سمير الحكيم
الحوار المتمدن-العدد: 3511 - 2011 / 10 / 9 - 00:41
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
حملة أسلمة المسيحيين في قطاع غزة
قبل أيام تناقلت وسائل الإعلام بالتهليل والتكبير خبر إسلام عائلة مسيحية في قطاع غزة تحت إشراف وزارة الأوقاف وجابوا بهم مساجد القطاع.
نبذة تاريخية
عدد العرب المسيحيين في قطاع غزة لا يتجاوز 1000 شخص وهذا العدد يتضمن الرجل والمرأة والصغير والكبير والمنمط في السرير وهم يعيشون بين إخوتهم المسلمين وتعدادهم حوالي مليون وسبعمائة ألف إنسان أي يشكلون أقل من نصف في الألف..
تضحياتهم وثباتهم في وطنهم من اجل رفع أمتهم العربية والإسلامية لشاهد على انتمائهم وإخلاصهم لوطنهم ولم يبخلوا يوما للتضحية والفداء ودفع الغالي والنفيس من اجل تحرير فلسطين .
فالعائلات المسيحية (منهم الفقير والغني والمتعلم والعامل والتاجر والمهني) فدعمهم النفسي والمادي لترسيخهم في أرضهم هو مصلحة للجميع).
ولهم جذور منذ القدم وغالبيتهم من قبائل عربية قديمة ناضلوا وحاربوا وجاهدوا على مدى التاريخ ضد جميع أنواع الاستعمار، ناضلوا مع القائد العظيم صلاح الدين لتحرير القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية التي تشد إليها الرحال من المستعمر الإفرنجي الذي اتخذ الصليب زورا وبهتانا وحاربوا المستعمر البريطاني وقدموا الشهداء التي تمتدد قبورهم على طول وعرض الوطن ومازالوا يقدموا التضحيات تلو التضحيات ضد الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني.
المخطط الصهيوني هو جعل دولة العدو الإسرائيلي دولة يهودية خالصة أي بمعنى آخر على المدى البعيد طرد جميع الفلسطينيين بغض النظر عن ديانتهم واقتلاعهم من أرضهم، وهي كما نسمع يوميا يطالب العدو الإسرائيلي القيادة الفلسطينية الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل، فحملة أسلمت العائلات المسيحية والتهليل والتكبير ووصف المسيحيين بالكفر واللحاد وذكر هذه الايات ليل نهار مثل " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "(سورة المائدة آية 51) وايضا " قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ"(سورة التوبة آية 29) وكأن القرآن الكريم لا يوجد به آيات سوى هذه الآيات، القرآن الكريم يوجد به آيات عن المودة والرحمة والمحبة والتآخي والعيش المشترك ليس فقط مع الغير مسلمين الذين يعبدون الله الواحد بل أيضا مع الكفار والملحدين." إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ"(سورة البقرة آية 62) وأيضا " لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا "(سورة النساء آية 123) وأيضا " لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ "(سورة المائدة آية 82)
التهليل والتكبير لاسلام هذه العائلة وهداها الله للصراط المستقيم ونجاها من النار ودخول الجنة كل من شارك في أسلمتها والحملة العشواء في الأسواق العامة والمدارس والنقاش العام ضد المسيحيين والمباراة لأسلمتهم لدخول الجنة يؤدي بالنهاية إلى أمرين كلاهما مر إما تهجيرهم أم أسلمتهم. فتكوين دولة إسلامية خالصة في قطاع غزة لا يخدم المصلحة العربية الفلسطينية على المدى البعيد لأنها تصب في النهاية لمصلحة يهودية دولة العدو الإسرائيلي.
تغير الدين مسألة اقتناع وإيمان شخصية والتهليل والتكبير والضغط النفسي على المسيحيين والتكفير العلني ليلا ونهارا في الجوامع والطرق العامة وفي جميع الأماكن لهو مخطط مدروس لتمهيد لإقامة دولة جميع سكانها من المسلمين لتسهيل تنفيذ المخطط الصهيونية بالمطالبة بيهودية دولة إسرائيل وهذا يضر ويضعف ويشتت القضية الفلسطينية بمتاهات الحرمان والنسيان والتهجير مرة أخرى .
تناقص عدد المسيحيين يوما بعد يوم عن طريق هجرتهم أو أسلمتهم لا يعني انتصار ألاهي للإخوة المسلمين بل يؤكد بوجود خلل في المجتمع يجب معالجته، ولنفترض نجحت الحملة بتفريغ القطاع من العائلات المسيحية وماذا بعد؟؟
وماذا يكون موقفنا لو اتخذت جميع الدول هذا الأسلوب لانفراد النوع والجنس أو الدين لمواطني الدول، فالقضاء على التنوع الحضاري والديني وحرية التفكير لا يخلق مجتمع متحرك متطور نحو الأفضل.
العرب المسيحيين جذورهم تمتد عميقا في الأرض منذ القدم فاقتلاعهم سيؤثر على مجمل القضايا العربية والإسلامية، فتثبيتهم والاستفادة من وجودهم وانتمائهم وإخلاصهم هو مصلحة إسلامية عربية فلسطينية ومرآة ايجابية للتعايش الأخوي الديني في المجتمعات الإسلامية.
#سمير_الحكيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟