة ١٦٧٢ والمحتوية على ثماني صفحات والمحفوظة في مكتبة مارشال في دبلن No Z 3.1.19 (6). هذه واحدة من بين عشرات الرسائل التي أرسلها مفرّج إلى أوروبا. يُدعى السامريون باسم "شاميريم" (ŠāmērƏm) أي "المحافظون على قدسية السبت". لا يخرج السامري من بيته يوم السبت إلا لغرض الصلاة. لا عمل بتاتا يوم السبت فهو مكرّس للصلوات ولتسبيح الربّ وللقراءة في التوراة. لا جِماع في ليلة هذا اليوم ولا ركوب على البهائم أثناءه بعكس ما يفعله اليهود. في عهد الكاهن الأكبر فنحاس بن العازر في القرن السادس عشر عُثر على بقرة حمراء وحُرقت وخُزن رمادُها في قرية "السارين" (أنظر سفر التكوين ١٢: ٦-٧) في نابلس (שומרים על הזיית דמי נידה מפני טמאת המת). استخدم هذا الرماد حتى نهاية القرن السابع عشر. بناء على ما جاء في سفر العدد الإصحاح ١٩ ذبح بنو إسرائيل بقرة حمراء (في الإسلام صفراء) صحيحة لا عيب فيها ولم يوضع عليها نير وحرقوها واحتفظوا برمادها في ماء للتطهير. الامرأة التي تُنجب ذكراً تكون غير طاهرة مدّة ٤١ يوما أما إذا كان المولود أنثى فأيام العزلة ٨٠. يحافظ السامريون على توراة أبيشع القديمة في نابلس ويقومون بزيارة قبور الصدّيقين. يكره اليهود في الديار المقدسة السامريين، يؤمن السامريون بمجيء المسيح "التاهب" وبيوم الدينونة. يسمي مفرّج كاتب الرسالة العبرية أبناء طائفته باسم "طائفة بني إسرائيل السامريين" وقبلتهم جبل چريزيم.
الأبحاث السامرية
بدأ البحث العلمي السامري في أوروبا منذ سكاليچر J. Scaliger (١٤٨٤-١٥٥٨) ١٥٣٢ عن طريق المراسلة بين سامريين وباحثين أوروبيين. استمرت هذه المراسلة حوالي ٢٥٠ عاما وكانت مصدر البحث الوحيد لدى الباحثين الغربيين. بعد ذلك أخذ بعض الرحالة الغربيين أمثال E. Robinson (١٥٩٧)، J. Mills (١٨٦٤)، Peterson (١٨٦٥)، M.E. Rogers (١٨٦٧) بالتطرق إلى جوانب مختلفة في حياة السامريين الذين زاروهم مثل قلة عددهم ومشاكل الزواج بين الأقارب لا سيما أولاد العم والعادات والاعتقادات. نقطة تحول هامة في هذا الصدد كانت سنة ١٦١٦ حيث تمكن الرحالة پيترو ديلا ڤلي (١٥٨٦-١٦٥٢) بمساعدة القنصل الفرنسي دي سانسي في القسطنطينية من اقتناء توراة سامرية بالعبرية والآرامية وبعض الكتابات الأخرى. وفي أواخر القرن التاسع عشر ازدهر البحث العلمي السامري ومن أعلامه نشير إلى موسى چاستر وكاولي وكاوتش وهايدنهايم وكالي.
ومنذ العام ١٩٨٦، عام تأسيس جمعية الدراسات السامرية في باريس بمبادرة الأب الدومينكي چاي سيسدنيي عقدت أولا مؤتمرات عالمية حول الدراسات السامرية كل سنتين، المؤتمر الأول عام ١٩٨٨ في تل أبيب والقدس، المؤتمر الثاني١٩٩٠ باريس، المؤتمر الثالث ١٩٩٢ باريس، المؤتمر الرابع عام ١٩٩٦ في ميلانو والمؤتمر الخامس في هلسنكي عام ٢٠٠٠ والسادس في حيفا عام ٢٠٠٤، والسابع في بودابست عام ٢٠٠٨ وبعد كل مؤتمر يصدر كتاب يضم المحاضرات.، والمؤتمر الثامن سيعقد عام ٢٠١٢ في إيرفورت بألمانيا.
السامريون في الإنجيل
كان بعض السامريين قد اعتنق الديانة المسيحية كما يبدو جليا من العهد الجديد (انجيل يوحنا الإصحاح الرابع). كانت الأكثرية الساحقة من الشعب السامري ضد المسيحية. صلب يسوع المسيح في عهد الكاهن الأكبر يهونتان بن يهويقيم الذي ترأّس الكهنوت ٢٧ عاما. ويبدو أن بعض أسفار العهد الجديد لا سيما إنجيل يوحنا تتوجه إلى السامريين وتخاطبهم مثل الاهتمام بالمرأة السامرية في الإصحاح الرابع والإشارة إلى "قطيع آخر" في الإصحاح العاشر والعدد ١٦ وكذلك استخدام تشبيه النور السامري الهام. وهناك من يرى في خطاب اسطفان في سفر الأعمال الإصحاح السابع أصولا سامرية فهو كالسامريين ضد وجود الهيكل (خيمة الاجتماع) في القدس والكهنوت ويشير إلى التثنية ١٨: ١٨. أضف إلى ذلك فإن الرسالة إلى العبرانيين في العهد الجديد قد تكون موجهة للسامريين فهم يدعون بهذا الاسم. كل من يقرأ العهد الجديد بتأنٍ لا بدّ أنه يتذكّر بأن ذكر السامريين قد ورد فيه عدة مرات وأن موقف المسيح إزاءهم عامة كان إيجابيا ومكث بينهم يومين وآمن به الكثيرون منهم به (إنجيل يوحنا، الإصحاح الرابع). كما كرز في السامرة بعد صعود يسوع إلى السماء فيلبس الشماس والرسولان يوحنا وبطرس (أعمال الرسل، الإصحاح الثامن). وقصة "السامري الصالح" (Good Samaritan) الشهيرة (لوقا ١٠: ٣٠-٣٧) تعكس ذلك وتعكس أيضا العداء والقطيعة الذين كانا مستشريين بين اليهود الربانيين والسامريين زمن المسيح. فحوى الحكاية أن شخصا كان متوجها من أورشليم إلى أريحا وفي الطريق انقضّ عليه لصوص "فعروه وضربوه، ثم تركوه بين حيّ وميت". مرّ بالجريح كاهن يهودي مرّ الكرام دون أن يقدم له أي إسعاف وكذلك حدث بالنسبة لأحد اللاويين. الشخص الثالث الذي مرّ به وشفق عليه وقدّم له ما يلزم من إسعاف، سكب الزيت والخمر على الجروح والتضميد ونقله إلى الفندق وتقديم مساعدة مادية كان سامريا ومن هنا جاءت التسمية "السامري الصالح". هناك من يذهب إلى أن الشخص الثالث لم يكن سامريا بل يهوديا عاديا أي إسرائيليا. كما وان الشخص الجريح هو المسيح بنفسه. ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنه في ذكر السامري بعد الكاهن واللاوي بعض الغرابة إذ كان من المتوقّع منطقيا أن يذكر "إسرائيلي" أي الرجل العادي لتتم الحلقة الثلاثية. هناك من يدّعي بأن إيراد "السامري" جاء في فترة لاحقة بدلاً من "إسرائيلي". وفي هذا الكتاب المقدّس نقرأ أيضاً عن قرية سامرية لم تقبل يسوع المسيح، عن يسوع المسيح والمرأة السامرية بجانب بئر يعقوب وماء الحياة، عن فيلبّس الشمّاس والرسولين بطرس ويوحنا والتبشير والتثبيت في السامرة وإنجيل يوحنا يحدّثنا أن سامريين كثيرين قد آمنوا بالمسيح بعد لقائه بالمرأة السامرية على بئر يعقوب بنابلس (ينظر. متى ١٠: ٥؛ لوقا ٩: ٥١-٥٦، ١٠: ٢٥-٣٧، ١٧: ١٦؛ يوحنا ٤: ٤-٤٢، ٨: ٤٨؛ أعمال ٨: ١-٢٥).
العرب والسامريون
العلاقات بين النظام الأردني والطائفة السامرية كانت وما زالت حسنة منذ عهد الملك عبد الله بن حسين الهاشمي (١٨٨٢-١٩٥١) الذي حكم حوالى ستّ سنوات واغتيل في المسجد الأقصى عام ١٩٥١. التقى به للمرة الاولى وفد سامري عام ١٩٤٩ في الشونة. بعد ذلك ساعد العاهل الأردني المخضرم الحسين بن طلال بن عبد الله (١٩٣٦-١٩٩٩) السامريين في نواح عديدة خلال حقبة تربّعه على العرش ١٩٥٣-١٩٩٩. سياسته وتوجيهاته إزاء أبناء هذه الطائفة الصغيرة (أو الدين كما يفضل الكثير من السامريين) التي التقى بالعديد من أفرادها كانت واضحة، اعتبارها جزءا لا يتجزأ من الشعب الأردني. سُمح للتلاميذ من أبناء الطائفة السامرية التغيّب عن المدرسة يوم السبت، إذ أنه اليوم المقدّس عندهم وكذلك الامر بالنسبة للموظفين. كما ابتاع العاهل قسما كبيرا من أراضي جبل جريزيم ومنحها للسامريين لتكون وقفا لهم. وأسهم كذلك في بناء منزلين لكاهنين سامريين كانا قد تهدّما من جرّاء الأمطار عام ١٩٦١. ويشار إلى أن السامريين كانوا قد بدأ،ا بشراء قطعة زرض على الجبل منذ أواسط القرن الثامن عشر. إثر وفاة الملك حسين في شباط ١٩٩٩ توجّه وفد نابلسي مؤلّف من عشرات السامريين إلى عمّان لتقديم التعازي للملك الجديد ابنه عبد الله الثاني بن الحسين. كما ونشرت قصيدة رثاء بالعبرية بقلم بنياميم صدقة في المجلة السامرية ا. ب. أخبار السامرة في العدد ٧٢٩-٧٣٠، ١٩٩٩/٢/١٥ ص. ٥. ويشار إلى أن الكاهن يعقوب بن عزي، أبو شفيق (١٨٩٩-١٩٨٧) كان قد أقام علاقات جمة مع شخصيات أردنية مختلفة وذلك عن طريق مزاولته قراءة كف اليد. أما بالنسبة للعلاقة بين الفلسطينيين والسامريين منذ ١٩٦٧ وحتى الآن فقد شهدت استقرارا ما في معظم الأوقات وكان هناك بعض التوتر والعداء لا سيما في فترة الانتفاضة الفلسطينية. وكما هو معروف فإن اتفاق أوسلو بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية الذي وُقّع في ٢٨ أيلول عام ١٩٩٥ ينصّ في البند رقم ٣٢ الخاصّ بالأماكن المقدسة على المحافظة عليها. تعهّد الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني بصيانة الأماكن المقدّسة التابعة لليهود وللمسيحيين وللمسلمين وللسامريين وجعل تلك الأماكن مفتوحة أمام الجميع. التوراة السامرية والتوراة اليهودية
تختلف التوراة السامرية عن التوراة اليهودية (Masoretic Text) في ٦٠٠٠ حالة تقريبا. نصيب الأسد من هذه الاختلافات لا يؤدي إلى اختلاف في المعنى. مثال على ذلك الفرق الأول: سفر الخليقة ١: ١١ في النص السامري ועץ وفي النص اليهودي بدون واو العطف (شجر) ويذكر أن لا حركات في النص السامري وعدد القطع (פרשוֹת) فيه ٩٦٦ وفي التوراة اليهودية ٦٦٩. أما بخصوص الفروق الهامة بين النصين المذكورين فنشير هنا في هذه العُجالة إلى ثلاثة، اثنين يتعلقان بالمكان المقدس لدى السامريين ألا وهو جبل جريزيم في نابلس. الفرق الأول: نجد في التوراة السامرية في سفر الخر وج ٢٠ بعد العدد الرابع عشرفي التوراة اليهودية الفقرةَ التالية وهي بمثابة الوصية العاشرة أو إذا أردت فهي الحادية عشرة: "(١٤أ) ويكون اذ يُدخلك الله الهك إلى ارض الكنعاني التي انت داخل الى هناك لوراثتها فتقيم لك حجارة كبارا وتشيدها بشيد وتكتب على الحجارة كل خطوب الشريعة هذه (١٤ ب) ويكون عند عبوركم الاردن تقيمون الحجارة هذه التي انا موصيكم اليوم في جبل جريزيم (١٤ ج) وتبني هناك مذبحا لله الهك مذبح حجارة لا تُجز عليها حديدا حجارة كاملة تبني مذبح الله الهك (١٤ د) وتُصعد عليه صعائد لله الهك وتذبح سلائم وتأكل هناك وتفرح في حضرة الله الهك (١٤ ه) ذلك الجبل في جيزة الاردن تبع طريق مغيب الشمس في ارض الكنعاني الساكن في البقعة مقابل الجلجل جانب مرج البها مقابل نابلس" [أنظر: الترجمة العربية لتوراة السامريين، حقّقها وقدّم لها حسيب شحادة، المجلد الأوّل: سفر التكوين وسفر الخروج. الاكاديمية الاسرائيلية للعلوم والاداب، القدس ١٩٨٩ ص. ٣٥١؛ و ينظر أيضا في سفر التثنية ٥: ١٨]. الفرق الثاني متمثل في صيغة الفعل בחר الوارد ٢١ مرة في سفر التثنية، في النص السامري ترد صيغة الماضي "اختار" في حين اننا نجد صيغة المستقبل "يختار" في التوراة اليهودية، انظر سفر التثنية ١٢: ٥، ١١، ١٤، ١٨، ٢١، ٢٦؛ ١٤: ٢٣، ٢٤، ٢٥؛ ١٥: ٢٠؛ ١٦: ٢، ٦، ٧، ١١، ١٥، ١٦؛ ١٧: ٨، ١٠؛ ١٨: ٦؛ ٢٦: ٢؛ ٣١: ١١. والفرق الثالث وارد في سفر التكوين ٢: ٢ حيث يقول النص السامري (وكذلك الترجمة السبعينية) إن الله أكمل عمله في اليوم السادس في حين أن التوراة اليهودية تقول إن ذلك كان في اليوم السابع.
المادّة التالية في بعضها عبارة عن ترجمة عربية لما كتبه السيد بنياميم (هكذا كان اسم أمّنا راحيل حسب التوراة السامرية وليس بنيامين) راضي صدقة السامري أحد محرِّرَي ا.ب. أخبار السامرة. الجدير بالذكر أن هذه النافذة على الطائفة السامرية تُنشر في زوايا خاصّة في كل عدد من أعداد الدورية المذكورة بلغات ثلاث، العبرية والعربية والإنجليزية.
لمحة تاريخية
من الصعوبة بمكان إعادة بناء القسم الأكبر من التاريخ السامري بسبب شحة المصادر التي بحوزتنا حتى القرن الرابع م. وعليه لا مندوحة من الاعتماد على مصادر غير سامرية. هناك رافدان أساسيان للتاريخ السامري، المصادر التاريخية السامرية ومصادر غير سامرية. وفق الرافد الأول فالسامريون يتحدرون من سبطي يوسف، إفرايم ومنشه. دخل السامريون الأراضي المقدسة بقيادة النبي موسى حوالي ١٥٠٠ ق. م. بنو إسرائيل السامريون هم بقايا شعب قديم كان يقطن في مملكة إسرائيل القديمة في الشمال. أنيطت محاولات توحيدهم ببني إسرائيل اليهود لشعب واحد وعقيدة دينية واحدة بأيدي زعماء اليهود في أواخر القرن الخامس قبل الميلاد. بلغ عدد بني إسرائيل السامريين في القرنين الرابع والخامس للميلاد حوالي المليون ومائتي ألف نسمة. أقام السامريون في تلك الحقبة في مدن وقرى شتّى في الديار المقدسة، إلى الجنوب من سوريا وحتى شمالي مصر. وفي غضون تاريخهم الطويل تعرض السامريون إلى ملاحقات وأحكام تعسفية ومجازر عدّة وإكراه لاعتناق الإسلام أو المسيحية. ومن العائلات السامرية التي تأسلمت يمكن التنويه بالأسماء التالية المعروفة اليوم في فلسطين والشام، العظم والنحاس ويعيش (מתוחיה) وعكر وصوفان ومسلماني والطاهر وحبيبة ومَرًقة والأنصاري والدنفي والمهتدي والمطري. وعلى العموم يمكننا القول بأن حياة السامريين في غضون الأباطرة المسيحيين كانت مليئة بالكوارث والظلم مثلا في عهد زينو ٤٧٤-٤٩١. وفي عام ٥٢٩م مثلا قام يوستنيان بحملة قاسية أدت إلى قتل الكثيرين من السامريين وهروب البعض وتنصّر الآخرين. فترات الازدهار الثقافي السامري هي القرن الرابع للميلاد، بابا رابّا ومرقة، القرن الحادي عشر ثم القرن الرابع عشر. يمكن القول إنه لاهوتيا لم يضف أي أمر ذي بال بعد عصر مرقة بن عمرم داره كبير اللاهوتيين. ربما كان عدد السامريين المتضائل وصراعهم ضد الاندثار قد حالا دون انتاج فكري ذي بال. وقد كتب أبو الفتح السامري المؤرخ عن النبي محمد: "وكان محمد يحب السامرة وما اسا الى احد منهم كل ايامه". وفي الفترة الأموية كانت المعاملة حسنة أيضا. لاقى السامريون اضطهادا في فترات معينة من الحكم العربي الإسلامي لا سيما في الخلافة العباسية وعاشت مجموعات صغيرة في شتى المدن الفلسطينية الكبيرة. ويروى أن الملك الناصر محمد بن قلاوون ١٣٠٢-١٣٤٣، كان أول من أمر السامريين بارتداء العمائم الحمراء والمسيحيين السوداء واليهود الزرقاء. كما وقاسى السامريون في نهاية القرن الثامن عشر وبداية التاسع عشر وعلى وجه التحديد ما بين ١٧٨٥-١٨٢٠ حيث انهم منعوا من ممارسة واجباتهم الدينية على جبلهم المقدس، جريزيم في نابلس. وفي عام ١٨٤١ أقرّ العلماء المسلمون في نابلس بأن السامريين ليسوا من أهل الكتاب ولا يؤمنون بموسى بل هم عابدو العجل. كان ذلك، كما يبدو، انتقاما منهم لما حصلوا عليه من منافع من الحكم المصري في الدولة العثمانية. اجتاز السامريون هذه المحنة بتسلم وثيقة من الحاخام العام في القدس، إبراهيم حاييم چاچين، تقضي بأن السامريين فرع من الإسرائيليين ويؤمنون بالتوراة كما وأغدقوا العطاء أي قدموا الرشوة.
كل هذه الممارسات أدّت بالتالي إلى تقليص عددهم حتى وصل مثلاً إلى ١٤٦نسمة عام ١٩١٧. منذ مطلع العقد الثالث من القرن العشرين طرأ تحوّل إيجابي في تاريخ بني إسرائيل السامريين حيث بدأت ملامح التطور التدريجي تتجلى في مختلف أنماط حياتهم. يُعتبر السامريون أقل شعوب الأرض عدداً وأقدمها تاريخاً، إلا أنهم في الوقت ذاته أكثر الشعوب شباباً بالنسبة لعددهم.
ميزة الشعب السامري
حافظ السامريون خلال تاريخهم الطويل على هويّتهم المميزة كشعب ذي سمات خاصّة إلا أنهم فقدوا لغتهم الخاصة، الآرامية السامرية، كلغة حيّة. إنهم يستعملون خطّا خاصّا بهم هو الخط العبري القديم وينطقون بلغتهم وفق اللفظ العبري القديم الذي كان شائعاً لدى اليهود أيضاً حتى بداية الألف الأول للميلاد. كما ويتمسّك السامريون بتقاليدَ وعادات عريقة قد تعود إلى آلاف السنين، منذ دخول بني إسرائيل الديار المقدسة بقيادة يهوشع بن نون وحتى اليوم. من العسير جدا في معظم الحالات إن لم يكن مستحيلا التمييز بين عادة موغلة في القدم وما طرأ عليها من تغيير وتبديل على مرّ الأزمنة وأخرى حديثة العهد نسبيا. من هذه الدعائم الدينية عدم صنع التماثيل والصور أو وضعها في كنسهم. وهناك قصة طريفة في التراث السامري حول هذه النقطة، تحكي عن زيارة إسكندر المقدوني لسامريي نابلس طالبا منهم إقامة تمثال له جزاء ما قام به من خير لهم. أمهل السامريون عاما لإنجاز هذا الطلب عاشوه بقلق وحيرة إذ لا يجوز لهم دينيا إقامة التماثيل. وأخيرا توصلوا لحلّ يرضي الطرفين، تسمية كل ذكر يولد خلال ذلك العام بالاسم :إسكندر". وعند مجيء الإسكندر لرؤية تمثاله ولم يقم بعد اغتاظ كثيرا وهدد بإنزال أشد العقوبات على السامريين. تقدم الكاهن الأكبر نحو الإسكندر قائلا: إننا صنعنا لك أيها الإسكندر أجمل تمثال وبدأ ينادي إسكندر، إسكندر" فتهافت الكثيرون وتجمع حشد غفير ففرح الملك وصفح. جبل جريزيم والقدس
كما أشرنا آنفا يعتبر الخلاف حول المكان المقدس الذي اختاره الله أحد الفروق الرئيسة التي تميّز اليهود الربانيين عن السامريين. بالنسبة لليهود "القدس" هي المكان المقدّس منذ زمن داؤود وسليمان إذ فيها جبل الموريا حيث همّ إبراهيم الخليل بتقديم ابنه اسحق تضحية لله. داؤود الملك هو الذي نقل تابوت العهد إلى القدس وقدّسها لأغراض سياسية ترمي إلى نقل المركز إلى مملكة يهودا وكانت عاصمة لمملكته. ثم بنى ابنه الملك سليمان الهيكل هناك. أما السامريون فيعتقدون بأن جبل جريزيم في نابلس هو المكان المقدس الذي اختاره الربّ. يقول السامريون بأن جبل جريزيم قد ورد ذكره في التوراة عدة مرّات (الخروج ٢٠: ١٤؛ التثنية ٥:١٨، ١١: ٢٩، ٢٧: ٤، ١٢) في حين لا ذكر للقدس بتاتا في أسفار موسى الخمسة. بعد دخول يهوشع بلاد كنعان (قبل ٣٦٣٨ سنة وبذلك الدخول يبدأ التقويم السامري) أقام خيمة الميعاد على قمة جبل جريزيم وكان إلعازر بن أهرون الكاهن الأكبر. وتلاه كهنة آخرون هم أبيشع وشيشي وبحقي وعوزي. عندما أصبح عوزي كاهنا أعظم وهو ما زال شابا شبّ خلاف بينه وبين علي القائم على أعمال بيت ايثمار بن أهرون. فما كان من الأخير إلى أن أقام المسكن في شيله (سيلون). تبع بعض القوم علي والكهنة من نسل ايثمارفي حين بقي الآخرون مؤمنين بجبل جريزيم وبالكهنة من آل فنحاس. وكما هو معروف فإن الوصية العاشرة في التوراة السامرية هي قدسية جبل جريزيم. هذه الوصية لا وجود لها في التوراة اليهودية اليوم ويدعي السامريون بأن عزرا الكاتب قد أضاف وحذف في التوراة وحتى بدّل الحروف العبرية القديمة إلى حروف أشورية-مربّعة. يبدو أن الحفريات الأثرية تدلّ أيضا على أن نابلس كانت المكان المقدس وينظر أيضا في سفر يهوشع ٢٤: ١، ٢٥-٣٣. يقول السامريون بأن يهوشع أقام المسكن في جبل جريزيم وعلي الكاهن نقله إلى شيله / شيلوه وداؤود وسليمان نقلاه إلى القدس. ويقول مرقة، أعظم علماء السامريين، إن جبل جريزيم كان قبل الخليقة وهو المكان الوحيد الذي لم يتعرض للطوفان زمن نوح إذ لا يجوز أن يلوث هذا المكان الطاهر بالجثت وهو الوحيد الذي لن يهدم في عاقبة الأيام، يوم الدينونة. ويقول السمرة أيضا إن جريزيم هو جبل الموريا، نسبة لسهل مورة وهو عسكر بالقرب من نابلس حيث أقام إبراهيم خيمته. وعلى جبل جريزيم همّ إبراهيم بتقديم ابنه إسحق قربانا للخالق وهناك رقد يعقوب ورأى رؤيا السلم وإليه توجه ولاذ إثر حادثة ابنته دينه مع شكيم بن حمور وخوفه من الكنعانيين (تكوين ٣٤، ٣٥). إنه مركز العالم ومن ترابه جبل آدم وهو المكان المختار على وجه كل البسيطة (דמע דיבשתה) وستتدفق منه في الآخرة مياه حية وكما ان تابوت العهد مخبأ فيه وسيكشف عنه في نهاية الأيام.
الصلاة
دأب السامريون في الأزمان الغابرة إلى تقديم القرابين في الهيكل، هيكل النبي موسى في قلعة الاكام على جبل جريزيم. إثر دمار الهيكل استحال القيام بمثل هذه الفريضة وحلت محلها الصلوات فصلاة الصباح بدلا من صعيدة الصباح وصلاة المساء بمثابة صعيدة المساء وهلمجرا. الصلاة ما هي، في واقع الامر، الا مجموعة من التأملات والتسبيحات ورفع الدعاء والتضرع لله خالق السماوات والارض والقبلة جبل جريزيم. الصلاة واجب على الرجال والنساء على حدّ سواء، إلا إذا كانت النساء حوائض أو نوافس. فها هو سيدنا إبراهيم الخليل يبتهل إلى الله كما ورد في سفر الخليقة ٢٠: ١٧-١٨ "فشفع ابراهيم الى الله فشفى الله ابا مالك وزوجته وجواريه وولدوا. اذ حصرا حصر الله من دون كل فرج لبيت ابي مالك بسبب سارة زوجة ابراهيم". وها عبد ابراهيم يتوجه إلى الله في سفر الخليقة ٢٤: ١٢ "وقال اللهم يا اله مولاي ابراهيم وفّق الان بين يدي اليوم واصنع احسانا مع مولاي ابراهيم". (ينظر الآيات ٢٧، ٤٨، ٥٢). ونرى أيضا بأن إسحق يخرج إلى الصحراء للصلاة وقت الغروب منتظرا قدوم الزوجة المرتقبة من مدينة ناحور في أرم النهرين بصحبة مبعوث أبيه (سفر التكوين ٢٤: ٣٦). الوضوء فرض واجب قبل الصلاة بالسجود والركوع قد فُرض بعد خيمة الاجتماع. ومعنى الوضوء غسل السبيلين ثم غسل كل عضو ظاهر ثلاثا وتلاوة آيات خاصة من التوراة تسمى بالقطف وهي دعيمة الصلاة السامرية. ويعني القطف مجموعة من فقرات توراتية مرتبة حسب ورودها وتعنى بموضوع معين أو شخصية ما. بعض الصلوات لا سجود أو وضوء فيها مثل صلاة الميت وصلاة الختانة وصلاة الاستسقاء وصلاة الكسوف والخسوف. يخلو الكنيس (هناك في الوقت الراهن ثلاثة كنس مستعملة واحد على جبل جريزيم والآخران في حولون) من أية صور أو نقش أو كتابة على جدرانه ولا أثاث فيه. أرضية الكنيس مغطاة بالسجاد أو الحصير وهناك بعض الاسكملات لوضع نسخ التوراة عليها. ينزع السامري حذاءه كالمسلم قبل دخوله الكنيس ويمسح وجهه باليد اليمنى تبركا ثم يقعد على السجاد معظم وقت الصلاة ورأسه غير مكشوف. صلوات السبت سبع وهي صلاتان ليلةَ السبت وأخريان صبيحة السبت، الأولى في الكنيس والثانية في البيت وتتضمن هذه الصلاة قراءة فصل من التوراة. عند ظهيرة السبت تقام صلاتان وعند المساء تكون الصلاة السابعة. يجوز لدى السمرة إقامة الصلاة العامة إذا اشترك شخص واحد فقط مع الكاهن وليس كما هي الحال عند اليهود ووجوب عشرة ذكور بالغين.
الأعياد
يحتفل السامريون بأعياد التوراة فقط وهي سبعة: عيد الفسح أو عيد القربان، عيد الفطير أي العجين غير المختمر، عيد الأسابيع أو البواكير أو الحصيد، رأس السنة وهو رأس الشهر السابع، عيد الغفران، عيد العرش، عيد الثامن أو كما يسميه اليهود "سمحات توراه". وعليه لا أعياد وطنية أو قومية لدى السامريين. يحج السامريون إلى جبلهم المقدس، قبلتهم، جبل جريزيم، ثلاث مرات سنويا في عيد الفصح والأسابيع والعُرش. بعبارة أخرى لا يحتفل بنو إسرائيل السامريون كإخوانهم اليهود الربانيين بعيدي الأنوار والمساخر (حانوكا وپوريم). يحتفل السامريون بعيد رأس السنة قبل حلول عيد الفسح بأسبوعين وفي ليلة عيد الفسح يقرّبون الأضاحي من الغنم والماعز على جبل جريزيم. وهناك إضافة لجبل جريزيم الأقدس (يكتب أحيانا كريزيم) أماكن مقدسة يزورها السامريون في مناسبات معينة منها قبور الكهنة إلعازار وإيتمار وفينحاس والسبعين شيخا ويوسب ويشوع بن نون في منطقة نابلس (عورتا)، قبور الأزكياء العشرة في الخليل: آدم وشيت وانوش ونوح وربراهيم وشارة وآسحق ورفقة وبعقوب ولائقة (ليئة) وكذلك قبر أمنا راحيل بالقرب من بيت لحم، قبر هارون بن عمران في الأردن وأخيرا قبور أولاد يعقوب الآخرين مثل بنياميم في كفر سابا ولاوي في سيلة الظهر ويهودا في طلوزة (طيرا لوزه) ويقال أيضا إن أولاد يعقوب دفنوا في "جامع الأنبياء" بنابلس بحارة الحبلة (أعمال الرسل ٧: ١٥).
التجهيزات للفسح
لا أجمل وأحلى بالنسبة للسامريين من الأيام التي تسبق عيد الفسح. يبدأ السامري باستعداداته للعيد نفسياً وعاطفياً في مستهل الشهر الحادي عشر في السنة العادية أو في مطلع الشهر الثاني عشر في السنة الكبيسة. في ذلك المساء يتضرّع السامريون بصلواتهم معلنين بداية شهر المعجزات التي ضرب بها الرب فرعون والمصريين حتى أذعنوا لإطلاق سراح بني إسرائيل من بلادهم. منذ أول هذا الشهر وحتى السبت الأخير الواقع قبل الشهر الأول تندرج تلك الضربات الواحدة تلو الأخرى في الصلوات. في يوم السبت الأول ضربة التنين وفي الثاني ضربتا التنين والدم وهكذا في كل سبت يكررون الضربات السابقة ويضيفون ضربة أخرى حسب الترتيب التالي: التنين، الدم، الضفادع، القمل، الخليط، الوباء، القرح والبرد. تتخلل تلك الصلوات في أيام السبت وأوائل الأشهر كل الفقرات التي تحكي قصة الانعتاق من العبودية الفرعونية.
في ليلة رأس السنة [سفر الخروج ١٢: ٢] تقام صلاة خاصّة وعند انتهائها يتبادل المجتمعون التهاني بمناسبة حلول السنة الجديدة. في نفس الليلة تبدأ الأربعة عشر يوما لمراقبة الأغنام المعدّة للقربان. وتقام كذلك صلوات جماعية مساء وصباحاً تضاف فيها الضربات الباقية: الجراد والظلمة والبواكير وكل العبارات التوراتية المشتملة على الصيغ " أول، أولى وأوائل". وفي العاشر من الشهر يتمّ انتقاء الأكباش والتيوس من الغنم والماعز السليمة من أية آفة والبالغة من العمر سنة واحدة ويقوم كل سامري بالمحافظة عليها وتقديم العلف والماء لها.
قربان الفسح
أهم الاحتفالات السامرية وأطولها. يحلّ هذا العيد في الرابع عشر من الشهر الأول "بين الغروبين" (الغسق؛ أنظر سفر الخروج ١٢:٢ الخ.). يتجمّع كلُّ أفراد الطائفة السامرية على جبل جريزيم (باستثناء المرضى والنساء الطامئات) قبل وصول الكاهن الأكبر ووجهاء الطائفة وفي معيّتهم الضيوف الكرام من عرب ويهود إلى مكان الاحتفال. يرتدي الكاهن الأكبر جلبابا من الحرير الأخضر الزاهي والبالغون من وجهاء الطائفة يلبسون جلاليب وعمامات بيضاء أما الشباب وهم الأكثرية فمتمنطقون ومنتعلون ويرتدون السراويل والقمصان البيضاء. يفتتح الكاهن الأكبر صلاة القربان المستهلة بذكر أركان العقيدة ثم يعلن عن الشروع في نحرالأضاحي. تُفحص كل الأغنام والماعز قبل أن يقوم الجزّارون المختصّون من مختلف الأسر بنحرها. وهناك مرحلة "السميط" وهي عبارة عن صبّ الماء المغلي على الخرفان المذبوحة لنزع صوفها عنها إثر تفحص الكاهن لمشروعية طريقة النحر وتسحب عروق الفخذ (سفر التكوين ٣٢: ٢٢). ثم يغمس الصعتر بدم القربان الذي تلطخ به جباه الذكور ومداخل البيوت (في الماضي كاتت على الجبل خيام وشوادر وبركيات حتى العام ١٩٦٠). وكما ويوزّع الخبزُ العويص (المصّة) والمارور على جميع أبناء الطائفة. بعد تنظيف الأضاحي من الداخل ومن الخارج تُملّح كل أضحية وتُغرَز في نبّوت. قبل منتصف الليل بساعتين ونصف تُلقى الأضاحي في التنانير المشتعلة في المذبح المقام من الحجارة الغشيمة (بدون نقش) بشكل مستطيل. ثم تُسدّ فوّهاتُها بإحكام بشبكة حديد يعلوها الخيش وطبقة من الطين والشجيرات. النار تختنق والحرارة الملتهبة في التنانير تشوي الأضاحي جيدا خلال ثلاث ساعات. وفي منتصف الليل، عند خروج الملاك المُهلِك لضرب بواكير المصريين، تُخرَج الأضاحي من التنانير وتوضع في أطباق وتُنقل إلى البيوت وسط التسابيح غير المنقطعة منذ بداية القربان. هناك تُلتهم اللحوم كما ورد في سفر الخروج ١٢: ١١ مع الخبز العويص والمارور ولا يحق لغير الطاهر كالطمث مثلا والغرباء المشاركة في الطعام أو حتى مسه. كل المتبقّي من اللحوم حتى الصباح يُحرق. إذا وافق عيد القربان يوم الجمعة فعندها يبدأ الاحتفال في منتصف النهار وتؤكل الأضاحي قبل حلول المساء وذلك من أجل المحافظة على قدسية السبت. كل المتبقي من الأضاحي يُحتفظ به حتى انقضاء يوم السبت ثم يُلقى به الى المذبح للحرق. وفي الصباح الباكر تبدأ صلاة عيد الفسح. يرمز هذا العيد إلى ذكرى تحرّر بني إسرائيل من ربقة عبودية فرعون والخلاص على يد موسى والضربات العشر.
عيد الفطير
يحلّ هذا العيد في اليوم السابع إثرَ الزيارات والمعايدات المتبادلة وهو اليوم الأول لزيارة الأماكن المقدسة في جبل جريزيم. تُستهل الصلاة في الواحدة بعد منتصف الليل في كنيس قرية لوزا على جبل جريزيم. في الساعة الرابعة تقريباً ينطلق السامريون من الكنيس متوجهين إلى قمّة الجبل وهم يتلون الصلوات والتسابيح. إنهم يجتازون المحطات المختلفة: ١) موقع الحجارة. ٢) مكان مذبح آدم وابنه شث. ٣) مكان أشمخ العالم (جڤعات عولام). ٤) موضع "الله ينظر" حيث كان الكبش محاطاً في الدغل حين همّ ابراهيم بتقديم ابنه اسحق. ٥) مذبح اسحق. ٦) مكان مذبح نوح. ٧) أشمخ العالم. في الماضي استطاع السامريون تعيينَ نصبي يعقوب التذكاريين وكانا المحطة الثالثة. الصلاة المذكورة مكرّسة للخروج من مصر ولعيد الفطير وتتبعها وجبة رسمية.
أيام عيد البواكير السبعة
يدعى هذا العيد أيضاً بعيد "الاسابيع وعيد الحصيد" وهو ذكرى نزول التوراة (تثنية الاشتراع ١٦: ٩) . قرّر علماء السامرة بأنّ لهذا العيد مركزاً لا يقلّ أهمية عن أعياد الحج. بما أن كلاً من العيدين، الفطير والعرش، يستمرّ سبعةَ أيام كما ورد في التوراة فمن الجدير في نظرهم أن يكون لعيد البواكير سبعة أيام أيضاً إسوة بهما، إذ أن العيد المذكور يشكّل ذروة الأيام الخمسين، أيام عدّ الغمر، أي سبعة أسابيع ابتداء من اليوم الثاني للفسح مضافا إليها يوم واحد. تصادف بداية عيد البواكير يوم اثنين والنهاية في اليوم السابع أي يوم أحد. (سفر تثنية الاشتراع ١٦: ٩). يُدعى اليوم الأول "يوم الجوق" إذ فيه اجتمع بنو إسرائيل السامريون على الحق إزاء الحج الثاني في السنة. كرّس اليوم المذكور لتلاوة التسابيح والصلوات وزيارة التخوم الأربعة لجنّة عدن المستقبلية - الموضع المختار، جبل جريزيم بيت القادر. كل من يحج إلى تلك المواقع أو يذبح فسحاً فيها فإنه قد أدّى الفريضة "الموضع الذي اختار الله الهك لإسكان اسمه هناك" [سفر التثنية ١٢: ١١، ٢١؛ ١٤: ٢٣، ٢٤؛ ١٦: ٢، ٦، ١١؛ ٢٦: ٢]. والتخوم الأربعة هي: أشمخ العالم في جبل جريزيم؛ ملساة الصحراء في نابلس؛ قبر يوسف في نابلس؛ قرية عورتا حيث قبور الكهنة الكبار إلعازار وإيتامر ابني أهرون، فينحس بن إلعازار وابنه أبيشع. كما ودفن هناك سبعون من الشيوخ والكهنة السامريين. في يوم الثلاثاء وهو اليوم الثاني من الأيام السبعة يتطهر السامريون لإحياء ذكرى يوم موقف طور سين ويجتمعون في الكّنس مساءً لتلاوة صلاة خاصة. وفي يوم الأربعاء تُخصّص الصلاة من منتصف الليل وحتى مساء اليوم التالي لذكرى يوم موقف طور سين وتُتلى تسابيحُ مختلفةٌ وتُقرأ التوراة كاملة. يجوز للسامريين العملُ خلال الأيام الخمسة الأولى (الاثنين - الجمعة). ينتقل السامريون يومي الخميس والجمعة إلى منازلهم في قرية لوزا على جبل جريزيم استعداداً للحج. وفي يوم السبت المدعو "سبت الوصايا" تقام صلاة تصف نزولَ التوراة وتُرتل تسبيحةٌ حول يوم موقف طور سين كانت قد نُظمت في القرن الرابع عشر. وفي يوم الأحد يحلّ العيد حيث يتوجه السامريون للمرة الثانية لزيارة الأماكن المقدسة في جبل جريزيم كما جاء أعلاه في عيد الفطير. الصلاة تكون مخصّصةً لعيد الحصاد.
عيد الشهر السابع / رأس السنة
يمدح العلماء السامريون هذا الشهر وأعيادَه الأربعة . يرى الأوائل منهم أن الآية "في الشهر السابع في واحد من الشهر يكون لكم عطلة ذكر جلبات موافاة قدس" [سفر اللاويين ٢٣: ٢٤] تشير إلى عيد رأس السنة فقط. أما المتأخرون منهم فيذهبون إلى أن معنى هذه الآية كالتالي: عطلة = عيد الشهر السابع (رأس السنة)؛ ذكر = يوم الغفران؛ جلبات = عيد العرش (المظال)؛ موافاة قدس = اليوم الثامن لعيد العرش (شميني عتصيرت). عيد رأس السنة هو بداية سنة السمطة (إراحة الأرض). تبدأ سبع سني السمطة بالأول من الشهر السابع وكذلك أيضاً سنة اليوبيل، سنة الخمسين، ومن ثم تبدأ الكَرة ثانيةً في عدّ سبع سني السمطة التي أولها وآخرها هو اليوم الأول من الشهر السابع.
ومما يجدر ذكرُه أنه في الساعة السابعة من اليوم السابع من الشهر السابع قد وُلد موسى بن عِمران، سيدُ الأنبياء الذي لا مثيلَ له قاطبة. لذلك يعتبر الشهر السابع غُرّة الشهور كلها. يُنذر مطلع الشهر السابع بحلول أيام التوبة التسعة وعشرة أيام الاستغفار إذ في اليوم العاشر يصادف يوم الغفران. يتسمّ هذا الشهر بسمات هامة جدا فهو لبّ أعياد التوراة السبعة إذ فيه يحين الأوانُ للتوبة بلا عودة. بعبارة أخرى طلب التوبة من الله لمغفرة الخطايا دون الوقوع فيها مجددا. إنه الشهر المبشِّر بيوم الصوم وعليه فهو نافذة التوبة والاستغفار. يقوم السامري منذ اليوم الثاني من الشهر السابع وحتى التاسع منه بتلاوة صلوات خاصة كل مساء وصباح ويستعدّ لاستغفار الآثام. إنها أيام الرحمة والاسترحام والكفّارات والصدقات والحسنات وهي باب الخلاص ومخرج لتجنّب الخطايا والمعاصي.
يوم الغفران
إنه يوم الصوم العظيم وغرّة أعياد الرضوان وكله سبت وانقطاع تامّ عن أي عمل ويعرف أيضاً بعيد الغفران/الاستغفار. يُعتبر كل من يُشقي نفسَه بمحض إرادته في هذا اليوم الطويل حوالي خمس وعشرين ساعة وكأنه وُلد من جديد. في هذه المناسبة يقوم السمرة بأداء الصلاة وتلاوة التوراة من المساء وحتى المساء التالي. في هذا اليوم يُنفخ ببوق حرية بني إسرائيل المنبثقة من الحرب ضد الخطيئة. إن هذا اليوم ملك الأعياد وبزوغ ترانيم الاستغفار. الصوم في هذا اليوم واجب على الجميع، من الطفل المفطوم وحتى المسن إذ ورد "إن كل النفس التي لا تُشقى في جُرم اليوم هذا تنقطع من قومها" [سفر اللاويين ٢٣: ٢٩]. تُقام الصلاة من المساء وحتى المساء. تقوم نساء الطائفة وصباياها بمؤازرة صغار السن وإلهائهم حتى انتهاء الصوم مساء وعندها يتناول الجميع وجبة فاخرة تعقبها الاستعدادات لعيد العرش. في هذا اليوم فقط يحق للنساء التواجد في الكنيسة حيث تقرأ التوراة كلها.
عيد العُرش والعيد الثامن
يحتفل بعيد العرش ذكرى تيه بني إسرائيل في برية سيناء (سفر التثنية ١٦: ١٣) والعيد الثامن ذكرى تقديم الملك للكاهن الأكبر باكورة الثمار والقيام بواجبات الأعياد والامتثال لأوامر الرب. لا أحلى لبني إسرائيل السامريين من أيام عيد العُرش (أو حج العُرش/السكّوت/المظالّ) فهم يشعرون وكأنهم وُلدوا من جديد إثرَ يوم الغفران. وعليه فكل فرد من أبناء الطائفة يشرع بقوة وعزم لنصب العريشة التي تنمّ بفحواها وبتشابكها عن منظر الجنّة الخلاب وشكل مشكن سيدنا موسى. كلاهما لم تُبصرهما عينٌ وعليه فكل واحد يتفنن في تصميم عريشته وتزيينها محاولاً أن تكون أجملَ واحدة. قبل أن يتوجّه أبناء الطائفة السامرية إالى جبل جريزيم للحج للمرة الثالثة والأخيرة في السنة يتحتم عليهم الانتهاء من نصب العرائش.
الجدير بالذكر أن السامري يتمكن من ذلك (خلال الفترة ١١ - ١٤من الشهر السابع) في جميع الظروف حتى في حالة حلول أعياد اليهود في نفس الأسبوع. إنسجام الأصناف الأربعة، الثمر البهج، سعف النخل، أغصان شجر ملتف وخليط الوادي [سفر اللاويين ٢٣: ٤٠] الواجب تعليقُها على العريشة يكوّن منظراً رائعا. قد يلاصق سطحُ العريشة المكوّن من شبكة من الحبال أو الأسلاك سقفَ أكبر غرفة في البيت أو يكون مرتكزاً على أربعة أعمدة. يبلغ معدل وزن الفواكه المعلقة ٣٥٠ كغم وعليها السعف الموضوعة رأساً وعقبا فالأغصان الملتفة وبجانبها خليط الوادي. كما وتعلق الأنوار المتلألئة بألوان شتى وكذلك الزخارف الورقية.
يزور السامريون الأماكن المقدسة في جبل جريزيم (أنظر أعلاه "عيد الفطير") وتُقام صلاة بهذه المناسبة. ثم يعود السامريون إلى عرائشهم وتصل الفرحة ذروتَها، يشربون من العرق الصافي المعدّ في بيوتهم قبل يوم ممزوجاً بماء سلسبيل من ينابيع الجبل فيغدو لونه أبيض كالحليب وتصدح حناجرُهم بالأناشيد الشرقية المرحة. إنه يومُ فرحٍ وحبور، تشكيلة كبيرة من السلطات، اللوز الأخضر المنقوع بالماء، الفول المشوي وأنواع الكعك. يصادف خلال هذا العيد يومُ سبت يُدعى "سبت جنّة عدن" بمعنى أن من غُفرت خطاياهُ يومَ الغفران يستحق دخولَ الجنة التي ترمز إليها العريشة. يستضيف السامريون في عرائشهم آلافَ الزوّار من جميع أرجاء البلاد. العيد الثامن هو خاتمة الأعياد وذكرى القيام بالواجبات الدينية (سمحات توراة، لدى اليهود). بعد انتهاء الصلاة تقام مأدبة فاخرة جداً احتفاء بالعيد. عند انتهاء العيد تزال العُرش، الشبكات والأعمدة تُحفظ للعيد القادم، والثمار يُعصر بعضُها ويؤكل البعضُ الآخر.
مَركزا السامريين
من علامات التقدم في حياة السامريين تواجدُهم مناصفةً تقريباً في مركزين كما ذكرنا سابقا. الفئة الأولى تسكن في حي قريات لوزا على جبل جريزيم، إلا أن بعض العائلات تعود للسكن في منازلها في الحي القديم في نابلس خلال فصل الشتاء. أما الفئة الثانية فتعيش في حي نيڤي مرقة في حولون الذي أقيم عام ٤٥٩١ بفضل جهود زعيم الطائفة، حسني (يفت) بن ابراهيم الصفري (الصباحي) والمساعدات المادية السخية التي قدّمها كلٌّ من المرحوم اسحق بن تسڤي (ت. ١٩٦٣)، الرئيس الثاني لدولة إسرائيل والمرحومين، حاييم كوچل وفنحاس إيلون، رئيسي البلدية. ويذكر أن إبراهيم بن مفرج صدقة كان أول سامري غادر نابلس في مستهل القرن العشرين وسكن في يافا. نتيجة لعملية السلام بين حكومة اسرائيل والفلسطينيين فإن سامريي نابلس يقعون منذ أواخر ١٩٩٥ تحت الحكم الفلسطيني. تقوم بإدارة الشؤون العامة بغية تحسين مستوى المعيشة لجنتان، الأولى في حولون وهي إما منتخبة أو معينة والثانية في نابلس وتتألف بمشورة الكاهن الأكبر. في العقد الأخير أخذ عدد الطائفة بالازدياد وتمخّض عن ذلك تشييدُ العديد من المساكن الجديدة للشباب لا سيما قي قريات لوزا وهناك إمكانية لإقامة مركز ثالث.
الأُسر الأربع
يرأس بني إسرائيل السامريين الكاهنُ الأكبر (High Priest) وهو رئيس عائلة الكهنة الحفتاويين أبناء أهرون من نسل إيتمار بن أهرون الكاهن شقيق سيدنا موسى. الكاهن الأكبر الحالي هو عبد المعين صدقة اسحق بن عمران (אלעזר צדקה) المولود عام ١٩٢٧. أما الأسَر الثلاث الباقية فتنحدر من ابني يوسف: صدقة الصباحي من سبط منشه؛ الدنفي [الطيف +السراوي (ساسوني)] والمفرجي [مفرج + يهوشع] من سبط إفرايم. ويُذكر أن عائلة المطري من سبط بنياميم قد انقرضت عام ١٩٦٧.
النشاط التربوي والثقافي
تقوم الطائفة السامرية بفعاليات شتّى، لقاءات ثقافية، مخيّمات، معارض، دورات دراسية خاصة في الربيع والصيف، صفوف لتعليم التراث السامري أيام الأحد - الخميس بعد الظهر. في عام ١٩٦٩بدأ صدور ا.ب. أخبار السامرة ومن ثم معهد ا. ب. للدراسات السامرية. في غضون فصل الشتاء يقوم العديد من السامريين بنشاط ملحوظ في نسخ أسفار التوراة وكتب الصلوات وإعداد بعضها للنشر لاستعمال الطائفة.
الجيل الصاعد
هناك جهودٌ حميدة لحثّ الشباب للقيام بنشاطات متنوعة. ففي حولون فريقان لكرة السلة يلعبان في نطاق الاتحاد الاسرائيلي لهذه الرياضة. أما في نابلس فقد تبلور نادي الشبيبة من جديد عام ١٩٨١ ويضمّ حوالي مائة عضو ويقوم برحلات وبدورات رياضية وأخرى تعليمية في الخريف والشتاء لدراسة التراث وهناك فريقُ كرة سلة أيضا.
عجلة الحياة
يُختن المولود السامريُّ كما ذكرنا أعلاه في يومه الثامن. يُدعى من يُنهي قراءةَ التوراة باسم "خاتم (ة) التوراة" ويكون عمره ما بين ٥-٨ سنوات (يقابله مبدئياً ولكن ليس من حيث المبدأ والعمر "بار متسڤا" عند اليهود). هناك ثلاث مراحلَ للزواج: الموافقة، موافقة الفتاة ووالديها على طلب الشاب ووالديه؛ الخِطبة - يتوجّه خلالَها شاهدان إلى الفتاة ليشهدا على موافقتها؛ القِران - تلاوة وثيقة الزواج والشروط. الإخلال بما ورد في المرحلة الأولى فقط لا يؤدّي إلى طلاق. لا يجوز للسامري أن يتزوّجَ إلا من بنات الطائفة اليهودية الشقيقة بعد أن يقبلن العقيدة السامرية ويمارسن فروضها.
تتم مراسيم الزواج أيام الأربعاء لأن النيّرين الأكبرين، الشمس والقمر، اللذين يرمزان إلى العريس والعروس قد خلقا في ذلك اليوم ولأن النبي موسى قد تزوّج وفق التقاليد السامرية في يوم أربعاء أيضا. ما زال الاحتفال بالعرس يستمر طيلة أسبوع بأكمله كما كانت العادة عند الكثيرين من العرب قبل عدة عقود. عدد الزيجات المختلطة هذه آخذٌ في الازدياد ويسجّله الكاهن الأكبرُ وتعترف فيه الدولة. حالات الطلاق لا سيما في نابلس نادرة ولها أبعاد مؤلمة. قلّما تجد شخصاً قد تخلّى عن عقيدته السامرية. تُدفن الموتى عادة في المقبرة المجاورة لقريات لوزا في جبل جريزيم أو في القسيمة السامرية في مقبرة قريات شاؤول في تل أبيب. يُدفن الميّت ورِجلاه صوب القبلة، جبل جريزيم، اعتقاداً بأنه عند قيامة الموتى يسير كل واحد إلى الأمام.
الهوية السامرية
أن تكون سامريا معناه الالتزام بالواجبات والفرائض الدينية المدونة في أسفار موسى الخمسة. والهوية الاسرائيلية السامرية معناها التّقيّدُ بما يلي: ١. الإقامة فقط في الديار المقدسة بحدودها التاريخية ٢. الاشتراك في قربان الفسح على جبل جريزيم. ٣. المحافظة على قدسية يوم السبت كما ورد في التوراة نصّاً وروحا. ٤. المحافظة الشديدة على قوانين الطهارة والنجاسة كما وردت في التوراة نصاً وروحا. إنّ أي شخص لا يلتزم بهذه الفروض بحذافيرها لا يستطيع العيشَ في نطاق الطائفة. قلائل هم السامريون الذين تركوا ديانتهم خلال العقود الأخيرة في حين اعتنقت عدّة يهوديات العقيدة السامرية إثر تزوجهن بسامريين. لا وجود للعلمانية في صفوف السامريين. يحاول السامريون جهدهم أن يلتلزموا جانب الحياد إزاء المشكلة الفلسطينية أو إن شئت فقل الصراع العربي الإسرائيلي، ويعتبرون أنفسهم "جسرا للسلام" في الصراع المذكور لحسن علاقاتهم مع كلا الطرفين. ما يوحد السامريين جميعا هو دينهم ولغتهم وخطهم القديم وعاداتهم وتقاليدهم وتاريخهم. هناك بعبارة أخرى تلك الشروط الستة التي ينبغي عادة توفرها في أية مجموعة عرقية. وهذه الشروط هي: اسمهم هو "شاميرم"؛ اعتقادهم بالتحدّر من سبطي يوسف وابنه منشي وإفرايم والاستيطان في مملكة إسرائيل، مملكة الشمال، في نابلس؛ تحدّر الكهنة من سبط ليڤي؛ تاريخهم الخاص منذ الخروج من مصر كاليهود وتمردهم ضد الإمبراطورية البيزنطية ولهم معلموهم كبابا رابّا؛ ثقافة خاصة مميزة مرتكزة على الدين فقط. يمكن القول إن السامريين اليوم ذوو لغات ثلاث، العبرية القديمة، العبرية الإسرائيلية والعربية. اعترفت حكومة إسرئيل بالسامريين فرعا من بني إسرائيل وهم يتمتعون بـ"حق العودة" إلا أن الفرق اليهودية الأرثوذكسية لا تعترف بهم البتة كما حصل مثلا في عام ١٩٩٢ في حكومة رابين التي كان وزير الخارجية فيها أريه درعي من شاس المتشددة. إلا أن محكمة العدل العليا في القدس صادقت من جديد عام ١٩٩٤ على قانون "حق العودة" للسامريين. بالنسبة لسامريي حولون مفهوم دولة "إسرائيل" هو دولة بني إسرائيل اليهود والسامريين في حين يرى اليهود بها دولة لهم. لا يقبل السامريون أن يسموا "يهود سامريون" فهذان مفهومان متناقضان ويرون أنفسهم أنهم "سامريون إسرائيليون". وفي معمعة الجدال قال السامريون إنهم سكنوا في الديار المقدسة قبل قيام إسرائيل بآلاف السنين وهل هم بحاجة إلى اعتراف من قادمين جدد؟ وفي حولون انخرط السامريون في المجتمع الإسرائيلي بشكل كامل اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا وحتى سياسيا والفارق الوحيد هو دينهم. في حين أن إخوتهم في لوزا على جبل جريزيم يعيشون بعزلة جغرافية عن العرب في نابلس ولا يمكن القول إنهم يشعرون بهوية فلسطينية ويميز عادة الفلسطينيون بين سامريي نابلس وسامريي حولون. الجيل السامري الصاعد في نابلس يقول انه سامري اي لا فلسطيني ولا يهودي. ويبدو ان معظم السمرة النابلسيين يفضلون العيش في ظل السلطة الإسرائيلية. ومن السامريين من يقول إنهم موالون لشعب إسرائيل لسرمدية إسرائيل لا لدولة إسرائيل ولا للسلطة الفلسطينية (ا.ب. أخبار السامرة، ٨٦٦، ٢٠٠٤/٨/٢٧، ص. ٤، بنياميم صدقة). ويدعو العرب الفلسطينيون السامريين باسم "يهود فلسطين" وكان بعض العرب قد أطلق عليهم في القرن التاسع عشر اسم "عابدو العجل".
طائفة متطورة بلغ عدد أبناء الطائفة عام ١٩٢٠ أقل من ١٥٠ نسمة وعام ١٩٤٨، ٢٥٠ نسمة، ١٩٢ في نابلس و٥٨ في يافا-تل أبيب، أما في عام ١٩٦٩ عند تأسيس المجلة، ا. ب. أخبار السامرة، فقد وصل عددُهم إلى ٤١٤ شخصاً، ٢٢٧ ذكراً و ١٨٧ أنثى. في ١٩٩٩/١/١ كان عدد السامريين ٦١٥ نسمة، ٣٠٠ في قريات لوزا ونابلس و٣١٥ في حولون، منهم ٣٣٤ ذكراً ١٦٥ في نابلس و١٦٩ في حولون، كذا أدناه] و٢٨١ أنثى [١٣٥، ١٤٦]؛ عدد المتزوجين ٢٧٠ [١١٦، ١٥٤]؛ عدد العزّاب ١٩١ [١٠٢ ، ٨٩]؛ عدد العوازب ١٢٠ [٦٣، ٥٧]؛ عدد الأرامل والمطلَّقين ٧ [٢، ٥]؛ عدد الأرامل والمطَّلقات ٢٧ [١٢، ١٥]. وكما ذكرنا سابقا وصل عدد السامريين في أول أيار٢٠٠٥ إلى ٦٨٤ شخصا، ٣٢٢ في نابلس و ٣٦٢ في حولون، عدد الذكور ٣٥٧ وعدد الإناث ٣٢٧. واليوم في خريف العام ٢٠١١ وصل عدد السمرة قرابة الـ ٧٥٠ نسمة/ يمكن الاطلاع على الموقعين: www.mystae.com/samaritans.html www.the-samaritans/com
وختاماً لا نغالي إذا ما قلنا إن كيفيةَ معاملة الأكثرية للأقلية في أية دولة كانت ينسحب إيجابا أو سلبا على مدى وجود الحرية والمساواة أو عدمهما.
#حسيب_شحادة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول المختصرات العربية
-
مستقبل تدريس اللغة العربية وآدابها في جامعة هلسنكي في خطر حق
...
-
من نوادر الجاحظ وطُرفه
-
الزوج المفقود جذل
-
نظرة على ”مجمع اللغة العربية في إسرائيل-
-
العُرس المقدسيّ قبل قرن ونصف
-
شخصيات لا تنسى، خليل السكاكيني المربّي R
...
-
عندما يكون اللسان أسرع من العقل
-
كلمات وعبارات عامّية في أوائل القرن السابع عشر
-
الحيّة وهي حيّة
-
حول مخطوط: كتاب الخُلْف لفنحاس (خضر) بن إسحق الحفتاوي
-
الإسكافي ليس حافيا
-
رسالة الكاهن يعقوب بن عزّي إلى إسحاق بن تصڤي عام £
...
-
كلمة في الذكرى الثمانين لرحيل جبران خليل جبران، فخر
...
-
خواطر إضافية لربّي نحمان البراتسلاڤي
-
’’عام الأرنب البريّ‘‘ للكاتب الفنلندي أرْطو پاسيلِنّا
-
بضع فقرات للتأمّل من “قصّة عن الغرام والظلام” لعاموس عوز
-
كلمة عن اللاسامية وأخرى عن الأغيار/ الچوييم
-
وصية راضي أبي الأمين صدقة
-
إطلالة على الفينيقيين ولغتهم
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|