|
المثلية حرام في الدنيا حلال في الآخرة!
علال البسيط
الحوار المتمدن-العدد: 3516 - 2011 / 10 / 14 - 19:00
المحور:
حقوق مثليي الجنس
إذا كان المسلمون يتقززون ويتمعرون من إخوانهم في الانسانية والطبيعة على الشاطئ الآخر من الشهوة الجنسية ويجدها بعض الفحول فرصة للاسترجال والاستفحال وإستعراض ما يتمتع به من خصوبة طبيعية وصفات مثالية فتقوم قائمته على المثليين ويصليهم بدروس الأخلاق متعللا تارة بالدين وتارة بالطبيعة فيلزمه حين يلتقي في الجنة بما أعده الله له من غلمان مخلدين وولدان منعمين أن يستنكر ذلك ويرفع مع إخوانه عرائض الاحتجاج ويخرج إلى شوارع الجنة محتجا على وجود هؤلاء الذين سوف ينغصون عليه نعيمه الخالد في الجنة خصوصا إذا علم أن الله جعلهم بركة المجالس وبهجة الأوقات حين (يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين) إذ لايعقل أن يستنكر ذلك على المثليين في دار الفناء ويشنع عليهم به، ثم يجد نفسه مغموس بينهم في الليالي الملاح في جنة الخلود ودار البقاء، خصوصا إذا علمنا أن العلة في تحريم ما يعرف في الاسلام ب(اللواط) هي سمعية وليست عقلية وإلا فإن الاله إذا كان يستقبح الفعل لنفسه فكيف يجيزه بعد ذلك والعلة قائمة لم ترتفع؟!! أم أن المعايير النفسية والمقاييس الخلقية تتبدل رأسا على عقب بمجرد امتلاك المرء ولو مفحص قطاة في الجنة؟!، فإن قلتم إنها إرادة الله وتدبيره ومشيئته قلنا فهي كذلك في حياتنا هذه، فلو لم يرد الله وجود المثليين لما خلق فيهم ميل وهفوة وشبق إلى أبناء جنسهم، وكما هو معلوم لديكم معشر المسلمين فإنه لايقع في الكون شيء إلا بإرادته ومشيئته، والإرادة الشرعية كما الكونية تستدعي الرغبة وهاته تنادي على المحبة التي تبعث على الرضا، فإن كنتم ولابد معترضين يا سادة فأولى أن يوجه اعتراضكم هذا إلى الله الذي خلق ذلك الميل وأراده على هذا النحو، فلماذ يصر الاسلام على تحريقهم كما سنرى والقائهم من الشواهق ثم يجعل المثلية من فواكه الجنة وهدايا الله إلى سكانها.
تَناقضٌ ما لنا إلاّ السكوتُ له ** وأن نَعوذَ بمَولانا من النّارِ
لقد تناقضت الملة الاسلامية فتناقض أنصارها تباعا فطبعتهم بروحها الازدواجية وأساساتها الشرعية والأخلاقية المتضاربة في أحكامها وتخريجات عللها، فجل ما تحرمه وتحلله له وجه أو وجوه مختلة في ميزان العقل وقياسه، ومنزع المنطق وأساسه، فنجد صاحب الشريعة يحرم على الرجل الزواج من بنت أخيه وبنت أخته بينما يبيح له الزواج من بنت أخي أبيه وبنت أخت أمه والحالتان لدى العقل سواء، ويحرم معاشرة الرجل لامرأته في حيضها لأجل الأذى ويبيحه مع المستحاضة مع وجود الأذى وهما متساويان، وسَوَّى بين الرجل والمرأة في العبادات البدنية والحدود، وجعلها على النصف منه في الدية والشهادة والميراث والعقيقة وهذا من العبث في التشريع لا يمتري فيه ذو عقل، وجعل لعاب الكلب نجس وأقر طهارة الفأرة التي تستوطن المجاري وتتقوت منها، وأوجب الجلد في حق قاذف الحر ولم يوجب ذلك في حق قاذف العبد وهذا غاية في التمييز والعنصرية واحتقار النفوس البشرية التي تتساوى أعراضها، كما فرق بين عدّة الحرة وعدّة الأمة مع أن المقصود العلم ببراءة الرحم فهذا غاية في التهافت والاختلال، وتحريمه المرأة على زوجها بعد طلاق الثلاث وإباحتها له بعد أن تنكح زوجا غيره فمزيد تعنت واختلاب، وقبلت الشريعة رواية العبد عن محمد في الحديث والاخبار المرفوعة إليه بأنه قال كذا وكذا وردت شهادته على واحد من الناس بأنه قال كذا وكذا، ومن تناقضات محمد في شريعته ما رواه أصحاب السنن وحسنه ابن القيم أن محمدا قَضَى في رجل ضاجع جارية امرأته: إن كان اغتصبها واستكرهها فهي حُرَّة، وعليه لسيدتها مثلها، وإن كانت طاوَعَتْهُ فهي له، وعليه لسيدتها مثلها، فهذا كل ما يعاقب به المغتصب في الاسلام العتق واستجلاب أخرى تعويضا لزوجته! فأين ضاع حق المغتصبة؟!، وشرع قطع اليد في ما بلغ مقداره ربع دينار فما فوق بينما دية اليد يبلغ بها 500 دينار ذهبا! ويشير أبو العلاء المعري إلى هذا التناقض في التشريع في بيت شعري لطيف وهو تتمة للبيت المذكور أعلاه:
يدٌ بخَمسِ مئين عسجَدٍ ودِيتْ** ما بالُها قُطعَتْ في ربعِ دينارِ؟!
إلى ما لا ينقضي من أمثال هذه التشريعات والأحكام المتضاربة المصادر والموارد المهترئة المباني والموازين، وهي إن كانت مجدية في القرون الوسطى حيث كان الانسان يأكل فيمسح يديه بأقدامه ويقوم فيتشح بسيفه ويهيم على وجهه في الصحراء طالبا فريسة يقنصها أو غنيمة ينهبها أو أمة يتسرى بها فإنه من الجنون أن يأتي اليوم من يرفع عقيرته في الناس مناديا بإحيائها متمدحا بكمال وضعها ومتانة أصولها مع ما هي عليه من وحشية واعتلال.
وعلى هذا المنوال من الشطح والازدواجية شرع الفقهاء من عهد الصحابة أغلظ الأحكام وأقساها، وأفجر العقوبات وآلامها، في صور مأساوية متناهية البشاعة بالغة الشناعة في حق المثليين، بينما يمنيهم القرآن بحياة أخروية زاخرة بالمثلية جاعلا إياها من أرقى ألوان النعيم وأسمى آيات التفضل والجزاء الذي أعد لهم في الجنة. فكانوا يلقون المثليين من شواهق الجبال على طريقة جبريل الذي يزعمون أنه قلع قرية آل لوط من أصولها وارتفع بها إلى السماء ثم قلبها جاعلا عاليها سافلها، وحين كتب خالد بن الوليد إلى أبي بكر إبان حكمه أنه وجد في بعض نواحي الجزيرة العربية جماعة من المثليين، نهض أبوبكر لذلك فاستشار أصحاب محمد فأجمعوا على تحريقهم بالنار فكتب إلى خالد بأن يحرقوا بالنار، فحرقهم حتى صاروا رمادا تذروه الرياح وحرق ابن الزبير من بعده جماعة وتبعه على سنته هشام بن عبد الملك، بل إن القتل والمبالغة في إفناء النفوس جاوز حدود العقل حتى قال محمد في الحديث الذي رواه عنه ابن عباس واتخذته كتب الفقه مرجعا لها في هذا الشأن: «من وقع على بهيمة فاقتلوه، واقتلوا البهيمة» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وعند البخاري مرفوعا إلى النبي محمد «من وجتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به».
وبينما يأمر الإسلام أتباعه بالتعدي على الحريات الشخصية والاختيارات الذاتية للأفراد في أقبح صور الاعدام والتعذيب نجده في الجهة الأخرى يجعل الولدان المخلدين والغلمان المقرطين يرفلون في طراوة وغنج على أبهى صورة وأفتن هيئة في آذانهم القرط والحلي يطوفون على أصحاب الجنة في نواديهم ومنازلهم بألوان الخمور، كما ورد في سورتي الواقعة والطور حتى قال الأحناف كما في (الدر المختار) للعلاء الحصكفي:( إن الله يخلق في الجنة طائفة نصفهم الأعلى كالذكور والأسفل كالإناث)، وما هو إلا تصور الفقهاء في المخيال الاسلامي للمتع والشهوات المحرمة في الدنيا على هيئتها في الآخرة التي تكون فيها هذه الصور المستشنعة في الدنيا من النعيم الذي أعده الله لهؤلاء الذين يقيمون مثل هذه العقوبات الشنيعة على طائفة مسالمة في سلوكها حرة في منازعها، ولا يفوتنا أن نشير إلى أن المثلية المذكورة في القرآن إنما هي الشذوذ المقبوح الذي لا علاقة للمثليين به وهو ما يعرف ب (pedophile) وهو اعتداء جنسي على القاصرين وتعاقب عليه القوانين المتمدنة بمدد متطاولة من السجن، بينما نجد بعض المذاهب الفقهية لا تقر فيه أكثر من التعزير والتأديب وهو مذهب أحمد بن حنبل كما نقله عنه ابن القيم في إعلام الموقعين.
ليس إذن كميدان الأخلاقيات والأفكار المتلقاة أشد امتحانا لايمان العلماني بالحرية الفردية والقداسة الخصوصية للأفراد والجماعات وهذا الايمان النبيل يحتم عليه أن يكون دائم التجديد لعلاقته بالتراث القديم والمفاهيم التقليدية الراسخة في نظرته للطوائف والأقليات مهما بلغت درجت اختلافه معهم وفساد رأيه فيهم، حتى تتمحص علمانيته وتزكو نفسه بأريحية القبول بالآخر وتصفو في نفسه معاني التعايش والوئام مع من يخالفوه منابع فكره وأصول وجدانه، فلابد كي نكون أوفياء لمبادئنا مخلصين لقيمنا الانسانية من الاعتراف لكل من يختلف عنا في قليل أو كثير بحقه في الوجود والتعبير، وحرية الإختيار وتقرير المصير، والاخفاق في هذا الصدد يجعل ايمانه ناقصا مشوها، ازدواجيا مرجئيا يقول بلسانه ما ليس في قلبه، والايمان الحق بالعلمانية إنما هو قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان .
#علال_البسيط (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دوائر إبليس
-
الأصول الإسلامية للكوميديا الإلهية -1-
-
سيف الشريعة لا يعرف الحوار
-
جواب سؤال: لماذا الإسلام؟
-
تشريع الاغتصاب في القرآن
-
سادية النبي
-
اعدامات الرسول
-
أمية محمد
-
متى يعقد المأذون قران المثليات؟
-
مشانق القرآن
-
بَيْنَ بَيْنْ
-
جناية الإسلام على الفنون والآثار
-
الراعي والنساء
-
الدامغ للقرآن
-
متى تعود الأصنام إلى الكعبة ؟
-
اثبات تحريف القرآن
-
حاسبوا الله على سوء توزيع الأرزاق
-
في المسلمات الاسلامية.. الحديث النبوي وتخرصات الحفاظ -1
-
قبلة فرنسية...
-
صعصعة الديموقراطي
المزيد.....
-
الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو وجالانت لارتكا
...
-
الجنائية الدولية تصدر أمر اعتقال بحق قائد كتائب القسام محمد
...
-
حيثيات تاريخية لإصدار أمر اعتقال نتنياهو وجالانت لارتكاب جرا
...
-
وزيرة إسرائيلية تصف مذكرات الاعتقال الدولية الصادرة ضد نتنيا
...
-
بن غفير يدعو إلى فرض السيادة على الضفة الغربية ردا على مذكرا
...
-
قيادي لدى حماس: مذكرات اعتقال نتنياهو وجالانت تؤكد أن العدال
...
-
المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو ويوآ
...
-
المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
الجنائية الدولية: توجيه تهم ارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية ل
...
المزيد.....
-
الجنسانية والتضامن: مثليات ومثليون دعماً لعمال المناجم
/ ديارمايد كيليهير
-
مجتمع الميم-عين في الأردن: -حبيبي… إحنا شعب ما بيسكُت!-
/ خالد عبد الهادي
-
هوموفوبيا
/ نبيل نوري لكَزار موحان
-
المثلية الجنسية تاريخيا لدى مجموعة من المدنيات الثقافية.
/ صفوان قسام
-
تكنولوجيات المعلومات والاتصالات كحلبة مصارعة: دراسة حالة علم
...
/ لارا منصور
-
المثلية الجنسية بين التاريخ و الديانات الإبراهيمية
/ أحمد محمود سعيد
-
المثلية الجنسية قدر أم اختيار؟
/ ياسمين عزيز عزت
-
المثلية الجنسية في اتحاد السوفيتي
/ مازن كم الماز
-
المثليون والثورة على السائد
/ بونوا بريفيل
-
المثليّة الجنسيّة عند النساء في الشرق الأوسط: تاريخها وتصوير
...
/ سمر حبيب
المزيد.....
|