أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - دنيا الأمل إسماعيل - المرأة والدين ... نحو استعادة الصوت الأنثوي















المزيد.....

المرأة والدين ... نحو استعادة الصوت الأنثوي


دنيا الأمل إسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 3500 - 2011 / 9 / 28 - 23:40
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


تمهيد:
أعترف أولاً أنّ ثمة محاذير متعددة، حالت كثيراً بيني والكتابة في هذه القضية ذات الطبيعة الجدالية فكرياً، والمحسومة مسبقاً ضد كل امرأة تتجرأ على الخوض في معارك الرجال، وأعترف أيضاً أنّ شغفاً قديماً، أحيته في عقلي ووجداني جهود الكثيرات من العالمات المسلمات في أنحاء متفرقة من العالم، اللواتي حملنّ أرواحهنّ على أكفهّنّ،وخضنّ هذه الحرب الشرسة ضد إلغاء وجودهن المتحقق خلقاً ونصاً والمغيّب فقهاً وممارسة.
لقد اُستخدمت المرأة كثيراً من قبل رجال الدين، بطريقة لا تنتج سوى مجتمعٍ هش ونساءٍ شائهات، لا يمتلكنّ القدرة على استعادة وعيهنّ بالذات، بعد أن غلب المنظور الذكوري/ الأبوي كل تفسيرٍ للقرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، حتى أصبح هذا المنظور، من شدّة غلبته، محصّناً، لامرئياً، وتحوّل إلى أمر بديهي، لا مجال فيه لتأويل آخر، أو قراءة أخرى.
وعليه، بقيت المرأة موضوعاً للتفسير، لا مفسِّرة؛ قضية للبحث الفقهي الديني، لا باحثة فيه، فوصلها دينها وشرعها من غير ذاتها، فأقرّت بما أُقرّ لها، وفهمت ما هو مسموحٌ لها بفهمه، وامتنعت عن كل ممنوعٍ لها، ومسموحٍ لغيرها، فأعادت إنتاج ذكورية الفقهاء في ذاتها، وارتدت أقنعة الآخرين، بعد أن أماتت داخلها أسئلتها وحاجتها لوجودها خارج النطاق الفسيولوجي، الذي حُدّد لها، دون اعتبار لأهليتها الإنسانية والفكرية وقدرتها على قراءة النصوص الدينية، بعيداً عن التفسيرات الذكورية.
لقد سمح رجال الدين لأنفسهم بتفسير النصوص الدينية من وجهة نظرهم، وبما يتلاءم إلى حد بعيد مع مصالحهم كرجال، فيما صادروا هذا الحق من النساء، الذي لم يمنعه أو يحرّمه النص الديني نفسه.

إشكالية تناول قضية المرأة من منظور ديني:
مما لا شك فيه أنّ الحديث عن المرأة والدين، يشبه إلى حدٍ كبير الدخول في حقل ألغام،الخروج منه بسلام أمر شديد الصعوبة، وذلك بسبب:
أولاً: أنّ حركة المجتمع بأسره، هي حركة رجوع إلى الخلف، تمنع وجود تربة اجتماعية خصبة ومحفِّزة لأية قراءة نقدية لأوضاع المرأة في الفكر الديني، في ظل صعود وتنامي دور حركات الإسلام السياسي في المجتمع، واعتبار نفسها وكيلاً عن المجتمع ( نساءً؛ رجالاً) في تفسير النصوص الدينية وإشاعة أنماط من التفكير الديني النفعي تجاه المرأة؛

ثانياً: اعتماد الخطاب الديني التبرير كأداة مهيمنة في قراءة النصوص الدينية، بدلاً من تفسيرها وتأويلها، في تناوله لقضية وأوضاع المرأة، كاستخدامه الاختلاف البيولوجي بين المرأة والرجل في تبرير التمييز ضد المرأة في مختلف مناحي الحياة ومنها التقاسم الوظيفي لكل من المرأة والرجل على أساس جنسي / بيولوجي؛

ثالثاً: مغبة الدخول في جدال مع أطروحات الخطاب الديني وإطارها الثقافي الاجتماعي التقليدي، المرهون كليةً بآفاق النصوص الدينية حرفياً وكل اجتهاد خارج هذا الاجتهاد، قد يخرج صاحبه أو صاحبته من ملّة الإسلام؛

رابعاً: إمكانية حصر النقاش في إطار التحليل والتحريم، ما قد يعيق خلق فضاء وحراك فكري عميق، يسمح بالتداول الحر للأفكار دون خوف من احتمالية التربص المعنوي أو الجسدية ( اللجوء إلى العنف في التخلص من الأفكار المغايرة)؛

خامساً: هيمنة القراءات الأيديولوجية / النفعية للنصوص الدينية، قد يؤدّّّي إلى الوقوع في أسر الإجابات التقليدية الجاهزة والراسخة رسوخاً يحتاج إلى جرأة في النقد قد لا تتوافر للكثير من الباحثين والباحثات؛

المرأة: البدايات لم تزل قائمة:
منذ صدور كتاب (تحرير المرأة) في العام (1909) وحتى الآن، لم تزل المرأة موضوعاً مثيراً للجدل، ليس لدى علماء الاجتماع والسياسة والثقافة فقط، بل أيضاً لدى رجال وفقهاء الدين، وإن اختلف المنظور هنا وهناك، غير أنّّهم يتلاقون جميعاً في كون المرأة لم تزل كائناً مغيّباً – في حالات غالبة – عن وجودها وإنسانيتها ومن ثم حضورها، كما أنهم – وأيضاً جميعاً- أعطوا لأنفسهم حق الولاية الفكرية عليها، مستمدين ذلك من ولاية الرجل على المرأة دينياً، ومن اعتبارٍ كامن في الذهنية الذكورية التي سادت الفكر العربي – حتى في أشد حالاته التنويرية – مفاده أنها كائن منقوص الأهلية دينياً أولاً ثم فكرياً ثم اجتماعياً.
ولأنّ حركة التاريخ لم تنتبه لحاجات النساء، وقبلاً لوجودهنّ، بقيت الغلبة الذكورية حاضرة ، معزّزة بالحروب والنزاعات على السلطة والمال والنفوذ، تم خلالها تشييع قدرات النساء إلى مثواها الأخير، حفاظاً على مجرد البقاء الذي تحوّل إلى خدمة للآخرين غير مدفوعة الأجر معنوياً ومادياً.
لاشك أنّ ثمة ذنوب اقترفتها النساء بحق ذواتهنّ وكينونتهنّ، أهمها على الإطلاق الاستسلام المطلق لمنطق الذكورة، بما يتضمنه من تعزيز لوجوده وإلغاء لوجودها، لذلك يصبح كل صوتٍ عالٍ من المرأة مذموماً، وكل قراءة مغايرة للنص حرام وارتداد، وكل مطلب لحقٍ غائب، تجنّي على الذات والمجتمع، وكل سؤال غير آمن هو خيانة لإرث القبيلة، التي تلغي واحدها من أجل مجموعها.
مطالبة النساء باستعادة وعيهنّ المسروق، كان – دائماً- أمراً مغبوناً، يؤدي إلى المهالك، أما إذا جاء التمرد من الرجال أنفسهم فهو استثناء شاذ يؤكد عقلانية جماهير الرجال.
إنّ أخطر ما يواجه نقد الفكر الديني السائد؛ أنّ كل محاولة فيه ومن أجله، تمثل اجتراءً على الذات الإلهية وعلى النصوص المقدّّسة، وغالباً ما تستخدم هذه الأداة – العاطفة الدينية – لقتل كل محاولة تغرد خارج السرب وهو قتلٌ يتراوح بين الحدّ الأقصى المتمثل في إنهاء الحياة، أو الحدود الدنيا المتمثلة في التشهير والتخوين والعزل والتضييق والاتهام بالردة أو المجون أو كليهما معاً.

نصوص سائدة ... ونصوص غائبة:
بلا استثناء، كانت كل الأدبيات الإسلامية، التي اعتمدت المنظور الذكوري، الأبوي، أحادي الجانب، في تفسير وضعية ومكانة المرأة في الإسلام الحديث، كانت آمنة على وجودها وتداولها وإعادة إنتاجها بأشكال عصرية، ومضامين موغلة في القدم وفي التقليدية، وكل نص ضد هذه النصوص – معرفياً- لا مفرّ من أن يقام عليه حدّ الردّة، حتى دون إعمال لأي مبدأ أخلاقي، يسمح على الأقل بالجدال الحسن أو القبول بالآخر دون فرض لهيمنةٍ فكرية، لا ترى العالم إلاً من خلال مرآتها.
لذا، قديماً وجديداً، ستظل نصوص: (فاطمة المرنيسي؛ فريدة بناني؛ آمال القرمالي؛ جمال البنا؛ محمد شحرور؛ حامد نصر أبو زيد؛...) نصوصاً غير معترف بها، ولا تمثل إجماعاً ضد الإجماع الذي لم يجتمع مرة واحدة على ما يخالف الامتيازات التاريخية التي اكتسبها الرجال من تكريس دونية المرأة وعدم أهليتها؛ لذلك فإنّ العالمات المتخصصات في أي شأن من الشؤون الإسلامية، لا يُنظر إليهنّ نظرة استحسان في المجتمعات الإسلامية ويتم تجاهلهنّ وتجاهل ما يمكن أن يسهمنّ به في صناعة تفكير جديد بشأن هذه المجتمعات حسب أستاذة الدراسات الإسلامية ( آمنة ماكلاود) .

نحو استعادة الوعي المسروق:
شهدت الفترة من عام ( 1997- 2002) حراكاً مهماً نحو إعادة النظر في الكثير من القضايا المتعلقة بالمرأة العربية والمسلمة
أكدت عليه الدكتورة منى يكن رئيسة جامعة الجنان اللبنانية, خلال مشاركتها بمؤتمر: (المساهمة الحضارية للمرأة) عقد بالكويت في أبريل 1998م, على ضرورة قيام حركة فقهية تجديدية فيما يتصل بالرؤية للمرأة وخاصة في مجال دورها السياسي. ومن مصر دعت الدكتورة هبة رؤوف عزت إلى صياغة خطاب إسلامي جديد حول المرأة, وذلك في ورقة قدمتها لندوة: (حقوق المرأة وواجباتها في الإسلام) عقدت في أكتوبر 1998 بالعاصمة المغربية الرباط. ومن الكويت دعت الكاتبة كواكب عبد الرحمن الملحم إلى تأصيل رؤية إسلامية واضحة لقضايا المرأة المعاصرة, وترشيد الخطاب الإسلامي المعاصر وأدبياته الموجهة للمرأة, وتقديم النموذج الحضاري للمرأة المسلمة, وأشارت إلى هذه الدعوة في كتاب صدر عام 1998م بعنوان: (مسلمة على أعتاب القرن القادم).
ومن إيران دعت السيدة فائزة رفسنجاني إلى أن تحتل المرأة الإيرانية جميع المناصب الممكنة في الدولة ومنها رئاسة الجمهورية, وبما لا يتعارض مع الشريعة, كما دعت إلى زيادة عدد النواب من النساء حتى يستطعن التعرف بعمق على مشاكل المرأة في المجتمع, والمساهمة في وضع برامج وخطط لها. ومن قبلها طالبت شقيقتها الكبرى السيدة فاطمة رفسنجاني بأن يصبح نصف عدد نواب البرلمان الإيراني من النساء, وإجراء إصلاح إداري لتنفيذ القوانين المتعلقة بالمرأة في إيران بشكل عادل.
وفي انتخابات رئاسة الجمهورية الإيرانية سنة 1997م تقدمت السيدة أعظم طالقاني بطلب الترشيح, وجادلت في الرأي الذي يمنع ارتقاء المرأة لهذا المنصب, الذي يوصف في الأدبيات الفقهية بالإمامة العظمى أو الولاية العامة, وفي الأدبيات السياسية بالرئاسة العامة أو الرئاسة الأولى. وترى السيدة أعظم طالقاني أن الوقت قد حان لإلغاء بند يثير الجدل على حد وصفها في الدستور الإيراني يفهم منه من دون تحديد قاطع أن منصب رئيس الدولة منصب للرجال فقط, واعتبرت أن الواجب الديني والزمني يلزمنا بإيضاح المادة 115 من الدستور, وإنه لم يعد يراودها حسب قولها أدنى شك بعد قيامها بأبحاث دينية, حيث وجدت أن الإسلام لم يمنع المرأة أبداً من الاضطلاع بأعلى المستويات في الدولة.
وفي سبتمبر 1998م طالبت السيدة فاطمة رمضان زاده, نائبة في مجلس الشورى الإيراني آنذاك, بضرورة العمل لإعادة النظر في بعض القوانين التي تتعلق بشؤون المرأة بالاستناد إلى قدرة الفقه الإسلامي على تطوير القوانين الإسلامية, ووجدت أن هناك العديد من المواد القانونية المتعلقة بالزواج والطلاق ينبغي مراجعتها بجدية, واقترحت في هذا الشأن تشكيل فريق عمل من الحقوقيين وأصحاب الرأي في المجال القانوني والفقهي لمناقشة قوانين الإرث والدية والطلاق والزواج والحضانة, لتفادي التصورات الخاطئة حول تعارض القيم الإسلامية مع مبادئ الحرية والعدالة الاجتماعية. وفي سبتمبر 2000م طالبت النائبة آنذاك السيدة فاطمة حقيقة جو, الفقهاء المتنورين أن يحددوا الأحاديث الضعيفة ليبعدوها عن الواقع المعاش, ويثبتوا ماهية النظرة الإلهية للرجل والمرأة, ومن هذه الزاوية حسب نظرها يمكن إصلاح باقي القوانين العليا.
وفي عام 2001م صدرت الترجمة العربية لكتاب: (المرأة.. رؤية من وراء جدر) للدكتورة جميلة كديور, وهي نائبة سابقة عن التيار الإصلاحي في البرلمان الإيراني, وكان الدافع الأساسي لتأليف هذا الكتاب حسب قولها (هو الإحساس بالخطر الذي ينطوي عليه اتساع رقعة الفكر بطابعه السطحي الجامد, وهو يتجاهل جوهر الدين, وينشغل بالقشور, ويبدو في الظاهر داعماً للمرأة وحضورها في المجتمع, بينما يسعى عملياً إلى إقصائها وتهميشها)(1)
وترى الدكتورة كديور أنه إذا لوحظت قضية المرأة في ضوء الرؤية القرآنية, فإن كثيراً من التصورات الشائعة في مجتمعتنا سوف تصبح قيد التساؤل, وعند ئذ ستتوفر الأرضية اللازمة لطرح بدائل جديدة, وسنشهد ظهور اتجاهات جديدة فيما يرتبط بالعديد من الموضوعات التي لا تزال تشكل حتى اليوم خطوطاً حمراء لا يمكن تجاوزها, كمسائل الحكم والسياسة والقضاء, الأمر الذي يمكنه أن يمهد لتحولات مهمة في قضية المرأة(2).
وفي مارس 2000م صدرت توصيات مهمة في البيان الختامي للمؤتمر الدولي حول (المرأة المسلمة في العلوم) عقد بمدينة فاس المغربية, من هذه التوصيات: تشجيع المرأة لولوج المجالات العلمية وتطوير المؤسسات العلمية المتخصصة, وتمكينها من القيام برسالتها في تنمية المجتمع, وممارستها لدورها في المشاركة لصنع القرار, والعمل على تغيير النظم التربوية في التعليم الأساسي والثانوي من أجل تسهيل توجه المرأة للتخصصات العلمية في مرحلة التعليم العالي, وضرورة تشجيع مشاريع البحث الخاصة بالمرأة وتوفير المنح الدراسية لها, وإنشاء مجلس دولي للمسلمات العالمات, وتخصيص جائزة دولية سنوية تحمل اسم جائزة (فاطمة الفهرية) بانية جامعة القرويين بفاس في منتصف القرن الثالث الهجري, تقدمها الأكاديمية الملكية للجمعيات الدولية للعلوم (رايست), التي يوجد مقرها في الولايات المتحدة الأمريكية, تعطى لأحسن بحث في العلوم, وقد منحت هذه الجائزة لسنة 2000م ولأول مرة للطبيبة المغربية الدكتورة أمينة براحو حماني رئيسة قسم العيون بمستشفى ابن سينا في الرباط.
وفي عام 2002م دعت الدكتورة المصرية أماني أبو الفضل فرج في كتابها: (ما لم يقله الفقيه), إلى تخصيص باب عن المرأة في الفقه الإسلامي, واعتبرت أن اختصاص النساء بباب من أبواب الفقه ليس بدعاً من الاختصاص, بل فعله الله سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم, حين خص النساء بسورة كاملة تضم أحكامهن. وترى الدكتورة أماني أن من الأسباب التي تلح على وجود مثل هذا الباب اليوم, هو ما تحتله هذه القضية من مساحة في حيز الفكر العالمي, إلى جانب ما تتعرض له المجتمعات الإسلامية ـ حسب رأيهاـ من ضغوط لتغيير وضع النساء بطرق قد تشرد عن التصور الإسلامي أحياناً, بالإضافة إلى وجود النساء في هذه المجتمعات تحت أوضاع صنعتها أعراف وتقاليد, هي أيضاً في رأيها قد شردت عن التصور الإسلامي منذ عصور قديمة(3). هذه عينة قليلة ومتفرقة من المواقف والأفكار, التي تكشف عن محاولة المرأة لدفع الفكر الإسلامي المعاصر لولوج منحى جديدا في النظر لحقوقها وقضاياها.
وأما بشان المسلك الثاني, والذي يعبر عن بعض الأعمال الفكرية التي حاولت المرأة من خلالها تأسيس منهجيات جديدة في النظر لقضايا المرأة المسلمة, فيمكن الحديث عن محاولتين جادتين ومتميزتين وهما: أولاً: المحاولة الفكرية التي كشف عنها كتاب: (المرأة العربية والمجتمع في قرن) الصادر عام 2002م, والدعوة لتأسيس حقل خاص بدراسات المرأة من منظور اجتماعي حضاري إسلامي. ثانياً: المحاولة الفكرية التي كشف عنها كتاب: (دعونا نتكلم) الصادر عام 1999م, وفي ترجمته العربية عام 2002م, والدعوة لبناء منهج للعمل الفكري الفعال في النظر لقضايا المرأة المسلمة.
حقل دراسات المرأة
في عام 1998م أعلنت مجموعة من النساء الأكاديميات المسلمات عن تأسيس حقل علمي يعنى بدراسات المرأة المسلمة, عرفت هذه المجموعة بجماعة كرسي الدكتورة زهيرة عابدين لدراسات المرأة في جامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية بالولايات المتحدة الأمريكية, وكان في طليعة هؤلاء النسوة الدكتورة منى أبو الفضل رئيسة جمعية دراسات المرأة والحضارة بالقاهرة.
وقد شرحت هذه المجموعة النسائية, أبعاد رؤيتها لهذا الحقل العلمي والأكاديمي في كتاب أصدرته عام 2002م, بعنوان: (المرأة العربية والمجتمع في قرن), وهو كتاب تحليل وببليوغرافيا للخطاب العربي حول المرأة في القرن العشرين, أشرفت عليه وقدمت له الدكتورة منى أبو الفضل, وأنجزت تحريره الدكتورة أماني صالح بالتعاون مع زينب أبو المجد وهند مصطفى, وصدر الكتاب عن دار الفكر بدمشق. ويعد هذا الكتاب واحداً من أهم الأعمال الفكرية في مجال الحديث عن قضايا المرأة وتحليل الخطابات العربية المعاصرة حول المرأة, ولعله من أهم المؤلفات التوثيقية والتوصيفية والمسحية, كما يعد كتاباً مرجعياً في مجاله, بحيث يحتاج الرجوع إليه كل من يريد الحديث أو الكتابة عن المرأة وقضاياها, ويفترض من الكتابات التي تناولت الحديث عن قضايا المرأة ولم ترجع لهذا الكتاب أن تشعر بالنقص الذي لا يمكن أن يعوض إلا بالعودة إليه, وسوف تشعر بالحاجة إليه حتى تلك الكتابات التي صدرت قبل تاريخ صدور هذا الكتاب.
والكتاب وإن غلب عليه الطابع التوثيقي والمسحي إلا أنه اكبر من ذلك, فقد ارتبط بحقل علمي يتصل بمجال دراسات المرأة, الأمر الذي أخرج الكتاب من كونه كتاباً فنياً وتوثيقياً يصنف على مجال الرصد والتوثيق, إلى كتاب يرتبط بمشروع فكري وعلمي. وقد تضمن الكتاب
دراسة تحليلية لمراحل الاتجاهات العامة لخطاب المرأة في ثلاث مراحل تاريخية مختلفة, هي: مرحلة عصر النهضة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي الذي شهد إرهاصات بروز وعي جديد حول المرأة كما ظهر في كتابات رفاعة الطهطاوي وعلي مبارك وغيرهما.
ومرحلة وسيطة تمتد ما بين عام( 1956م إلى عام 1974م,( وهي مرحلة ما بعد الاستقلال والنضال من أجل التنمية والقضاء على التخلف, وأخيراً: المرحلة المعاصرة الممتدة حسب خطة الكتاب مع إعلان عام وعقد المرأة في( 1975م) وحتى نهاية القرن العشرين مع انبعاث ظاهرة العولمة التي ألقت بظلالها الممتدة على جميع الميادين ومنها قضايا المرأة.
وإذا كانت الأكاديميا الغربية قد سبقت في تأسيس مثل هذا الحقل في العلوم الاجتماعية أو العلوم البينية, إلا أن تأسيسه في المجال العربي والإسلامي حسب رأي الدكتورة أبو الفضل يعد حديثاً, وتضيف بالقول: (وهذا التأسيس في الاكاديميا العربية أو الإسلامية لا يراد أن يفهم منه أن العاملين في هذا الحقل هن مجرد ناقلين لحقل تبلور في الجامعات الغربية, وإنما لديهن الأسباب والمقومات الدافعة لذلك, والتي يكشفها هذا الفيض الهائل غير المنتهي من الأدبيات عن المرأة, والذي ازداد انهماره في الربع الأخير من القرن العشرين. فقد اكتشفنا أن ما عندنا من تراكم في المادة المتاحة على مدى قرن ونصف من الزمان, يستوجب التعامل المنهجي والنظر في بناء حقل يتخصص في هذا المجال, إلى جانب ما هو موجود من مصادر في تراثنا عن المرأة يستدعي التنقيب عنها, والعمل على تخريجها)(5).

وأضافت الدكتورة سعاد صالح أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر أن المرأة المسلمة تتجاذبها ثلاثة تيارات:

التيار الأول: يري أنصاره أن لا مكان للمرأة إلا داخل بيتها, ولا وظيفة لها, ولا دور إلا الخدمة وتربية الأبناء, وتلبية رغبات الرجل, ويدعو لعودة المرأة إلي البيت بعد أن نالت درجات عليا من التعليم.

التيار الثاني: يطالب بحرية كاملة للمرأة, ومساواة مطلقة في الحقوق والواجبات, ويشتط بعض أصحاب وأنصار هذا التيار إلي حد إنكار وتجاهل الفروق الخلقية بين الرجل والمرأة.

التيار الثالث: هو التيار الوسطي يري أن المرأة نفس بشرية جديرة بالاحترام, وطاقة إنسانية خليقة بالتقدير, وأن إهدارها حرمان للمجتمع من هذه الطاقة إذا أمكن توجيهها في إطار مبادئ الإسلام.



#دنيا_الأمل_إسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدى مساهمة حركة كفاية في الحراك السياسي المصري
- إشكالية الإصلاح في النظام السياسي الليبي
- حول المجتمع المدني
- المساعي الحميدة في حل النزاعات الدولية الخلاف الحدودي السعود ...
- عيشة هّنّا
- عن الحياة والحرب والأمل
- المؤسسات الإعلامية الرسمية وصناعة الأزمة
- تقرير جولدستون يحرّك الرأي العام الدولي
- في مديح الظل المنكسر
- عن التنمية والمرأة والثقافة
- أنتظر جنوني
- فساد المجتمع المدني
- أجراه مركز معلومات وإعلام المرأة الفلسطينية استطلاع حول تأثي ...
- ليل لا يفيق
- حصة المرأة الفلسطينية من التشغيل: المؤشرات والدلالات والمستق ...
- أمي خلف الحدود
- عن حال المرأة والصحافة
- خطة الانفصال/ الانسحاب/ فك الارتباط/ إخلاء المستوطنات تعددت ...
- مشاركة حماس في الانتخابات التشريعية
- المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يؤكد استمرار الانتهاكات الإسر ...


المزيد.....




- وزيرة الخارجية الألمانية: روسيا جزء من الأسرة الأوروبية لكنه ...
- الوكالة الوطنية توضح حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في المن ...
- ما حقيقة اعتقال 5 متهمين باغتصاب موظف تعداد في بابل؟
- مركز حقوقي: نسبة العنف الاسري على الفتيات 73% والذكور 27%
- بعد أكثر من عام على قبلة روبياليس -المسيئة-.. الآثار السلبية ...
- استشهاد الصحافية الفلسطينية فاطمة الكريري بعد منعها من العلا ...
- الطفولة في لبنان تحت رعب العدوان
- ما هي شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة في البيت + كيفية ...
- الوكالة الوطنية تكشف حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في البي ...
- تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - دنيا الأمل إسماعيل - المرأة والدين ... نحو استعادة الصوت الأنثوي