مروان حمود
الحوار المتمدن-العدد: 3504 - 2011 / 10 / 2 - 20:07
المحور:
الادب والفن
قصة قصيرة جدا (صحـبـتـنا مع ابو شمسة)
مـروان حمـود
كما في معظم بلدان المشرق, وبسبب شحة الأماكـن المخـصصة للعـب الأطفال, كنـا, مجموعة من فتية حي المطار القديم بدير الزور (منبـع ثـورة الدير الآن), نمارس هواياتنا في الشارع وفي "شـقـف" الأرض التي لم تعـمّر بعـد.... وكالعـادة نلعـب العـاب متعـددة, لكـن لعـبــة الطابـة (كرة القـدم) كانت هي الأكـثـر ممارسـة.
كنـا نلعـب كـل يوم تقـريبـا, وأيضـا كل يـوم "نتـكاون" (نتعـارك) مـع أبو شـمسـة!!.
أبـو شـمسـة كان رجـل أربعـيني بيتـه قريـب جـدا من شـقـفـة الأرض التي إخـترناهـا للعـب "الطابـة", ويسـمى أبو شـمسـة نسـبة لإبنتـه الكبيرة شـمسـة,(عـلمـا أن مولوده الخامس كان صبيا, إلا أن الناس تـعـودوا عـلى نعـتــه أبو شـمسـة), الرجـل ينـزعـج كـثيرا مـن ضجـيجـنـا, ويخرج دومـا بعـصا غـليـظـة ليطردنـا... وفـي خـضم معـاركـه معـنا يـسـتعـمل العـصا للتـلويـح فـقـط, فـهو يعـرف أننـا أولاد أبو فـلان أو عـلّان من جـيرانـه, ولايقـسـو عـلينـا كـثيرا.
"كـوناتـنـا" معـه إسـتمـرت أسـابيـع!! إلى أن تـجـرأ "كـبيرنـا" بأحـد الأيام وأمرنا أن لانهـرب وإنمـا لنكـلمـه ولنـحـاول أن نعـقـد معـه "صفـقـة" أو تسوية ما.... وفـعـلا لم نهـرب بل إلتـفـينا حـولـه لنسـمع مفـاوضات "زعـيمنـا" معـه, وبعـد بضعـة دقـائق تغـيرت تراسـيم وجهـه وإنخـفض صوتـه وأسـبل عـصاه إلى تحـت إبطـه, وبصوت منخفـض على غـير العـادة, بـدأ يتـسـائـل عـن إمكانية أن نلعـب بدون هـذا الضجيـج والصخـب والـ "صيـاح", فشرح لـه كبيرنا (هو الكابتن والمدرب ووو) أن سـبب ضجيجنـا الأساسي هـو أنـنـا نلعـب بـدون حكــم!, مباراة بدون حكم رئيسي سيكثر حكامهـا وسـتضيع الطاسـة وستكون الغلبة لصاحب الصوت الأعلى.... واللــه بعـد "شـوية أخـذ وعـطـا" أقـتـنـع الرجـل بكـلامنـا وتبرع أن يكون هـو الحكــم. أكمـل "الماتش" وابو شمسة هو حكمه يشير الى "الفولات" بصوته العالي وكما أي حكم بدون "صفـارة" وفـعـلا بدون ضجيج و "صياح", نحن لعـبنا ولأول مرة نسـتمتع بلعـبنا, وهـو أيضا أفرغ غـضبه بالركض وبإحساس السلطة ,الدور الرئيسي. مباراتنا إنتهـت وبقي أبو شمسة يعلق على هذا وذاك, يقول للأول لعبك زيـن وللآخر "اللـه ياخـذك", و كما عـند إنتهاء أي مباراة تجري دردشات ودية وتعارف أكثر, ولم نترك المكـان ركضا إنما بإلقاء التحية و يللى خـاطرك عـمّـو... ومع السـلامة شـباب و و .
.
في اليوم التالي ذهبنا كالعادة الى نفس المكان وبـدون أي خـوف (من أبو شمسة)... وإذا بهـذه المفاجأة: أبو شمسة كان بـإنـتـظـارنا و بيـده "صُـفّــارة".
#مروان_حمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟