|
النظام السوري يعيش عزلة
عبدالله تركماني
الحوار المتمدن-العدد: 3508 - 2011 / 10 / 6 - 02:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الباحث السوري في الشؤون الاستراتيجية عبد الله تركماني: (*) أجرت الحوار: أروى الكعلي النظام السوري يعيش عزلة اليوم.. والدفع نحو حرب أهلية ستكون ورقته الأخيرة.. •الجيش السوري عقائدي.. والانشقاقات التي عرفها لم تضعف النظام بعد •إيران لا ترغب في سقوط نظام الأسد •التدخّل العسكري في سوريا مازال مستبعدا •أتوقع سقوط النظام بحلول الربيع القادم •أنقرة مقتنعة تماما بأنّه لا يمكن إصلاح النظام قال الباحث السوري في الشؤون الاستراتيجية عبد الله تركماني، في الحوار الذي أجريناه معه، إنّ النظام السوري يعيش عزلة اليوم بعد أن فقد أهم حلفائه، وأكّد أنّ المؤسسة العسكرية مازالت أداة في يد النظام، بالرغم من الانشقاقات التي عرفتها. ورجّح الباحث السوري أن يسقط النظام في سوريا بحلول الربيع القادم، معتبرا أنّ سيناريو الانتقال السلمي وعدم الانزلاق نحو حرب أهلية هو أكثر السيناريوهات المرجحة في المستقبل المنظور .. وفيما يلي نصّ الحوار: *كيف تقرأ تطوّر الأوضاع في سوريا إلى حدّ اليوم؟ لا شكّ أنّه بعد دخول الثورة السورية شهرها السابع، مازال الشعب السوري متمسّكا بمطالبه التي كانت واضحة منذ البداية، حرية وكرامة ومواطنية..وقد اتسمت الثورة منذ بدايتها بطابعها السلمي، وتوسّعت لتشمل عديد المحافضات السورية، وربّما هذا ما يميّز الثورة في سوريا عن الثورات الأخرى التي انحصر فيها وجود المحتجين في المدن الكبرى والساحات العامة.. في سوريا، كانت قوات الأمن منتشرة بشكل مكثّف وتعمل على الحيلولة دون وصول المحتجين إلى الساحات الكبرى، وهذا ساهم في اتساع رقعة الاحتجاجات...في المقابل اختارت السلطة السورية الحلّ الأمني منذ البداية..ومازالت مصرة عليه إلى حد اليوم..وبهدف تبرير الحلّ الأمني ادعت أنّ المحتجين هم مجموعة من السلفيين والمسلحين والإرهابيين..كما عملت على تخويف المكوّنات الوطنية الأقلوية في المجتمع السوري من خطر الإرهاب والتطرّف.. *بعد الانشقاقات التي شهدتها المؤسسة العسكرية، هل مازال النظام مسيطرا على الجيش؟ الجيش السوري هو "جيش عقائدي" مسيّس .. وهو على خلاف بقية جيوش العالم، لم يُبنى – خاصة منذ بداية حكم حافظ الأسد عام 1970 - على حماية الوطن والشعب، بل أنّ فرقاً خاصة فيه مهمتها فقط حماية السلطة.. برز ذلك في في مجزرة حماه عام 1982، ونشهده كلّ يوم خلال الثورة السورية..حقيقة دور الجيش السوري هو حماية السلطة والحزب الحاكم، خاصة وأنّ أهم قيادات المؤسسة العسكرية في سوريا هم من أتباع النظام..وما نراه اليوم هو بعض الانشقاقات لدى بعض الضباط وعدد أكبر في صفوف الجنود ممن رفضوا توجيه السلاح نحو شعبهم..ولكن على مستوى الحسابات الاستراتيجية قد لا يكون لهذه الانشقاقات تأثير كبير.. القوات التي يستخدمها النظام ضدّ الشعب تضمّ 17 جهاز أمن إلى جانب الجيش والشبيحة وهم "بلطجية" ممن يدفع لهم حتى يقتلوا الناس وأيام الجمعة قد تصل المبالغ التي يتحصلون عليها إلى 100 دولار..لذا فإنّ النظام من الناحية العسكرية مازال قويا، والمؤسسة العسكرية مازالت متماسكة ولم تؤد الانشقاقات التي عرفتها إلى حدّ اليوم إلى أن تؤثر بشكل حاسم على الأرض..لا يمكن أن تحسم المسألة في سوريا بأقل الخسائر البشرية والمادية، إلا بإدراك حقيقي لدى عقلاء الطائفة العلوية بضرورة التغيير وهذا سيؤدي إلى أن يغيّر الماسكون بزمام الأمن مواقفهم وينحازون للشعب.. *كشفت صحف بريطانية في الأشهر الأولى من الثورة السورية عن مشاركة قناصة إيرانيين في صفوف الثوار السوريين، ثمّ كانت هناك أنباء عن محادثات بين إيران وأطراف من المعارضة السورية، هل تخلّت إيران عن نظام الأسد، أم أنّ لديها حسابات أخرى؟ إيران مازالت بين الاثنين..وهي حليفة للنظام السوري منذ عقود..وهناك بالفعل تحوّل نسبي في الموقف الإيراني تجاه النظام السوري، ولكن قد يكون هذا التحوّل باتفاق مع النظام، فإيران لا ترغب في سقوط نظام الأسد..وهي لا تريد في نفس الوقت أن تخسر المعارضة في حال سقط النظام.. *وماذا عن الموقف التركي؟ لتركيا أيضا حسابات استراتيجية في سوريا تماما مثل إيران..الفرق الوحيد أنّ الشعب السوري يميل إلى تركيا أكثر من إيران..وتركيا تدرك جيّدا أنّ أي أزمات في سوريا ستنعكس بالضرورة عليها..في تركيا هناك 10 ملايين علوي إلى جانب المشكلة الكردية وهذا يعني أنّ أية حرب أهلية في سوريا يمكن أن تنعكس بالضرورة على تركيا..وأنقرة اليوم مقتنعة تماما بأنّه لا يمكن إصلاح النظام..وقد كان لتركيا دور هام في الأشهر الأخيرة فقد فتحت أبوابها أمام المعارضة واحتضنت نحو 12 ألف لاجئ سوري. حول تسليح المحتجين السوريين، هل يمكن أن يتطوّر الأمر إلى قتال مسلّح ضدّ النظام؟ الحديث عن عسكرة الثورة السورية فيه نوع من المبالغة..هناك فقط بعض الحالات الفردية التي استخدم فيها أفراد من الشعب السلاح للدفاع عن النفس والعرض..ولا يمكن القول إنّ المعارضة تحمل السلاح..هناك قناعة راسخة بضرورة الحفاظ على سلمية الثورة، لأنّ ذلك هو طريق النصر..ولكن من المحتمل أن تتوسّع هذه الحالات الفردية أكثر خاصة في حمص مثلا.. *هل يمكن أن يتطورّ الأمر إلى حرب أهلية؟ النظام يدفع نحو حرب أهلية بحكم عزلته والنسق التصاعدي للثورة السورية..وإذا وصل إلى طريق مسدود، يمكن أن يعمل على إشعال فتيل الحرب الأهلية من منطلق "علي وعلى أعدائي"..فالسلطة المافيوزية في سوريا لا يهمّها الوطن..وهي في الحقيقة تعمل منذ فترة على مثل هذا السيناريو من خلال اغتيال بعض رموز المكوّنات الأقلوية.. *فيما يتعلّق بالمعارضة السورية، هل يمكن أن تقدّم لنا قراءة لكلّ مكوّناتها؟ سوريا عاشت تصحّرا سياسيا لمدة 48 عاما..لذا يختلط اليوم الحابل بالنابل..ولكن يمكن أن تصنّف المعارضة الحقيقية إلى 3 أصناف رئيسية: معارضة الداخل التي تضمّ تكتلين اثنين، تكتّل يساري ليبرالي المتمثّل في ائتلاف إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي، وتكتّل قومي يساري يتمثّل في هئية التنسيق الوطني للتغيير الديمقراطي..إلى جانب ذلك نجد معارضة الخارج، في جزء منها هي امتداد لمعارضة الداخل، كما برز فيها مجموعة تكنوقراط..ولكنّ أساس المعارضة السورية يبقى الصنف الثالث وهم الناس الذين خرجوا للشارع، شباب التنسيقيات في الداخل هم الذين يمثلون مركز ثقل الثورة السورية.. *برأيك، ماهي أهمّ السيناريوهات المحتملة في سوريا في الفترة المقبلة؟ هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة، إمّا أن يؤدي صمود الشعب السوري إلى تغيير مواقف المؤسسة العسكرية وبالتالي تحقيق تغيير سلمي وانتقال ديمقراطي سلمي..وإمّا أن تتوسع ظاهرة العسكرة في صفوف المحتجين السوريين وقد يتطوّر ذلك نحو حرب أهلية..والسيناريو الأخير هو أن تتبلور لدى المجتمع الدولي قناعة بضرورة تدخل أجنبي في سوريا وهذا سيناريو مستبعد إلى حدّ ما، نظرا إلى الموقع الجيواستراتيجي لسوريا، والمخاطر التي من الممكن أن تنجرّ عن تدخّل عسكري في البلاد.. *أيّ السيناريوهات أكثر ترجيحا؟ السيناريو الأول..هناك عقلاء كثر في سوريا سيعملون على تحقيق انتقال سلمي دون الخوض في احتمالات أخرى تكون سلبياتها أكثر من إيجابياتها..فالنظام يعتمد على أقلية ولا تدعمه مؤسسات أو قاعدة شعبية..وأتوقع أن ينتهي النظام بحلول الربيع القادم.. (*) – نُشرت في أسبوعية " الصدى " التونسية – 5/10/2011.
#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خطورة الانجرار إلى - فخ - عسكرة الثورة السورية
-
أضواء على مسيرة الثورة السورية
-
حجم الإسلاميين في سوريا لا يتجاوز ال 20 بالمائة
-
الثورة السورية .. متى سيسقط النظام وبأية تكلفة ؟
-
متطلبات الانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية في سورية
-
أي تغيير مطلوب في سورية ؟
-
مقابلة مع المحلل الاستراتيجي الدكتور عبدالله تركماني
-
مطالب التغيير السوري وآلياته
-
تعاظم القلق العالمي على الحالة السورية
-
عن الحامل الاجتماعي للثورة السورية
-
حوار مع المناضل السوري البارز رياض الترك
-
غموض الفكر السياسي الإسلامي
-
(*) حوار مع الباحث السوري في الشؤون الاستراتيجية الدكتور عبد
...
-
الدوران حول الحوار الوطني في سورية
-
أسطورة المؤامرة في الإعلام السوري
-
أسئلة الدولة والمواطنة في سورية
-
رؤية عربية للثورة التونسية
-
أي ثقافة للربيع الديمقراطي العربي ؟
-
إصلاح سوري حسب مقاس سلطة الاستبداد
-
نحو العدالة الدولية في سورية
المزيد.....
-
أثناء إحاطة مباشرة.. مسؤولة روسية تتلقى اتصالًا يأمرها بعدم
...
-
الأردن يدعو لتطبيق قرار محكمة الجنايات
-
تحذير من هجمات إسرائيلية مباشرة على العراق
-
بوتين: استخدام العدو لأسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثرعلى م
...
-
موسكو تدعو لإدانة أعمال إجرامية لكييف كاستهداف المنشآت النوو
...
-
بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صرا
...
-
شاهد.. لقاء أطول فتاة في العالم بأقصر فتاة في العالم
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ باليستي قرب البحر الميت أ
...
-
بوتين: واشنطن ارتكبت خطأ بتدمير معاهدة الحد من الصواريخ المت
...
-
بوتين: روسيا مستعدة لأي تطورات ودائما سيكون هناك رد
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|