أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيار الجميل - عاتكة الخزرجي : قيثارة العراق : شاعرة وقت الشفق .. حالمة عند الغسق















المزيد.....


عاتكة الخزرجي : قيثارة العراق : شاعرة وقت الشفق .. حالمة عند الغسق


سيار الجميل

الحوار المتمدن-العدد: 1041 - 2004 / 12 / 8 - 08:37
المحور: الادب والفن
    


" وهل عندكم في الحب بعض الذي عندي "
هذا الذي قالته عاتكة

تقديم شاهد الرؤية :
من لم يسمع باسمها ؟ ومن لم يقرأ شعرها الرقيق ؟
انها الشاعرة التي تذكرني بالشفق المخملي عند الاصيل ..
انها الحالمة عند الغسق الرائع عندما تصفو الحياة من وعثائها ..
انها ابنة العراق التي طارت شهرتها في القرن العشرين ..
انها المثقفة الاديبة التي رفدت الشعر العربي بروائع ستخلد اسمها في التاريخ ..
انها المرأة المتمرسة في صنع اجيال من المبدعين ..
نعم ، عاتكة وهبي الخزرجي التي وهبت كل ما وهبها الله للادب العربي شعرا ونثرا ..
وهي الاستاذة الجامعية المتمكنة من تاريخ الادب العربي في عصره الكلاسيكي القديم
وهي صاحبة الصوت الرخيم في غناء الشعر .. تموسقه بكل هدوء ورقة عندما تقرأه كالحالمين
انها تنتمي الى ابرع جيل عراقي مثقف من اجيال القرن العشرين .. ذلك الجيل الذي توّهج عند منتصف القرن العشرين .. وقد انسحق انسحاقا كاملا عند نهاياته على عهد الطاغية ويا للاسف الشديد !
سمعت باسمها وانا في طور التكوين عندما كنت التهم الشعر واختار من اعذبه وأكذبه ..
الذكرى القديمة :
التقيت بها مرة واحدة في حياتي وانا على مقاعد الدراسة في واحد من مهرجانات الشعر والادب والثقافة التي كان العراقيون يعشقونها .. كنا نرصّ انفسنا رصا في قاعة كبرى بانتظار اطلالتها .. كانت صورتها في مخيلتي انها تعشق الالوان والبهرجة والالبسة الجميلة .. كان الصمت يخيم في تلك القاعة التي امتلأت بنا نحن طلبة واساتذة في واحد من ربيع بداية عقد السبعينيات ، وقد بدأ الموسم الثقافي لجامعة الموصل ، اذ كان من تقاليده وقت ذاك دعوة كبار المثقفين والمبدعين العرب لسماع ما يقولونه لنا .. دخلت برفقة رئيس جامعتنا وكان مثقفا بارعا قبل ان يكون رئيسا قديرا ، انه الدكتور محمد صادق المشاط ( المقيم في كندا حاليا والذي اعتز بصداقته اليوم اعتزازا كبيرا ) وضجت القاعة بالتصفيق وقام كل من كان جالسا احتراما لشاعرة مبدعة ذاع اسمها في الافاق .. جلست والابتسامة تملأ وجهها وقد بانت الكهولة عليها ، ولكنها لم تفتر عن اهتمامها بنفسها ومكياجها وملابسها المبهرجة الملونة .. اذ كانت ترى في ذلك جمالية من نوع خاص بها كفنانة تختلف عن بقية الناس .
قدمّها لنا رئيس الجامعة بعد ان حّياها بكلمة قصيرة ذكرنا بروائعها ، ثم خطت خطواتها معتلية المسرح وبدأت بعد ان ران الصمت ثانية الا من كلماتها التي جعلتنا نغرد معها في فضاء من الموحيات الجميلة في مناخ ملائكي رائع .. تذكرت البحتري في صوره عن الطبيعة وخمائلها الجميلة ، وطرق سمعي العباس بن الاحنف التي لم يعتن به احد كعناية عاتكة بسيرة حياته وبشعره الرائع .. تذكرت جرير وانا احرك يدي مع موسيقى عاتكة بكل عذوبة الانشاد وحلاوة الكلمات وطلاوتها .. كانت محاضرتها عن العباس بن الاحنف وشعره قد جعلتنا نسبح في بحر من الرومانسية برغم العوالم الكلاسيكية الرحبة وقرأت قصائده وقصائدها بصوت لم يزل يرن في اعماقي ..
معلومة تاريخية غير معروفة
كنت اسمع شعر عاتكة وهي تنشده بكل قوة واعتزاز وقد تملكت من ناصية اللغة العربية .. تستلهم من خزرجيتها اصالة التلوين وعراقة التكوين .. قلت في نفسي : حبذا لو غدت كل نسوتنا العربيات كهذه العاتكة الخزرجية العربية .. وهنا اعلن للتاريخ ولاول مرة انني وجدت في دفاتر قديمة كان قد تركها جدي الاديب المصلح علي الجميل عضو المنتدى الادبي في مكتبته معلومات تشير الى ان وهبي الامين الذي تسمت ابنته عاتكة بالخزرجي كان صديقا له عندما حل متصرفا في الموصل على العهد العثماني وكان يتميز بأرائه الغريبة والعناد في رأيه عليها الى درجة تثير السخرية .. وكان هذا قبل ان تلد عاتكة بسنوات طوال فقد علمت ان عاتكة من مواليد 1924..
التكوين المتنوع منذ البواكير
بدأت موهبتها الشعرية الخارقة منذ مراهقتها لتنافس مجنون ليلى لشوقي الذي عشقت شعره . لقد تعلمت في العراق الذي كان على العهد الملكي يهتم بالمثقفين والمبدعين اهتماما لا يضاهى ، وذهبت الى باريس وتعلمت الفرنسية لتكمل دراستها ، وبدأت تقرأ وتطلع على الاداب العالمية وتدرك معاني الحياة الجديدة ومعترك التفكير الحديث وشغلت هناك دورا رائعا في قول الشعر والتف المثقفون العرب من حولها ، وعملت على شعر العباس بن الاحنف كثيرا وكتبت اطروحتها عنه بكل حب واعجاب ، وبقيت طوال حياتها تذكره وتغني ابيات من شعره الجميل .. ورجعت الى بغداد لتغدو واحدة من مثقفاتها اللواتي برزن بابداعاتهن وقد شكلن ثقلا متنوعا في الساحة النسوية العربية في النصف الثاني من القرن العشرين .
عاشقة بغداد
لقد تخرج على يديها العدد الكبير من المثقفين والادباء والمبدعين والمبدعات ، وكانت استاذة ماهرة يعشق سماع محاضرتها الكبار والصغار .. كانت تهتم بموسيقى الشعر ورقته وترعى كل من تتلمس لديه موهبة الشعر ، وتشدد عليه حتى يصفو شاربه . وكان لها دورها الثقافي المتميز من خلال حواراتها وما تنشره من قصائد كنا نترقبها لتغدو حديثا بيننا نحن الشباب من المثقفين في اوائل تكويننا .. كانت عاتكة عاشقة لبغداد وهي تسكن في بيت انيق تعتني به عناية فائقة مع نباتاتها وازهارها واوراقها وكتبها وصورها التي تعشقها كثيرا .. لم تستطع عاتكة فراق بغداد ، ولكنها بارحتها وهي كلمى حزينة ولم ترجع اليها لأنها كما علمت قد تعذبت وألم بها القهر والاسى ، ولا ادري اين هي الان ، اذ ادعو المثقفين العراقيين اليوم ان يهتموا بها وبكل رموز العراق التي ابدعت وانتجت روائع الاعمال .. من وقد اجادت عاتكة حين انشدت :
بغداد ان ازف الوداع وصاح بي داعي الرحيل مناديا بنواك
وشددت من فوق الحشا واستعبدت عينان لم تدر البكا لولاك
لهواك زادي بل لقاك تولهي والعيش ان احيا على ذكراك
لولاك يا بغداد ما اخترت النوى وتركت امي والحمى لولاك
العزلة الروحانية : الدواوين والاعمال
عاتكة تحب العزلة من اجل المناجاة وتذكر بأنها عرفت الله ومن ثم عرفت نفسها من خلال وحدتها التي تصفو نفسها فيها من كل الاكدار .. وقد كان لذلك تأثيره في ينبوع صفائها بذكرها الله كثيرا في قصائدها وكأنها في محراب تصوفي لا اول له ولا اخر .. تذكر ان ربة الشعر تتنزل عليها من اعالي السماوات على كل حين حيت يخيل اليها ان ثمة انجذاب وتعلق بها وهي من اسعد الناس بذلك . اصدرت عاتكة عدة دواوين شعرية ، منها : " ديوان نوراني " في العشق الالهي وقصائدها روحانية نورانية تقارب المئتي قصيدة . وديوان " قصائد آخر " ، وديوان " من القلب الى القلب " وفيه معان انسانية خصبة تزخر بها رقة الشاعرة وشفافيتها . ومسرحية " علية بنت المهدي " الاميرة الشاعرة والموسيقارة المغنية .. ومن كتبها في الادب العربي : " من روائع الشعر العربي " وكتاب " من روائع الشعر الفرنسي " وكتاب " في أجواء الاثير " وكتاب " نسيب الشريف الرضي " وغير ذلك من المحاضرات والاعمال .
نماذج ونصوص رائعة
ولابد ان اختتم مقالتي ببعض المعاني الزاخرة التي انشدتها عاتكة الخزرجي في شعرها الذي نال اهتماما كبيرا من لدن المهتمين والمثقفين والادباء العرب فضلا عن بعض المسؤولين والرؤساء ، قالت وهي تنشد :
تمهل ـ ابيت اللعن ـ جرت على القصد فليس لمثلي أن تقابل بالصد
بلادك ـ ان ترشد ـ بلادي وانها عشيري وأحبابي وأنفس ما عندي
هواي بها ، ما حدت عن حبها وحاشا لمثلي أن تحيد عن العهد
وكيف وقد ملكتها كل مهجتي واني لاخفي في الهوى فوق ما ابدي
هواي بها ، اني نذرت جوانحي الى كل شبر في العروبة ممتد
اليكم ، الى الصحراء، للرمل ، للربى لموج الخليج الثر ، للروح من نجد
لمكة ، للبطحاء ، للخيف من منى لسيناء ، للجولان، للقدس ، للخلد
الى كل عرق في العروبة نابض وكل فؤاد يذكر الله بالحمد
الى تونس ، او الجزائر ، للهوى بمغربنا الاقصى القريب على البعد
يمينا لقد أحببتكم حب زاهد وأعنف أهواء المحبين في الزهد

ونظمت في موضوع اسمته " امانة " :
يهون عليك اليوم مثلي ولم أكن لأحسب يوما أنني سأهون
يلذ لكم ذلي فانكر عزتي لديكم ويقسو قلبكم وألين
فحتام أرجو والرجاء يخونني وقلبي على العلات ليس يخون؟
فديتك ، هل ترجى لمثلي شفاعة لديك وهل لي في هواك معين
وكيف اصطباري عنك والشوق عقّني وأمرك أعياني فلست أبين
وهذى النوى ترمي المرامي بيننا وتلك سهول دوننا وحزون؟
تمنيت لو أني وأياك نلتقي لو ان المنى مقضية فتكون
وان يلتقي طرفي وطرفك لحظة فترتاح نفس أو تقرّ عيون
والا فطيف من خيالك طارقي اذا جن ليل واستثير حنين
فديتك ، ذا قلبي لديك أمانة وأنت عليها ، ما حييت ، أمين

( فصلة من كتاب الدكتور سيّار الجميل ، نسوة ورجال : ذكريات شاهد الرؤية – قيد النشر-)



#سيار_الجميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد القادر القط :استاذ الادب العربي والنقد المقارن :مفهوم تأ ...
- نزار قباني : شاعر الرسم بالكلمات الرائعة : نسف البنى الاجتما ...
- المسيحيون العراقيون : وقفة تاريخية عند ادوارهم الوطنية والحض ...
- محمد شكري : الروائي المغربي المعروف صاحب الخبز الحافي :اعترا ...
- البنية الفوقية والبنية التحتية : المفاهيم المستترة والمعاني ...
- الى متى تبقى بلقيس في قفص الاتهام ؟ وهل من ركائز عراقية جديد ...
- حنا بطاطو : مؤرخ العراق المعاصر مؤرخ غريب الاطوار لن يكتب أح ...
- الدكتور سّيار الجميل لم يوّقع على اي بيان او رسالة اصدرهما ا ...
- الحريات الشخصية قبل غيرها: هل يفهم العرب معنى الصداقة والعلا ...
- نازك الملائكة : رائدة الشعر العربي الحر- هل تنبأت عاشقة ليل ...
- لمناسبة رحيله : الفيلسوف جاك دريدا : رائد الفلسفة التفكيكية ...
- نقولا زيادة المؤرخ المثقف : زهرة التفكير وخضرة الروح
- هل نقرع الاجراس من اجل الدفاع عن المسيحيين العراقيين ومصيرهم ...
- الخالدون من العراقيين .. من هنا يمرّون : كفاكم تخلطون الاورا ...
- الليبرالية العربية الجديدة! مفاهيم عصر راهن لا تلغيها الثيرا ...
- الاوراق المكشوفة صراع الارادات السياسية ام سباق المصالح الذا ...
- العسكريتاريا العربية
- استحقاقات العراق الجديد العراقيون .. يمّرون باخطر مرحلة تاري ...
- القمة العربية واشتراطات المستقبل جدول اعمال وهمية من دون بير ...
- التاريخ يعرف كل العراقيين ! انهم ليسوا من الرخويات ولا من ال ...


المزيد.....




- الفنان جمال سليمان يوجه دعوة للسوريين ويعلق على أنباء نيته ا ...
- الأمم المتحدة: نطالب الدول بعدم التعاطي مع الروايات الإسرائي ...
- -تسجيلات- بولص آدم.. تاريخ جيل عراقي بين مدينتين
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- السكك الحديدية الأوكرانية تزيل اللغة الروسية من تذاكر القطار ...
- مهرجان -بين ثقافتين- .. انعكاس لجلسة محمد بن سلمان والسوداني ...
- تردد قناة عمو يزيد الجديد 2025 بعد اخر تحديث من ادارة القناة ...
- “Siyah Kalp“ مسلسل قلب اسود الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة ...
- اللسان والإنسان.. دعوة لتيسير تعلم العربية عبر الذكاء الاصطن ...
- والت ديزني... قصة مبدع أحبه أطفال العالم


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيار الجميل - عاتكة الخزرجي : قيثارة العراق : شاعرة وقت الشفق .. حالمة عند الغسق