|
أعلام الانترنيت في الصراع العربي الصهيوني
محمد فوزي العجيلي
الحوار المتمدن-العدد: 3505 - 2011 / 10 / 3 - 18:42
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
لاشكّ أنّ الثورة الإعلامية الجديدة عبر وسائل الاتصال الحديثة والتي وصلت أخيراً إلى الانترنيت الذي جمعَ إمكانات التلفون والتلفزيون والكومبيوتر كما لخّص إمكانات النشر الإعلامي سواء كان على شكل كتاب أو صحافة أو إي شكل للمطبوعات المقروءة ، هذه الثورة لايمكن أن تبقى بعيداً عن أصابع السياسة في عالم اليوم ، فالإعلام والسياسة والثقافة والتربية والاقتصاد والاجتماع كل ذلك وغيره من العلوم قد أصبح مادة أساسية موحدة للتوجيه الإعلامي والتربوي لجميع البلاد المتقدمة . وما دام الإعلان والإعلام يتبادلان المواقع والتأثير على مستوى كل الوسائل الإعلامية المعروفة اليوم حيث يكون الإعلان هو الأساس المادي لتطوير وسائل الإعلام واستثماراتها تجارياً بشكل جيد ، كما أنّ الإعلام يكون أحياناً قائداً واحياناً مقوداً لأي انتاج أو اختراع علمي ، أو صناعي أو تجاري لذا فإنّ هذه الحلقة بتبادل الأدوار والمواقع لايمكن فصمها بعضها عن البعض الآخر ولما كانت شبكة الانترنيت أساساً أمريكية الصنع كما هو معروف في بداية نشأتها كما أنها أكبر الشبكات العالمية اليوم التي تغطي أكبر مساحة على الأرض وفي الفضاء وأكثر عدداً من المشتركات وأكثر التنويعات والتجديدات في هذا الجانب ، ولما كانت الصهيونية لها دور كبير في التأثير على القرارات الأمريكية على كافة المستويات وخاصة الصناعية والسياسية والتجارية ـ الإعلامية ـ لذلك لن نستغربَ أنْ نجدَ أن حلقات الصراع العربي الصهيوني تنتقل إلى شبكة الإنترنيت لتعكس الاستغلال البشع للصهيونية أولاً وللقيادة المتأثرة بها ثانياً . لقد دخلتْ مفاهيم ومفردات ما يسمى بالتجارة الإلكترونية عبر الانترنيت وأجهزة الكومبيوتر وأخذت مدى اقتصادياً وإعلامياً واسعاً حتى أصبحتْ شركات الكومبيوتر تعادل أكبر الشركات العالمية في قطاع التجارة الإلكترونية بل بما تصبح مستقبلاً أكبر حيزاً من الشركات النفطية في رأس المال الموظف لها وتحصل على كم أكبر من الأرباح التي تستطيع تحقيقها وتأخذ أسهمها الرواج الذي لم يكن يفكر فيه صنّاع الكومبيوتر الأوليين . إنّ الصهيونية كما نعلم لاتترك مجالاً يمكن استثماره على المستوى التجاري والإعلامي والصناعي في صراعها ضد العرب وهكذا نراها قد سبقت إلى طرق هذا المجال ـ اعلام الانترنيت ـ واستخدامه قبل أن يدخل الانترنيت وأعلامه في ذهن أي دولة عربية ، فأكثر الدول العربية اشتراكاً في هذا المجال ـ كما هو معروف ـ هي دول الخليج والتي قد تكون وارداتها المالية لعبت دوراً أكبر في زيادة عدد المشتركين في هذه الشبكة إضافة إلى عدم الانتباه أولاً إلى الجانب التربوي ـ الإعلامي ـ السياسي الذي يمكن أن تلعبه هذه الشبكة في تأثيرها على الشباب العربي هناك . وعلى كل حال فقد بدأت اليوم شبكات الانترنيت تدخل حلبة الصراع العربي الصهيوني على المستوى الفكري والثقافي أولاً وعلى المستوى الإعلامي والتربوي ثانياً وعلى المستوى السياسي والاقتصادي ثالثاً . لقد كانَ من أوائل من اخترقوا شبكة الانترنيت في الجانب الثقافي والفكري هو روجيه جارودي الذي لم يستطعْ أن يحصلَ على موافقة دار نشر فرنسية لطبع كتابه الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل لسيطرة الصهيونية على كثير منها في فرنسا فاضطر إلى أن ينشر كتابه على شبكة الانترنيت ومعروف المتابعات التي تمّت على هذا الكتاب وخطواته في كشف الزيف الصهيوني تاريخياً الذي كان الكيان الصهيوني يستخدمه ضد الأوربيين وخاصة ما يسمّى بالهولوكست أو ما فعله النازيون باليهود في مسألة المحرقة الكاذبة لليهود . وهكذا أحيل روجيه جارودي الفرنسي الأصيل كتابةً وثقافةً إلى المحاكم الفرنسية بتهمة جريمة تشويش الرأي وحكمَ عليه ليدفع غرامة خمسين ألف دولار وما تبعه من أحداث . ولما كانت الصهيونية تعتمد حقاً على بروتوكولات صهيون فإنّ الأفلام الإباحية واستخدام جسد المرأة للتجارة هي أعظم وسيلة يمكن استخدامها لإفساد الشباب في العالم عموماً ـ عدا الشباب اليهودي ـ وفي الوطن العربي خصوصاً وأعظم وسيلة لتحقيق ذلك شبكة الانترنيت التي من الصعوبة خضوعها للرقابة فهي تدخل كل بيت عبر الكومبيوتر الشخصي وتعرض ما تشاء دون أي تردد أو خوف من مقص الرقيب الإعلامي . وهكذا بدأت مفردات الصراع العربي الصهيوني تتنافس في الحصول على المواقع على الشبكات الإنترنيتية عبر العالم كله ، وبدأت أخبار هذا الصراع تأخذ أبعاداً إعلامية ـ سياسية بنفس الوقت فالموقع الذي لا يعجب الصهيونية تستطيع أنْ تؤثرَ على مركز القرار في الشبكة وتفتعل الحجج والمبررات لإلغائه إذا ما وجدت أنّ فيه فضحاً وكشفاً لزيف سياساتها وادعاءاتها التاريخية أو مضامينها الإعلامية المعاصرة . ولو استعرضنا بعض مفردات هذا الصراع لقرأنا فيه هذه الأساليب بشكل واضح لا يقبل الاجتهاد في التأويل . 1 ـ لقد قامَ مركز إسرائيل للدراسات الاجتماعية وبمنتهى الوقاحة والصلافة بمجابهة العرب عبر شبكة الانترنيت ، واصفاً إياهمْ بأنهم إرهابيون وشاذون واطلق عليهم صفات قبيحة أخرى وذلك من خلال كتاب لمؤلف صهيوني يدعى ( رافايل باثايا ) حيث أثارَ هذا الكتاب حفيظة العديد من المترددين على صفحة الشبكة لدرجة جعلتهمْ يردّونَ على الكتاب والمركز الذي نشره على الشبكة . والغريب في الأمر ـ كما وردَ في الخبر ـ أنّ أغلبَ الذين استاؤوا من هذا الكتاب هم أوربيون ومن أمريكا الشمالية . فقد بعثَ أحد المواطنين من كندا رسالة على البريد الإلكتروني واصفاً الكتاب بأنه ( سلة قمامة ) واتهم المركز الصهيوني المذكور بالعنصرية . 2 ـ هناك موقع آخر اتخذته مجموعة من الشباب العربي على الشبكة الدولية يعرض بالصور والوثائق التاريخ الدموي للصهاينة على الارض العربية ويركز على وضع صورة للمجازر التي ارتكبت في حق الشعب العربي والفلسطيني خاصة مثل دير ياسين وصبرا وشاتيلا وقانا ، ونظراً لضعف الإمكانية المادية لهؤلاء الشباب فإنهم قاموا بوضع موقعهم على أحد المزودات المجانية فاستقطب الموقع عدداً كبيراً من الزوار لأنّ الصور الحقيقية التي كان يحتوي عليها تركت أثراً أبلغ من أي كلام يقال ، فما كانَ من الصهيونية العالمية إلاّ أن امتدت لتؤثر على الشبكة المالكة للمزوّد المجاني وتدفعها إلى إزالة الموقع من مزودها ، فراحَ أولئك الشباب العرب ينتقلونَ من مزود مجاني إلى آخر والأيدي الخفية تلاحقهمْ إلى أنْ تمكنوا أخيراً من وضع موقعهم على مزود مدفوع الأجر وحجز اسم عالمي وحيد خاص بهم وهو ancient - news comhttp : // unity وأضافوا إلى موقعهمْ تقارير عدد من المنظمات الدولية لحقوق الإنسان تكشف الانتهاكات الصهيونية لحقوق الانسان في فلسطين ولبنان ودراسة مقارنة للأصول التلمودية للحركة الصهيونية فراحَ الموقع يستقطب الزوار بعشرات الآلاف وذلك لما يحويه من حقائق تاريخية موثقة ودراسات موضوعية ، إلاّ أنّ الشبابَ القائمين على الموقع فوجئوا في الثالث عشر من أكتوبر الماضي برسالة من الشركة المالكة للمزود الذي حجزوا عليه ساحة موقعهم وهي شركة ovideridth Pr American Band W . تقول بأنها قرّرتْ وقف الإسم وحذف محتويات الموقع لأن فيه مواد تحض على الكراهية وتروج لأفكار نازية . علماً أنّ من المعروف أنّ مواقع العالم الغربي على الشبكة تحتوي كل مظاهر الشذوذ والإباحية ولكل الحركات العنصرية الضالة وغيرها ولم تتعرضْ هذه المواقع للأختراق . 3 ـ وهناك موقع على الشبكة الانترنيتية عن مرتفعات الجولان السورية يحكي قصة الغزو السوري ـ لاسرائيل ـ كما يعبر الموقع الصهيوني هذا يتحدث عن عام 1948 حين لم يكن هناك ( اسرائيل ) وكيف تمكن الجيش اليهودي من صدّ الغزاة ـ كما يقول بلغته ـ واسترداد البلاد منهم وان الجولان بقي بيد ( الأعداء ) ، وأنّ من نتائج ذلك سقوط مائة وأربعين قتيلاً يهودياً ما بين 1948 ـ 1967 . أما آلاف الأرواح العربية التي ذهبت فلا يذكرها هذا الموقع . وتضيف هذه المعلومات انّ الجيش الإسرائيلي تمكنَ كما تزعم هذه الصفحة من تحرير الجولان عام 1967 . إنّ إلقاء نظرة إحصائية على شبكة الانترنيت ضمن إطار ترديد كلمة فلسطين وكلمة إسرائيل على مضامينها يعكس لنا الثقل الكبير الذي يضعه الكيان الصهيوني والصهيونية العالمية من جانب استخدام هذا الشبكة للصراع مع العرب ، فماذا نجد من أرقام . لقد وردت كلمة فلسطين في أكثر من مائتي ألف وثيقة أو صفحة تحوي هذه الكلمة أما كلمة ( إسرائيل ) فقد وردتْ بحوالي مليونين ونصف المليون من الوثائق التي تحتوي اسم الدولة الصهيونية . أليسَ هذا دليلاً على اننا لم نستغل هذه الشبكة التي نقلت للكيان الصهيوني مسرح عملياته وصراعه معنا على صفحاتها ؟ هل نبقي في حدود استخدامات هذه الشبكة على كل شيء مباح وغير مباح ولا نكلف أنفسنا عرباً ودولاً عربية قادرة مالياً على استخداماتها في صراعنا مع اعدائنا ؟ أليسَ الحرب والصراع اليوم على مستوى التقنيات الإلكترونية على مستوى الطائرة والمدفع والصاروخ عاد اليوم إعلامياً لينعكسَ على صفحات الانترنيت بالكلمة والصورة والوثيقة ؟ إنّ الصراع العربي الصهيوني ورغم كل محاولات السلم والاستسلام ومن أية جهة جاءت يجب أنْ يأخذ مداه الحضاري والتقني كما اخذَ مداه العسكري والفدائي وبدون استخدام هذه اللغة الانترنيتية نبقى متخلفين في مواجهة هذا الصراع كمن يحارب بصاروخ مقابل من يحارب بسيف أو رمح ، ولن ينتصر في النهاية إلا من عرفَ كيف يستخدم مفردات عصره وحضارته في مواجهة أعدائه . لقد روى لنا التاريخ أعظم مثل في هذا الجانب في صراع النبيّ صلى الله عليه وسلم مع اليهود حينما أوصى الصحابي زيد بن ثابت أنْ يتعلمَ لغة اليهود لكي يأمنَ شرهم ولما كانت لغة اليوم هي لغة العلم والتقنية والانترنيت فلا بدّ لنا ان نتعلمَ هذه اللغة ونستخدمها إلى آخر مدياتها وإمكانياتها ما دامت متاحة للجميع ؛ فهل نحن فاعلون ؟
#محمد_فوزي_العجيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
د ناجي سرسم وعائلة آل سرسم الموصلية
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|