|
لا للفتنه نعم للوحدة الوطنية
جورج حزبون
الحوار المتمدن-العدد: 3513 - 2011 / 10 / 11 - 20:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تجتاح العالم العربي من المحيط الى الخليج حالة مخاض غير مسبوقة ، تثير الكثير من التوجسات ، وتدفع الى التيقظ والانتباه ، فهي حركة كفاحية ثورية لما تطرحه من ارادة التغير والسعي نحو الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير ، وبذلك فهي حركة ثورة غير نمطية ، لا تتوافق مع النظريات المعروفة ، لا قيادة محددة ، ولا طبقة محددة ، فمن اذن يقود الثورة ؟ وهل مثل هذا الحراك يحمل مخاطر ؟! ربما لكنه كأي تغير فهو حركة الى الامام ، والتاريخ لا يسير الى الخلف ، قد تحصل انتكاسة لكنها بالضرورة تنطلق الحياة الى الاعلى الى الافضل ، فمن هم الساعين بالامر ؟ وهو ما يذكر بما سئل به هارون الرشيد الى وزيره جعفر البرمكي قائلاً : من هم الغوغاء ؟ فرد عليه بالقول : انهم من اذا اجتمعوا غلبوا ، واذا تفرقوا لم يعرفوا . لا يمكن الاستناد الى النوايا الطيبة الى حركة شباب رفضت ان تستمر بالوضع السابق ، لكنها لم تطرح ما هي رؤية المستقبل ؟ وهي لم تحتسب ان هناك من يتربص ، ومن هو متضرر من التغير ، وكل هؤلاء يتحرك ولا يستند الى الدعاء ، والملاحظ هنا ان الحالة المصرية كقاعدة غابت عنها روح البداية وتراجعت روح الشباب وانتعشت القوى الغوغائية والمعادية ، والتي من اساليبها تحريك الاقليات والمذاهب والطوائف، وهي ليست اول ثورة تجهض فكان في التاريخ امثلة كثر منها الثورتان الفرنسية والاسبانية وغيرها ، فللثورة قوانين زكتها الحياة والتجربة ، ولكي تنتصر الثورة ، فانها تستند الى برنامج والى اهداف والى قاعدة اجتماعية وسياسية ، تكون صاحبة مصلحة في التغير ، وهنا لا يعتد ( بالنفير ) العام ، كونه ينتفض عاطفيا كما بداء ، في حين مسيرة الثورة طويلة وطريقها غير معبد ، وتحتاج الى نفس لارساء تقاليد واسس ، فقط يحتمل هذه المسيرة من يحمل قتاعة طبقية وسياسية ومصلحية . في غياب مثل هذه الاسس ، تكون قد برزت الكثير من الشقوق في جدار الثورة ، فتدخل القوى الانتهازية بمختلف المسميات ساعية الى حرف النضال واعادة الدوران في الحلقة المفرغة لتنصيب قبصر جديد ، بالطبع مع بعض ( الكوزمتيك ) للتلائم مع الزمن والمحيط والعالم ، وليست بعيدة تلك التصريحات جول شرق اوسط جديد ، وهو يبدو استراتيجية استعمارية تتزايد اهميتها مع تفلقم الازمة المالية والسياسية لاميركا واوروبا الى جد وصول بعض بلدانها حافة الافلاس !!!
لقد شكلت اتفاقات (سايكس بيكو ) ازمة هوية لحركة القومية العربية ، ورغم كافة شعارات الوحدة ، ورفض السياسيات الامبريالية ، بقيت كل من تلك البلدان التي صاغتها الاتفاقية قائمة ومكرسة للانقسام القومي، رغم المعرفة بانها نتاج منهجي تقسيمي استعماري يستوجب الرفض المبكر وعدم الخضوع له ، الا ان القوى ( الكمبرادورية ) الناشئة والبرجوازية الصغيرة في البلدان العربية ، استثمرت هذا لانتاج لصالحها واقامة انظمة قمع خدمة للمخططات العدوانية ، تماما كما هي جاهزة اليوم لتنفيذ مخطط الشرق الاوسط الجديد عبر افساد الثورة بالنزعات الطائفية والاثنية . وهنا تجيء تصريحات المسؤولين المختلفين في البلدان العربية لتدوير المقولات القديمة عن ، مؤمرات ، واندساس عناصر ؟! تماما كما كان الخطاب ذاته طيلة القرن العشرين ، دون ادراك ، ان للشعوب العربية طموحات ، وان الوطن يحفل بالعديد من الاقليات الدينية والاثنية وهي ان لم تجد حريتها في الوطن تشعر بالغربة ، وعندها تضيع المواطنة ويصبح الولاء للذاتيات ، وهذا ما يسهل مهمة الفئات الانتهازية ( الوطنية ) والقوى الرجعية بما فيها الاسلام السياسي والسلفي .
ومع تفتت مكونات المجتمع ، يصبح الوطن معرضاً للخطر سواء كان بالتقسيم او باعادة توزيعه حسب مقتضيات مصالح رأس المال والقوى الاجتماعية التي لا تجد بالتحالف مع القوى الخارجية بما فيها اسرائيل اي بائس ، فقد اصبح الوطن مصلحة عندها ؟! فان كان هناك فرصة لمثل هذا السيناريو فليس صحيحاً القول ان هناك من يتأمر لمصلحة خارجية ، فالنترك مقولة ( المؤامرة ) ولنفهم ان هناك دائماً مصالح للدول وهي تتربص بمن يستطيع اصطياده ، فلا يجوز توفير فرص خارجية ثم التباكي على الوطن لوجود مقامرين . ان القوى الثورية مطالبة بطرح برنامج ديمقراطي واضح والتعبئة على اساسه ، وان تدعو لدولة علمانية بوضوح دون تردد امام الذهينة السلفية الوهابية ، فالحياة لا تقبل بالعودة نحو القرون الماضية لمجرد الرهبة من دخول المستقبل والتعامل مع الحداثة ، فكما كتب د.جامد ابو زيد // ان وظيفة الدولة ، كمهمة شرطي المرور ، حتى لا تتصادم فئات وطوائف المجتمع ، اما ان تكون دولة دينية او ذات اتجاه ديني فهي طريق التصادم //. ليس معزولاً ما جرى في القاهرة عن باقي بلدان الوطن العربي الاخرى ، فالقضية الكردية تتفاعل والنوية تغلي والشيعة تطالب .... والمسيحيون في الوطن العربي بعد عصر القومية العربية والمواطنة والتخاذل امام الاسلاموية ، اصبحوا يشعرون بالاغتراب ، فالتعامل معهم فيه تميز والى حد ما اضطهاد ، والمسألة القبطية ليست فريدة ، فغياب الديمقراطية وغياب حرية الفكر والمعتقد وهيمنة الاصولية الاسلامية ، دفع المسيحين وغيرهم الى الانكفاء والهجرة والدفاع عن النفس ، وهو ما يهدد اوطاننا وليس القول بوجود مؤامرة او مندسين ، فلنواجه الامور بواقعية ولتنهض عناصر الثورة نحو نهج تقدمي واضح حتى تنتصر . لا يوجد اي انتصار بالاستقواء بالخارج فقط عبر التحالف مع القوى الديمقراطية والفئات صاحبة المصلحة في وطن حداثي متقدم لمواجهة نزعات التخلف المتحالفةِ بالضرورة مع الامبريالية سوا بوعي او غير وعي .
#جورج_حزبون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مواقف شيوعية قلقة
-
خطبة اوباما
-
ايلول تصويب مسار ام استحقاق
-
حول الحزب الشيوعي في فلسطين
-
حول الدولة والثورة
-
قد تنفع الذكرى
-
اسرائيل تتحجب
-
حتى تنتصر الثورة
-
عن ايلول الفلسطيني
-
الوضع الاقليمي والدولي والثورة
-
قبلنا من الغنبمة بالاياب
-
الثورة العربية لا تحتمل الفشل
-
الربيع العربي والمحاذير
-
المسيحيون العرب والكنيسة
-
اوسلو والسلطة والمصير
-
الخامس من حزيران والفجر العربي
-
لماذا تخلى الشيوعيون الفلسطينيون عن قيادة النقابات ؟
-
الواقع والمطلوب
-
اميل حبيبي
-
النكبة
المزيد.....
-
هذا الهيكل الروبوتي يساعد السياح الصينيين على تسلق أصعب جبل
...
-
في أمريكا.. قصة رومانسية تجمع بين بلدتين تحملان اسم -روميو-
...
-
الكويت.. وزارة الداخلية تعلن ضبط مواطن ومصريين وصيني وتكشف م
...
-
البطريرك الراعي: لبنان مجتمع قبل أن يكون دولة
-
الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تقدمها على جميع المحاور
-
السيسي والأمير الحسين يؤكدان أهمية الإسراع في إعادة إعمار غز
...
-
دراسة تكشف عن فائدة غير متوقعة للقيلولة
-
ترامب يحرر شحنة ضخمة من القنابل الثقيلة لإسرائيل عطّلها بايد
...
-
تسجيل هزة أرضية بقوة 5.9 درجة قبالة الكوريل الروسية
-
مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة الفلسطينية بقصف إسرائيلي لرفح
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|