|
نحن..وأشراف روما !!
عبد الحسين طاهر
الحوار المتمدن-العدد: 3513 - 2011 / 10 / 11 - 00:16
المحور:
كتابات ساخرة
أشراف .وشريف ومستشرف معان أو فروع لجذر واحد وتعني فيما تعنيه . العلو والرفعة والسمو ... والشريف من أعضاء جسم الإنسان الأذنان والأنف لذلك كانت العرب ولا زالت تقبل أنوف بعضها .. أما الطغاة ومنهم طاغيتنا المعروف ( بأخو هدلة ) فقد فعل العكس عمد إلى تشويه الأعضاء الشريفة في جسد بعض العراقيين أصدر ( قانونه ) العجيب الغريب قانون قطع صيوان الأذن والأنف واللسان !! ومن الأنعام قد خص العرب بالشرف النوق المسنة وسنام الجمل .. أما الشريف من الأواني في اللسان العربي طبعا . الدّن وخابّية الخمر المعتّق !؟ وهذه قد تبدو للبعض في أيامنا هذه مفارقة غريبة وتهمة قد ترقى إلى تفسيقّ قائلها !!؟ .. وأشراف روما رحمك الله وليرحمنا معك كي يخلصنا .. منهم مثل خاص بالعراقيين أو قل نبرة تهكم وسخرية مريرة علقت في أذهان أهلنا في العراق وصارت على لسان الطبقات الشعبية – أنت شريف روما – أو أنتم أشراف روما يقولونها كناية في وجوه الأدعياء وما أكثرهم في أيامنا هذه .. وحكاية هؤلاء ( الأشراف ) لا علاقة لها بأشراف روما الأصليين .. ( أشرافنا ) هنا لهم حكاية خاصة وصلتنا عن طريق المسرح وهذه نقطة تسجل لصالح مسرحنا .. ففي الأربعينات من قرننا الماضي كان لنا في العراق مسرحيون وكان هناك فنانون ورواد يعملون في شتى المعارف الإنسانية .. مسارح ونواد وصالات سينما وصالونات ثقافية يؤمها الرجال والنساء وعلى العموم . كانت إلى جانب هذه وتلك جوامع وحسينيات وتكّيات وكنائس وشتى الدور العبادية .. كان هناك شكل من أشكال الحياة المدنية قد تضيق وقد تتسع وإجمالا كانت الحياة المدنية هي السائدة .. هناك هيئات مجاهدة وأفراد مناضلون مضحون في سبيل الإبقاء على هامش معقول من الحريات العامة والخاصة بالأفراد . كانوا يقفون كحاجز وكسد لكبح ثقافة القرية وهذا قبل وصول أبناء قرية العوجة للحكم .. نعم هناك مواكب حسينية وحلقات للدردشة وفيها ما لذ وطاب من ابتلاع النار ، والتهام المسامير والزجاج من ( كلاصات واستكانات وابطاله )!! .. والى جانبها مواكب للمسرح وللسينما وجماهير للشعر والصحافة و مثلها للموسيقى وللغناء وللرقص و ( الدبكة والجوبية ) وهذه كانت مجتمعة تمثل وجه العراق الحضاري وهي بمثابة حدائق وجنائن معلقة في أرض وادي الرافدين لا تفصل بينها حدود ولا سدود ولا ممنوعات في نظر الجماهير الواعية والتي تنشد الصدق وتسعى إلى تقدم المجتمع ورقيه ... ووسط هذه الأجواء كان رواد المسرح العراقي يبحثون وينقبون عن كل ما هو جديد ونافع في صفحات المسرح العالمي وقد وقع اختيارهم هذه المرة على – مسرحية من عهد الرومان بعنوان – أشراف روما - .. ولكن كيف ! ؟ والمسرح العراقي آنذاك قليل الإمكانيات المادية وفقير الكوادر وهم الآن بحاجة إلى حشد من الممثلين لتمثيل دور أشراف روما ولو كومبارس كما يقولون .. اهتدوا أخيرا إلى طريقة . ( استعانوا يرواد المقاهي البغدادية ولسوء الحظ كانوا رواد مقاهي ( الميدان ) هم الأقرب !! ليقوموا بدور أشراف روما .. ) وارتفعت ستارة المسرح ، وفوجئ الجمهور بحشد من الممثلين يقفون على خشبة المسرح كانوا يرتدون( زبن ) البتة والزبون على فكرة نوع من اللباس يشترك في لبسه الرجال والنساء . لذلك كان الحبيب الموله أيام زمان لا يطالب بارتداء الحجاب ... كان يحب الدلع ( الزلاطي ) ويطلب من حبيبته تقصير الزبون ولو بحجة قلة القماش لينعم بمرأى الحجل يعانق ساق حبيبته .. ( قصري زبونج خلي الحجل ينشاف لو يسألونج قولي قليل الخام لو يسألونج ) ، ( أغنية عراقية ) قديمة ارتفعت الستارة ودوت قاعة المسرح بالتصفيق .. كان أشراف روما يقفون بمهابة بزبنهم المصنوعة من قماش البتة وهي من أرقى الأقمشة في ذلك العهد كانوا يتمنطقون بسيوف مذهبة وعلامات مزركشة وأشياء كثيرة تليق ... ( نعم تليق بمقام أشراف روما ) .. نجحت المسرحية وصفق الجمهور لمرات وأسدلت الستارة وفي النهاية انصرف الجمهور والممثلون ومعهم أشراف روما .. دخل المخرج للكواليس ففوجئ باختفاء الأزياء وأشياء المسرح وأدواته .. صرخ أين هي .. ؟ ! من سرقها .. ؟ ! فجاء الجواب قاطعا : أنهم أشراف ....أنهم .......أشراف روما...نعم هم أشراف....روما !!
#عبد_الحسين_طاهر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عُذر..ملوح!!
-
أحاديث..ملاّزنكه
-
المحاصصه..والتنابله!!
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|