أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالإله الشميسي - في المقهى الإيطالي















المزيد.....

في المقهى الإيطالي


عبدالإله الشميسي

الحوار المتمدن-العدد: 3510 - 2011 / 10 / 8 - 16:06
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة

كنا ثلاثة أصدقاء نحتسي القهوة الإيطالية الشهيرة ( الكابتشينو ) في مقهى سانت استاتشيو بروما كان أكبرنا عمرا الفريدو المثقف اليساري ذو النظرات الحادة والصوت الجهوري والذي ينتمي للحزب الشيوعي الإيطالي وكان يفضل أن ندعوه ماسوري .

أما انطونيو ذلك الشاب الخجول والمتدين الذي يدرس الماجستير في اللاهوت ب جامعة الغريغوريانا اللاهوتية فهو أكثرنا وسامة حتى أن وسامته ملفتة لنظر كثير من الإيطاليين المشهورين بوسامة رجالهم .

وأنا الموظف البسيط في السفارة السعودية بروما الذي يتميز عن قرينيه بطوله وسحنته العربية المميزة .

في الحقيقة أن هذا المزيج الغريب لم يكن ليجتمع لو لم تجمعهم صدفة المكان فكنا الثلاثة نسكن في شقة واحدة ولكل منا غرفة صغيرة وحمام مشترك ! وهكذا تصنع الأمكنة اغرب الصداقات !.

أشار ماسوري إلى الطاولة المقابلة لنا وقال بصوته الجهوري : صالح انظر لهذه المرأة يبدو أنها عربية أليس كذلك ؟ نظرت إلى حيث أشار ماسوري كانت كما قال امرأة ذات ملامح عربية في منتصف الثلاثينات من العمر لها وجه جميل وهادئ وبشرة قمحية صافية وشعر اسود متوسط الطول كانت تبدو اقرب لدول الخليج أكثر من أي منطقة أخرى التفت لماسوري قائلا : حسنا يبدو أنها كذلك ما الجديد في الأمر فهذه منطقة سياح معروفة .

قهقه ماسوري ضاحكا ولكن هناك شيء غير مفهوم في هذه المرأة ! تدخل هذه المرة انطونيو وهو يتمتم بصوت منخفض ونبرة هادئة نعم هناك شيء غير مفهوم في هذه المرأة ! ألتفت مجددا تجاه المرأة التي كانت تقرأ في بطاقة حمراء مربعة حجمها يقارب كف اليد وإذا بها تضعها وتخرج من حقيبتها الجواز الأخضر ابتسمت قائلا لرفيقي حسنا يبدو أنها سعودية .

ولكن لا تقولا لي إن هذا ما لفت نظركما لأنها أخرجت جواز سفرها من حقيبتها الآن ؟ قالا بصوت واحد هذه المرأة سعودية !!
قلت نعم جواز السفر الذي بيدها جواز سفر سعودي .قال انطونيو ولكن هذا غريب غريب جدا وأعقبه ماسوري بنظرات حادة ومتشككة وهو يدق على طاولته برتابة متوترة هذه المرأة غريبة فعلا !!


أثناء ذلك تقدم النادل قائلا أيها السادة إن السيدة وأشار بيده لصاحبتنا التي حيتنا بإيماءة من رأسها وابتسامة ساحرة تريد أن تستأذنكم في الانضمام لطاولتكم !

قال ماسوري بحماس أوه لا بأس وأشار بيديه تجاهها مرحبا . بعدما جلست السيدة على المقعد الذي سارع انطونيو لتقديمه لها .

قالت وابتسامتها الساحرة لا زالت تشع جمالا : اعتذر عن تطفلي يا سادة ولكن من الواضح أنني كنت محور حديثكم منذ قليل .
قال انطونيو بخجل يبدو أن أصواتنا كالعادة كانت عاليه !
أضاف ماسوري بخبث : مثلك يستحق أن يكون محور حديث أي رجل .
فجأة التفت إلي وقالت بلهجة سعودية محايدة وأنت ليه ساكت !
كان السؤال مفاجئا ومربكا فأجبت بخجل : في الحقيقة ليس هناك ما أقوله قلتها طبعا بالإيطالية مراعاة لصديقي المتلهفين والتزاما ببروتوكول دبلوماسي لا معنى له هنا .
أخرجت المرأة علبة السجائر من حقيبتها وقالت وهي تنفث أول أنفاسها : حسنا ربما هذا الرجل وأشارت بيدها تجاهي هو الوحيد الذي لا يعرف سر دهشتكما من امرأة مثلي أليس كذلك ؟ صاح صديقاي بصوت واحد : نعم هو لم يعرف بعد ونظر لي انطونيو برقة وكأنه يقول كنا سنخبره على كل حال .

قالت أحب أن أعرفكم بنفسي اسمي عبير سعودية مقيمة في روما منذ 5 سنوات , أعيش مع أختي المتزوجة من دبلوماسي سعودي وادرس بالأكاديمية الإيطالية للفنون الجميلة .

ثم قالت وهي توجه حديثها تجاهي زوج أختي هو السيد عبد الرحمن القادري , نظرت بدهشة أليها وأنا أقول أنت عبير أخت السيدة حنان !
كان عبدا لرحمن القادري من أعز زملائي في السفارة .
هزت عبير رأسها موافقة نعم أنا أختها , قال ماسوري بلهفة وقحة أكملي سيدتي كلنا آذان صاغية .
قالت : ربما لا تعرفون أن كثيرا من الدبلوماسيين وخصوصا من بلدي لا يجدون ما يتحدثون به مع زوجاتهم سوى الثرثرة عن زملائهم في السفارة , والحقيقة أن زوج أختي ليس استثناءا من هؤلاء الدبلوماسيين , وكانت معظم أحاديثه طبعا عن صديقه العازب الأشهر صالح وصديقيه الإيطاليين ماسوري وانطونيو , كان يروي حكاياتكم بطريقة جذابة تشد أذني أي مستمع إليه , وكنت استغرب من هذا المزيج العجيب شيوعي ملحد ولاهوتي متدين وسعودي مسلم , حسنا أنا امرأة فضولية أتنفس الفن عشقا وتعجبني تناقضات الطبيعة لأنها تبرز جمالها فكيف بتناقضات تبرز جمالا إنسانيا كصداقتكم الغريبة , اعتقد أنني لا أبالغ عندما أقول بأني أصبحت متيمة بكم مدمنة لأخباركم ومغامراتكم ونقاشاتكم الفكرية والدينية , حتى أن زوج أختي أصبح يتعمد الاقتضاب في حديثه عنكم بعد أن لاحظ اهتمامي المبالغ به تجاه صالح وصديقيه عندها عزمت على اتخاذ خطوة جريئة .

قد قررت أن أكون جزءا منكم أن أتقمص شخصياتكم , اختمرت الفكرة في ذهني تماما وأصبحت جاهزة للتنفيذ , ترددت على مقر الحزب الشيوعي الإيطالي بروما ومكتبته الشهيرة حتى أصبحت وجها مألوفا لديهم , استطعت أن أتقمص دور شيوعية متحمسة تنتمي لبلد نامي , تعرفت على السيد ماديني أحد قيادات الحزب الشهيرة وأصبحنا أصدقاء لدرجة أنه منحني كارنيه الحزب الأحمر أي إنني أصبحت إحدى أعضائه بالفعل . وهذا ما لفت نظر السيد ماسوري ... أليس كذلك ؟
ابتسم ماسوري بخبث وهو يقول ليس وحده الكارنيه سيدتي ليس وحده !
أجابت عبير وهي تبتسم لأنطونيو نعم ليس الكارنيه وحده . نظر انطونيو إليها بجدية بها شيء من الحنان وهو يقول هلا تفضلني سيدتي وأكملتي قصتك الرائعة !

قالت عبير : حسنا بعد أن تمتعت بشخصية ماسوري , قررت أن الدور أتى على انطونيو , ذهبت للكنيسة المجاورة لبيتنا , استقبلني الأب فارنيو بترحاب يفوق الوصف خاصة عندما عرف أنني من مكة وأريد أن أصبح مسيحية , اندمجت في انطونيو المسيحي المخلص حتى النهاية إلى أن عمدت كمسيحية مؤمنة وعندها أهداني الأب فارنيو هذه القلادة الرائعة للسيدة العذراء ثم قامت برفع القلادة التي تزين جيدها و نظرت إلي وهي تقول هذا سر دهشة صديقيك يا سيد صالح كيف لامرأة سعودية أن تحصل على عضوية الحزب الشيوعي وأن تحمل في جيدها قلادة لا يتقلدها سوى المسيحيات المؤمنات !

قال ماسوري وهو يضحك أي امرأة أنت ! كنت اعتقد أن الجنون هو في نساء روما وإذا به يمتد لصحراء العرب . كنت اعلم أن ماديني رجل أحمق هاهاها

قال انطونيو بجدية ظاهرة : ولكن بماذا تؤمنين الآن ؟

قالت وهي تربت على كتفي أؤمن بالله وبالإنسان وبصداقتكم الجميلة .

حسنا قال ماسوري وهو يتمتم : ولكن لما لم تتقمصي شخصية صالح ؟

قالت بابتسامة صافية وهي تنظر إلي : صالح هو الذي يتحدث إليكم الآن .

حسنا هل تقبلون بي صديقة بينكم ؟

قلنا بصوت واحد نعم سيدتي !
_ تمت _



#عبدالإله_الشميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -الزمن الهش- للإيطالية دوناتيلا دي بيتريانتونيو تفوز بأرفع ا ...
- مترجمون يثمنون دور جائزة الشيخ حمد للترجمة في حوار الثقافات ...
- الكاتبة والناشرة التركية بَرن موط: الشباب العربي كنز كبير، و ...
- -أهلا بالعالم-.. هكذا تفاعل فنانون مع فوز السعودية باستضافة ...
- الفنان المصري نبيل الحلفاوي يتعرض لوعكة صحية طارئة
- “من سينقذ بالا من بويينا” مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 174 مترج ...
- المملكة العربية السعودية ترفع الستار عن مجمع استوديوهات للإ ...
- بيرزيت.. إزاحة الستار عن جداريات فلسطينية تحاكي التاريخ والف ...
- عندما تصوّر السينما الفلسطينية من أجل البقاء
- إسرائيل والشتات وغزة: مهرجان -يش!- السينمائي يبرز ملامح وأبع ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالإله الشميسي - في المقهى الإيطالي