جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3513 - 2011 / 10 / 11 - 23:21
المحور:
كتابات ساخرة
في بعض المدن العالمية أمكنة متعددة وطرائق متعددة ومختلفة لفحص الحشيشة والمخدرات أو مثلا لاختبار الزيت بالنار والحديد بالحديد, وهنا في الأردن لا توجد مختبرات لفحص الحشيشة إن كانت مثلا أصلية أو مضروبة, ولا توجد طريقة لفحص الحشيشة إلا بالاستماع إلى خُطب الجمعة من على المنابر فإن وصف لنا الخطيب الحياة التي نحياها بأننا محسودون عليها من قِبل المجتمع الأمريكي والأوروبي فتأكد بأن الشيخ –والله أعلم -يشرب حشيشه أصلية 100% أو سكران من دون أن يتناول أي مُسكرْ.
وهنالك طريقة أخرى لاختبار الحشيشة إن كانت أصلية أو مضروبة وهي حين تستمع إلى تقارير الصحفيين وخبراء الاجتماع والاقتصاد التي يكتبونها للإعلام المرئي والمسموع والمقروء, فإن كانت تقاريرهم بأننا نعيش في مجتمع سوي فما عليك إلا أن تتأكد أولا وقبل كل شيء من ارتفاع حرارة القائل أو الكاتب الصحفي قبل أن تتهمه بأي شيء فلا أحد يرضى اتهام الآخرين بالباطل, نحن كلنا نريد أن نتأكد من الحشيشة التي يشربها معظم الخبراء هل هي مثلا أصلية100%؟ أم هي مضروبة؟, نحن نريد الاطمئنان على مستقبل الوطن والمواطن فإن كانت الحشيشه التي يشربها الخبراء غير أصلية فهذا معناه أن البلد في حالة ضياع لا سمح ألله , وإن كانت أصلية فهذا معناه أن البلد والحمد لله بخير والناس بصحة جيدة وسلامي إلى الأهل والأقارب,..ولا نريد أن نقول بأن كل تلك الاحصائيات والتقارير ناتجة عن ارتفاع حرارة الكاتب نحن نريد التأكد هل هي صادرة عن مرض عقلي وعفن أم هي ناتجة عن مخرجات الحشيشه الأصليه .فلا يدلي بهذه المعلومات إلا واحد حشاش أوصحفي عليه حرارته مرتفعة ويهلوس من شدة الحرارة,فإن كانت الحرارة على جسمه طبيعية ولا يشكو من شيء وليس عليه أعراض السخونة, فتأكد مرة ثانية مِنْ قَبل أن تطلق حكمك عليه,فمثلا هل الصحفي مرتشياً؟ أو مدفوعاً له مبلغا محترماً؟ أو هل الكاتب حينما كتب تقريره كان شاربا شيئا يجعل العقل مخبولا وغير مسئول عن تصرفاته, وإذا فشلت في التوصل إلى كل تلك النتائج السالفة الذكر فتأكد بأن الحشيشة هي المتهم الأول والأخير التي يشربها الكاتب أو يتعاطى بها ذلك الزميل و يدخنها أصلية 100% وليست مضروبة.
ومرة قرأت لأحد الأصدقاء مقالا عن طبيعة النظام السياسي الأردني فرجوته أن يدلني على الرجل الذي يبتاع منه الحشيشة فلا يمكن أن يدلي بمثل تلك المعلومات إلا واحد شارب حشيشه على الآخر , والحشيشة مش أي حشيشه بل تكون على الأغلب أصلية 100% ومن مصادر موثوق بصحتها.
وإذا وجدت في أي يوم من الأيام امرأة تحبك...وتحب ثقافتك...وتسكن في أرقى الأحياء السكنية وتنظر في قلبك...وتقدر الحب الذي تُحبه لها ولا تبحث عن رصيدك في أي بنك هو وتشاركك في المسؤولية تجاه البيت والأولاد بعد عمر طويل , وتنظر إلى أعماقك أكثر من نظرتها إلى جيبتك,إذا فعلا وجدت كل هذه المواصفات في تلك المرأة ومعها مواصفات أخرى مثل أنها متواضعة وعاقلة وحنونة وصبورة وتقبل أن تسكن هي وأمك في نفس الشقة دون أن تغار واحدة من الأخرى فما عليك في مثل تلك الحالة أن تفعل أي شيء سوى أن تفهم حقيقة واحدة وهي أن الذي يستمع إليك بآذانٍ صاغية إما أن يكون شاربا من الخمرة حتى الثمالة أو مجنونا ومهبولا وفي رأسه مشكلة ومعاقا في أسلوب التفكير, وإما أن الحشيشة-والله أعلم- التي تشريها أصلية 100% ومجربة عند أغلبية الحشاشين.
وإذا دخلت إلى أي مستشفى أردني وبالذات عيادات الاختصاص مثل الأعصاب والعظام دون أن تشاهد أناساً فوق بعضهم البعض كأنهم في مزرعة دجاج ويقفون كأنهم أمام دكانة شعبية أو يتدافعون في الأزمة كأنهم أمام مخبزٍ لبيع الخبز في يوم ماطر والكهرباء مقطوعة, إذا فعلا لم تجد كل تلك الصور أمامك فتأكد عزيزي القارئ بأن الحشيشة التي تدخنها أصلية 100% وتستحق أن تُسمى (أميرة الحشيشة) وأنت تستحق بأن يطلق عليك لقب(ملك الحشيشة الأصلية).
وإذا في يوم من الأيام صحوت من النوم على أنغام موسيقية هادئة وطلبت منك زوجتك أن ترقص معك منذ الفجر وأن تكون مثل المرأة المذكورة في سفر الأمثال, ثم ذهبت إلى أي صحيفة أردنية ونشرت مقالا أو قصيدة شعرية بدون أي تدخلات أو واسطات فتأكد بأنك أمام احتمالين,فإما أنك تحلم أحلاما غريبة أو أنك مريض بالوهم أو أن الحشيشة التي تشربها أصلية 100% ومتعوب عليها ويُنصح من قِبل كل المجربين والخرمنجية باستعمالها يوميا قبل النوم وبعد النوم.
وإذا قابلت في حياتك أو طوال حياتك رجلا عربيا حزبيا وعضوا ناشطا في إحدى الأحزاب السياسية في الأردن ويكتب في إحدى الصحف رأيه ويعبر عن إحساسه ومشاعره المدنية والدينية بكل صراحة فما عليك إلا أن تعتبر الرجل رجلا مجنوناً أو جاسوسا أو أن الحشيشة التي يشربها أصلية 100% ويأخذ منها كل الكتاب الأردنيين الذين يقولون بأن الشارع السياسي الأردني والشارع الثقافي كلاهما بهما حركة ونشاط طبيعي وبأن الناس لا تشكوا لا من ظلم الولاة ولا من ظلم الحكام.
إذا في يوم من الأيام وجدت بلدا عربيا يحترم الثقافة والمثقفين, وإذا في أي يوم من الأيام وجدت دولة عربية تهتم بالسياسيين وبحقوق الإنسان وبنشر ثقافة حقوق الإنسان, فما عليك إذا وجدت كل ذلك أمامك حقيقياً -أي ليس وهما ولا خيالا -إلّا أن تفهمَ شيئا واحداً, وهو أن الحشيشة التي تدخنها أصلية 100%.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟