|
الديمقراطية و الأديان
عبدالله الدمياطى
الحوار المتمدن-العدد: 3513 - 2011 / 10 / 11 - 08:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لاشك في أن كلمة الديمقراطية من أكثر الكلمات غموضا في التداول الثقافي و كما قال عالم السياسة بيرنارد كريك ( إن كلمة الديمقراطية هي أكثر الكلمات اضطرابا و غموضا فهى مصطلح قد يعنى شيئا بالنسبة لكل شخص بحيث تكون هناك خطورة بأن تصبح الديمقراطية كلمة بدون معنى ( و قد ظهر الكثير من التعريفات لهذا المصطلح فقد عرفها الرئيس الأمريكي السابق أبراهام لنكون في احدى خطبه بأنها حكم الشعب بواسطة الشعب و من أجل الشعب و تدل كلمة الشعب على إن يكون الحكم ملكا للشعب و يختص به و تشير عبارة بواسطة الشعب إلى اشتراك المواطنين في صنع السياسة و ممارسة الرقابة على ممثليهم أو نوابهم ، و تعنى عبارة من اجل الشعب إن الحكومة في خدمة الشعب و ليس مجرد رعايا لهذه الحكومة . و قد استمرت الديمقراطية أكثر من قرنين منذ ظهورها في العصر اليوناني ثم اختفت إلى إن عادت و ظهرت مع الثورة الفرنسية عام 1789 م ، إلا إن مفهومها عبر هذه السنوات العديدة قد دخلت عليه إضافات تتناسب و تطور المجتمعات التي تطبقها مما أدخل الغموض على معناها ، حتى نرى لورد بايس يقول إن الديمقراطية شكل من أشكال الحكم تكون فيه السلطة الحاكمة في الدول ممثلة قانونيا في أعضاء الجماعة ككل و ليس في طبقة أو طبقات . و عرفها علماء آخرون بأن مفهوم الديمقراطية ليس علميا بل كلمة الديمقراطية هي مجرد تعبير لغوى مائع يتغير بتغير المتحدث و الظروف و رغم ذلك فالإنسان اى إنسان يحس تماما إذا كان المجتمع الذي يعيش فيه ديمقراطيا حسب رأيه أم غير ديمقراطي، و قال لكاتب روبرت مثاولس في هذا الشأن أن النزاع اللفظي قد يكون حول كلمة الديمقراطية في حين أن النزاع الحقيقي يكون حول الديمقراطية، اى حول نظم الحكم. و الآن.رى إن الديمقراطية مفهوم فضفاض ساهم في إثرائه عبر عقود طويلة من الزمن كثير من المفكرين السياسيين كل حسب نظرته لهذا المفهوم. و الآن ... سألقى نظرة هنا على الديمقراطية بمنظور آخر ، سأتكلم عن دور الأديان في تأكيد مبدأ الديمقراطية و المطالبة بتطبيقه فإننا نلاحظ أن الديانة المسيحية رغم أنها تفصل بين المسائل الدينية و الدنيوية تطبيقا لقول المسيح عليه السلام " دع ما لقيصر و ما لله " . إلا أنها طالبت بالفضيلة و الأخلاق الحميدة و ضرورة تطبيق العدالة بين أفراد المجتمع، كما أن المسيحية كانت تطالب بتجنب عبادة الملوك مما ساعده على تحقيق الفصل بين صفة المواطن الذي عليه إن يتقبل سلطة الحاكم الزمنية وصفة الإنسان الذي يتمتع بقيمة في ذاته له عقل و روح و ضمير يفكر بحرية و يؤمن و يعتنق الحرية التي اختارها لنفسه، مما ولد في نفوسهم نتيجة حرية العقيدة و الفكر اتجاها إلى المطالبة بالعديد من الحقوق و الحريات. و بعد سقوط الإمبراطورية في الغرب سنة476 سيطر رجال الدين على السلطة الدينية ثم السلطة الكاملة و بالتالي انتشرت جرائم بشعة ضد من لا يؤمن بالديانة المسيحية و حلت السلطة المطلقة الدينية محل السلطة الزمنية السابقة على الديانة المسيحية و مع ذلك يمكن اعتبار الديمقراطية اليونانية البادرة الأولى للديمقراطية الحديثة التي نادى بها الفلاسفة بعد النهضة الأوروبية للوقوف ضد الملكية المطلقة. ثم ظهر الدين الاسلامى الذي كان ثورة على العبودية و الطغيان بتقريره الحرية و المساواة بين الافراد و أصبحت الحرية و المساواة نتيجتين متلازمتين لاعتناق الإسلام، و ذلك إن ديننا منح الفرد حقوقا تجاه الجماعة و العكس. و هذا ما لم تفعله الديمقراطية الحديثة رغم اختلاف أساليب التطبيق بين الديمقراطية الإسلامية و الديمقراطية الليبرالية. و إن كان المقصود من الديمقراطية في الإسلام هو اعتماد مبدأ الشورى الذي يعنى لغويا تبادل الرأى حول موضوع أو مواضيع معينة ، و هذا ما أكده القرآن الكريم ، إذ إننا نجد أنظمة اليمن قديما أقرت الشورى كنظام للحكم و هذا في عصر الملكة بلقيس فقد جاء في القرآن الكريم " يأيها الملأ افتونى في أمري ما كانت قاطعة أمرا حتى تشهدون " و كذلك موسى عليه السلام " و اجعل لي وزيرا من اهلى هارون آخى اشد به من ازرى و أشركه في أمري " ، و قد ثبت بان مجالس الشورى كانت موجودة قبل الإسلام ،و يجئ الإسلام ليؤكد مبدأ الشورى و لكن بمفهوم أوسع أنها الشورى جزء من فلسفة الحكم في الإسلام و هذا ما أكده القرآن الكريم و السنة " و شاورهم في الأمر " " و أمرهم شورى بينهم " و كان الرسول صلى الله عليه وسلم يشاور أصحابه في الأمور الهامة و أخذ برأي ، و تبعه الخلفاء الراشدين فقد جاء في حديث النبي صل الله عليه و سلم " استعينوا على أمركم بالشورى " ، و قال على بن أبى " مشاورة أهل الرأى ثم إتباعهم ". و من ثم تحولت الشورى في بعض الأحيان من فلسفة حكم إلى تقليد لممارسة السلطة .
#عبدالله_الدمياطى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التربية الإعلامية
-
التربية الاخاقية
-
الفتنة الطائفية
-
الهوية الحضارية
-
الديمقراطية في عالمنا 2
-
الديمقراطية في عالمنا 1
-
الفساد 1
-
أيها المثقفون ماذا انتم فاعلون
-
مشكلة
-
الأعلام حقوق وواجبات
-
الاصلاح والقيم الاخلاقية
-
عنصرية الغرب
-
انهيار الأخلاق
-
التعصب 1
-
الفساد السياسى
-
الاسلام والديمقراطية 1
-
عقول محررة
-
ادب الاختلاف
المزيد.....
-
السيسي وولي عهد الأردن: ضرورة البدء الفوري بإعمار غزة دون ته
...
-
نداء عاجل لإنهاء الإخفاء القسري للشاعر عبد الرحمن يوسف والإف
...
-
-الضمانات الأمنية أولاً-..زيلينسكي يرفض اتفاق المعادن النادر
...
-
السلطات النمساوية: هجوم الطعن في فيلاخ دوافعه -إسلاموية-
-
نتنياهو: انهيار نظام الأسد جاء بعد إضعاف إسرائيل لمحور إيران
...
-
نتنياهو: ستفتح -أبواب الجحيم- في غزة وفق خطة مشتركة مع ترامب
...
-
كيلوغ المسكين.. نذير الفشل
-
تونس تستضيف الدورة 42 لمجلس وزراء الداخلية العرب (صور)
-
-مصيركم لن يكون مختلفا-.. رسالة نارية من الإماراتي خلف الحبت
...
-
مصر تعلن بدء إرسال 2000 طبيب إلى غزة
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|