أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مهدي بندق - مقدمة مقترحة للجنة صياغة تاريخ مصر الحديث















المزيد.....

مقدمة مقترحة للجنة صياغة تاريخ مصر الحديث


مهدي بندق

الحوار المتمدن-العدد: 3511 - 2011 / 10 / 9 - 23:43
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


مقدمة مقترحة للجنة صياغة تاريخ مصر الحديث

كراسة " الجذور التاريخية لأزمة النهضة في مصر " نموذجا ً


في مقاله المنشور على هذه الصفحة بجريدة القاهرة 4/10/2011 أشار كاتب هذه السطور إلى ضرورة تشكيل لجنة من المثقفين المتخصصين لإعادة صياغة تاريخ مصر الحديث في سياق استشراف مستقبل ثورة يناير ، منوها ً إلى أن كل دراسة تاريخية لها قيمتها – خاصة إذا قام بها فريق عمل - لا غرو تحمل في طياتها إشارة ً ونبوءة "علمية " لما هو آت. وكان المقال قد اقترح أن تكون نقطة الانطلاق من مناهج "حداثية" أساسها دراسة تطور الواقع الإنتاجي المرتبط بكفاح الشعب وليس "الرصد الحكائي" لسياسات الرؤساء والوزراء. ذلك أن تلك المناهج قد أثرت العقل المصري باجتهادات بعض المؤرخين الجدد من أمثال محمود إسماعيل وعبد الهادي عبد الرحمن وعلي مبروك، الذين أضاءوا لنا فترات ُأريد لها أن تظل مظلمة في تاريخنا العربي والإسلامي الوسيط، بجانب صلاح عيسى الذي محا نفس الظلمة عن تاريخ مصر الحديث والمعاصر.
في هذا السياق وقع الكاتب على كراسة شديدة الأهمية قامت بنشرها دار ميريت منذ عشرة أعوام ونيف للدكتور عماد بدر الدين أبو غازي بعنوان " الجذور التاريخية لأزمة النهضة في مصر" يشرح فيها المؤلف مقصده بمصطلح النهضة " إحياء منظومة قيم الاستقلال والتحرر التي قتلها الاستعمار، ودفنها الاستبداد ".
لكن صاحب الكراسة ينتقد دراسات بيتر جران ونللي حنا وسمير أمين التي رصدت حركة الإحياء في القرن 18 ورأت أنه لولا تدخل الغرب لآتت البذور ثمارها لأنها دراسات " تؤبد التخلف بما تسميه الطريق الخاص لكل مجتمع " وكأن المطلوب لمن يريد التحرر والنهضة أن ينعزل عن العالم ! وبنفس القدر ينتقد أبو غازي الاتجاه المعاكس برموزه : الرافعي ولويس عوض وحسين فوزي الداعين لكون النهضة وليدة الاحتكاك بالغرب ، بل والسير على هداه . بينما يرى عماد أن هذا الفكر يفرض نموذجا ً Paradigm وحيدا ً للتطور هو النموذج الأوربي .
تلك إذن رؤية نقدية لا غش فيها، من شأنها أن تقود خطى المؤرخين الجدد – سيما الشباب منهم - إلى إعمال آليات البحث والتنقيب عند الجذور ، مفسحة المجال للأرقام أن تتكلم حتى إذا ُعرفت التفاصيل أمكن للباحث أن يطلق حكما ً موضوعيا ً وليس مجرد ناتج تأمليّ يبحث له صاحبه عن مسوغات وتبريرات. والحاصل أن الكراسة تزخر بالإحصائيات التي تؤسس للفكرة المراد استخلاصها والتي يمكن تتبعها في أن النهضة الحقيقية ممكنة فحسب حين تنشأ وتتسع طبقة ملاك الأراضي ( البورجوازية الزراعية) لأنها تغدو قادرة على تنشيط التجارة ، والتجارة هي الأم " البريختية" للتصنيع، ترعاه تحقيقا ً لمزيد من الأرباح ، وقد تتركه لغيرها - إن جذبه منها – كي لا ينخلع ذراعه ! وهي في غمرة نشاطها لا غرو تشجع انتشار التعليم والبحث العلمي ، وعلى عكس الإقطاع فهي بحكم مصالحها النشطة، تتقبل التغييرات الثقافية بل وتسعى إليها سعيا ً. وهو ما رأينا نموذجا له في ستينات القرن الماضي بعد تطبيق قوانين الإصلاح الزراعي،الذي ضاعف من نشاط التجارة الداخلية وأسهم في توسيع دائرة القوى الشرائية وسافر بالطبقات المعدمة إلى " قارات " التعليم وفضاءات الثقافة الرفيعة. وتلك هي النهضة في جانب من جوانبها بغض النظر عن نظرية الطريق الخاص للتطور، أو النظرية الأخرى القائلة بضرورة احتذاء النموذج الأوربي.
ماذا قالت الأرقام في الكراسة ؟
لقد شهدت أواخر عصر المماليك البحرية (1382- 1517) تراخي قبضة الدولة على أراضي مصر، التي احتكرها ما يطلق عليه اسم " النمط الآسيوي للإنتاج" Asiatic Mode of Production وهو نمط سكوني جامد ، يلد في السياق السياسي ما ُيعرف بالطغيان الشرقي Oriental Despotism تبعا ً لقانون من يملك وحده يحكم وحده . لذا فما أن حل وباء الخمسة عشر عاما الذي اجتاح البلاد منذ العام 1379 وراح يحصد كل يوم ما بين عشرة آلاف وعشرين ألف نسمة ( حسب ابن تغري بردي في النجوم الزاهرة ) حتى سقطت دولة المماليك الأولى ليتصدع بسقوطها أساس النمط الآسيوي ، حيث اضطرت الدولة المملوكية الثانية ( الجراكسة ) لبيع جانب كبير من أراضيها الزراعية للأفراد ، حيث بدأت الأرض الزراعية – ولأول مرة – تأخذ شكل السلعة والتي هي بداية الإنتاج الرأسمالي مما أفسح الطريق للحراك الاجتماعي Social Mobility منتقلا ً بعلاقات الإنتاج جزئيا ً من العصر الإقطاعي المغلق إلى مشارف العصر البورجوازي الأكثر تقدما ً وحيوية.
بيد أن ذاك الحراك الاجتماعي – على أهميته وقتها – لم يكن ليتعدى مرحلة وضع الأسس إلى مرحلة تنفيذ المشروع التاريخي " الثوري " وذلك لأن معظم الأراضي المنقولة ( 54( % بيعت لأفراد الطبقة الحاكمة : السلطان، والأمراء، ومن كانوا يسمون " أولاد الناس " وهم أبناء المماليك وزوجاتهم وجواريهم (20% ) وقد كانت تلك الأراضي في حيازتهم أصلا ً ولكن كحق انتفاع دون حق الرقبة. الأمر الذي أبطأ من مسيرة الحراك الاجتماعي إلى أن دهم البلاد الغزو العثماني في أوائل القرن السادس عشر ليطيح بمفردات المشروع وبالأسس القانونية التي توفرت له في ضربة واحدة، حيث صارت مصر بكاملها ملكا ً خالصا ً للخليفة العثماني .
الاستقلال السياسي والتنظيري
وتبقى أهمية هذه الكراسة في كونها تأصيلا ً للمنهج العلمي في دراسة التاريخ ، لنستخلص منها كيفية النظر إلى الحوادث الكبرى من زوايا جديدة، وضرورة الاعتماد على الأرقام والإحصائيات المستمدة من المراجع الموثوق بها ، مع مقارنة بعضها بالبعض حتى لا يعكر واحدها على المشهد العام جراء انحيازه لسلطة قديمة أو حديثة .
وبجانب هذا وذاك فالكراسة تقرر بمنهج جدليّ واضح أن الاستقلال ليس محض تحرر من الحكم الأجنبي، بل هو أيضا - على المستوى التنظيري – الاستقلال عن مخايلات نموذج مغاير للتحديث، كي تتجنب الإرادة الوطنية الوقوع في شرك التبعية، ولكن من دون أن يعني ذلك انغلاقا ً وتقوقعا ً على الذات. وبهذا الفهم المزدوج لمعنى الاستقلال يتبين أنه هو حجر الزاوية لكل نهضة مأمولة ، والركن الركين لكل ثورة تسعى لتغيير الأسس المادية لأوضاع الملكية. إذ بدون هذا التغيير " الماديّ " الملموس فلا مجال للحديث عن تغييرات دستورية أو قانونية أو أخلاقية ذات أثر حاسم في حياة الناس .



#مهدي_بندق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية المصرية حمار بوريدان
- الانقلابات العسكرية بين الجنرالات الترك ونظائرهم المصريين
- الشيخ والدكتور ورأس ماركس
- الديمقراطية تتحقق بالإرادة الشعبية بينما الشعبوية تخنقها في ...
- دين النبوة ودين الدولة
- المصريون الجدد يطاردون وحوش الفاشية
- سكبت في التراب دواءك
- كيف نؤرخ لثورة يناير
- اللبرالية .. الهمجية .. الفاشية .. مصطلحات
- قصيدة : رؤوس القبائل ملقية في السلال
- حرية الإرادة بين ألغاز الخطاب الديني وحلول الفيزياء الحديثة
- دليل الشباب الذكي إلى مصطلحات الفكر الثوري
- قصيدة : الذي لا يجئ
- قصيدة : يعوي لها ذئب صديق في الفلاة
- قراءة نقدية لمنجزات الخامس والعشرين من يناير
- قصيدة : من وصايا غيلان الدمشقي
- الفاشيون قادمون ..لبنان نموذجا والتطبيق في مصر
- هل يتمكن الشعب المصري من تعديل المصطلح الكلاسيكي لمفهوم الثو ...
- سقوط النمط الآسيوي للإنتاج وانتصار شباب الثورة الثالثة
- سالة من مواطن مصري إلى رئيس وزراء بريطتنيا


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مهدي بندق - مقدمة مقترحة للجنة صياغة تاريخ مصر الحديث