باران دوسكي
الحوار المتمدن-العدد: 3512 - 2011 / 10 / 10 - 08:55
المحور:
القضية الكردية
ردا على اغتيال مشعل تمو...
اجعلوا حاكم دمشق يلعن يوم ولدته امه
ربما كانت مدينة دمشق من بين الحواضر القليلة التي اعتلى فيها اشرار مارقون ناصية الحكم ، بعد حين واخر، فما ان انتهى حكم الخلفاء الراشدون حتى اصبح المارق الماجن يزيد بن معاوية سيدا لهذه المدينة العريقة ، فكانت النتيجة ان ذبح يزيد سبط الرسول ، الحسين الشهيد ، واذلّ اهله وذووه من النساء ، لا لشئ الاّ لأن الحسين رفض ظلم وجور وفسق يزيد وحكمه المستبد. ثم جاء العباسيون فنبشوا قبر يزيد وابيه وخلفائه واخرجو عظامهم وجماجمهم واشعلوا فيها النار ، ثم تتحدث صفحات التاريخ عن اشرار اخرين حكموا دمشق بالحديد والنار وازهقوا ارواح الناس وسفكوا الكثير من الدماء ، في مقدمتهم الوالي الاتحادي العثماني احمد جمال باشا السفاح والقائد الفرنسي الجنرال هنري غورو الذي ضرب القبر الطاهر لصلاح الدين الايوبي بسيفه وقال قولته المشهورة ( ها قد عدنا يا صلاح الدين ، فأين احفادك ؟!) ، لم يبرز له احد من احفاد صلاح الدين او من مناصريه ، ليس لان الامة لم تعد تمتلك تلك الروح التي تأبى الانصياع للظلم والقهر والعدوان ، انما لأن بريطانيا وفرنسا ومن ثم امريكا جاءت بحكام ، ملوك ورؤساء ، لا يحسنون الاّ الانحناء لاسيادهم الغربيين ولا يريدون في اوطانهم الاّ الارقاء والعبيد ، في كل حال همهم الاوحد جمع المزيد من السلطة والثروة . هكذا سارت الامور ،حكام يركعون امام الاجنبي ويستجدون عطفهم ومعاضدتهم ، ويستأسدون في وجه مواطنيهم ، يجردونهم من انسانيتهم ويربطون طوق العبودية في اعناقهم .
استمر هذا الزمن الشرق الاوسطي الردئ ما يقارب القرن من الزمان ، ولم ينتهي الاّ حينما احرق بو عزيزي التونسي نفسه انتقاما على كرامته المهدورة عندما صفعه شرطي صعلوك .
في هذا الزمن لم تختلف دمشق عن سواها من عواصم الشرق الاوسط ، فأعتلى فيه حافظ الاسد ظهر دبابة عسكرية واذاع البيان الاول وامسك بسلطة البلاد وزمام العباد ، وساق الشعب كما يساق الاغنام ، واوجد بطولة فريدة بتدمير الحياة في مدينة حماه وقتل عشرات الالاف من مواطنيها ، ويضاف الى بطولات الاسد الاب اهداء الجولان لاسرائيل مقابل مساندتها ونصرتها له في قمع شعبه واذلاله واشباعه بشعارات وطنية كاذبة ومخادعة ، لم تنته مصيبة دمشق واهل سوريا برحيل الاب ، فقد ترك الحكم لولده بشار تبعا لتقاليد الحكم في الجمهوريات الوراثية .
وسار الابن على سيرة ابيه ، واختزل التاريخ السوري بالتراث الفاسد الذي ورثه عن يزيد بن معاوية ، فكمم الافواه وقيّد الحريات واجاع الفقراء واساء الى كرامة الشعب واهانه بسلوكه الظالم ونظرياته التافهة وغروره الاحمق . لقد صادر بشار الدولة السورية وفوّض امرها الى عائلته بما فيهم الاصهار ، واوقف عليها موارد الدولة وخزانتها ، فيما ترك اجهزته الامنية
تمارس نهب قوت الشعب وتعيش على العطايا والرشوة .
ولأن الشعوب لم تعد بحالتها التي بدأت بعد الحرب العالمية الاولى وانتهت بموت بو عزيزي التونسي ، اراد الشعب السوري ان يشارك الربيع العربي باستعادة حقوقه وكرامته وانسانيته ، فجن جنون حاكم دمشق الاهوج ومارس هوايته في قتل مواطنيه وتعذيبهم وتدمير الحياة في المدن السورية مستخدما جيشا اعدّ بالاساس للقصاص من الشعب وتقتيله وجعله لا يخرج عن بيت طاعة الحاكم وان تكبر واستبد وظلم . جيش يدير ظهره للاعداء ويخشى التوجه نحو الحدود ويتمركز في المدن والقصبات يراقب حراك الشعب ، يوجه فوهات بنادقه الى صدورمواطنيهم ويبتلع اكثر من ثلاثة ارباع ميزانيته ، ويفاخر قادته بنياشينهم واوسمتهم عند مرورهم في الاسواق الشعبية .
يمارس بشار الاسد وزبانيته هوايتهم في قتل الشعب السوري منذ ستة اشهر ، وتتحدث التقارير الدولية عن اكثر من ثلاثة الاف قتيل ، من بينهم المئات من الاطفال وحتى الرضع ، لكن امريكا والحلف الاطلسي لا يتحركون خطوة عملية واحدة ، ليس لان بشار اقل اجراما وسفكا للدماء من القذافي ، انما لانه الضامن الامين لأمن واستقرار اسرائيل ، ويستفيد حاكم دمشق من ميزته هذه فيمعن في القتل والمذابح والجرائم ضد الانسانية ، لا رادع يردعه ولا ضمير يحكمه .
كان الاسد في مملكة سوريا التي اتخذ منها غابته ، يخشى في الفترة الاخيرة من محاسبة دولية ، بعد ان بان للعالم وحشية قواته وشهوتها لسفك الدماء ، لكن جاء الفيتو الروسي الصيني مطمئنا ومشجعا على ارتكاب المزيد من الجرائم والمذابح المرعبة ، لقد ارتكب النظام السوري جريمته الاخيرة باغتيال المعارض الكردي البارز مشعل تمو بعد ايام قليلة من رسالة التطمين الروسية الصينية . وقد ظهر عنجهية النظام واستهتاره بكل القيم الانسانية باطلاق النار على جنازة الزعيم الكردي الشهيد ومقتل عدد من المشيعين .
ان الدلائل كلها تشير الى ان الشعب السوري ماض في تحركه وثورته حتى اسقاط النظام ومحاكمة رموزه ، لكن ما يهمنا هنا ان ندعو الشعب الكردستاني الى محاسبة بشار وعائلته الحاكمة عن جريمة اغتيال الكاتب والسياسي مشعل تمو ، ومن قبلها جريمة اغتيال المفكر معشوق الغزنوي ، وحرمان الكرد من الجنسية الوطنية وحقوقهم الطبيعية والغدر بهم في اكثر من مناسبة ، ويجدر به عدم الاعتداد بالاستنكار الامريكي الذي لن يغني عن جوع ولا بالاتكال على المواقف الضعيفة وغير العملية لحكومة اقليم كردستان الجنوبية ، على الشعب الكردستاني ان يضاعف حراكه الجماهيري لاسقاط نظام بشار الفاسد بكل السبل والاساليب وافهام حاكم دمشق ان امة بحجم الامة الكردية وبما تمتلكه من روح المقاومة والاصرار على الحياة الحرة ، لا تسكت على اغتيال ناشطيها وقادتها المتنورين ، فليس عدلا ان يسقط بشار او يحاكم عن جرائمه وحسب، ما هو صائب وعدل هو ان يتحرك الكرد في كل اتجاه حتى يرتوي بشار من مرارة الندم ويود لو انه لم يكن قد جاء الى الحياة اصلا .
#باران_دوسكي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟