أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد البيلال - في ذكرى نصب أول خيمة















المزيد.....


في ذكرى نصب أول خيمة


سعيد البيلال

الحوار المتمدن-العدد: 3507 - 2011 / 10 / 5 - 20:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد أيام ستحل علينا الذكرى السنوية الأولى لحدث نصب أول خيمة في منطقة " أكديم إزيك" الواقعة شرق مدينة العيون المحتلة والمصادفة ليوم العاشر من أكتوبر، تلك الخيمة التي كانت في أول الأمر مجرد " إجراء احتجاجي عادي" نظمه نفر من الشباب الصحراوي ضدا على سياسات الاحتلال التفقيرية والتجويعية واستنزاف خيرات أرضهم أمام أعينهم، تلك الخيمة التي كانت في البدء يتيمة ووحيدة وشامة بيضاء تزين وجه الأرض القاحلة، سرعان ما أضحت مكة النازحين ومقصد المظلومين وقبلة المهمشين وشامة الوطن كله... ونواة من قماش نبتت حولها ثمانية آلاف خيمة بسرعة كالفطر، لتصبح تلك المنطقة الجرداء بين ليلة وثلاثين ليلة " لوحة من خيام" رسمت بريشة التحدي وبألوان الصمود وبأنامل سمراء مدربة على رسم شارة النصر... بل أضحت في غفلة من دولة الاحتلال الغاشم " وطن من خيام" دق الصحراويين أركانه في أناء الليل وتدا وتدا وبنوه خيمة خيمة... وطن يسكن فيهم في انتظار أن يسكنوا هم فيه، وطن خال من المستوطنين وأشباههم... من الخونة والمرتزقة وأذنابهم... ومن المتحولين والمنبطحين وأزلامهم... نعم فالصحراويون حين يشيدون " وطن الخيام" في انتظار " وطن الاستقلال"... يكون " وطنا صافيا " خالي من الشوائب.. من العيوب... ومن الطفيليات... فخيامنا البيضاء لا تقبل أبدا أن تلطخ بالبقع السوداء...!!
بعد أيام ستمر سنة على نصب أول خيمة مهدت لتشييد مخيم قائم بذاته، قوامه آلاف النازحين والخيام، وعمره ثلاثون يوما، كأكبر " تجمع احتجاجي" فريد من نوعه لم يعرفه العالم من قبل، وكقيمة صحراوية مضافة للإنسانية وللأساليب الاحتجاجية وللمقاومة المدنية والمنهج اللاعنفي، وكفصل آخر من فصول انتفاضة الاستقلال التي عودتنا منذ تفجرها على الابتكار والتفنن والإبداع.
هذا الشكل الفريد الذي كان بمثابة رصاصة الرحمة التي أطلقها الصحراويين على الأسطوانات المشروخة لآلة الاحتلال الدعائية التي لطالما روجت سياسيا لمقولات " وحدوية الصحراويين" و " تمسكهم بمغربيتهم" و" ولائهم للقصر" و" بيعتهم للعرش" و" تشبثهم بالوحدة الترابية للمملكة"...، واقتصاديا لإدعاءات " إعمار الأقاليم الجنوبية" و" تنميتها وإقلاعها اقتصاديا" و" إلحاقها بالركب" و" إيلاء عناية خاصة وأنظمة تحفيزية وتفضيلية للصحراويين" و" عيشهم في بحبوحة "...، واجتماعيا لمزاعم " انخراطهم واندماجهم" في النسيج المغربي و" اختلاطهم وذوبانهم وتكيفهم" مع إخوتهم المغاربة...، كل ذلك ذاب في " حمض الملحمة" حين بدأت تطرح العديد من الأسئلة من قبيل:
- كيف للصحراويين الهرب من المدن نحو مناطق نائية وجرداء إن كانوا فعلا في بحبوحة من العيش...؟
- أين هي " جنات الفردوس" و" أوراش التنمية " من هؤلاء الذين نزحوا بسبب الفقر والجوع والتهميش وتغول الاستيطان...؟
- إن كان النازحين فعلا هم مواطنين مغاربة، فبماذا يفسر رفضهم السماح للمسؤولين المغاربة بالولوج للمخيم...؟
- إن كانت خلفية الاحتجاج فقط هي اجتماعية، فكيف أنه لا يوجد مستوطن مغربي واحد في مخيم يضم أكثر من عشرين ألف نازح صحراوي..؟
- بماذا يفسر رفض النازحين التعامل مع كل وسائل الإعلام المغربية في مقابل التغطية الفريدة للإعلام الوطني الصحراوي والدولي وخاصة الاسباني لتفاصيل ويوميات النزوح...؟
- إن كان المخيم مجرد شكل احتجاجي مغربي... فلماذا لم ينصب علم مغربي واحد فوق خيمة واحدة من أصل ثمانية آلاف خيمة..؟
هذه فقط بعض الأسئلة التي تتبادر لأذهان الجميع والتي تكشف عن زيف الادعاءات المغربية التي سقطت وتكسرت على صخرة المقاومة المدنية الصحراوية.
إذن، بعد أيام سنعيش نشوة تخليد ذكرى هذه " الملحمة التاريخية" التي زكت بقوة التنظيم وجدارة التأطير مسألة قدرة الصحراويين على بناء دولتهم ومؤسساتهم وتحملهم للمسؤولية وأهليتهم للتعايش فيما بينهم وبسلام مع دول الجوار، مثلما ضربت بعرض الحائط مخططات الاحتلال الرامية لزرع بذور الشقاق بين صفوف الصحراويين وتفريقهم وتشتيتهم حينما تحول " أكديم إزيك" إلى أكبر " حمام تقليدي" غسل فيه الصحراويين ما لصق بهم عبر عقود الاحتلال الثلاثة من ترسبات التفرقة العنصرية والصراعات الانتخابية والنعرات القبلية والانتماءات الإقليمية والولاءات الحزبية والسباقات الانتهازية...، هذا الحدث الذي خرج منه الشعب الصحراوي - رغم حجم القمع والتنكيل- أكثر قوة ووحدة وانسجاما، حين تبين لجميع النازحين وغيرهم من الصحراويين عبر يوميات التشكيل والبناء ولحظات الهجوم والتفكيك أن " الصحراوي للصحراوي رحمة" وأن العدو واحد والخصم واحد هو الاحتلال المغربي الذي ظهر على حقيقته أمام المشككين والمنتفعين والمنبطحين على أعتابه، وأماط اللثام عن وجهه القبيح لأولئك الذين كانوا حتى الأمس مغرر بهم أو واهمين أو مغيبين أو بالأحرى متغابين.
تمر إذن سنة على المفخرة، فهل كان يدور في خلد المؤسسون الأوائل أن " خيمتهم اليتيمة" ستتحول في سرعة البرق إلى " وطن متنقل" خرج من الصدور التي كان يسكنها ليعود إليها بعد شهر من الاستعراض..؟
هل كانوا يتصورون أن " مبادرتهم البسيطة" ستؤول إلى " حدث تاريخي" يقارب في غرابته وجسامته وسرياليته حد " الأسطورة"..؟
هل كانوا يدركون أن " مخيمهم الفريد" سيتطور بعد تشكيله الفريد وتفكيكه الدموي إلى " ملحمة تاريخية" دخلت التاريخ الإنساني من أبوابه الواسعة وسُجلت لصالح الشعب الصحراوي كأكبر " براءة إختراع".
هل كانوا يظنون أن " شكلهم الاحتجاجي" سيكون قدوة لكل الشعوب العربية التي تحررت بفضله من الخوف الأزلي وتخلصت من الخمول الأبدي وشفيت من الجمود المزمن ومن ثم نصبت خيامها للإطاحة بحكامها...؟
هل كانوا يعتقدون أن أول وتد غرزوه في أرض " أكديم إزيك" كان بمثابة أول مسمار دقوه في نعش نظام زين العابدين ونظام مبارك وخيمة القذافي...؟

لا أحد كان يظن ذلك... أبدا.. لكن التاريخ سيحفظ للشعب الصحراوي جرأته وتحديه واستبساله وقدرته الأسطورية على الصمود في وجه أعتى أنظمة الاحتلال والاستبداد والتسلط، بل وإبداع أشكال متباينة من المقاومة بدءا من الكفاح المسلح وحرب العصابات وحروب الاستنزاف والممانعة والدبلوماسية والانتفاضة السلمية التي كان " النزوح الجماعي" أحد أبرز تجلياتها الملحمية... وآخر هذه الفصول كان قبل أيام في الداخلة المحتلة...أين سطر المجد بأحرف من دموع ودماء ...!!
وفي انتظار جديد الانتفاضة...!! كل عام وهي بألف خير.



#سعيد_البيلال (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الارتزاق المغربي بورقة المرتزقة
- مقال: اليمن بين لعب صالح ولعبة المصالح


المزيد.....




- ترامب يتحدث في اجتماع تقني عالمي برعاية الصندوق السيادي السع ...
- تونس: الإفراج عن الناشطة الحقوقية سهام بن سدرين
- أبو ردينة يحذر من حرب شاملة على الضفة
- الجيش الكويتي يعلن مقتل اثنين من قواته البرية وإصابة آخرين
- فانس: انتقادات زيلينسكي لترامب في العلن لن تؤثر على موقف الر ...
- -بوليتيكو-: المسؤولون الأوكرانيون يخشون تحالف بوتين وترامب
- ماسك يسخر من تصريحات زيلينسكي حول مستوى شعبيته العالي
- -لجنة الطوارئ المركزية- في رفح: أكثر من 20 فلسطينيا قتلوا جر ...
- الجيش اللبناني: العدو لم يلتزم بالانسحاب الكامل من الأراضي ا ...
- محمود عباس يرحب برفض رئيس دولة الإمارات تهجير الشعب الفلسطين ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد البيلال - في ذكرى نصب أول خيمة